الأربعاء، 29 يناير 2014

جنيف 2 والأخير!!

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الجزيره 29-01-2014

 
على الرغم من كل ما قيل وما رأيناه وما شاهده العالم أجمع من وحشية النظام السوري، وعلى الرغم من تقرير منظمة العفو الدولية الأخير، الذي وثق بالصور، الآلاف منها، والمهربة عبر منشقٍ عن النظام، لضحايا التعذيب البربري في السجون السورية ولمعارضي الأسد، وعلى الرغم من إجماع من لا يملك حتى البصيرة أن بشار وزمرته قتلة من الدرجة الأولى مع سبق الإصرار والترصد والاستمرار في جرائمهم الوحشية بحق الشعب السوري؛ إلا أننا نجد العديد من القوميين العرب واليساريين والبعثيين ومرددي شعارات الإمبريالية ما زالوا على غيهم السابق ودعمهم للنظام، وادعاؤهم أن ما يحدث في سورية هو مؤامرة كونية تقف خلفها أمريكا وأوروبا والمملكة العربية السعودية، التي أظهرت موقفها الواضح والصريح منذ البداية بدعم الشعب السوري وكفاحه لنيل حريته، وتخلت عن مقعدها في مجلس الأمن رسمياً كاحتجاجٍ منها على ازدواجية المعايير الدولية، وصمتها على أكثر من ثلاث سنوات من المجازر، حولت سورية لدولة أشباح وشردت الملايين من شعبها وقتلت مئات الآلاف.
في أول أيام مؤتمر جنيف 2, أعلنها وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل صراحةً أن الرؤية السعودية والعربية والإسلامية والعالمية لسورية هي أن تكون دولة حرة ومدنيةً، يحكمها من يرتضيه السوريون لحكمهم عبر الآليات الديمقراطية المتعارف عليها دولياً.
مؤتمر جنيف 2 جاء مع آمالٍ بأن يكون دوره الأساسي هو تنفيذ قرارات جنيف 1 التي بقيت حبراً على ورق بسبب الدور الإيراني، الذي أسهم في بقاء النظام، وساهم في تنعته، ودخل إلى جانبه بقوات الحرس الجمهوري، وميليشيات حزب الله, لذا كان من الصائب جداً سحب الأمم المتحدة دعوتها لها، واستثنائها من الحضور لكونها طرفا في الخصومة ومحاربا إلى جانب الأسد، هذا إن لم تكن فعلياً المتصرف والمحتل للأرض السورية. كما من الجلي أنه سيكون لها دور سلبي وستسهم في تعقيد الأزمة بدلاً من حلها، هذا إلى جانب تسهيلها دخول حزب الله ومقاتلته إلى جانب النظام، وخلق أجواء طائفية استقطبت المُغرر بهم من الشيعة لحماية ما سمته المقدسات، وهو ما أثبتت الأحداث زيفه وكذبه.
لن تقبل الشعوب أن يكون مؤتمر جنيف الحالي ممهداً لجنيف ثالث أو رابع، بل تأمل أن يخرج هذه المرة بقراراتٍ ملزمة تنتهي إلى تشكيل حكومةٍ انتقاليةٍ وعزلٍ لنظام الأسد ومحاسبته على كل المجازر التي ارتكبها، لا أن تكون ساحات نقاشه واجتماعاته مهرجاناً خطابياً للمعلم وزير خارجية الأسد، ليمطرنا فيها بنظرياته عن الإرهاب والوهابية فيما هو ومن يمثلهم رأس الإرهاب وحربته!.
 
