الاثنين، 31 ديسمبر 2012

ليبيا ما بعد القذافي

مقاله تم نشرها في شبكة الجديده الإخباريه 31-12-2012

بقلم: عماد أحمد العالم

 
ما بال الإخوة الأحباب في ليبيا هذه الأيام، وماذا جرى لوحدتهم وحريتهم التي بذلوا من أجلها عشرات الآلاف من الشهداء وتحملو لنيلها قمع القذافي واستماتته للبقاء في السلطة وجبروت مرتزقته وبطش أجهزته الأمنية.
هل من الحتمي بعد كل ثورة أن يحاول الثوار جني ثمار الانتصار المبكر حتى قبل أن ينضج، لم صبرو أربعين سنة على حكم الكتاب الأخضر وكذبه وهرطقته ونظريات “إسراطيل” والإشتراكية الخضراء ومحاولات الوحدة القومية الفاشلة، لم لا يمنحوا أنفسهم فسحةً من التأني والتفكير الجيد في مستقبلهم بعيداً عن التحزبات والمناطقية والقبلية والحكم العشائري الذي لم يكن له وجود يذكر أو سلطة تعلو على سلطة الجماهيرية.
ثورة السابع عشر من فبراير كانت عظيمة وعفوية في بدايتها، حيث خرجت الجموع المظطهدة من الشعب مطالبةً بقليلٍ من الحرية والكرامة؛ بل أجزم أن هذا كان مطلبهم، ولو استمع له لربما كنا الآن على موعد مع أحد خطب القذافي النارية حيث يعطينا درساً طويلاً عن ديموقراطيتة، إلا أن من مثله وبعد أربع عقودٍ في السلطة، لن يرى إلا ما تهيأه له شياطينه، ونهايته كما يعلمها الجميع!
إن كانت ليبيا الجديدية واقعةُ في شرك التقسيم من جديد عبر نعرة إكتساب منتجات الثورة وتطبيق المثل “من سبق لحق” حتى لو كان آخر من التحق بالثورة ودعمها، هذا إن لم يكن من الساقطين مع الحكم السابق؛ حينها أؤكد لكم أن ليبيا مقبلة على مرحله مشابهة لدخول فتح قطاع غزة عقب إتفاقية مدريد للسلام، حيث تغذت صطوة العائلات وتكونت ميليشيات من المرتزقة تنفذ سياسات أفراد ومصالح جماعات أبعد ما تكون عن خدمة الصالح العام؛ والمحصلة نموذج جديد لفشل حكم الشعب الديموقراطي مشابه للعراق ولبنان، حيث كل من شارك في التحرير يعطي لنفسه الحق بالاعتراض عبر إشهار سلاحه في وجه كل من يخالفه الرأي.
إن أرادت ليبيا أن تنهض وتصلح من أحوالها وتنفض عنها غبار أربعين سنه من التأخر، فعليها أن تسعى لذلك عبر غرس بذور الوعي المدني والصالح العام، وتترك عنها كل ما يمت للقبلية والمناطقية بصلة، وعلى وزارة دفاعها قبل أن توحد جل الميليشيات تحت عباءتها، أن تنزع سلاح الفصائل دون تفرقة وتقنن حمله عبر تصاريح رسمية. لا سلطة فوق القانون، ولا رأي أو اعتراض يفرض بالقوة. فهل من المنطق أن يغزو المئات جلسات البرلمان للاعتراض على الحكومة المشكلة وتعلق الجلسة لأن الأمن لا يستطيع أو لا يريد السيطرة عليهم.
مع كل الإعتراض على ما أجرم به سيف الإسلام القذافي ولكن هل من المنطق أن يبقى سجيناً لدى كتيبة الزنتان ويرفض نقله إلى سجن فدرالي تحت إشراف الحكومة المركزية، وأن يقوم بعض من بقايا النظام السابق بالبلطجة واحتلال بني وليد، حتى اضطر الجيش لاقتحامها بعد عدة محاولاتٍ فاشلة للتفاهم معهم.
على ليبيا الحاضر أن تجاهد لإعادة الإعمار والتقدم وإصلاح القطاع التعليمي والصحي والاقتصادي وإعادة هيكلة بنيتها التحتية وتنمية قطاعها النفطي وتنظيم وجود مؤسسات المجتمع المدني وتأطير وجودها وتقنينه، ليكون لها أخيراً حياة كريمة لشعبها الذي عانى من الحرمان رغم غنى أرضه بأحد أجود أنواع النفط في العالم.
 

الأحد، 30 ديسمبر 2012

ربيع الأنبار قادم

مقاله تم نشرها في جريدة بوابة الشرق القطريه 28-12-2012

بقلم: عماد أحمد العالم

 
هل أستبشر خيراً ببداية صحوةٍ أراها في الأنبار، وهل نشهد بداية انتفاضةٍ لسنة العراق المظلومين المقهورين على يد ديكتاتوري العراق المالكي ومن والاه من الأطياف السياسية المذهبية العراقية اسما والإيرانية هدفاً وأجندة. لم تأخرت صحوتهم وانتفاضتهم، حتى بتنا نظن أن السبات عميقٌ وأقوى من أن يستفيق، على رجالٍ أشداء قهروا الاستعمار والديكتاتورية والتتار على مدار تاريخهم، وانتفضوا دوماً على الطغيان، هل نحن على عتبات قادسيةٍ ثالثة تنطلق شرارتها من الأنبار وسامراء، في مشهدٍ يحبو لكسر حاجز الصمت ويحاول لاهثاً أن يثبت من جديد أن أشراف العراق ما زالوا أحياء تنبض قلوبهم بالعدالة المفقودة المنشودة، بعد أن سلبتها منهم الدولة الصفوية الموغلة في التدخل عراقياً، حتى بات من شروط أن تكون في المشهد السياسي العراقي، أن تنال رضا إيران عنك ومعها سياسيوها!
منذ سقوط النظام السابق في العراق، والبلد لم يشهد نهضةً تذكر على كل المستويات، بل استشرى فيها الفساد والمحسوبية والرشاوى وانعدمت الشفافية، وانتشر القتل على الهوية؛ الذي غالباً ما كان ضحاياه من أهل السنة، في دولةٍ تعد الأثرى عالمياً بمستويات مخزونها النفطي وإنتاجها اليومي، وفي المقابل لا يرى المواطن تحسناً يذكر، سوى رؤيته وبحسرة للثري يزداد غناً والفقير فقراً، ومعهما تهوي نسبة الطبقة المتوسطة إلى الحضيض. في العراق لن تجد مثيلاً لها بين أقرانها في ازدهار سلطة الأثرياء الجدد واتساع نفوذهم وسطوتهم التي هي للأسف قائمة في جوانب منها على التلاعب بالمشاعر الدينية المذهبية وتطويع الطائفة ومقومات الدولة، وتكريس مبدأ "فرق تسد"، وأفضل من أجادها تحالف ما يسمى بدولة القانون، وهي برأيي لا تعدو أن تكون "هادمة القانون"، فبحقبتها التي اقتربت نهايتها، ساد القمع وامتلأت السجون بما جادت العراق وأحرارها، وأصبح القضاء مسيساً، تهمه وإدانته حاضره لكل من يخالف المالكي؛ الإرهاب وليس سواه هو ما يُرمى به جزافاً ودوماً قيادات العراق السنيه ممن يختلفون مع المالكي، بدأها بحارث وأتبعهم الهاشمي، والآن رفيقه القديم العيساوي، الذي ما إن اختلف مع المالكي، إلا وجد أفراد حمايته أنفسهم متهمين بالقيام بأعمال وصفها أمن المالكي بالإرهابية!، في حين لم نر أو نسمع عن نزاهة القضاء وسطوة الأمن تجاه المليشيات الشيعية ورجال الدين من مانحي صكوك الغفران والعصابات المذهبية المجرمة التي تنفذ الأجندة الأجنبية وتفجر وتخطف وتقتل دون أن نرى للأمن قدرة عليها، فمهمته الوحيدة أمست هي خنق السنة في العراق والقضاء على قياداتهم وتعذيب نسائهم وامتهان كرامة أحرارهم.
آن للنظام الفاشي أن ينتهي، وأن تقطع أياديه وأرجله وأن يعاقب على ما أساء به وأفسد؛ وآن للشعب العراقي بكل طوائفه وفئاته أن تصحو من غفوتها، وتنتفض نجدةً لربيعٍ يجتث الزمرة المفسدة من مشهدها، فهم من أهلكوا العباد وسرقوا البلاد وعاثوا فيها فساداً، فأصبحت كأفقر دول العالم الثالث: إن أصابها مطر، غرقت وعامت شوارعها وتحولت بغداد فيها لمدينة البندقية! ربيع الأنبار وإن تأخر بدء يُبرز حالة تذمرٍ شعبي، أتمنى أن تتحول لانتفاضةٍ عارمة، يتوحد بها العراقيون بكل أطيافهم ليثوروا كأقرانهم العرب ويطلوا علينا بربيعٍ مزهرٍ، ينقل بلاد الرافدين لعراق ٍكانت يوماً تقودنا وتقود كل العرب!.
 

الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

يحيى العدل ودامت المجامله

مقاله تم نشرها في جريدة بوابة الشرق القطريه 25-12-2012

بقلم: عماد أحمد العالم

 
المجاملة ليست درباً للنفاق ولا المداهنة وإن كانت تدخل أحياناً ضمن الإطراء (سمة العصر الحديث). فبعد فراغ الساحة من جحافلة الشعراء. وإن كان بعضهم جارح القول ماجن القرض. إلا أنهم أورثونا مرجعاً أدبياً وشعراً ملهماً تُغُني به. على النقيض من شعراء الحداثة. ممن توافرت لهم كل السبل. فهم أكثر حظا بتوافر التكنولوجيا الحديثة. التي لو توافرت للعاشق الولهان "طرفة بن العبد" لما اضطر المحب لحمل رسالةٍ قادته لحتفه. ولكان استخدم التويتر أو الفيسبوك أو حتى البريد الإلكتروني.
عنترة بن شداد حينها ربما يكون أكثر راحةً لو استخدم الـ "بي بي". ولما اضطر لخوض الغزوات وإبراز المهارات القتالية وقرض الشعر وتحمل مساومات حماه (أبو عبلة).
صدقوني لا تدخل المسألة ضمن المزاح الثقيل ولا التهويل أو المبالغة. بل هي حقيقة ماثلة للعيان امتد تأثيرها ليصل الإخوة السياسيين وصناع القرار. فأتحفونا بنهجٍ جديد قائم على "خراب البيوت" لإرضاء الخصوم. خرجت علينا مصطلحات جديدة "كسلام الشجعان" و "شهيد السلام" و "دائرة العنف" و"العقاب الجماعي".
امتد التأثير للإعلام فقدم لنا "المحلل" و"الخبير" و"المتتبع" و"المختص" وكل الألقاب الأخرى التي لو كان حقاً ملقبوها جزءا من تركيبتنا السكانية. لما كان السواد الأعظم منهم يعيش في الخارج.
تدويل المجاملة أو عولمتها أصبح سمة العصر. فما كان يعد مخالفاً للأعراف والقيم ونفاقاً ومداهنة سابقاً. أصبح ضرورة هذه الأيام. والأمثلة كثيرة. ابتداء بإجماع الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة على الدعم اللا متناهي لإسرائيل. وليس انتهاءً بقرارٍ سابق للبرلمان الفرنسي يجرم على أثر رجعي الدولة العثمانية ويتهمها بارتكاب مجازر بحق الأرمن. وهو ما سعي له أيضاً في الكونغرس الأمريكي. في حين فقدت الجزائر أكثر من مليون شهيد لنيل استقلالها. وتعرضت البوسنة والهرسك لأبشع مجازر عرقية. أحدها كان في سيربينيتسا التي كانت بحماية الفرقة الهولندية التي لم تحرك ساكناً وكأن لسان حالها يقول "ماكو أوامر"! طبعاً هذا عن وعد بلفور سيئ الذكر واستعمار إفريقيا لعقود ونهب ثرواتها وإبادة الهنود الحمر و..و...و..و..و.. والقائمة تطول. ويحيا العدل ودامت المجاملة!
 

