الجمعة، 10 مارس 2017

حدثني ثقة ومحبة الصالحين

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في موقع هوربوست 10-03-2017

 


أتمنى ان يقتصد بعض الدعاة والملتزمون في استخدام مصطلح “حدثني ثقة”، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )، فهذه الوسيلة والتي ليس من اللائق القول عنها أنها باتت رتيبة ومملة ومكشوفة؛ هي نهج إنساني نستخدمه جميعنا في حياتنا حين نتحدث ونروي للآخرين رأياً نستشهد له بتجارب مر بها غيرنا، وخصوصاً إن كانت من قبل أشخاص موثوق بهم ومعروفين بنزاهتهم وصدقهم، إلا أنها وبعد أن كرسها قلة من الدعاة لسرد قصص بعضها قد يكون صحيحا في الأساس قبل إضافة النكهات عليه وأخرى مُختلقة من نسج مخيلتهم، التي أباحت لهم التأليف في سبيل التوجيه، ظناً منهم أنهم بما يفعلون يحسنون صنعاً ولا يكذبون، فالغاية سامية وهي الدعوة الدينية التي في سبيلها لا بأس بقليلٍ من الخيال البناء!
هذا النهج وكما أراه هو كمن يبتدع بدعة فيسير الآخرون على نهجها حتى لو كان الغرض منها الخير، فهو قد سمح بتناقل روايةٍ وانتشارها والتحديث بها رغم أنها غير صحيحة ولا وجود لها إطلاقاً، وكذلك الأمر شأن البدع التي كانت السبب في بعض فتاوى التحريم قياساً واجتهادا من بعض العلماء والباحثين، الذين أفتوا بتحريم بعض الممارسات أو ما كان غريباً في مجتمعهم ويستخدمه الآخرون في الغرب أو دول غير عربية ومسلمة، فاجتهدوا عند سؤالهم عنها واستهجنوها ورفضوها ظناً منهم أن العمل بها او استخدامها من قبيل إيجاد ما لم ينص عليه الشرع، فبالتالي هو محرم على المسلمين لأنه مُبتدع!!
طالعت قبل فترة خبرا ساقه أحدهم عن كتاب صعقني عنوانه الذي سماه مؤلفه “بالرد الصاعق على مجيزي الأكل بالملاعق”. لم أقرأه أو اطلع عليه، لكن وجدت تقديما لأحدهم عنه واصفا اياه بالرسالة القيمة المختصرة والتي تتضمن تحريم استخدام الملعقة أو ما شابهها لأنها بدعة والبدعة ضلالة، وهي بالنار!
المسألة الثالثة التي أود التطرق اليها هي الإفراط في التحريم من باب سد الذرائع، فكثيرا ما حُرمت أمور قياسا به وعملاً، مع أن في ذلك معارضة جليّة للقاعدة الشرعية التي تقول أن الأصل في الأمور الحلال الا ما حرم الله وثقافة التحريم لسد الذرائع من أسوء ما ابتلينا به وضيق على العباد. أما من أراد النأي بنفسه عن شأنٍ ما فله ذلك إن استفتى قلبه فأفتاه بعد يقينه بأن الحلال بين وكذلك الحرام رغم أن بينهما أمورٌ متشابهات لا يُجليها إلا أصحاب العلم الشرعي الثقات وبعد معرفتهم حكمها بناءً على نص أو قياس، لكن ذلك لا يعني أبدا أن نُلحق ما لا يُعجب أو يختلف مع العادات والتقاليد السائدة والأعراف ونصمه بالمتشابهات ومن ثم يُحرّم.
الفتوى يجب أن تصدر عن المراجع الشرعية المعترف بها كالمفتي ودار الافتاء وهيئة كبار العلماء بعد استطلاع رأي ونصيحة أهل الاختصاص في العلوم الدنيوية إن كان لهم شأنٌ بها ويتوجب ترك الخوض بها لكل باحثٍ شرعي او طالب علمٍ، حتى لا تعم الفوضى، فيتهكم علينا العالم مثلاً لأن محدثٍ ما قال بأن الأرض مسطحة وليست بالكروية، وحرمة ممارسة أي رياضة لم يقرها الإسلام أو جواز إرضاع المرأة لزميلها في العمل وغيرها من الفتاوى الغريبة التي صدرت إما عن ضعاف عقول ورؤى أعطوا لنفسهم حق الحديث في أمور المسلمين أو لمتنطعين ومتسلقين يبغون بها الشهرة، دون أنسى جماعة “أحب الصالحين”، الذي ينطبق على بعضٍ منهم ما ورد في قصة بكتاب أخبار الحمقى والمغفلين للإمام ابن الجوزي عن أعرابي مر بقومٍ يضربون رجلاً، فسأل الأعرابي أحد أشدهم ضرباً: ما بالكم تضربونه، فأجابه الرجل: والله لا اعلم لكنني وجدتهم يضربونه فشاركت معهم بالضرب لله عز وجل ثم طلباً للثواب!!!!!


المصدر: هوربوست - http://horpost.com/articles/%D8%AD%D8%AF%D8%AB%D9%86%D9%8A-%D8%AB%D9%82%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%AD%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%86/

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...