 

المصدر: جريدة الجزيره - http://www.al-jazirah.com/2014/20140129/rj3.htm

السبت، 25 يناير 2014

البديل

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في صحيفة مكة الآن الإلكترونية  23-01-2014



ما هو البديل للقومية العربية في ظل فشلها في جمع العرب تحت راية واحدة وموقف حاسم تجاه ثورات الربيع العربي؟، هل هي اليسارية أو العلمانية أم الإسلام السياسي أو الحكم المطلق؟
 ألم ينل كلا التيارين سابقاً وهما اليسار والقومية فرصتهما في الحكم ولم ينجحا في الإحتفاظ به, كما لم يحققا النهضة المرجوة لشعوبهم، بل إرتكبا الكبائر في حقهم باسم الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة!
هل تستحق حقا الشعوب العربية ما تنشده من حرية, وهل نجحت ثوراتها الأخيرة في قلب المعادلة, وكسرحاجز الخوف الذي تعايشت وتلاءمت معه عقوداً طويلة ومنذ استقلالها؟
 على المواطن العربي أن يعي أن الديموقراطية مستحقة ولكنها غير مكتسبة. والمعنى, قد تقوم ثورات للمطالبة بها ومن ثم تنالها، لكنها تؤدي لحكم اكثر استبدادية. والاستبدادية هي نتيجة حتمية لشعب حركته العواطف والتلاعب بها من قبل افراد، ولم يحركهم فكر حر رصين واجندة تنهض بهم.
سامحوني...., ولكني أشعر أحياناً أن الشعوب العربية غير مؤهلة فكرياً لأن تعيش الديموقراطية بنص معناها الذي تطالب به الآن, فبعضهم وللأسف وبداخلهم فوضويون وانتقائيون وعنصريون, كما أن تصرفاتهم كمن صمت دهراً ثم نطق كفراً.
أعمتهم عيونهم عن رؤية الصواب وغرر بهم الآخرون. طموحهم الحكم لا الإصلاح, وتنفيذ أيديولوجياتهم هو محل اهتمامهم بغض النظرعن مشاكل وهموم المواطن "الغلبان" والبسيط, والذي تحركه العاطفة, فتلاعبوا بها ودغدغوها, فغرروا به وأضاعوه ولم يقدمو له ما ثار من أجله!
القومية كفكر لا خلاف عليه, ولا أظن له حُرمة, فوحدة العرق جميلة، لكن المشكلة في من حكم باسمها واذل شعبه وقمع. ومع ذلك ما زال البعض يمجده ويراه الخيار الأفضل, متناسياً عقوداً طويلة ازدهرت فيها سجونه وامتهنت فيها الكرامة, وفرض عليها نخب ضالة ثارت لنفسها ضد الاستعمار باسم الشعب, لكنها هي من امتهنت كرامته وأذلته, وقطعت الألسنة وخونت كل من خالفها وجهة النظر وانتقدها.
النتيجة كانت حتمية وحتى لمن تغافل عنها, فالتاريخ يُسجل لأولائك القوميون إضاعتهم لكل ما حاربو من أجله ودعو له. ولكن, هل الديموقراطية فكر وسياسة وممارسة لا بُد من الابتعاد عنها وعدم ترك الفرصة لأي مغتنمٍ يحاول المناداة بها لاستغفال الشعوب العربية ومن ثم خلق العداوة والبغضاء بينها ومن يخالفها, أم حقٌ لا بد منه رغم كل ما نرى من اساءة لاستخدامها وفق الضوابط والأطر المناسبة فقط؟

المصدر: صحيفة مكة الآن الإلكترونية - http://www.makkah-now.com/articles.php?action=show&id=505

الأربعاء، 22 يناير 2014

حزب الله يدفع الثمن!