الخميس، 20 ديسمبر 2012

بلا حريه، بلا عداله إجتماعيه

مقاله تم نشرها في جريدة بوابة الشرق القطريه 17-12-2012

بقلم: عماد أحمد العالم


وانتهت المرحلة الأولى من الاستفتاء على الدستور المصري، وبدأت معه قنوات الردح الإعلامي في الصوات واللطم والزعيق، وبتنا نحن المشاهدين على أبواب فصلٍ جديد من مسرحية حرية الإعلام، وديمقراطيات ما بعد الخريف العربي المشؤوم لنفرٍ من القوم، والربيع للإخوة المنتفضين، وفي كلا الحالتين وبدون تحيز أو غبن، أرثي أوقاتاً ستضيع وسيضيع معها وقتنا "ويرتفع السكر والضغط" والسبب كما لا يخفى عليكم ( وأنتم أهل المعرفة) هو تجدد الغث الذي لا يحتمل من التهم والنظريات والفتاوى والتحليل برعاية المذيع الفلتة "زغلول"والإعلامية الجهبذ "فتكات"، وبالطبع لا ننسى ضيوفهم الأفاضل "معترض وغضبان ومُخوِّن ومخلل وسياسي ومعارض"، كما نخبةٌ أخرى من ضيوف المخمل وزوار السفارات وراقصي التانجو " والوحدة ونص". جميعهم اتفقوا على عدة أمور، منها المطالبة بإعادة الجزء الأول من الاستفتاء الباطل المزور، والمدار بإشراف نفر من "رد السجون" انتحلو صفة القضاء، "وعدت الخدعة" على الدولة ووزارة العدل واللجنة العليا المشرفة، ولم يكتشفها إلا فطانة بعض الجمعيات الأهلية (الممولة خارجياً)، وأحزاب الورق وفاشيو المعارضة والرافضون الدائمون وذوي الباع والخبرة في التمحيص وكشف المستور!. خرجوا حتى قبل أن تعلن النتائج، مكفهرين غضبى لأن بعض السيدات المصوتات طلبن من قضاة بعض اللجان إبراز هوياتهم، فارتبكو وأبو واستنكروا!، حينها اتضح لهن أن القائمين على الصندوق ليسوا إلا منتحلين لشخصية القضاة، فسارعوا بإبلاغ عمر ولميس ومعهم وائل وسيد ومنى وووو، فأقاموا هم بدورهم الدنيا ولم يقعدوها، وصموا آذاننا بالمونولج "إياه" عن الزيت والسكر والشاي والنسكافيه، حتى باتت الموضة لكل من يصوت بنعم - كما أخبرني صديقي المحترم - أن يأخذ المصوت لنفسه صوره وهو يحمل كيس الغنيمه ومكافأة الإخوان! أحد الذرائع الأخرى للمشككين كانت بأن ستين بالمائة من القضاة قاطعو الاستفتاء، فيما تحدث مستشار وزير العدل بالقول أن العدد المطلوب وصلنا له واكتفينا ومن رفض فذلك حقه، مع العلم بأن القانون لا يعطي القاضي الحق بالرفض إن تم توجيهه رسمياً، لكن لهذه القاعدة استثناء في الوقت الحاضر، فالاستقطاب على أشده، والغنائم "تزغلل" الأعين، والكل أضحى بين ليلةٍ وضحاها وطني مخلص وثوري مُبجّل! والله لقد مللت منهم، وملت زوجتي من قضائي الوقت مستمعاً لخزعبلاتهم، وملّت ابنتي من استحواذ التلفزيون لأوقاتهم التي يقضيها أبوهم ممسكاً "بريموت الرسيفر"، الذي تعب بدوره وتطايرت أزراره مع كل ضغطةٍ بعصبيه لتغيير القناة واستبدالها بأخرى أسوأ منها؛ وحتى يحين موعد نومي فأنا مستفز وغاضب لأن السياسة والأخبار والديمقراطية والثورات قد أعيتنا واستحوذت جُل اهتمامنا وأنستنا الهدف الأسمى الذي طالما هتفوا له: العيش ولا شيء سوى رغيف العيش!، "وبلا" حرية "وبلا" ديمقراطية "وبلا" عدالة اجتماعية.


الرابط: http://userarticles.al-sharq.com/ArticlesDetails.aspx?AID=13953

الأحد، 16 ديسمبر 2012

سيكولوجية الثائر العربي

مقاله تم نشرها في جريدة بوابة الشرق القطريه 15-12-2012

بقلم: عماد أحمد العالم


أظهرت ثورات الربيع في أربع دولٍ عربية غيرت نظام حكمها الشمولي إلى حكم الشعب، وما تلاها من هيجانٍ خلف نزعةً من الوطنية المحلية؛ غير القائمة على أيديولوجية فكرية، وإنما رغبة في التغيير، بعد أن فاض الكيل بالشعوب من أنظمة حكمٍ استبدادية، جثمت عقوداً على الصدور وأكلت الأخضر واليابس، ومارست القمع والحرمان، وأطرت الفساد. أظهرت لنا "الثورجية الجدد" وأغلبهم حديثي عهد بالسياسة، بعضهم من جيل "البلاي ستايشن" وشبكات التواصل الاجتماعي، لكنهم حولوا اتجاهاتهم فجأة للسياسة، فكانوا هدفاً سهلاً للاستقطاب من قبل مخضرمي الساحة، ممن لفظتهم الأيام (وغسلت يدها منهم)، وجدوا فيهم أتباعاً يسهل تسييرهم وتلقينهم وزرع الأفكار في رؤوسهم لتنفيذ الأجندة أياً كانت.
ما توفر للأجيال الناشئة لم تحظ به سابقاتها ممن عانت القهر والسجن والعزل إن عارضت؛ فقد ولدت في عصر التكنولوجيا والعولمة والانفتاح الإعلامي الفضائي، فسهُل عليها أخذ المعلومة جاهزة، دونما مجهود يبذل قائم على الاستنتاج الشخصي والقناعة أو التعمق في المسألة لفهمها من جميع الجوانب، ومن ثم الإيمان بالهدف المرجو. أصبحوا ملقنين، مسيرين، يسهل تحريكهم عبر دغدغة العاطفة لديهم أو التخويف أو إعطاؤهم حجماً أكبر لشخصهم، فأمسوا لعبةً بيد الإعلام وصناع القرار والسياسيين من معارضة وموالين. أُطلق عليهم مسمى الشارع العربي بعد أن نزع الوصف عن الأغلبية الصامتة، التي كانت سابقاً القوة المدمرة إن تحركت. إن وصفتُ فكرهم بالسطحية لن أظلمهم، فهم أشبه ببناءٍ عالٍ يتم تعميره في شهرٍ، سيكون آيلاً للسقوط في أي وقت، لأن أساساته الفكرية لم تبن بالشكل السليم، بل جمعت على عجل، فكانت في الواقع عمدان هشة يسهل كسرها والتخلص منها.
الثورات المتحضرة والناجحة تميزت بكونها قامت على أساسٍ فكري لم يكن وليد اللحظة أو عفويا، بل سبقتها ثورة فكرية وصراع أيديولوجي بين طبقةٍ حاكمة وأرُستقراطية وكنسية مثلت الأقلية المسيطرة، وأغلبية مقهورة وجدت نفسها أسفل الهرم الاجتماعي ومحرومة، تواصلت معها النخب الأدبية وبدأت حملة للتوعية بضرورة التغيير، مستشهدةً بواقع الحال والحرمان والتفرقة، مطالبةً بحقوق المواطنة والمساواة وإلغاء الامتيازات الإقطاعية وسطوة الفكر الديني المتشدد وتحكمه في الفكر، داعيةً لفكر الإنسان الفرد، صاحب الحق في الحكم والاختيار والممارسة، رافضةً الوصاية على العقول والتسليم المطلق للكنيسة وصكوك الغفران والتكفير والتجريم لمجرد الاختلاف في الرأي. فبدأت على إثر ذلك تتشكل تيارات فكرية عملت للتغيير عبر سياسة تثقيف العقول وتنبيه الناس للحقوق والواجبات المفروضة عليهم والمطلوبة لهم. تم ترسيخ مبدأ الدولة الحديثة عبر تنويع العمل وتقسيمه لمؤسسات المجتمع المدني التي وضعت الضوابط وشكلت الرقيب، والجهات التشريعية والتنفيذية، وهيئات الرقابة والمحاسبة؛ فما أن قامت الثورة، حتى بدأت بعدها مرحلة انتقالية وفق أسس سليمة، والنتيجة ما نراه الآن من ديمقراطيات متقدمة تشكل جوهر الحياة الحرة والعيش بكرامة. على النقيض، فالثائر العربي محدود الثقافة، مسير، وعجول، انفعالي لا يقبل بالرأي الآخر، داعٍ للتغيير دون أن يملك أجندة ما بعد التغيير، متحمس ولكن عاطفي لا يحكم العقل والمنطق، مستعجل لجني الثمار دون أن يحسن سقاية ما زرع، والمحصلة ثورات قامت لقهر الباطل وللتغيير، لكنها فشلت في بناء الدولة، فتفاقمت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وخلقت حالة من الإرباك والفوضى السياسية والاستقطاب والفراغ الفكري وسطحية التفكير والمطالب وزرعت بذور الفتنة وقسمت المجتمع بدلاً من توحيده واهتمت بالسفاسف وتركت الأصول، فأوجدت بيئة خصبة للطفيليات لأن تتكاثر وتفسد وتشغل العامة في مالا فائدة منه، ومن ثم تثنيهم عن أهداف التغيير المرجوة.إن أرادت شعوبنا أن تحيا حقاً في كنف المدنية الإنسانية، فعليها أولاً أن تثقف نفسها وتطور فكرها وأن تنمي داخل شخصيتها مبدأ التغيير للإصلاح وأن تتخلص من هيمنة الفكر المتعصب، وأن تؤطر العمل المدني والتطوعي والثقافي والاجتماعي، وقدسية المواطنة والتحفيز الذاتي ومحاسبة الذات، وأن تتخلص من فكر العائلة والقبيلة وجنون العظمة وسمو العرق، وأن تجعل من الإصلاح الغاية المنشودة وأن تترك عنها المصالح الفردية الفئوية للصالح العام.
 

الجمعة، 14 ديسمبر 2012

القطاع الصحي بين الطموح والآمال

مقاله تم نشرها في جريدة عكاظ السعوديه 13-12-2012

بقلم: عماد أحمد العالم


لم يصل القطاع الصحي لنقطة التفوق حتى الآن رغم كل ما يعلن عنه من مشاريع صحية ومستشفيات وأبراج طبية ومراكز صحية؟ ولم دائما ما تقارن جودة الخدمة في القطاع الصحي التابع للوزارة بمثيله لدى المستشفيات العسكرية والتخصصية؟ ولم نجد نوعا من فقدان الثقة والتوجه للتداوي في القطاع الخاص؛ في وقتٍ لا يخفى على أحد حجم الإمكانيات الطبية والأجهزة المتوفرة ومواكبتها الدائمة للأحدث والأكثر تطورا عالميا، كما سبق لوزارة الصحة على الدوام الحصول عليها وتوفيرها في قطاعها، حتى أن بعض هذه الأجهزة تجدها موجودة محليا مقارنة بعدد أقل بكثير من مستشفيات الجهات المصنعة والموردة.
إن الهيكل التنظيمي والتوزيع الجغرافي للوزارة قد تم تنظيمه بشكلٍ من المفترض أن يؤدي إلى تخفيف الضغط عن المدن وتسهيل الاستطباب على المريض بعناءٍ أقل. لكن هل نجح هذا المخطط لاستحداث نظام صحي متطور وعملي وسلس بما يكفي لتحقيق آمال الدولة بتوفير نظام صحي على درجة عالية من الكفاءة؟.
إن كان الحديث عن المكننة والإمكانيات؛ فأظن أن الوزارة قد أنجزت أغلب ما خططت له وأوجدت البنية التحتية السليمة، لكن إن تحدثنا عن جودة الخدمة المقدمة، فمن الصدق والإنصاف القول بأن القطاع قد قام بواجبه ولكن بدرجةٍ لم تصل بعد لحد ما يطمح إليه الجميع مقارنة مع إمكانيات القطاع المتوفرة والعناية الممنهجة والمؤطرة بسخاء مادي متزايد كل سنة..
في اعتقادي: إن استطاعت وزارة الصحة زرع سياسة الترغيب والترهيب وإن أحسنت خلق نوع من التوأمة بين موظفيها من جهة ومهامهم من جهة أخرى وإن تمكن القائمون على برنامج الاعتماد الصحي التابع للوزارة ( سيباهي) من تطبيق روح البرنامج وغرس ثقافة العمل بها لتحسين الأداء والتطوير الذاتي وتقديم الخدمات الصحيه بالشكل المطلوب؛ فإنني أتوقع حينها أن القطاع الصحي الحكومي سيكون مثالا للنجاح الذي يثلج صدر القيادة السعودية التي تسعى على الدوام لتقديم الأفضل للوطن والمواطنين.


