الاثنين، 14 يناير 2013

ثقافة شوارعنا

مقاله تم نشرها في جريدة المدينه 14-01-2013

بقلم: عماد أحمد العالم

 
في زيارة عملٍ لإحدى المدن، نزلتُ بفندقٍ مطلٍ على شارعٍ تجاري مزدحم، قسمت المحلات فيه يميناً ويساراً، يفصلهم شارعٌ طويل لا يقل عرضه عن ثلاثين متراً، ولأن الشارع تجاري ومليء بالمتسوقين طيلة الوقت، فمن المفترض أن يكون للمارة فيه حقوقٌ تجاه السائقين، الذين انشغلوا بدورهم على مدار اليوم والساعة والعام، فهم كما يبدو على محياهم مشغولون ومرتبطون بمواعيد بالثانية، وحضورها بالنسبة لهم مصيري!. بدون مقدمات وبصراحة، مكثت أكثر من خمس دقائق كي أعبر الشارع، والخوف يتملكني وعيناي ترمقان السائقين بنظرات استعطافٍ علهم يخففون السرعة فأعبر ومن معي للضفة الأخرى، لكن البعض منهم يبدو مكفهرالوجه غضبان يرمقك بنظراتٍ تحذيرية والآخر «عامل نفسه لا يراك»، والأدهى أنهم كلما شعروا بمحاولاتك المستميتة للعبور، زادوا السرعة حتى لا تقتنص الفرصة!.....،فقد غاب عن من منحهم رخصة القيادة أن يؤكد عليهم ويعلمهم أن القيادة فنٌ وذوقٌ وأخلاق! في ثقافتنا المروريه السلطة للأقوى والمشاة الطرف الأضعف، فلا الخطوط التي رسمت لهم لها قيمة، ولا المخالفات التي رصدت تثني السائقين عن أنانيتهم. مظهر آخر لجنون القيادة يتمثل في الكباتن على الطرق السريعة وحتى المحلية داخل المدن، تجد فيها سائقي (الفورمولا ون) يكاد المتسابق منهم أن يصق صدام «داعم» سيارته بمؤخرة مركبتك، ولكي يزيدك رعباً، تجده قد سلط الأضواء عليك بضغطاتٍ هستيرية متعاقبة وباستمرار ليعمي بصيرتك، فتخر قواك خوفاً وتبتعد عن طريقه، وإلا فمن المحتمل أن ينذرك بضربة من الخلف قد تفقدك توازنك، فتهيم بعدها يمناً ويسرى، ليخلو له الطريق ليمارس رعب قيادته على آخرٍ قاده حظه العاثر لأن يكون في طريقه! ولأن حديثي اليوم عن ما يحدث في شوارعنا، فيطيب لي أن أحدثكم عن ظاهرة مرضية اخرى نصطبح بها ونمسي؛ مقززه وتصيبك بالغثيان. تخيل نفسك تقف على الإشارة وعيناك تهيمان في من حولك، ترقب الوقت كي يمضي، وإذا «بمقرف» أمامك تراه يفتح باب سيارته ودون أن ينظر حوله.....يتحفك «بتفله أو بصقه» يصوبها نحو الإسفلت، ومن ثم يغلق باب سيارته، ليتركك في حيرةٍ من أمرك، هل ترتكب فيه جناية، أم تذهب لنصحه وتوعيته، لكن أفكارك سرعان ما تتبخر على ردة فعل أذنيك تجاه ضوضاء «أبواق» السيارات مع مزيجٍ من التلويح والتشبيح, والسب لأنك قد تأخرت بالتحرك ثانية بعد ان أصبحت الإشارة خضراء! ثقافة وضع اليد على البوق بقوة لا تقتصر فقط على الإشارات الضوئية، بل في كل مكان يخطر ببالك، ولن أكذب عليكم إن قلت لكم حتى في مداخل المستشفيات ومواقفها وباحاتها. هو في نظري (البوق)، قد يكون من أسوأ إختراعات البشرية التي صُدِّرت لنا،. فنحن أجهل من يستخدمونه وأقلهم ذوقاً!, وعادةً ما يكون تعبيراً منا لضيق ذرعنا من الإنتظارحتى لو كان للحظات، فنحن نعيش في عصر السرعة ونأبى ضياع الوقت هباءً إلا فيما يتعلق بحقوقنا ، فنحن حينها الأكثر صبراً ووقاراً وتأنياً من أُمم الخليقة!

الرابط: http://www.al-madina.com/node/426793

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...