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الجزيره 20-01-2014


كثيرون يستخدمون الإسلام ويتذرعون به وينادون, لكن القليل منهم فقط يخدمونه....، وكثيرٌ يرفعون شعارات المقاومة والممانعة والوطنية والقومية لكنهم يحاربونها كحزب الله، ويقفون ضد حرية شعبٍ أعزل يسعى لنيل كرامته التي سلبها منهم حاكم قاتل كبشار الأسد وحزب البعث على مدار أكثر من أربعة عقود، حكم فيها بالحديد والنار، وجعل من شعبه مخابرات يتجسّس فيها أعضاء الأُسرة الواحدة على بعضهم البعض!
هو «أي حزب الله» سيجد نفسه قريباُ قد وقع في أكثر من شركٍ نصبه لغيره؛ ففي لاهاي بدأت محاكمته غيابياً عبر إفراد له متهمين باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، في محاكمةٍ خلت من حضور المتهمين، لكنها ستكون بمثابة محاكمة نظامٍ بأكمله، وستلقي بظلالها على مشروعية وجود الحزب سياسياً، وقد يتعرّض بسببها لوضعه على لائحة الإرهاب الدولية إلى جانب جناحه العسكري، وسيفقد ورقة التوت الأوروبية التي لم تصنف تنظيمه السياسي سابقاً كإرهابي.
في سوريا تتهالك قواته أمام ضربات الثوار، ويتساقط العديد من أفراده، ويكاد لا يخلو يوم من مآتم الجنوب والضاحية لأبنائها الذين رمى بهم الحزب في الصراع السوري، وغرر بهم لينالوا الجنة عبر حراسة المقدسات، لكنهم قضوا على أيدي من لا خيار لهم سوى المقاومة لاستعادة حريتهم المسلوبة.
في الضاحية الجنوبية من بيروت، حصنه المنيع ومعقله الذي لم يتجرأ سوى إسرائيل عليه، فقدت استخباراته قوّتها الأسطورية التي طالما رُوّج لها، ونالت التفجيرات من مقراته الحصينة، ومن السفارة الإيرانية الموجودة فيها، واغتيل أحد أهم قياداته العسكرية، في سلسلةٍ متواليةٍ من العمليات لم يستطع الحزب التنبؤ بها ولا منعها ولا الحيلولة دون وقوعها!
في الداخل اللبناني هو أمام قرارٍ صعب بالدخول في حكومة الوحدة الوطنية دون الصوت المعطل، ومع مطالب له بسحب قواته من سوريا، ومع مد يده صوب فريق 14 آذار، الذي طالما اعتبرها عدوه، واتهمها بالخيانة والعمالة والموالاة للآخرين.
ما زالت إيران تقف خلفه وتشكل داعمه الأوحد، وما زال يشكل لها ذراعها في الشرق الأوسط، الذي ينفذ سياساتها، وستكون معركة بقائه هي من ستجعله يستنفد كل ما يملك في سبيل احتفاظه بقوّته العسكرية والسياسية، ولكن هل يدوم الحال الذي قيل سابقاً عنه .. محال؟


المصدر: جريدة الجزيره - http://www.al-jazirah.com/2014/20140120/du7.htm

الاثنين، 13 يناير 2014

داعش .. إلى متى السكوت عليها!