الرابط: http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20121213/Con20121213555459.htm

العاطفه والسياسه

مقاله تم نشرها في جريدة بوابة الشرق القطريه 08-12-2012

بقلم: عماد أحمد العالم

 
العزف على وتر العاطفة واستمالتها أسلوب أزلي قديم، لم يحدث أن حكم حاكم، إلا واستخدمه، سواء كان محبوباً لشعبه ومختاراً أو متسلطا متشبثا بكرسي الحكم، ديكتاتوريا بغيضا. جميعهم عزفوا على شعوبهم ألحاناً مختلفة، تتفق فيما بينها على مداعبة مشاعرهم وتحريكها وفقاً لأهوائهم ومصالحهم.
باباوات الكنيسة الكاثوليكية من أوائل مستخدميها؛ ومنح صكوك الغفران أحد الأمثلة، كما الغزوات الصليبية التي دُعي لها باسم الدين. لم يختلف العرب عنهم وإن اختلفت المقاصد؛ فالغزوات والفتوحات الإسلامية التي طالت أقاصي أوروبا، سُيرت بداع التوسع الجغرافي الديني الذي لم يكن ليحدُث لولا دغدغة العواطف الدينية وبيان الفضل العظيم لنشر الدين الإسلامي.
هتلر استطاع استمالة الجموع الألمانية إليه عبر تغذية روح الثأر لما خسرته ألمانيا عقب توقيعها لمعاهدة فرساي، التي كانت السبب وراء نشوب الحرب العالمية الثانية، حرك خلالها الجموع عبر إثارة عواطف الاستياء لديهم مما أفقدتهم إياه المعاهدة، وشحنهم بسمو العرق وتفوقه.
استقلال الدول الإفريقية والآسيوية بما فيها العربية عقب الحقبة الاستعمارية، لعب فيه تجييش الحشود دوراً من خلال أدبيات الحرية والوطنية والمظاهرات التي قادتها النخبه لنيل الحقوق المسلوبة، حتى الدول اللاتينية انقلبت على الإقطاعية واعتنقت الاشتراكية بحثاً عن العدالة، وكان لها ذلك عبر الطبقات الفقيرة العامية التي سيرتها شعارات ومهدت لها ثورة ثقافية لعب فيها الأدباء دوراً مهماً أمثال مكسيم وماركيز كاتب الرائعة " مائة عام من العزلة" والبرازيلي إقليدس دي كونا وماريانو اثويلا المكسيكي الذي ألف رواية "الكلاب الخفية" عن الثورة المكسيكية.
ثورات الربيع العربي الحديثة، أشعلها شاب أحرق نفسه، فسقطت على إثر ذلك أربع ديكتاتوريات سلطوية حكم أقلها ثلاثين سنة متواصلة بقوانين الطوارئ والانتخابات المزورة وتخويف الشعب من الإرهاب والفقر والفوضى وإسرائيل والإمبريالية.
إذاً الحكم بالعاطفة والتسلح بها لا يقتصر فقط على إثارة نزعة التفوق أو الوطنية والتخلص من الخوف والقضاء على الطبقية، وإنما أيضاً بالترهيب وتخويف عاطفة الشعوب وتطويعها لتصدق روايات الرعب الخرافية التي يروجها لهم الحاكم وبعض من علماء السلاطين من أصحاب نظرية " افعل ما يطلب منك؛ تكن في الجنة، وإلا مصيرك للنار"!
في الجانب الآخر بدأت المعارضة تدرك أهمية التأثير بالعاطفة للأغلبية الصامتة من الشعب وتخلت عن نرجسيتها وأيديولوجياتها، فنزلت للشارع بمطالب محددة، ذات سقف عالية، لا تنازلات فيها، فكان للمقهور أن تغلب على من رتع عقوداً على كاهله وأسقطه سريعاً.
 

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

ما فعلته بنا الديموقراطيه!

مقاله تم نشرها في جريدة بوابة الشرق القطريه 03-12-2012

بقلم: عماد أحمد العالم


الساحه أو الميدان ليست مكاناً دوماً للشرفاء، كما أنها لاتعبر أحياناً عن نبض الأغلبيه ولا الضعفاء، فقد تستغلها الأقليه لتكون مسرحاً لاعتراضها وقد تجعل منها الأغلبيه صوتاً لهدير جموعها؛ وفي كلا الحالتين الميدان مشغول من قبل المتظاهرين أياً كانت اتجاهاتهم ومطالبهم، والمتضرر في النهايه بشكلٍ عام الدوله واقتصادها، "ويندب حظه" من كانت شقته مطله على الميدان أو على أيٍ من نقاط التماس؛ فمصدر إزعاجهم لا يقتصر فقط على الهتافات، بل ينالهم جانب وجوانب من الغازات  المسيله للدموع، كما أن موظفو التحرير وتجارها الخاسر الآخر للسلسله اللامتناهيه من الإعتراض والفوضى السياسيه العارمه، وحالة التخبط الديموقراطي لما بعد الثوره، حيث أُشغِلت الأنفس بمالا فائدة منه ولاجدوى من طرحه في المرحله الإنتقاليه، فيما غاب عن طلاب الحريه ما دُفع من ثمنٍ لها!
اتعلمون ما هي أكثر الدول الأوروبيه تظاهراً؟: اليونان، وما أكثرها آسيوياً؟: بنجلاديش، وما أكثرها عربياً؟: مصر......
ثلاثتهم دول تنادي بالديموقراطيه، ولكن لنر ما فعلت بهم؛ في اليونان تفشى الفساد في أغلب أركان الدوله، حتى باتت على حافة الإفلاس ومهدده بالخروج من الإتحاد الأوروبي رغم ضخامة المساعدات الماليه المقدمه لها، لا يكاد يخلو يوم دون مظاهرات واعتصامات واضرابات، تسيرها المؤسسات النقابيه، والتي من المفترض أن تعي أن عدالة المطلب مرتبط بالمرحله وظروفها!
في بنجلاديش دمرت الديموقراطيه الدوله وقسمتها لحزبين تحكمهما امرأتين، أحدهما ابنة رئيسٍ سابق والأخرى زوجة رئيسٍ لاحق. دولتهم تعد الأفقر عالمياً والأكثر فساداً وأقل تعليماً، في المقابل جزء كبير من الشعب مسيس ويعي فيه أكثر من معرفته حروف هجائه!
في مصر ثالث أمثلتي؛ الشعب متعلم ومثقف، لكنه مسير وموجه من قبل إعلام ضال ومضلل ودعاة ثقافه وبعضٍ من المعارضه، استغلت عاطفة شعبها الجياشه، وشوقها للحرية والعداله، فتلاعبت بالحشود وأشبعتها بعبارات  دولة القانون، وقدسية القضاء، والثوره مستمره؛ فتحمس جيل منتفض من الشباب، ولد في زمن الديكتاتوريه، وتنشق الحريه بعد الخامسً والعشرين من يناير، لكنه أخطأ حين ظن أن الديموقراطيه مقدسه، فهي الأخرى من صنع البشر، وليست منزهه عن أن تطوع وتفصل بالمقاس الذي يراه أهل الرأي والإعتراض مناسباً لهم، فأساؤو لها ولهم ولشعبهم، وأظهرو للعالم الآخر وجهاً آخر لتداعيات الحريه، التي لو علم الغرب بأن تطبيقها سيُحدث فوضى لما نراه اليوم في ديموقراطيات الربيع العربي، لدعموها بدلاً من الديكتاتوريه، لأنه اتضح لهم أن ممارسة شعوبنا المتعطشة لها ستكون بها أكثر تبعيه ولهثاً وراء سراب العداله الغائبه، وتأطيراً لفساد القضاة وعمالة الإعلام برداءٍ بالٍ من الشعارات المستهلكه؛ فهل نعي الآن ما فعلته بنا الديموقراطيه، أو ما الصقنا بها جزافاً!


الرابط:


الخميس، 29 نوفمبر 2012

جوستيتيا

مقاله تم نشرها في جريدة بوابة الشرق القطريه 27-11-2012

بقلم: عماد أحمد العالم

 
أحد أهم مظاهر العدالة أنها عمياء؛ وعماها لا يعني تغاضيها عن الحقيقة وإنما كونها لا ترى المظاهر, والتي تعني بدورها سطوة القوى السياسية والمالية. لذا ستجد "سيدتي العدالة "عمياء أو معصوبة العينين, جميلة تظهر في هيئة فتاةٍ أنيقةٍ مهيبة تمسك بيديها رمز العدالة؛ بيمناها سيفا لتطبيقها, وبيسراها تحمل ميزاناً يمثل روح الإنصاف وتوازنه وحياديته.
العدالة امرأة؛ قد يكون مستفزاً للبعض منا معشر الرجال هذا القول, لكن تفسيره (كما قالوا) يكمن بأن المرأة وخصوصاً الأمهات, يجسدن العناصر الأساسية للعدل؛ والمتمثلة بوحدة القواعد اليومية, العدالة والحكمة والقانون، المحبة والتصرف بعدل, كما القدرة على التطبيق دون مبالغةٍ أو تجن أو شخصنة.
جوستيتيا Justitia : الهة مجازية تمثل العدالة عند الرومان, ومنها اشتق اسم العدل ((Justice , وصفوها بالرحمة وعدم التحيز, تراها مجسمةً في دور القضاء ووزارة العدل, لتنبه الزائر لحلوله ضيفاً عليها.
القضاة جُزءٌ من منظومة العدل وركنٌ أساسيٌ للحرية, فما قامت ثورة وأحققت مظلمة إلا كان وراؤها قاضٍ نزيه, وما دام حكم التسلط إلا بوجود قضاءٍ فاسد, أشاح وجهة عن العدل, وحلل الحرام للحاكم والقوي وطبق العدل على الضعيف, فانتشر الظلم والضيم وانعدمت المساواه. حتى وإن كان في مجتمعاتنا المؤمنة, فقد ابتلينا بكثيرٍ من قضاة الباطل. وجودهم واقعٌ لا يُنكر, فحبيبنا المصطفى علية صلاة الله وسلامه, قد أخبرنا عنهم ونبأنا القول " قاضٍ في الجنة وقاضيان في النار ", فهم القائمون على العدل, والذي بدوره هو قاعدةٌ اجتماعية أساسية لاستمرار حياة البشر مع بعضهم البعض.
تحول نفرٌ من القضاة في بلدان الربيع العربي لضيوفٍ دائمين على البرامج وأمسوا خبراء دستوريين ومنظرين ومحللين؛ فمتحيزين لجهةٍ على أخرى, فمؤيدين لطرفٍ ضد الآخر؛ حينها خرجوا من واقع كونهم قضاة, ليكونوا طرفاً في النزاع, فضاعت النزاهة وغابت القدسية واختل ميزان العدل, فوقع على رؤوس الشعب, وأُسقط بأيديهم, فتاهت عنهم الحقيقة, ووقعت القطيعة ودب النزاع, وتحول القاضي لجلاد والمجرم لبريء, فضاعت الثورة وتشتت أفكار ثوارها, فانقسم المجتمع بين مؤيدٍ ومعارض.
هذا هو حال القضاء المصري بعد الثوره, وعقب الإعلان الدستوري الأخير للرئيس مرسي, والذي منح فيه الحق المؤقت المشروط لنفسه لتحصين بعض قراراته السيادية لفترةٍ محدودة لا تتجاوز الشهرين وقد تقل, حتى الانتهاء من الدستور الجديد وعرضه على الشعب في استفتاءٍ عام, وانتخاب مجلس شعبٍ تعود إليه السلطة التشريعية؛ كما أكد على عدم سقوط التهم عن من بُرئوا مؤخراً من قتلة الثوار, وضرورة إعادة محاكمتهم حال توفر الأدلة اللازمة, فالجرم لا يسقط بالتقادم ولا يراعى فيه البند القانوني المعفي للمجرم من محاكمةٍ ثانية في حال بُرئ في الأولى. لا ضرر في ذلك, فنحن لا نتحدث هنا عن جرائم فردية وإنما مذبحة اقترفها نظام جائر في حق متظاهرين عزل, يعي الجميع ويعلم أنهم فيها الجناة, ومن حق الشعب استخدام المحاكم الثورية لتقديمهم للعدالة.
في مصر, لم تقدم النيابة العامة وهي جهة الاختصاص, ما يكفي من أدلةٍ لازمة للمحكمة لإدانة الجناة, في وقتٍ يعلم الجميع, أن المتهمين مذنبون, فكان الخيار أمام القضاة: إما أن يحكموا بالبينة والقرائن والأدلة, أو القناعة الفردية المعلوم الحكم فيها مسبقاً. جاءت الأحكام على غير رغبة الشعب, فبراءة العديد بناءً على ما قُدم لها من النيابة, التي بدورها كان لها ضلع في المؤامرة عبر إغفالها حقائق قانونية بديهية, واعتمادها على التقدم بقرائن, يسهل على محامي الدفاع دحضها.
من هنا بدأ المشكل, فإما ألا نعترض ونسلم بقرار القضاء (ونحن نعلم خطأه ويتناسى ما حدث من جرم, أو يعترض الشعب, ويقوم قضاؤه ويعزل المتخاذل من نيابة وشرطة ويكلف جهات أخرى نزيهة تقدم المتهمين للمحاكمة؛ في فعلٍ أحدث تصادماً مع ما سماه البعض "قدسية القضاء" (غير المنزه بنظري عن الخطأ)؛ لكن بقايا قضاة النظام السابق, من عُينوا من قبله, وجودها فرصةً لخلق أزمةٍ للرئيس, فتآمر البعض منهم مع نفرٍ من الفلول وأحزاب المعارضة الكرتونية وبعض الخاسرين في الرئاسة, لشل الحياة العامة, وإلهاء الشعب بكلامٍ أقل ما يقال عنه "فارغ", يردده المتظاهرون دون أن يعوا معناه, في وقتٍ يشهد تشابكاً للأيدي بين بعض القضاة ممثلين بنادي القضاة "الاجتماعي" وأتباع الحزب الوطني والمال السياسي الفاسد وبعض التيارات السياسية المعارضة (والتي أغلبها لا يملك حظوة), تجمعت جميعها لإلغاء الإعلان الدستوري المكمل وإدخال البلد في حالة الفوضى اللامتناهية, وتناسوا أنهم من كان يتشدق سابقاً ويطالب الرئيس بما يعترضون علية الآن!.
موقف بعض القضاة مشين ولا يمت للقانون بصلة, بل يعكس حجم الفساد الذي زرعه النظام السابق في هذا القطاع السيادي. فعبرة حل مجلس الشعب وخطط لقرارٍ مماثل لحل التأسيسية ومجلس الشورى, في قرارات مسيسة, الهدف منها إسقاط الحكم الحالي عبر إحداث حالةٍ من الفوضى الاقتصادية والسياسية, ليتبعها فيما بعد مظاهرات ثورية مطالبة بانتخابات جديدة.
لن يستقيم الحال في مصر إلا بعد ثورتين, إحداهما تنال من الإعلام المتصهين وملاكه رجال أعمال الحقبة البائدة, وثورة عدلٍ يقوم بها قضاة مصر ودستوريوها ومحاموها الكرام, لتعرية قضاة الباطل وإعادة هيكلة قطاعهم بما يتوافق مع المرحلة, ويضمن النزاهة والحيادية المفترضة والمؤطرة لقيام الدولة المدنية الحديثة.
 
