الخميس، 21 مايو 2015

إيران والحوثي وداعش .. ثالوث التخريب في اليمن

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في صحيفة شروق الإلكترونية بتاريخ 21-05-2015



استطاع المال السياسي الذي مارس لعبته الرئيس السابق علي عبدالله صالح في شراء العديد من الذمم وخصوصا قيادات في الجيش اليمني وأفراد، إضافة إلى تحييده قيادات عشائرية وقبلية ومناطقية، مما حول اليمن لكانتونات منغلقة على نفسها، بعضها انحاز للحوثيين وللرئيس المخلوع، وأخرى نأت بنفسها عن التدخل وأخذت صفة الحياد مسهمه في خذلان القيادة الشرعية المنتخبة للبلاد والمتمثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي ومن معه من هيئات أفرزتها المبادرة الخليجية.
الاستجابة السعودية لإعادة الشرعية ومعها قوات التحالف لم تكتف فقط بالضربات الجوية، بل عملت وما زالت على إعادة اللحمة الداخلية للمجتمع اليمني وصفها خلف الشرعية الدستورية وتوحيد كلمتها وولاءها للوطن، واستقطاب من غُرر بهم من قبائل للاصطفاف مجددا خلف الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهو ما يمكن استشفافه من التحركات على الأرض من اللجان الشعبية المشكلة والتي بدأت بالفعل في إحداث فارق استراتيجي بمواجهاتها المباشرة مع الحوثيين وانصار الرئيس المخلوع, وسيطرتها على العديد من المواقع الاستراتيجية التي كان يستولي عليها الانقلابيين.
 "داعش" التي استغلت الفراغ السياسي والفوضى الأمنية في اليمن طوال الفترة الماضية, عملت الآن على الاختفاء عن المشهد السياسي في اليمن والانزواء حتى تتضح لها نتائج الحملة العسكرية, وهي التي استفادت سابقاً من الحوثيين والنظام السابق وقد يكون حتى حصلت على سلاح منهم ومن ايران عبر مقايضات غير مباشرة لاحتلال أجزاء من الأراضي اليمنية وبسط نفوذها عليها، لكنها الآن تعي جيدا أن وجودها في اليمن في خطر وستنالها الضربة العسكرية بعد الحوثيين، لكونهم أيضا ميليشيات مسلحه ارهابية وجودها يعرض البلاد للفوضى والاقتتال ويسهم في إضعاف سيطرة الدولة على المناطق التي يحتلوها.

طوال العقود المنصرمة، تمددت إيران وبشكل مخيف في المنطقة العربية وبالخليج وحتى على مستوى الدول الإسلامية وفي القارة الإفريقية، واستخدمت في تحركاتها نظرية الاستقطاب الطائفي للتغرير بالأقليات التي تشاركها المذهب، كما أنها عملت على نشر ما تسميه المراكز الثقافية والشبابية في الدول الفقيرة للترويج لأجنداتها الهدامة ولنشر التشيع على حساب ما يعتنقه أهل المناطق من مذاهب أخرى، مستغلة الفقر والحاجة الاقتصادية لتنفيذ أغراضها.
باعتقادي، سيسهم التدخل العسكري في اليمن في إفقاد إيران أحد نقاط قوتها التي كانت تراهن بها عبر الحوثيين للسيطرة عسكريا واقتصاديا لمضيق باب المندب، وسيتبع فقدانها للورقة اليمنية خسارة لها سورياً, والتي يبدو أن الوقت قد حان الآن لوصول لاتفاقٍ فيها ينهي الحرب الأهلية التي أسهمت إيران في اشتعالها عبر دعمها اللامحدود لنظام الرئيس السوري بشار الأسد, وإمداده بالأسلحة والعتاد العسكري وبعشرات الآلاف من المقاتلين من حرسها الثوري, يضاف لهم عناصر من ميليشيا حزب الله اللبناني وفصائل عراقية مسلحة كأبو الفضل العباس والحق.
جميع ما ذُكر وإن لم تظهره إيران, سيسهم في إنهاكها عسكريا واقتصاديا, نتيجة لتشتت تدخلاتها ودعمها على مستوى العواصم العربية الأربع (العراق, سوريا, لبنان واليمن) لجماعات انقلابية, يضاف لها بالطبع تدخلاتها في البحرين ومحاولتها إثارة القلاقل فيها عبر الغوغائيين ومن استقطبتهم حزبيا من أمثال جماعة الوفاق.



المصدر: صحيفة شروق الإلكترونية - http://www.shorog.com/art/s/56/%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A-%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-..-%D8%AB%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86

الاثنين، 18 مايو 2015

التربية والتوافق المجتمعي!