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الجزيره 13-01-2014


إذا أردت أن تقضي على ثورة شعب فحاربها بثوارها أنفسهم، واعمل على شق صفهم بواسطة المتحمسين منهم سطحيي التفكير، فهم أسهل من يمكن اقتيادهم بشعارات دينية ووطنية لتحقيق الأهداف، كما أن توجيههم لن يحتاج لأكثر من خطاب يدغدغ ما يتمنون حدوثه، حينها ستتملكهم وبإمكانك توجيههم ليكونوا الأداة التي تقضي على صاحبها بدلاً من العدو!
هذا هو حال من أشغلت الدنيا بأخبارها في الفترة الماضية، وما زالت تلقي بظلالها على الأحداث في سوريا والعراق. هي كما يسمونها الدولة الإسلامية في العراق والشام، واختصاراً وجدوا لها اسماً لا يحمل أي دلالة وهو «داعش».
يسجل لها أنها في الثورة السورية من تسببت في منع الثوار من تحرير حلب، كم أنهم من ابتدع قطع الرقاب لمخالفيهم واللعب بها أو تعليقها ونشروا مقاطع ذلك بهدف الإساءة للثورة السورية العظيمة، وتنفير الناس والحكومات من كل ما هو إسلامي. هم من كبروا أثناء تنفيذ إعداماتهم الميدانية، وهم من أعدموا فتى في الخامسة عشرة من عمره وهم من اختطفوا عشرين صحافياً أجنبياً، وهم من احتجزوا بحسب «المرصد السوري لحقوق الانسان» الأب اليسوعي باول دالوليو؛ في استغلالٍ بغيض للدين وإساءةٍ له حتى باتت كلمة «تكبير» الأكثر ترديداً على سبيل الاستهزاء والضحك بكل ما هو إسلامي.
في العراق الآن وفي انتفاضة العشائر، داعش هي من تسببت في إيقاف تقدم ثوار العشائر نحو بغداد، وهي الذريعة التي تحجج بها المالكي وأرسل جيشه لفض اعتصام الرمادي والقضاء على من سماهم القاعدة المتواجدون في الاعتصام. للعلم فالقاعدة نفسها على اختلافنا معها فكراً وأيديولوجيا ورفضنا لممارساتها تبرأت من داعش ونفت أن يكون لها صلةٌ بها!.إذن من أين جاء هذا التنظيم وما هي أهدافه، وما صلته بدول إقليمية وما دوره في الثورتين: السورية والعراقية؟
ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام حديثة العهد بالتواجد المسلح إن قارناها بالجماعات الإسلامية الأخرى. شعارهم الذي استقطبوا به الشباب المتحمس المُغرر به هو الدعوة للخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة، وهو ما دأبوا العمل خلافه، وكانوا ذريعة لكل متجبر كبشار والمالكي لتخويف الغرب والعالم وتسويق أنفسهم بالطرف المعتدل البعيد عن التطرف.
انبثق تنظيم «داعش» عن «دولة العراق الاسلامية» التي يتزعمها أبو بكر البغدادي، الذي ساهمت عناصره في تأسيس جبهة النصرة بسوريا، والتي رفضت في نيسان 2013 اتحادها مع دولة العراق لإنشاء الدولة الإسلامية في العراق والشام.
يشير البعض بالاتهام للعراق وإيران وسوريا بوقوفها خلف تنظيم داعش، وفيما يقولون منطق يستحق الوقوف عنده، والسبب لتمتعه بتجهيزات عسكرية ودعم مادي ساعده في تحقيق انتصارات على الأرض بشكل ملاحظ مع أنه لا يُعرف له انتماء سياسي واضح أو دعم يتلقاه من أي دولة، وهو ما يعجز الأفراد عن تقديمه لهم. كما أن تصرفاته على الأرض وتشويشه على المقاومة السورية بما فيها الجيش الحر وقتاله ضدهم هو أكبر دليل على أن هدف قيادات التنظيم من القتال هو تفكيك إجماع المعارضة وتفتيت صفوفهم وخلق ذرائع للأنظمة المحاربة للبقاء في السلطة، والتذرع بالإرهاب لارتكاب مجازرهم.
حض تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» أتباعه على مهاجمة الفصائل المعارضة الأخرى المنافسة له التي لا تدعم أو تتفق مع توجهاته، وصدر عن الناطق باسمه أبو محمد العدناني إعلاناً للحرب على الائتلاف الوطني السوري المعارض، كما قال إن الدولة الإسلامية في العراق والشام تعتبر أن فصائل المعارضة السورية ومنهم الائتلاف والمجلس الوطني والمجلس العسكري ورئيس أركانه هم جميعها أهدافٌ مشروعة.
للأمانة، فإن العديد من أتباع داعش هم من الشباب الصغير السن والمتحمس لما رآه جهاداً في سوريا وأملاً في دولةٍ إسلاميةٍ صوروها لهم وسوقوها عبر التلاعب بعواطفهم. هم من يجب استقطابهم واستمالتهم لترك هذا التنظيم والنأي بأنفسهم عنه والتبرؤ من أفعاله. في حين لا أعفى قيادات داعش من المسؤولية تجاه الأخطاء التي لا تُغفر وارتكبت في حق سوريا وثورتها ومظلومي الأنبار والفلوجة والرمادي بشكلٍ خاص وتشويههم لصورة الإسلام والمسلمين بشكلٍ عام.


المصدر: جريدة الجزيره -  https://www.al-jazirah.com/2014/20140113/du5.htm

الاثنين، 6 يناير 2014

الضاحية تدفع الثمن!