 
 

الأحد، 11 نوفمبر 2012

إيران ومحاور تحالفاتها

مقاله تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 09-11-2012
 بقلم: عماد أحمد العالم


منذ أن أسقط الشاه أوائل العام 1979 بدأت تظهر للحكماء فقط في الداخل الإيراني ملامح تكوين ديكتاتوريةٍ دينية بدلاً من نظيرتها الملكية المعزولة، فقد رأت بعض قوى اليسار السياسي والليبراليين نيةً مُسبقة للتيار الديني الصاعد للاستئثار بالسلطة عبر قيامه بحملة إعداماتٍ نالت من كبار جنرالات الشاه المعزول. جرت باسم الدين ظاهراً، لكن الغرض الحقيقي منها كان القضاء على أي محاولاتٍ للانقلاب العسكري مستقبلاً رغم أن الجيش في إيران إبان المظاهرات الشعبية المطالبة بسقوط الشاه أواخر العام 1978 نأى بنفسه عن التدخل والتزم الحياد حفاظاً على الوحدة والوطن، إلا أنه تعرّض لحملة تصفياتٍ نتج عنها حالات انشقاق ما بين مؤيدٍ لرئيس الوزراء شابور بختيار (المعارض العلماني الذي عينه الشاه رئيساً للوزراء قبل عزله) والإمام الخميني الذي انشق عن الجبهة الوطنية الإيرانية. ولأن أغلب الطبقات المعدومة المحرومة الثائرة آنذاك كانت من العامة الفقيرة، وباسم الدين وبالترويج لمقولة أن حكومة رئيس الوزراء المعين «مهدي باذرخان» هي «حكومة الله»، انضم لجبهة الخميني الجنود في اقتتالٍ نأى الجيش بنفسه عنه وانتهى بهروب رئيس الوزراء شابور بختيار ولجوئه لفرنسا، التي شكّل منها فيما بعد «جبهة المقاومة الوطنية في إيران» وكانت سبباً في اغتياله كما قيل على يدي عناصر الحرس الثوري الإيراني.
 لم يكن رجال الدين وحدهم من بدأ الثورة في إيران، بل كان لمجاهدي خلق السبق مع الأطراف اليسارية الليبرالية، التي طالب بعض منها إبان حكم الشاه بملكيةٍ دستورية أو دولةٍ ديموقراطيةٍ مدنية، إلا أن من أحسن للتخطيط لانقلاب ما بعد الشاه كان الإمام الخميني الذي كان يخفي عن متحالفيه من قوى اليسار والماركسيين وقوى وطنية أخرى، واقع عزمه فرض نظام ولاية الفقيه، الذي يعطي أولاً له الحكم مدى الحياة بما أنه قائد الثورة، إضافةً إلى السلطة المطلقة في الأمن والاقتصاد وحق الاعتماد بالقبول أو الرفض للوزراء، وتحجيم دور الرئيس وصلاحياته لتكون تحت عباءة المرشد الأعلى «للثورة الإسلامية».
 بعد أن تكشفت خطط استئثار السلطة من قبل دعاة «الثورة الإسلامية»، كان الأوان قد ولّى ولم يعد بإمكان المعارضة المدنية الإيرانية وقتها إثبات وجودها، حيث فرّ الغالبية العظمى منها صوب الخارج، فيما اعتقل وأعدم من بقي منها في الداخل. وتعرّض الشعب ونظامه التعليمي والثقافي لحملةٍ ممنهجة لغسيل الدماغ وتغيير كل المعايير التي كانت قائمة إبان حكم الشاه واستبدالها بمفاهيم «الثورة الخمينية»، التي عملت منذ استيلائها على السلطة على سياسة تصدير الثورة للدول المجاورة، فكان العراق بقيادة «صدام حسين» وقتها أوائل المصطدمين معها في حربٍ مدمرة خلّفت أكثر من مليون ونصف مليون قتيل ودامت ثماني سنواتٍ وانتهت كما بدأت بدون أي منتصر كما أريد لها، في حين فشلت آمال الخميني في تأسيس حكمٍ مذهبي في العراق يتبع له بديلاً عن نظام البعث القائم حينها، كما فشل صدام في ضم شط العرب والمناطق العربية من الأحواز. في خطوةٍ مشابهة للعراقية، ساعدت إيران عناصر متشددة من حركة أمل على الانشقاق واستقطاب أخرى مكونين ما بات يعرف الآن بـ»حزب الله» اللبناني. في نفس الاتجاه جرى تأسيس حزب الله الكويتي الذي قام بعديد من الاغتيالات والتفجيرات الإرهابية. لم تغب الطائفة الشيعية في البحرين والمملكة العربية السعودية عن محاولات النظام الإيراني جذبها وتطويعها لتنفيذ أجندتها السياسية في الدول ذات الصلة. امتد الدور الإيراني فيما بعد محاولاً نشر التشيّع في فلسطين والأردن ومصر، وهو ما أثار حفيظة الأزهر مؤخراً وقامت على إثره حرب إعلامية بين طرفي القيادة الدينية في الدولتين.
 كان لإيران محاولات متفرقة في دول عربية أخرى وإفريقية أظهرت سعيها الدؤوب للسيطرة السياسية عبرالفكر الديني وتكفير الآخر تارةً واستغلال الدين في تطويع الأتباع وتوجيههم حتى لو تعارض ذلك مع سياسة الدولة ومصالحها القومية والاستراتيجية، وهو ما نراه جلياً الآن في العراق الذي لم يعرف عبر تاريخه العريق تشرذماً سياسياً واجتماعياً وثقافياً وخلافات مبنية على الطائفية، إلا عقب تسليم الولايات المتحدة السلطة لقوى المعارضة من رجالات إيران في المهجر، والمحصلة: دمار وفساد ومحسوبية وطائفية وقتل على الهوية وفقر وانعدام الأمن بشكلٍ غير مسبوق للعراق في تاريخه المعاصر.
 في لبنان وتحديداً حزب الله، وفّرت إيران دعماً غير محدود مالياً وعسكرياً للحزب، فنشط بأيديولوجية المقاومة وتحرير الجنوب اللبناني وإطلاق سراح الأسرى المعتقلين من السجون الإسرائيلية، فكان له ما أراد. عقب ذلك حارب من أجل السيطرة على الساحة السياسية وفرض نمطه في الحكم، كما تنفيذه للأجندة السياسية السورية والإيرانية وتعمد استعراض عضلاته العسكرية التي تضاهي قوتها عتاد وتسليح جيش الدولة النظامي!
 أصبحت حينها الوطنية ورقة ضغطٍ وقوة بيد الآخر. موقف حزب الله من ثورة سوريا الحرية والكرامة، كان معلناً ومؤيداً بشكلٍ علني للنظام الوحشي الطائفي العلوي في سوريا، مهرباً له الأسلحة الإيرانية، ومزوداً إياه بالعتاد والتدريب. فمجرمو النظام السوري، أمثال قتلى مبنى الاستخبارات كانوا في وجهة نظر قيادة حزب الله «شهداء».
 المحاولات الإيرانية الأخيرة لزرع الفتنة الطائفية في كلٍ من السعودية والبحرين، تدخل في نفس الإطار من التدخلات الإيرانية اللامتناهية في المنطقة، والتي كانت نتائجها كارثية على الدول التي تدخلت فيها كالعراق ولبنان وسوريا، فلا هي حققت ما سعت إليه بسياسة تصدير الثورة ولا جلبت السعادة والاستقرار لشيعة المنطقة الذين طالما عاشوا مع نظرائهم من مواطنيها السّنَّة بكل أخوّة ووحدة وسلام.
 أضافت إيران لنفسها عداوةً جديدة باحتلالها للجزر الإماراتية الثلاث في الثلاثين من نوفمبر عام 1971 قبل شهرٍ من إعلان الإمارات السبعة اتحادها تحت مظلة الدولة في الثاني من ديسمبر 1971، مستغلةً عدم مقدرة إمارة رأس الخيمة التي كان يتبع لها جزيرتا طنب الكبرى والصغرى عن الدفاع عن نفسها، فيما ينطبق الحال أيضاً على جزيرة أبو موسى التابعة وقتها لإمارة الشارقة.
 عدت هذه الخطوة كجزء من فلسفة «الجمهوريه الثورية» الناشئة حينها بالسيطرة على مضيق هرمز، مما يضمن لطهران ورقة ضغطٍ تخيف بها العالم كلما ارتأت إغلاق المضيق الذي يمرعبره أغلب إمدادات دول الخليج العربي من النفط، هذا فضلاً عن غنى جزيرة أبو موسى بأكسيد الحديد ووفرة النفط في جزيرتي طنب.
 لم تدرك الحكومة الإيرانية حتى اللحظة أن كل ما قامت به منذ ما يزيد عن الثلاثين سنة من التدخل في شؤون الدول العربية والإسلامية المجاورة منها والبعيدة، لم يعد بالنفع عليها ولا بالرفاه على مواطنيها، ولم يحقق الرخاء الاقتصادي ولم ينجح في تصدير ثورته التي باتت تحارب من أجل بقائها داخلياً مع تزايد الرغبة الشعبية في التغيير والانتقال من إيران العدوة لأغلب دول الشرق والغرب، إلى إيران المدنية المعاصرة ذات العلاقة الطيبة مع الجميع.


