الخميس، 17 يناير 2013

أمرين إحذر منهما: السياسه والمرأه

مقاله تم نشرها في جريدة بوابة الشرق القطريه 16-01-2013

بقلم: عماد أحمد العالم

 
أمران يخاف منهما قلمي: السياسة والمرأة، لكنهم أمرين متعلقٌ بهم فكري.
خوف القلم دائماً من أن يكتُبَ ما لا يُعجب، فيكسر أو يحفى. إن صادف هواه زعامة أو رأي سلطة: وصفوه بالمطبل والمتسلق وعميل الحاكم والانتهازي المنافق الذي باع ذمته وضميره لقاء منصبٍ وجاه, خائن الشعب والمبادئ, "أراجوز" أو "بهلول" السلطة!
أما إن عارض, فقد غضبت عليه الأجهزة الأمنية ونال السجان منه ، واتهم بالعمالة والتخريب. ولا أستبعد أن يمسي بين ليلةٍ وضحاها إرهابيٌ مجرم!, مطلوبٌ لعدالة, يصدق فيه قول الشاعر أحمد مطر " علاقتي بحاكمي ليس لها مثيل....تبدأ ثم تنتهي براحة الضمير,,,,,,
هو يقول كلمه ثم إنه من بعد أن يقولها يسير... وأنا أقول كلمة ثم إنني من بعد أن أقولها أسير!"
أما المرأة وبما أني رجل، فالحديث عنها ذو شجون وحساس ومُربك وذو حدين!
إن كنت من المتعاطفين معها المطالبين بحقوقها المسلوبة وداعٍ للمساواة، فأنت إما تغريبي ليبرالي علماني وفاسد عُرفاً ومعادي للعادات والتقاليد، وتحرري مُجرم غرضه فض شرف المرأة العربية وإخراجها من قوقعةٍ باليه فُرضت عليها، كما لا يمنع إن كنت متزوجاً أن تغضب عليك من هي الأولى بك...زوجتك!، قد تتهمك هي الأخرى بأنك دونجوان "نسونجي أو بتاع ستات"، تتذرع بالدفاع عن المرأه حتى تأتي لها بضره أو تكون علاقات!. هذا عدا عن من سيصفك بقاضي العذارى ونصير المظلومات، والقائمة طويلة أنأى بنفسي عن سردها لكم هنا، لكني متأكدٌ أنكم سمعتم بها من قبل.
عودةً مرةً أخرى إلى نصفي وآخَرَكُمْ رفاقي معشر الذكور، إن كان الرجل قوي الشخصية أو متجبر أو ممن يعملوا بالقول الشائع "شاوروهم وخالفوهم"، أو حتى دلوعة أُمه؛ فتهمته جاهزة وهو الملقب بالديكتاتوري القاهر الظالم القاسي، ممن يجب زجه خلف القضبان وإدخاله مصحة ليتعلم كيف يعامل النساء!.
إذاً لو وقفت مع أي الجهتين فأنت خسران، فإما تكسب ود المرأة ويغضب عليك الرجل أو العكس صحيح.
إن عدت بكم ثانيةً للسياسة، لوجدتم أنفسكم مقسمين لليبرالي ومتدين؛، وبينهما يقع إما التكفير أو التشدد، لا تقبل للآخر وإنما تهم جاهزة وبُغض وتعصب، حتى إن الإخوة قد يفترقوا أو يتحدوا بناءً على اتجاهاتهم، فثقافة الولاء جوهرها أصبح لدينا تعصبٌ أعمى لا يرى إلا من هو في صفه، أما الآخر النقيض فهو في ضلاله غارق وفي غيه يعمه!
إن لم تكن معي أو تؤيدني؛ فبالتأكيد أنت ضدي، ليس هناك منطقةٌ وسطى في حياتنا ولا نقاشاتنا أو فكرنا، فإما أن تكون مع أو ضد، وفي كليهما لن تسلم من النقد وستنال المدح، أما أن تقف حيادياً، فتلك سلبيه في عرفنا وأنانيه. نحن إما أقصى اليمين أو منتهى اليسار، النقيضين تماماً، وكلٌ فيهما مؤمنٌ أنه الصواب والآخر شيطانٌ مارق. كلا النماذج تمثل التناقض، ويظن من فيها أنه على حق، وبين هذا وذاك نسو ونسينا أو تغافلنا عن واقع أننا أمةٌ وسطيه.
مشكلتنا أننا نقبع تحت مظلة الغفلة دهراً, وحين نستيقظ, تلهبنا الحماسة لأمرٍ يعمي بصيرتنا عن التفكير بتأني وتروي, فتكون ردة فعلنا أولاً ومن ثم نفكر, وتفكيرنا حينها يكون منصباً "للترقيع". يقودنا البعض خلفه كالنعاج, نردد ما يقول بدون أن نفهم, وإن فهمنا, انقلبنا على أعقابنا!
يحيرني حال شباب أمتي, امتهنوا الحكمة على فجاءة, وتركوا التثقيف والارتواء, واستعجلوا التغيير والظهور, فركب على ظهورهم المتسلقون, ليبرزو بدلاً عنهم ويسيئون لمسيرتهم .
التشدد والتشدق في المرأة والسياسة سيان, لا حلول وطرح منطقي, وإنما شعارات هوجاء عمياء, تحاول الأطراف فيها الكفاح لنيل المطالب, ولكن للأسف في بعضها بصفاقة وتطرف.
إن أردنا التغيير, فعلينا أن نبدأ بأنفسنا, بالمنزل والحارة, بالحي والمدينة ومن ثم الوطن. لن يكون ذلك بين يومٍ وليله وقد لا يدركه جيلنا, لكننا إن أحسنا سقاية البذرة, فقد تثمر, وينعم بها وبخيرها من سيأتي بعدنا.
 

المصدر: http://userarticles.al-sharq.com/ArticlesDetails.aspx?AID=14239

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...