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الجزيره 06-01-2014


ما يحدث الآن في لبنان متزامن مع تزايد وتيرة الحرب في سورية، واشتداد الصراع والاستقطاب الذي لا يمكن أبداً فصله عن تبعات التدخل الرسمي الشيعي سواء من قبل إيران وذراعها في لبنان «حزب الله»، وكذلك الميليشيات الشيعية العراقية وعلى رأسها عصائب أهل الحق.
التفجير الأخير الذي وقع في حارة حريك بالضاحية الجنوبية استهدف منطقة محصنة أمنياً وتعج بالقيادات وقريبة من منزل نائب رئيس حزب الله، وفي مكان يفترض أن لا تدب فيه «نملة» دون علم استخبارات الحزب كما يقول حسن نصر الله.
هذا الانفجار الذي تشير المعطيات الأولية أنه لم يعد بحرفية والهدف منه هو إيصال رسالة. دلل أيضاً على ضعف القوة الاستخباراتية لحزب الله وتآكلها في ظل انشغالها بالشأن السوري وفشلها على التوالي في منع حدوث هذه التفجيرات، التي نالت قبلها من السفارة الإيرانية في عمليةٍ نوعيةٍ لأحد أكثر الأماكن البيروتية حمايةً ومراقبة أمنية.
ظن حزب الله أن تدخله هو وإيران والعراق في سورية ودعمهم اللامحدود لبشار الذي حال دون سقوطه حتى اللحظة، سيمر دون رد من جانب الطرف الآخر في الأزمة أو المتعاطف معه وهو مخطئ، فما يحدث الآن هو التبعات المترتبة على حالة الاستقطاب والتحالف الطائفي الذي قسم العديد من الدول العربية وأخص العراق وسورية ولبنان، ونجح نوعا ما في ذلك في ظل فشله للقيام بالمثل في البحرين والسعودية وخلق قلاقل فيهما، كان الهدف منها تدعيم السيطرة الإيرانية على الخليج وجعل يدها الطولى في سياساته.
فشل المعارضة اللبنانية وفريق 14 آذار بالخصوص والتشتت السني في لبنان هو السبب وراء سيطرة حزب الله على الساحة اللبنانية، وليس «خرافة» قوته التي لا تقهر كما ادعى على الدوام، لكن استغلال تفرق الآخر، وضعف موقفه هو ما منحه السيطرة السياسية والأمنية التي ازدادت ثقلاً بعد تغلغل قياداته في الجيش اللبناني، وعمله على استقطابه إلى جانب سياسات الحزب وتدخلاته في الشأن الأمني اللبناني، وإعطاء نفسه حق فرض نقاط التفتيش والاستعراضات العسكرية، التي ما إن بدأت الأزمة السورية في الحسم إلا وتدخل بها تاركاً خلفه كل ما غرر به من شعارات المقاومة والممانعة!
لن يهدأ بال اللبنانيين ولن ينعموا بالسلام إلا إذا تمكنوا من التغلب على المحاصصة والطائفية واستبدالها بالوطنية، وتحكيم مصلحة بلدهم على حساب سياسيين ورجال دين مضللين, ونأوا بأنفسهم عن أن يكونوا سلاحاً طائفيا بيد أطراف خارجيةٍ جعلت من لبنان ساحة ً لتصفية حساباتها مع الآخرين وتصدير ثورتها التي منذ بدئها وهي تجر المنطقة لحروب ونزاعات وقلاقل لها أول بدون آخر حتى اللحظة!