رابط المقاله: http://www.alsharq.net.sa/2012/11/09/569386

الأحد، 4 نوفمبر 2012

إيران وأعوانها والموقف المشبوه!

إيران وأعوانها والموقف المشبوه!
بقلم: عماد أحمد العالم
مقاله تم نشرها في صحيفة الجزيره بتاريخ 03-11-2012


على مدار السنوات وحتى هذه اللحظة كانت وما زالت التنمية في المنطقة الشرقية شأنها شأن باقي مناطق المملكة سياسةً حكوميةً ثابتة، بل إن الفترة الأخيرة شهدت تركيزاً أكثر على المناطق الجنوبية والشرقية والشمالية من المملكة، لإعطائها نفس النصيب والحصة من التنمية التي شهدتها المناطق الوسطى والغربية.

لكن هناك من يلعب بالورقة الطائفية، واللعب بالورقة الطائفية بدأ أساساً ومصدره حكومة ما يسمى «الثورة الإسلامية في إيران»، التي ما ان تسلَّمت مقاليد السلطة أواخر سبعينيات القرن الماضي، محولة ً نظام الحكم من ملكي إلى جمهوري، حتى بدأت ما سُمي سياسة تصدير الثورة وتأسيس نفوذها في الدول ذات الصلة، حينها بدأت أولى محاولاتها في العراق ولبنان (عبر حركة أمل وحزب الله) وفي البحرين والكويت عبر الطائفة الشيعية من السكان، إضافة إلى محاولاتٍ فاشلة لإثارة الفتنة في المملكة العربية السعودية واستغلال فريضة الحج لنشر الإرهاب والفكر المضلل، كما اللعب على ورقة الجزر الثلاث الإماراتية المحتلة.

إيران لم تألُ جهداً لإثبات وجودها وعدائها لما سمته الغرب «الكافر» إلا وبذلته، فعلى أيدي بعضٍ من عناصر جيشها الثوري، احتلت السفارة الأمريكية، وعلى يد بعضٍ من رجالات دينها، شجع نشر مذهبهم في الدول المجاورة، وعلى يد بعض ساستها خطط للقيام بأعمال تخريبية في السعودية أثناء الحج ومحاولات اغتيالٍ في الكويت ومظاهرات عشوائية في البحرين.

الحرب العراقية - الإيرانية على مدار ثماني سنوات، قلمت بعض الأظافر الإيرانية التي ما لبثت أن عادت للنمو إبان إسقاط النظام السابق في العراق وإعلان الحاكم المدني بول بريمير اتفاقية الحكم الجديدة التي بغفلةٍ أمريكية أطرت الطائفية وخلقت وحشاً عنصرياً فقدت أمريكا السيطرة عليه فيما بعد، وكمحصلة، وبحجة المرجعية الطائفية، استغلت إيران الفرصة وزرعت عناصرها في العراق وصدرت للعراق قياداتٍ مذهبية انغمست في الساحة العراقية بقوة ظاهرياً للعب دورٍ وباطنياً لتنفيذ الأجندة السياسية الإيرانية.

تكاثر هؤلاء التبع بشكلٍ مطرد ونالوا كل وسائل الدعم الإيرانية العسكرية منها والسياسية، فأسس كل حزب ذراعه العسكري والسياسي، فخرجت لنا ميليشيات فيلق بدر وجيش المهدي وعصائب أهل الحق، العامل المشترك بينها جميعاً هو اتفاقها على كل ما فيه مصلحة إيران لا الوطن الأم «العراق»!

المكونات الجديدة في العراق، منحت الحكومة الإيرانية أذرعاً أخرى لها في المنطقة لتنفيذ سياساتها الخارجية عبر القيام بأعمال في الدول المختلفة معها في وجهة نظرها، تصرف نظر العالم عن مشكلاتها الداخلية وتخلق لها نقاط قوة لفرض أجندتها.

الوجه القبيح للطائفية يحظى بعوامل مشتركة لها في جل الأحزاب الشيعية في العراق، فليس الحكيم الوحيد فيها، بل يتشارك معه فيها نفس النمط كلٌ من جيش المهدي وقيادته الصدرية المقيمة في إيران أكثر من النجف والمعفاة قانونياً من كل الجرائم التي ارتكبتها منذ تأسيسها.

الأولى لهذه الكيانات الحزبية والعسكرية العراقية الالتهاء في شؤونها الخاصة، وترك الدول العربية المجاورة والفاعلة والعمل على ازدهار العراق ومحاسبة المفسدين واستقلالية كيانه وسياسته بعيداً عن تدخلات الاخر، والنأي بأنفسهم عن شيعة العالم العربي الذين طالما عاشوا في توأمة مع نظرائهم مختلفي الطائفة من أهل السنة.


رابط المقاله:
http://www.al-jazirah.com/2012/20121103/rj7.htm

الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012

الأمريكان والإنجليز.. واختلاف الأعراف

الأمريكان والإنجليز
بقلم: عماد أحمد العالم
 
تختلف الأعراف والتقاليد والعادات الاجتماعية والثقافية في بريطانيا عنها في الولايات المتحدة، مع العلم أن اللغة والتبعية السياسية واحدة والآراء مشتركة. ومع أن كلا المجتمعين متحضر ومتمدن ويتمتع بكامل الحرية للتعبير عن الرأي دون خوف أو ترقب لمقص الرقيب، إلا أنهما يتناقضان أحياناً في آلية التنفيذ.
يقال دوماً أن أكثر ما تسمعه في المملكة المتحدة عبارة “شكراً”  “ولو سمحت” بداعٍ وبدون. إن يوماً تحتم عليك فيه استخدام أحد الكلمتين السابقتين ولم تفعل، سيكون موقفك مستهجناً، ترمقك نظرات التأنيب، كذلك الحال إن وقفت في الجانب الأيمن من السلم الكهربائي المتحرك، فلا تتعجب حينها لو نظر لك باشمئزاز، لأن “سعادتك” تقف في الجانب المخصص لمن هم في عجلةٍ من أمرهم، تماماً كما يحدث من قادة السيارات في الخطوط السريعة في بعض دولنا الموقرة، حينما يشعرك القادم من الخلف أن أمراً جلل قد يحدث إن لم تفسح له الطريق، وإلا فقد أعذر من أنذر، ولك أن تشعر بالعمى جراء استخدامه لكامل أضواء المركبة لإزعاجك، هذا عدا ضربة خفيفة من الخلف لإرعابك!
عودةً إلى الإخوة الإنجليز، إن كنت يوماً محظوظاً وتم نقلك لتعمل في عاصمة الضباب وسكنت في عمارة مكثت فيها أشهراً دون أن يلتفت فيها أحدٌ إليك أو يحيك “بصباح الخير”، فكل ما عليك عمله هو التوجه لأقرب متجر للحيوانات الأليفة أو دور رعاية الأيتام منها، واقتني كلباً أو قطة واستيقظ باكراً إما لأخذه في نزهه أو الجلوس مداعباً له في شرفة المنزل وتعمد أن ترمقه بنظرة حبٍ وحنان، فحينها تأكد أنك ستلقى السلام والاحترام وبالذات من الجنس اللطيف، فقد أثبت أنك إنسانٌ رقيق “ذو ذوق” ومحب وعطوف على الحيوان!
من المعروف أن الشعب الإنجليزي من الأقوام المتمسكة بتاريخها وثقافتها ويفخرون بملكيتهم العتيدة، فبخلاف أغلب الدول الأوروبية التي انقلبت على الملكية، أصر الشعب عليها وأطرها بما يسمى بالملكية الدستورية، حيث يملك الملك ولا يحكم.
على النقيض منهم “الأمريكان”، فهم في الأغلب أكثر تحرراً وكسراً للقيود والأعراف، متعددي الثقافات والطبائع، إن أردت يوماً أن تغضبهم، فما عليك فعله أن تعرض عليهم أو تفرض “الملكية”.
أتذكر موقفاً طريفاً لأحد الأمريكيين حينما قال: أبكي كلما نظرت لولي العهد الأمير تشارلز، وأرثي لحال الملكة التي تعيش في قلعة!. موقفٌ آخر حدث في أحد البرامج التلفزيونية الأمريكية كانت الضيفة فيه الدوقة سارة طليقة الأمير أندرو، سئلت كيف لك العيش في قلعه قديمة تاريخية؟، أجابتهم بكل عفويه أن الأصعب في الأمر استخدام الحمامات وخصوصاً أنها قديمة.
أثارت إجابتها الجمهور فابتسم وصفق لها طويلاً معجباً ومقدراً سذاجة إجابتها، ولكن على النقيض، شنت عليها الصحف البريطانية حملةً شرسة واتهمتها بالإساءة للملكية، فحمامات “جلالتها” شأنٌ لا ينبغي الخوض فيه بالعلن.
حينما أصبحت “سيرة” الرئيس كلينتون إبان فضيحة المتدربة مونيكا حديث الساعة، انتهت القصة باعتذاره لشعبه وزوجته، فغفر له، بل زادت شعبيته، حتى أن استطلاعات الرأي وقتها أشارت فرضاً لو سمح لكلينتون إعادة الترشح لولايةٍ ثالثة لتم انتخابه دونما منافس.
المؤشر مما سبق، يظهر رزانة الشعب الإنجليزي وتحفظ إعلامه إلى حدٍ ما، فقد اكتسب الجدارة وحظي بالمصداقية. بخلاف نظيره الأمريكي.
إعلامياً كليهما ممثلان للنقيض، فالرزانة عامل خسارةٍ  لدى المشاهد الأمريكي وربحٍ لدى نظيره البريطاني (ويستثنى من ذلك صحافتهم الصفراء).
 

رابط المقال في شبكة الجديده:

الاثنين، 29 أكتوبر 2012

لبنان وقضاياه وشورلكهومز

لبنان وقضاياه وشورلكهومز 

بقلم: عماد أحمد العالم


اتمنى أن لا يجعلكم مقالي هذا تعتقدون أني شورلوك هولمز، المحقق الفلته، حلال الألغاز والحجايا والداهيه التي لاتستعصي عليه جريمه، فأنا وبكل الأحوال أبسط من أي مواطنٍ عربي لديه قناعه مترسخه بأن السماء لا تمطر أجوبه والجرائم لا تحدث صدفه، فلكلٍ منها فاعل ومغدور به وشهود ووسيط وممول، جميعهم ينتمون لدائرةٍ إسمها المؤامره. إن كان المستهدف فيهاصديق فهي دنيئه، أما إن كان عدو "فتسلم يد اللي ذبحه". هذه بكل بساطه سيداتي سادتي المختصر المفيد لما يحصل في لبنان الان. فمنذ العام ١٩٧٥ أو بداية الحرب الأهليه ولبنان غارقٌ في دوامةٍ لا متناهيه من العنف والقتل السياسي والإغتيال الممنهج، فما تلبث الأجواء أن تهدء في البلد لفتره، حتى تفاجئنا ساحتها السياسيه بأحد التصفيات، وكأن الهدنه اللبنانيه الهشه منذ عقود ( رغم الإتفاقيات الداخليه برعايةٍ دوليه) تأبى الصمود امام مطامع الآخرين رغم حلم الشارع بعيد المنال.

على مدار الأيام الماضيه، كانت مشاهدتي للأخبار مركزه نوعاً ما على التقارير التي تتحدث عن نبض الشارع وردة فعله تجاه حادث الإغتيال الآثم والذي نال من العميد وسام الحسن. شملت الإستطلاعات وجهات نظر مختلف الأعمار والإتجهات، والتي رغم توجهات إجاباتها، اتفقت جميعاً بدون أي تنسيق مسبق على واقعٍ واحد، ألا وهو الشعور العام بالتبلد وتقبل الصدمه واللامبالاه تجاه الخوف من المجهول أو القادم.!