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في مجلة فكر الثقافية العدد الحادي عشر بتاريخ 10-05-2015



فقط دع الناس تقول ما تريد وافعل أنت ما تريد!......
ويقال أيضًا: البس كالناس وكل كما تشاء!
مثالان يظهران مفهوم التوافق المجتمعي في ثقافتنا العربية، وضرورة الالتزام به وعدم السباحة عكس التيار ومخالفة العادات والتقاليد، التي يشكل اللبس والحديث فيها نمطا لا يحبذ أبدًا الخروج عليه، وعليك كعربي تعيش في مجتمعك أن تكون كالأغلبية حتى ولو لم تكن مقتنعًا. قناعتك ليست حقًّا ملكك وربما تكون سببًا في مخالفتك للتيار السائد. حينها ستتعرض للنقد والتجريح والعداء دونما أي احترامٍ لحريتك الفردية، والتي سيؤكد لك القائمون على تقاليد المجتمع أنها تنتهي بهم، دون أي اعتبارٍ لك!
للأسف لا نملك الحلول الوسط في ثقافتنا التي باتت تتذبذب وتتأرجح بين النقيضين؛ هي إما أقصى اليمين أو اليسار، بدون أي مساحة في الوسط تعطي الحق والحرية لهذا وتضمن الاحترام لذاك.
قبل سنين قريبة ماضية، لن تستغرب أبدًا إن سمعت أن فلان قد منع ابنه أن يركب معه في السيارة لحضور مناسبةٍ رسمية وذلك لأن الابن لم يكن يرتدي الزي الشعبي الشائع، كما لم يكن يربي شاربه (أي حليق) كما يسموه الأغلبية. قصة شعره ليست بالمستفزة المضحكة، لكنها خرجت عن النمطية السائدة والشائعة تلك الأيام. خشي الأب ووجس من أن يقلل الحضور قيمته إن أركب ابنه بجانبه في السيارة واصطحبه لحضور الحفل. تراءى للأب الذي لم يقدر مرغمًا أن يفرض نمطه على ابنه شفاه الحاضرين وهي تهمس لآذان مجاوريها ضاحكة بأن «الرجل بلا شنب كالقط بلا ذنب». الأب نفسه كتبها على سبورة فصله في أثناء دراسته الثانوية أكثر من مرة مستفزًّا أستاذه المغترب الذي لم يكن يربي شنبًا أو لحية!
الحال تغير الآن وأصبح العديد من الآباء أكثر ديموقراطيةٍ، وأقل اهتمامًا بالموروثات التي تفرض إرادتها على الشكل. سمح لأبنائه أن يلبسوا كما شاءوا وتفاخروا بهم أمام الآخرين رغم لبسهم الذي لا يخلو من استهتار في المظهر ومخالفةٍ للذوق العام، وتسريحات شعورهم المضحكة والغريبة والملفتة للنظر والانتباه. قد يكون السبب في تغاضي الآباء أيضًا هو شعورهم أن أسلوب التربية القاسي الذي نشأوا عليه لم يعد يجدي نفعًا مع جيل يشارك صور حياته اليومية مع الآخرين عبر الإنستجرام، ويبث همومه وشكواه في تويتر والفيس بوك. لديه مقدرة تتميز بجرأة تعدت الحدود على الرد وهو يضع قدمًا فوق أخرى ولا ينزل عينيه أو يعبث بهما في الأرجاء في أثناء النظر لأبويه أو من هم أكبر سنًّا منه!
في جلسات الأصدقاء والسمر، ستسمع باستمرار حكايات جيل متقارب العمر ممن تعدوا مرحلة الشباب أو لنقل أيضًا المراهقة، وهم يصفون تجربتهم مع آبائهم وكيف كان الخوف يسيطر عليهم بمجرد أن يرمق والد أحدهم ابنه، ليبدأ الأخير في الرجفان ودون أن ينبس الأب بكلمة. آهات حسرة حين يقارنوها بحالهم، وكيف تحولت ديموقراطية الحوار المتبعة لعناد من قبل الأبناء وتذمر من تمردهم. لكنهم إن طلبت من أحدهم تطبيق نفس مفهوم التربية الذي عاصره على أبنائه؛ رفض واستنكر وتشدق بالديموقراطية وبأسلوب التربية الحديث.
آخرون على النقيض تمامًا, وأقل ما يمكن أن تصفهم به هو الهمجية في التربية. يستعمل الضرب والشتيمة مع أبنائه. جل كلماته لهم هي لا وأحذرك وستضرب وتحرم!....أما إن كان حديثهم موجهًا لطفلِ صغير؛ فالنهي والزجر والصراخ كما هو وإن اختلف لفظه......"كخا" و "ددا". المحصلة أن تجد الرضيع ينطق كلمات النهي التي سمعها من أبويه قبل أن يقول ماما وبابا!
كم مرة مرّ بجانبك أب أو أم في السوق وأحدهما يطبق يده على رقبة ابنه أو ابنته ويجره نحو السيارة, واصفًا إياه بالحمار والغبي ومتوعدًا بحفلة ضرب حال ما يصل المنزل؛ غير مكترثٍ بنظرات من حوله له أو مراع لمشاعر طفله الذي سيقتل فيه كرامته وعزته واعتداده بنفسه, ليكبر وهو مهزوز الشخصية لا يثق بنفسه ولا يملك قراره.
أطفالنا تاهوا بأمانينا لهم وما نخططه لمستقبلهم. نحن من نختار لهم المدرسة والجامعة, ونحن من نجبرهم لدراسة تخصص قد لا يهواه, لكننا نراهم فيه, دون أن نمنحهم المجال ليصنعوا أنفسهم بأيديهم دون تدخلٍ مباشر. أغفلنا التوجيه واستبدلناه بالإجبار....إن ناقشونا, استعملنا وقتها سلطتنا كآباء وهددناهم إما بالدعاء عليهم والغضب الذي سيزلزلهم أو توعدناهم بالطرد والحرمان, ليخروا بعدها خانعين لنا ومنفذين لما ارتأيناه لهم لا ما يريدوه!


المصدر: مجلة فكر الثقافية - http://www.fikrmag.com/article_details.php?article_id=38

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...