المصدر: جريدة الجزيره - http://www.al-jazirah.com.sa/2014/20140106/du13.htm

حقوق المرأة.. عدالة المطلب وسوء الطلب

بقلم عماد أحمد العالم

مقالة تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 06-01-2014


دعونا ودعوا المرأة العربية تعي بنفسها حقوقها وواجباتها، ما سُلب منها وما منح لها، أو ما يعده بعضهم تكرماً عليها. أزعجتمونا وأقلقتم أنفسكم بالمطالبة وأنتم أكثر من أساء لها وهضمها حقاً ميزها الله سبحانه وتعالى به عن شريكها الآخر.
أصبح لقب «مدافع عن حقوق المرأة» مهنة من لا عمل له، وذريعةً للمنظرين ليطلوا علينا بما تختلقه ملكات أفكارهم من أمور سطحت وهمشت فحوى الظلم الذي تتعرض له الأنثى العربية في مجتمعاتها. يرتكز صراخهم ويشدد بكل سطحية على تحريم التعدد ويعده من الاستعباد ويتناسى أن هناك من المتزوجات من لا تمتلك أبسط حقوق الكرامة الزوجية. تعامل بما يتطلبه مفهوم «سي السيد» بحذافيره مع إمعانٍ في الانتقاص منها ومن شأنها. أخريات معضلات ومعلقات ومعنفات وينلن يومياً قسطاً لا بأس به من الضرب والإهانة والشتم والتحقير والامتهان، فيما أخريات تمنع من زيارة أهلها وذويها معاقبةً لهم لاختلاف الزوج أو أهله معهم.
ما الأولى والأجدى بنظركم، هل نطالب بحق المرأة في النقاب من عدمه أو القيادة مثلاً ونحن بالأساس مفهومنا للمرأة لا يتعدى إلا أن تكون زوجة بمرتبة جارية بمنزلةٍ دنيا عن الرجل. مع ملاحظة أن المرأة باتت تصل إلى ما لا يقدر الرجل عليه أيامنا هذه وحتى في أكثر المجتمعات رجعية.
نعاني من ازدواجيةٍ مرضيةٍ في الشخصية، فالكل يرى في أهل بيته الأشرف والأعف، لكن نساء الآخرين غنيمةٌ أو فرصة سانحة لا بد من اغتنامها متى سنحت. يرغب الفرد في السعادة لابنته وأخته ويخطط لها المستقبل الذي يراه مناسباً لها، لكنه ما إن يتزوج يرى في زوجته أنثى غير بمنظورٍ عقيم، يحاول فيه فرض سطوته عليها والعمل بما يتماشى مع مفهومه الذي تربى عليه ورآه وتأصل في نفسه من شكل العلاقة المفروض بينه وزوجته!
المرأة أحياناً ألد عدوٍ لنفسها، فمن أكثر من أساء لقضيتها وحقوقها امرأةٌ فهمت الدين والعادات والتقاليد بشكل خاطئ، فتبنت الاستعباد وآمنت بالدونية، وروجت لها!
غياب المفهوم الفردي للحق والواجب والمتطلبات لدى المجتمع وتبنيه أفكاراً متوارثة وهيمنة الفكر الذكوري، وسذاجة بعض الأصوات النسائية الحقوقية سيسهم دوماً في أن لا تصل المرأة العربية لمكانتها ومقدارها المسلوب في مجتمعها. كما أن تبني بعضهم الأفكار المستوردة الغريبة هو التصرف السلبي الذي يوجد على الدوام ردات الفعل المتشنجة تجاه كل مطالبٍ لحقوقها.
قبل أن نطالب، يتحتم علينا أن نزرع في أنفسنا مفهوم التعدد والاختلاف الإنساني وننبذ الفوقية التي تميز جنساً على الآخر. بعدها لنحرر عقولنا من التبعية لعاداتٍ وتقاليد بالية لا تتماشى مع ديننا، ومن ثم نقنن ما للفرد في المجتمع من حقوق وواجبات لا يفصل فيها إلا عدالة القانون، رغم أننا دوماً نسوق من الدين الدليل الذي يخدم وجهات نظر البعض منا تجاه المرأة. حتى حديث رسولنا الكريم بتنا نمعن في تأويل معناه. بعضهم بات يضحك عندما يسمع أن المرأة ناقصة عقلٍ ودين!، لم يعوا أن نقص الدين المقصود هو رخصة إلهية لها تعفيها من أداء فروضها الدينية وقت مرورها بفترة الدورة الشهرية، وفيها مراعاةٌ لها من خالقها لحجم ما تعانيه من آلام مصاحبة.
حقوقيات الدفاع عن المرأة من رواد الصالونات هن أبعد من يكن عما يطالبن به، فأغلبهن من مجتمعٍ مخملي مرفه متفتح ومتحرر ولم يعان أو يعاصر ما تتعرض له الأخريات من ظلم، غير مندمجات أو متواصلات مع الطبقات الفقيرة والمعدمة، ولا نشاطات لهن على الأرض. أكثر ما يجدنه هو الظهور في وسائل الإعلام أمام الآخرين يكررن نفس الجمل والعبارات الرتيبة دون أي مجهود فعلي أو تصور لحلول واقعية.
قبل أن تكتسب المرأة العربية ما سلب منها، علينا أن نؤمن لها حقوقها الإنسانية المفروضة، فتمنح فرصةً متكافئة في التعليم والعمل بما يتناسب مع كينونتها. نؤسس لثقافةٍ تعليميةٍ تغرس في النشء القادم مفهوم الإنسانية والتعددية، نبعد عنه شبح الموروثات والعادات والتقاليد الجاهلية، ونعوده على أن لا فرق بين الأخ وأخته، ولا سلطة لأحدهما على الآخر ولا أفضلية إلا للأفضل. حينها سيكبر جيل جديد مختلف عنا، متفهم وحقوقي بذاته يعطي كل ذي حقٍ حقه ولا يهضم حق المرأة أو يظلمها.