يبدوا أن الخوف والقلق على الحياه لم يعد من منظور اللبنانين أمراً قلقين تجاهه، والدليل أن الحياه سرعان ما تعود لمجاريها بعد كل حادث، فلا يتوقف الزمن ولا الإكتئاب يسيطر على عقول الناس. لن ترى شوارع بيروت خاليه من الماره ولا "السوليتير" أو "الداون تاون"، كما أن شارع الحمرا لم يفقد بريق زواره..

رياضياً كم نسبة جرائم الإغتيال التي صدر فيها اتهام وعقاب من حوالي الاربعين سنه، ما هي نتائج التحقيقات في حوادث الإغتيالات والتفجيرات وكم عدد من تم تجريمه وإيقاع العقاب به؟ هل من المنطق أن لا يعلن عن الأيدي الخفيه وراء كل "مصيبه"، لم في لبنان فقط تعجز أجهزة المخابرات عن كشف الفاعل؟، هل من المعقول ان لايكشف حتى الان من هم مثلاً قتلة كمال جنبلاط أو جورج حاوي أو رفيق الحريري أو جبرات تويني أو سمير قصير.......، والقائمة تطول..

لم حين يتعلق الأمر بالقاعده والتشدد الديني كما يسمونه تستنفر كل القوى الأمنيه وال سي آي آيه والإف بي آي والإنتربول وال إم آي ٦ والكاي جي بي، و و و و و و رو إلى النهاية!

السبب باعتقادي أن العالم أجمع قد اجمع أن الحفاظ على السلم الأهلي بعيد المنال في لبنان أهم وأولى من كل روحٍ تزهق، وأن من مصلحة الجميع أن لا تكشف يد القتله وتواطؤ أجهزة المخابرات الصديقه منها قبل العدوه. فالصديقه مثلاً لا تضيع عن رجالاتها شارده وتعلم كيف تقتفي أثر العدوه، التي هي أيضاً لا يغيب عنها الأولى، والعملاء مزدوجي الإنتماء كثر في ظل فوضى أريد لها أن تستمر بحيث تكون لبنان الساحه الخلفيه لكل من أراد المسوامه والتمرد والسيطره..


رابط القاله في جريدة المرصد بتاريخ  28-10-2012:
http://www.al-marsd.com/article/view/10156-لبنان-وقضاياه-وشورلكهومز.html

السبت، 27 أكتوبر 2012

الجيش اللبناني وكرامته المهدوره

الجيش اللبناني وكرامته المهدوره
بقلم: عماد أحمد العالم
23-10-2012  

عذراً أفراد القوات المسلحه, فلا أقصد بهذا العنوان أي استفزازٍ لمشاعركم ولا إنقاصٍ من مكانتكم ولا استفزازكم لتخوضو معركةً أهليه مع أبناء وطنكم, وإنما هو تساؤلٌ لطالما تمنيت طرحه والإجابة عليه من أحد الأطراف اللبنانية أياً كان انتماؤها ومرجعيتها وطائفتها.
لو لاحظتم لم أقل في عبارتي السابقه "الدوله اللبنانيه", فهي مغيبه تقريباً وبدون مبالغه منذ استقلالها. فلا مرجعية لها فعلياً إلا في المحافل الدوليه والمؤتمرات والزيارات وأحياناً في قضايا الغاز والكهرباء وبعض هموم الحياه ومشاكل المواطن البسيط. أما فيما يختص بسيادة الدوله وقرارها وأمنها الداخلي وسياساتها الخارجيه, فالأراء متعدده تعدد الطوائف والإنتماء الحزبي والأيديولوجي في دولةٍ هي من الأصغر عربيا ً على صعيد المساحه, لكنها الأكثر استباحةً في السياسه. على مدى عقود لبنان الحديث لم يتمتع البلد بتوافقٍ شعبيٍ واحد على أحد القرارات المصيريه. المحصله, حرب أهليه امتدت لأكثر من خمسٍ وعشرين سنه, لا يزال المواطن اللبناني يحيا تبعاتها, فبعد أن فقد فيها وأصيب ثلث السكان وهجر الثلث الأخر, لا تزال بعض القوى تلعب دوراً قذراً في عدم الإستقرار والفوضى الأمنيه, فهي باعتقادها أن الساحه اللبنانيه بمثابة ورقه للمرابحه والمفاوضه. تارةً سوريا التي جثمت أكثر من ثلاثين سنةٍ على صدور اللبنانين, وأخرى أيران التي أوجدت لنفسها ذراعاً طولى عبر حزب الله, الممثل لسيساتها الخارجيه والراعي الرسمي العسكري لمواقفها في المنطقه وفي عقودٍ سابقه وحالياً أيضاً إسرائيل وعملائها.
لو تساؤلتم معي, كيف يكون لجيش الدولة هيبه في ظل وجود أكثر من طرف, بعضه مسلح بشكلٍ أقوى من الجيش؟, وكيف يكون للجيش سلطه على الواقع الأمني إن كانت رداة فعله محسومه مسبقاً بالحياد ومحاولة فض الإشتباك!
الجيش في كل دول العالم ليس بلجنة الحكماء ولا هو حيادي تجاه أمن الوطن, هو عصا غليظه لكل من عصا وتجبر, لكل من "فرد عضلاته" على حساب الأخر, لكل من يهدد السلم الأهلي والإستقرار, لا كبيرعليه, وإنما يصغر الكبار له. بياناته لا تحمل عباراة الرجاء, فزمنها قد ولى, بل هي تحذير نهائي, يليه عمل كل ما يلزم لحفظ الأمن وكفى.
ما معنى أن يقتل العديد في الأراضي اللبنانيه وخصوصاً طرابلس؟ وما معنى أن يكون سكان أحد أحيائها شوكةً في عنق الأخر؟, كيف سمح الساسه في لبنان والمفترض أنهم حكماؤها منذ البدايه لدول خارجيه لا تربطها ببعضهم إلا أخوة المذهب بأن يسلحو ويقوو طائفه على حساب الأخرى, حتى تكون ورقةً بيدهم متى احتاجولعبها. كيف يسمح الجيش الوطني اللبناني أن يرى بعينيه الأسلحه مرفوعه بجهتي الشارع الذي يتوسطه دون أن يكسرها في أقل الأحوال أو على الأقل أن يحرك ساكناً!
لم يعد الأمر مقصوراً على الأحزاب, بل دخلت بعض العائلات "على الخط" وهو ما شاهدناه في الفترة الماضيه من استعراض إحداها لجناحها العسكري ومؤتمراتها الصحفيه!
لن يقوم للبنان قائمه ولن تطرد طيور الظلام من ترابه إلا وأولا ًبجيشٍ عربيٍ لبناني ممثل بأساس الوطنيه, مدني الأيديولوجيه, عسكري الهوى, كالأعمى والأصم لايرى الظاهر ولايستمع للأخر بل يعمل لهدفٍ واحد هو استقرار أرضه ونماؤها وسلامة مواطنيه والمحافظة على مكتسباتهم وكسر قدم كل من يتجرأ على لبنان وأرضها ولو بالحديث. في ظل وجوده الموحد القوي لا قوه أوسلاح أو حتى قول يعلو فوق مصلحة الوطن, لا استخبارات إلا ما يتبع له, ولا معسكرات تدريب ومخازن أسلحه إلا مايخصه, فبخلاف ذلك ولمن رغب بوطء قدم غير صالحه, فعليه الهجره لبلد محرضه والإقامة فيها!
نصيحتي للبنان وشعبها أن ينفض من يديه ساسته المخضرمين, وأن يشد على يد جيشه, وأن يعمل لنبذ تقسيمته السياسيه الداخليه القائمه على المحاصصه الحزبيه والطائفيه والمناطقيه, فأوانها قد ولى واستمرارها ضمانة ٌ أكيده لاستمرار مسلسل الفوضى وتبعاته من حالة التشرذم والإنقسام وإعطاء الفرصه للغريب بأن يتحكم في شعبه وأرضه وينقل صراعاته الداخيه وأزماته للأرض اللبنانيه.
تذكروا أن لبنان ليست بمكبٍ للنفايات النوويه وليست ملعب كرة قدم يتنافس فيها الأخرون على الفوز, إنما هي أرض كل البنانيين وجيشه هو حامي حماها وكيانهم

شرف المحاوله

بقلم: عماد أحمد العالم
كتبت بتاريخ 16-10-2012
نشرت في منتدى الحوار والإبداع بتاريخ 19-10-2012

في معمعة الإنجاز غير المسبوق للسيد فيليكس وقفزته الشهيره, تملك عقلي فكرةٌ تتمحور حولنا نحن بني البشر, ومدى قدراتنا وما وصلنا له من تطور ٍ وتقدم لا زلنا نسعى للمزيد منه. ولكن, لن نصل لدرجة الكمال مهما بلغت قوانا وقدراتنا العقليه والذهنيه وإنجازاتنا العلميه والأدبيه والصناعيه والفضائيه والطبيه والتكنولوجيه.
لو طور العلماء والباحثين عقاراً أو وسيلةً جديده لعلاج يقضي على السرطان وأخر شافيا ًمن الأيدز وثالث لمرض الزهايمر واخريمنح أكسير الحياه والعمر الطويل والقائمة تطول, إلا أن ذلك لا يمنع أن نبتلى بأمراض ٍ أخرى تبقي معامل الأبحاث لاهثة ً لأيجاد الحلول لها, مهما حاول بني البشر,فلن يستطيعوا منع قضاء الله العلي القدير ولا تأخيره, فإن شاء سبحانه وتعالى أن يهلكهم بكوارث تحصد الملايين منهم, فليس ذلك على الله ببعيد. هي معادلة ٌ إلالهيه لن نقدر حلها بضغفنا كعبيد ٍ للخالق العظيم جل جلاله, فإن منحنا سبحانه عقلاً لنحيا به ونطور من حياتنا, فلن يعني ذلك بأي الأحوال أننا ملكنا الكون وحللنا أسراره, فالسلسله متواصله حتى لو قطع جزء ٌ منها فهي قادرة ٌ على أن تكتمل وتجمع أوصالها وتواصل.
قدراتنا محدوده وإن بدت شبه كامله وخارقه لأهل القرون الوسطى, فهي محصلة ٌ لعقل ٍ ادمي محدود القدرات رغما ً عن إنجازاته وصعوبة غور أجزائه, ومع ذلك لن نتمكن يوماً من الكمال ولا حتى السير بمحاذاته, ولن نقدر أن نجد حلولا ً لمشاكلنا المتعاقبه المتوارثه أيا ً كانت, ولكن يكفينا  إن حاولنا ولم ننجح شرف المحاوله, وهذا بالضبط ما ناله "فيليكس"

 

المصدر: http://www.menber-alionline.info/forum.php?action=view&id=13490&cat_id=37

لبنان ومسلسل الإغتيالات

بقلم: عماد أحمد العالم
كتبت بتاريخ 20-10-2012
نشرت في بوابة الشرق القطريه بتاريخ 22-10-2012
نشرت في جريدة اللواء اللبنانيه بتاريخ 01-11-2012 

 

زيارتي الأخيره للبنان كانت في أوائل العام ٢٠٠٥ وخروجي منها كان بأيامٍ قلائل قبيل اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الشهيد رفيق الحريري، حتى أن آخر عشاءٍ لي في زيارتي تلك للبنان كانت في الفندق الذي غير بعيدٍ عنه جرى التفجير الإرهابي.
لا أنكركم القول وليس بسرٍ أني محظوظ بعدم تواجدي ذلك الوقت في بيروت وإلا لظهرت صوري وأنا أتناول عشائي البحري في الفندق البيروتي الساحر، ولكنت موضع تساؤلٍ لتواجدي في المكان أياماً قليله قبل المأساه، لأنني من أحد الجنسيات العربية المغضوب عليها التي طالما وجهت لها أصابع الإتهام في كل " مصيبةٍ " تحصل، مع العلم أنكم لو راجعتم تاريخ أفرادها السابق لوجدتم أنهم الأهدأ عربياً.
المهم وحتى لا يتحول الحديث هنا ليكون عن نشاطاتي السياحيه، أود القول أن تلك الحادثه البربريه التي أوقعت الحريري شهيداً، كانت بداية ً فعلية ً لمسلسل الإغتيالات السياسيه في لبنان، دون أن ننسى أنها بدأت بالمحاوله الفاشله لاغتيال النائب السابق عن الحزب التقدمي الإشتراكي مروان حماده والتي نجى منها بأعجوبه العام 2004 وراح ضحيتها حارسه الشخصي.
مربع إغتيالات العام ٢٠٠٥ وما تلاه حتى العام ٢٠١٢ كان دموياً وشهد تصفيةً جسديه لرموزٍ لبنانيه الأغلبية العظمى منها كانت من معارضي ومنتقدي النظام البعثي السوري. عدا إيلي حبيقه ( وهو من الموالين لنظام دمشق).  شملت الإغتيالات على التوالي كلاً من: إغتيال رفيق الحريري وسبعةً من مرافقيه بالإضافة إلى النائب باسل فليحان. في حزيران من نفس العام تم إغتيال الصحفي سمير قصير ورئيس الحزب الشوعي اللبناني جورج حاوي. في تموز وأيلول من نفس العام, نجا وزير الدفاع اللبناني السابق الياس المر والصحفيه مي شدياق من محاولتي إغتيالٍ إستهدفتهما. في أواخر العام نفسه وتحديداً في ديسمبر، أغتيل الصحفي المناهض لسوريا جبران تويني.
كما شهد العام ٢٠٠٦ جريمتي إغتيالٍ نجى من أولاها المقدم سمير شحاده ( مساعد رئيس فرع المعلومات وأحد المحققين في جريمة إغتيال الحريري)، وقضى في الأخرى النائب والوزير بيار الجميل ( نجل الرئيس السابق أمين الجميل). العام ٢٠٠٧ شهد ثلاث اغتيالاتٍ راح ضحيتها النائبين وليد عيدو وانطوان غانم والعميد فرنسوا الحاج ( مدير العمليات في الجيش اللبناني).
في السنة التاليه وتحديداً في كانون الثاني وأيلول ٢٠٠٨ تم اغتيال كلاً من الرائد وسام عيد والقيادي في الحزب الديموقراطي صالح العريضي. عامنا الحالي أستهل بمحاولة اغتيالٍ فاشله لرئيس حزب القوات اللبنانيه سمير جعجع، وآخرى قبل أيام استهدفت العميد وسام الحسن رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني، الذي فجر في الأيام المنصرمه فضيحة النائب والوزير السابق ميشال سماحه وشريكه علي مملوك رئيس مكتب الأمن القومي السوري في مؤامرةٍ تحدثت عنها وسائل الأعلام وكان الغرض منها إحداث حالةٍ من البلبله الأمنيه ونشر أجواء الرعب في الأطراف المناوئة لسوريا عبر سلسلةٍ من الإغتيالات والتفجيرات الهدف منها إشراك الساحه اللبنانيه في الصراع الداخلي السوري وإعادة اللعب بالأوراق عبر تقسيم المجتمع اللبناني وإدراجه في خضم الحرب الجاريه. فبعد أن دخل حزب الله "على الخط "بإعلانه  التأييد لنظام بشار، عمل على فرض عضلاته وأرسل طائرةً إيرانيه بدون طيار للأراضي الإسرائيليه أسقطت حال دخولها. وكأن إيران هي الأخرى توصل رسالةً للعالم أن يدها المذهبيه الطويله قادره على إشعال فتيل الحرب بكافة الجبهات، فبعد أن فشلت مؤامراتها في البحرين والسعوديه، ها هي الآن تلوح تارةً بورقة حزب الله وإسرائيل وأخرى بإغلاق مضيق هرمز وبالجزر الإماراتيه الثلاث المحتله من قبل نظامها.
المحبط في الواقع اللبناني والمحزن، أن لبنان هي ثاني دوله عربيه تنال استقلالها عن الإنتداب الفرنسي في العام ١٩٤٣ ميلادي، لكنها الأكثر مأساةً عربياً منذ استقلالها (بعد فلسطين المحتله) من حيث عدم الإستقرار والقلاقل والحرب الأهليه الطائفيه والإغتيالات ونفوذ اجهزة المخابرات في العالم، لا تكاد تتخلص من إحدى قوى الظلام لتبتلى بأخرى، فالنظام السوري وبحجة الحفاظ على السلم الأهلي، جثم على صدور اللبنانيين أكثر من ثلاثين عاماً، خرج منها كجيشٍ أخيراً العام ٢٠٠٥ عقب صدور القرار الأممي ذو الصله رقم "١٥٥٩"، لكنة فعلياً لم يتركها ككيانٍ يتمثل بحكومة الظل وأحزاب وأفراد وموالين تكاثرو طوال فترة تواجده في الأراضي اللبنانيه, فسوريا عادت بلا استثناء جميع الفصائل اللبنانيه وتحالفت معها في أوقاتٍ وظروفٍ مختلفه, وما زالت تمسك بأوراق الداخل عبر شبكتها السياسيه والعسكريه المتأصله والمستوطنه.
لا شك أن قوى 14 اذار فقدت في العميد وسام الحسن شخصيةً مواليةً لها هي أقرب للحياد والوطنيه منها للتعصب والمذهبيه المتجذره في المشهد اللبناني, لكن استهداف الحسن لن يكون نهاية حقبه أو نذير شؤم لقوى التحرر وإنما فال سوءٍ لمن خطط لهذه الجريمه, فسينقلب السحر على الساحر والخاسر هذه المره هو من ظن أنه قادر على إشعال الساحه اللبنانيه مجدداًعبر مسلسل الإغتيالات.
المطلوب الان في لبنان هو تشكيل حكومه وطنيه "ذات سياده" وإتقاذٍ وطني  لا يراعى في تكوينها الحضور الحزبي والمذهبي وإنما الوطني الصرف والقادرعلى إعادة هيبة الدوله وفرض وجودها رغماً عن كل المليشيات والأحزاب, لتكون لبنان صاحبة قرارها وللبنانيين فقط.

 

المصدر - بوابة الشرق القطريه: http://userarticles.al-sharq.com/ArticlesDetails.aspx?AID=13544

المصدر - جريدة اللواء اللبنانيه: http://aliwaa.com.lb/Article.aspx?ArticleId=142845

قنابل ذكيه

بقلم: عماد أحمد العالم
كتبت بتاريخ 16-10- 2012
نشرت في موقع كتاب من أجل الحريه بتاريخ: 18-10-2012
نشرت في صحيفة الوطن البحرينيه بتاريخ: 31-10-2012
نشرت في جريدة بوابة الشرق القطريه بتاريخ: 22-01-2013


ظن بعض البشر أو جزءٌ من الأمم حماقة ً أنه الأعظم والأقوى بما يمتلك من تطورٍ وتكنولوجيا في شتى المجالات والعلوم, فهو كما يرى نفسه,الأقوى بترسانته العسكرية العتيده, المتطوره والقادره على الذود عن أرضه وحماية سمائه من أي عدوانٍ خارجي.  جبروته الحربي العامل المؤثر في تنفيذ سياساته والمستقوي على الأخر, فارضاً عليه الإذعان والسمع والطاعه دونما أي اعتراضٍ أو شكوى.
في زمننا تحولت المعادله لجمل ٍ ذو سنام ٍ واحد ٍ يعتليه العام سام, بعد أن فتت القطب الأخر الإتحاد السوفيتي العتيد وأنها الحرب البارده لصالحه.
في ظل هذا الفراغ ولقوة ٍ عظمى اعتادة وتمرست في صنع الأعداء بدعمهم وسقي نار تطرفهم, فتركهم ليكبروا فيعادوها فتنتفظ لحربٍ جديدة لها معهم. يبدء إقتصادها الحربي بضخ الأموال لتحديث أجهزتها العسكريه وصنع الأكثر تطوراً أملاً بخسائرٍ أقل ونتيجه سريعه وفعاله. أنتجوا القنبله الذكيه والصاروخ "العبقري" المعروف "بفريد زمانه", زودوهما بتقنيات ٍ متطوره قادره على اختراق الحصون بأنظمه ذكيه شديدة الدقه وموجهه عن بعد, حتى لا ينال مطلقها من بلائها نصيب. مغسولة "الدماغ" وموجهه, عمياء لا ترى الهدف ولا الضحيه, ولكن لأن صناعها من بني البشر, يتمردان على عرابهما ويوجهان نفسيهما ذاتياً صوب هدف ٍ خاطئ. المحصله كارث إنسانيه ومأساه ظننت أن لن يكون لها مكان في قرننا الواحد والعشرين.
غباء الصاروخ واستهتاره إن حدث, قد يحرج مطلقه إن كانت إصابته لقوى صديقه, أو متمدنه, أو غنيه, أوبكل وضوح من العالم الأول, حينها, يكون المصاب جلل, والضحايا للأسف نتيجة نيران ٍ صديقه. أما إن كان الضحيه أحد الشعوب التي مزقتها الحروب والنزاعات, فلا تحزاً "يا صاروخي العزيز" فهولاء القوم ميتين بكل الأحوال, إن لم يكن بقوة دمارك, فبالجوع أو الفقر أو تصحر أو جفاف أو صقيع برد.
لذا لا أعجب وأنا أسمع كل يوم عن صواريخ" ظن أنها ذكيه" ضلت طريقها فقتلت العشرات من الأبرياء ودمرت المنازل والمدارس والمستشفيات. لن يعلم بالواقعه أحد إلا إن صادف وقوعها تواجد صحفيٍ حرٍ شريف نقل لنا وللعالم الصوره. إن ارتأى القوي حينها وأد ضحيته فكما يقول المثل "لا من شاف ولا من دري". في النهايه سيكافأ الطيار وسيعطى الصاروخ المفجوع فرصة ً أخرى لإثبات نفسه ويقال في الإعلام المضلل أن القتلى إرهابيون متنكرون بلباس الأطفال والشيوخ, فتنسى من ثم القضيه حتى تفاجئنا قنبلة ٌ أخرى ذكيه بأن تضل طريقها وبعده حتماً للحديث بقيه.

 

المصدر - كتاب من أجل الحريه: http://www.iwffo.org/index.php?option=com_content&view=article&id=59927:2012-10-19-01-22-57&catid=1:2009-05-11-20-40-15&Itemid=2

 المصدر -  صحيفة الوطن البحرينيه: http://www.alwatannews.net/ViewMinbarak.aspx?ID=1IwgkiA1uyDSR8MdiLD4iQ933339933339

المصدر- جريدة بوابة الشرق القطريه: http://userarticles.al-sharq.com/ArticlesDetails.aspx?AID=14303

 

الصبر والسنين العجاف

بقلم: عماد أحمد العالم
كتبت بتاريخ 14-10-2012
نشرت في موقع كتاب من أجل الحريه  16-10-2012

 