المصدر: جريدة الشرق - http://www.alsharq.net.sa/2014/01/06/1041974

السبت، 4 يناير 2014

المرأة والصرع

بقلم عماد أحمد العالم

مقالة تم نشرها في صحيفة الحوار المتجدد 01-01-2014

 

لا يفرق الصرع بين الرجل والمرأة, بين الطفل والطفلة و المسنين. جميعهم عرضةٌ له, حيث يشكل ما نسبته واحد بالمائة من مجمل سكان العالم, بل تزيد النسبة في بعض الدول النامية والفقيرة عن ذلك لتصل إلى ما نسبته أربعه بالمائة. فيما استطاعة الدول المتقدمة من تطوير قوانينها وزيادة الوعي لدى مجتمعاتها وشعوبها, وسن ما يمنع التفريق على أساس المرض بعد أن كانت في السابق تؤطره قانونياً. حتى فترة قريبة كانت بعض الولايات في أمريكا تمنع زواج المصابين بالصرع!, أما المجتمعات العربية, فللأسف الشديد ما زالت تعاني مما أسميه "بعار الصرع" وهو وصمة إن أصيبت به المرأة فقدت بسببه حق الحياة وعانت من التفرقة والعنوسة والقهر وفقد للحقوق والواجبات والمكانة الاجتماعية. بل لن أبالغ إن قلت ستحيا حياة عزله وشفقة وكأنها منبوذة لإصابتها بمرضٍ معدٍ مشين.

هذا الإجحاف بحقها قاد الأهل لإخفاء إصابتها بالصرع والإهمال في علاجها والجري وراء أوهام المشعوذين وخرافات مدعي العلم بالطب الشعبي, أملاً منهم في علاجٍ سحري " يشفي من غير أن يفضح" ولا يقضي (حسب اعتقادهم) على مستقبلها.

المرأة هي النصف البشري المناط به الإنجاب, وإصابتها بالصرع قد يقضي على فرصها كأم (حسب المفهوم الشعبي الشائع), لكن الرجل أيضاً قد تسبب إصابته في الصرع لمشاكل جنسية ولكن هل تتوقف عندها الحياة؟. 

يجب أن يكون  مفهومنا للمرض, هو إيمانٌ بأن الخالق العظيم أوجده وأوجد له الدواء حتى وإن فشلنا باكتشافه. فمن أساسيات الإيمان الصبر على الضرر وحسن التعامل معه والأخذ بالأسباب. تاريخياً وحتى زمننا هذا, لم يستثنى العلماء ولا العباقرة والساسة والمشاهير من الإصابة بالصرع, ولم يمنعهم من التقدم ومواصلة حياتهم والإبداع فيها والبروز. ليشكلوا علاماتٍ فارقة عرفوا بها ولم يلتفت أحد ويكترث لإصابتهم به.

 

المرأة المصابة بالصرع ليست استثناءً, فباستطاعتها التعلم والتطور والقيادة والعمل والزواج والحمل والإنجاب وفق ضوابط والتزامات يشاركها بها الرجل دون تفريقٍ بينهما ولا عزلٍ مجتمعيٍ ظالم ومجحف.

في مشوار عملي الممتد لأربعة عشر عاماً, وبذو الصلة في الأجهزة الطبية المتخصصة بالكشف عن الصرع, قابلت وواجهت واضطلعت على حالاتٍ عديده للمصابات بالصرع بمختلف أعمارهن, لم تثنهن الإصابة ولم تكسر من عزمهن لمواصلة الحياة التي هي إرادة إن تمتع بها الفرد قهر المستحيل أياً كان شكله وهيأته.

هناك علاقة غير واضحة وغير مفهومه  بعد بين الهرمونات (Hormones) والنوبات الصرعية (seizures), فرغم كل الأبحاث والدراسات التي أُجريت, إلا أن الجزم في العلاقة غير مطلق وواضحٍ بالكامل.

الهرمونات الأنثوية كالأستروجين (Estrogen) والبروجسترون (progesterone) هي مواد كيميائية تفرزها الغدد الصماء ( (Endocrineوتجري في الدم. تتحكم بالعمليات البيولوجية في جسم الإنسان كنمو العضلات (muscularity), وضربات القلب (heart rates) والجوع وفترة الحيض لدى المرأة (Menstrual period).

يثير هرمون الأستروجين خلايا الدماغ وهو ما قد يسبب احتماليةً أكبر لحدوث النوبات. فيما على النقيض, قد نجد أن هرمون البروجسترون قد يعمل على منع أو توقف النوبات لدى النساء.

هذان الهرمونان (الأستروجين والبروجسترون) ذوا علاقه بالخلايا العصبية (Neurons)  الموجودة في الفص الصدغي (Temporal lobe) في الدماغ والذي عادةً ما يكون مرجع أغلب النوبات الصرعية الجزئية (Partial seizures). لا تحدث جميع النوبات لدى المرأة بسبب تغيرٍ هرموني, لكن المختلف بالنسبة للمرأة المعانية من الصرع هي أن بعضهن قد يحدث لهن تغيرات في طريقة نوباتهن في أوقات تغير الهرمونات عندهن.

قد تختفي بعض النوبات عند المرأة حين بلوغها سن البلوغ (Puberty), فيما عند الأخريات قد يبدء ظهور النوبات. عدد أو شكل النوبات قد يعتريها تغير عند العديد من النساء في مرحلة التبويض (Ovulation), كما قبل أو عند بداية فترة الحيض لديهن (Menstruation).

تعاني بعض النساء من أحد الأنواع الصرعية المسماة بالصرع الطمثي (menstrual epilepsy), والتي قد تسبب لدى بعضهن زيادةً في النوبات مباشرةً قبل فترة الطمث أو أوفي أولى أيامها أو منتصفها, وذلك لأسبابٍ غير معروفه, وقد تكون مسبباتها انخفاضٌ في معدل الدواء في الدم أو نقصٍ في الهرمون الأنثوي "البروجسترون" (progesterone)

إن وجد أن لدى أحد النساء علاقه بين هرموناتها واضطراباتها والنوبات التي تتعرض لها, يتوجب عليها في هذه الحالة أن تراجع مع طبيب أعصاب متخصص بالغدد (neuroendocrine) بالإضافة إلى متابعتها الدورية مع أخصائي النساء والولادة والمخ والأعصاب وفي بعض الأحيان اخصائي الباطنة.
 

المصدر: صحيفة الحوار المتجدد - http://www.hewarmag.com/images/7820.html

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...