كثيرا ًما نتطرق إلى الظلم الذي يحصل لنا من الولايات المتحده, وكثيراً ما نغضب ونحزن ونتظاهر لأنها قلبت كل الأعراف الدوليه والنظريات الرياضيه بانحيازها الكامل لإسرائيل ب ثلاثمائه وستين درجة ً دون إعطاء حلفائها العرب الأغنياء ولو حتى درجه. أفنينا ساعات العمر في التنظير والحوار والبحث عن حلول أو ببساطه إيجاد مكمن العلل في المشكله, فلم نجد للأسف مشكلة ً في الأساس, فأقنعنا أنفسنا واقتعنا وصدقنا كذبتنا, وعملنا على نشرها بين الشعوب وفي العالم أجمع, حتى بات العالم نفسه مقتنعاً بما كذبنا به عليه وعلى أنفسنا.
لطالما رددنا أن إسرائيل هي الطفل المدلل لأمريكا, ساعدت على صنعها للحفاظ على مصالحها في المنطقه وتسييرها وفق أهوائها, كما لتحافظ أيضاً على موازين القوى وصد النزعات القوميه والفكريه والثقافيه والثوريه, كما فعلت مع سابقتها الشوعيه والإشتراكيه إبان الحرب البارده وبعد انهيار الإنحاد السوفيتي العتيد.
رددنا دوماً أن إسرائيل هي سرطانٌ في جسم الوطن العربي لا بد من إقتلاعه, فتباكينا لاحقاً أنه تفشى في الجسد كله, ولا علاج له إلا باستخدام "الكيماوي", فدفعنا الأموال للعقول الذكيه ولأدمغة أصدقائنا الجدد لإنتاج دوائها السحري, فما كان منا بعد أن حصلنا عليه أن جربناه على أنفسنا, فتأكدنا من نجاعته, فما كان ممن إستأمناهم عليه أن حرمونا منه.
أنفقت أمتنا المليارات على تمهيد الطرق ورصفها لتظهر بالمظهر الحسن, شيدنا الفنادق الفرهة وزيناها لتكون متعة ً للناظر والمقيم من ضيوفنا الغرب الكرام. إستقبلناهم لنشرح لهم حال قدسنا وكرامة أرضنا المهدوره, فأغرقونا ضيوفنا بالوعود والإستنكاروبرقيات الشجب العتيده, ففرحنا بها وطبلنا لها لأننا رضعنا الشجب والإستنكار مزيجا ً مع ما رضعناه من حليب أمهاتنا, أقنعنا أنفسنا " بأن رائحة البر ولا عدمه " وأن بعد الصبر فرجا ً, فما كان منا أن إنتظرنا الفرج عقودا ً ولم يفرج أمرنا بعد حتى أصابتنا النكبه, فتلتها النكسه, وبعدهما التشريد فحللنا ضيوفاً على إخوة الدم والعرق وانتظرنا نصراً مؤزرا ً فاستعبدنا حتى كانت إنتفاضتنا, فكانت الحجاره والمقلاع أسلحتنا " الغير تقليديه ", دام هياجنا سبعاً عجاف, وإذا بفيالق النصر تلوح في االأفق, فظننا أن العودة حانت وان الأوان لشد الرحال, فاستيقظ حلمنا على أثر الصفعة على وجوهنا, فاستفقنا من غفوتنا مصدومين مشتتين مججداً, وكي لا نفقد صبرنا, حضرنا أنفسنا لسبع ٍ أخرى عجاف, فما نلنا بعدها ما أردنا ولا تحقق حلمنا. كل رجائنا أن يرق الحصاد لحالنا, فيعطينا بعضا ً من ثماره لتسد جوعنا وتلهم صبرنا, فما زال لنا منه بقيه قد تكفينا لإستعادة قوتنا وإشعال نار ثورتنا واستعادة قدسنا.

 

المصدر: http://www.iwffo.org/index.php?option=com_content&view=article&id=59834:2012-10-16-14-39-22&catid=1:2009-05-11-20-40-15&Itemid=2

دموع القاده وأشجان الساسه

بقلم: عماد أحمد العالم
كتبت بتاريخ: 15-10-2012
نشرت في منتدى الحوار والإبداع بتاريخ 20-10-2012
نشرت في موقع مقالاتي بتاريخ 20-10-2012


دموعي ودموع قيس ابن الملوح على ليلى وأطلال ليلى ليست بأيٍ من الأحوال أغلى من دموع بعض القاده  وكبار رجالات الساسه وعلية القوم من أصحاب الحسابات المتخمه. هي بالنسبة لنا (الدموع) تمثل إما حدثاً أو موقفاً كان مسببا ً لها أن تنهمرأو ربما ذكرى حزينه أو سعيده, فالسعادة كما الحزن لهما الحس المرهف المغذي للدمعه.
المهم, للدموع صداها الأغلب وقوتها المؤثره, تجذب الإنتباه حالاً حين يكون باكيها رئيسا ً سواءً كان من العالم المتحضر أو الثالث المتأخر, مع إحترام الفروقات بينهما في السرعه والكثافه والتوقيت, وهو ما سنتحدث عنه لاحقاً, لأنني الأن قد تناسيت دموعي البريئه وأنا أتذكر ذكرى دموع رئيس الوزراء اللبنابي إبان الهجوم الإسرائيلي العام 2008 على لبنان, ودموع جورج بوش الأب إبان انتهاء فترة حكمه الأولى في مقابلةٍ صحفيه. كما يحضرني بكاء الرئيس مرسي في الحرم المكي الشريف حين سماعه لأية ٍ عكست واقع حاله من نزيل زنزانة إلى رئيس دوله, و دموع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في سنة 2003 بعد كارثة الحر الشديده التي ضربت البلاد في ذاك العام. توني بلير دمعت عيناه بعد أن لقب بالكاذب من قبل شعبه وأثناء إستجوابه من قبل الخبير البريطاني ديفيد كيلي بشأن الأسلحه الكيماويه. "كما يقال" أن الرئيس متجدد الظهور فلاديمير بوتين قد بكى حزنا ً على قتلى بلاده في حرب الشيشان. القائمه ليست من الطول بحيث ألا يمكنني سردها, لكنني اكتفيت من دموعهم لأشرح لكم مشاعري المتواضعه تجاهها.
صناع القرار في عالمنا المتأخر وعالمهم المتقدم تشاركوا بعض الصفات حين نتحدث عن الدموع, فهم نجوم تذاكر برعوا في فن التمثيل وأتقنوه, أقنعوا الجماهير بصدقهم وأجادوا الظهور أمامهم في حملاتهم الإنتخابيه, وفي موقع السلطه والمعارضه, دائماً ما أعطونا انطباعاً بأنهم يمثلون الشخص المناسب في المكان المناسب. يسهل عليهم دوما ًلبس قناع البراءه والتظاهر بالعواطف الجياشه واعتصار الألم .
أما فيما يخص المرشح بناخبيه فصلتهم ما زالت قائمه حتى انتخابه, فإن كان من "ربعنا" فلهم القبلات حتى يحين موعد إنتخابه. أما إن كان من قوى الحاضر المتمدن فإعادة انتخابه تمر عبر ما قدم لناخبيه. كلا الطرفين علاقتهم بالدموع واحده حتى وإن لم أصدقها فعواطف شعوبنا المرهفه قد صدقتها مراراً وستصدقها تكراراً.
ولكم مني أحلى تحيه بدون دموع.

 
 

المصدر - منبر الحوار والإبداع: http://www.menber-alionline.info/forum.php?action=view&id=13496&cat_id=37

المصدر - موقع مقالاتي: http://www.maqalaty.com/%D8%AF%D9%85%D9%88%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%AF%D9%87-%D9%88%D8%A3%D8%B4%D8%AC%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%B3%D9%87-23548

 

وحشٌ إسمه "العنصريه"

بقلم: عماد أحمد العالم
كتبت بتاريخ: 11-10-2012  

نشرت في موقع مقالاتي بتاريخ: 15-10-2012
نشرت في منبر الحوار والإبداع بتاريخ: 28-10-2012
نشرت بثلاث أجزاء في جريدة بوابة الشرق القطريه

في داخل كل ٍ منا وحشٌ صغير إسمه العنصريه, ينمو ويكبر حسب نوعية غذائه وطرق تربيته, هو بعكس طبيعة تكوين أجسادنا لا يحتاج لوجباتٍ ثلاث ولا للتحليه ولا يؤثربه الروجيم ولا الدايت, مقومات نمائه وترعرعه لا تراعي مخافة الله ولا الضمير الإنساني, يعززها إعتدادٌ أهوج بالذات وشعورٌ بطبقية ٍ زائفه وفوقية ٍ مصطنعه طبل لها من في أنفسهم شعورٌ بالأفضليه والتفوق العرقي والطبقي والإجتماعي والتعليمي والمادي.
لم يعُرف للعنصرية تاريخ نشأه ولا ازدهار, فهي من القدم أن واكبت الخلق وازدهرت في كل زمانٍ ومكان ٍ تواجدت فيه, حرمتها بعض الأديان ونهت عنها وحذرت منها فيما أكدتها أخرى ودعت لها باسم الدين واعتبرت إتباعها جزء ًمن العقيده ومع ذلك تشدق بها الكثره.
 لم تُعرف العنصريه والطبقيه  بعرق ٍ بذاته ووصفها يحتمل العديد من التأويلات ويدخل فيه الكثير من المسميات والتصرفات, العامل المشترك فيها جميعا ًأنها نمت وتواجدت في كل المجتمعات والشعوب والطوائف والقبائل.
إن ذهبنا شمالاً وجدنا أوروبا والأمريكيتان وبالذات الشمالية منها قد إستعبدت سكان البلاد الأصليين وطهرتهم عرقياً عبر إبادةٍ ممنهجه ومقننه, فبعد أن كانت أعدادهم تتجاوز العشرة ملايين نسمه في القرن الخامس عشر الميلادي, أصبحت في منتصف القرن التاسع عشر لا تتجاوز الثلاثمائة ألف نسمه حسب إحصائيةٍ رسميه صادره عن الأمم المتحده.
أوروبا من قبلهم أطرت العنصريه ب
مرسومان باباويان في القرن الخامس عشر الميلادي, أولاهما المرسوم الكنسي المعروف ب Romanus Pontifex”" الذي أصدره البابا نيكولاس الخامس إلى الملك ألفونسو الخامس ملك البرتغال عام 1452والذي أعلن فيه الحرب على كل من هو غير مسيحي في أنحاء العالم وأجاز وشجع إستغلال الدول"غير المسيحيه" واستباحة أراضيها وشعوبها واستعمارهم ونهب ثرواتهم. أما المرسوم البابوي الثاني والمسمى "Inter Caetera"
الذي أصدره الباب اليكساندر السادس في عام 1493 لملك اسبانيا وملكتها ، فهو الذي أنشأ السلطان المسيحي على العالم الجديد عبر دعوته إلى إخضاع السكان الأصليين وأراضيهم، وتقسيم الأراضي المكتشفة في وقته واللتي لم تكتشف بعدإلى قسمين مشاطرة ً  بين إسبانيا والبرتغال.
إذا ً مدنية القاره العجوز في الحاضر قد قامت بشهادة التاريخ على دماء الشعوب وثرواتهم واستعمارهم واستعبادهم عبر إجازة الكنيسه لذلك بل والتشجيع عليه, وهوما مهد فيما بعد للقوانين الوضعيه ذات الصبغه الدوليه القانونيه, والتي أجازت لأوروبا إستغلال اسيا وأمريكا اللاتينيه وخصوصاً أفريقيا.
واقع الحال لا يختلف كثيراً في أمريكا الشماليه سواءً من الولايات المتحده أو كندا الحاضر التي تعد واحة ً للحريات وحقوق الإنسان, لكنها في الماضي قننة العنصريه, وأوجدت قوانيناً أتاحت للسطات بإرسال أبناء السكان الأصليين إلى مدارس داخليه لا يحق لهم فيها الإتصال بذويهم, ويعمل من فيها على غسل أدمغة الجيل الناشئ من السكان الأصليين وتنسيتهم لغتهم وعاداتهم وكل ما يختلف مع قيم المستعمر الجديد.
في الولايات المتحده, تعتبر العنصريه والتطهير العرقي والتفرقه والإستعباد جزءً لا ينسى من تاريخها حتى لو بالغ قانونيها وصناع قرارها في إرضاء الأقليات عبر سن القوانين التي تحفظ حقوقهم وتعاقب كل من يتهم بالتفرقه العرقيه والإثنيه. لقد بلغت المبالغه لديهم حدا ًمزعجاً ولكنه محاولة ٌ منهم لطي صفحة ماضٍ عنصري ٍ بغيض أحل لهم كل المنكرات وتمادى في الطغيان والتفرقه على أساس لون البشره لدرجة أن الملونين لم يكن لهم الحق بالأكل في مطاعم البيض ولا الجلوس على نفس موائدهم ولا إستخدام وسائل النقل ولا التعليم, حتى الكنائس كانت جزءً من عزلهم, فلم يكن له الحق بالتعبد بنفس دور العباده.
لكم أن تتخيلو حجم الظلم والإضطهاد الذي تعرض له السود في أمريكيا عبر مشاهدة فيلم هولووودي إسمه "رووز وود" ويسرد قصة تعرض السود فيها لحملة تطهيرٍ عرقي على يد سكانها البيض وأغلبهم ممن ترعرعوا سويةً.

لن أصب جام قلمي على الغرب فقط, فلنا نحن أهل الشرق نصيبٌ من القمع والإضطهاد والعنصريه المقيته مارسناها على بعضنا البعض بشتى الأشكال وبحججٍ واهيه ومنطقٍ لا يحمل من المنطق سوى اسمه, فتارةً باسم الأصل والفصل والمدنيه وأخرى بالقبليه والعائله والباديه والمدينه والنسب والطبقه والمستوى الإجتماعي والمادي والتعليمي. حجج واهيه ومؤطره بالباطل ولكنا أقنعنا أنفسنا بها لنختلف عن الأخرونكون مميزين.
المتابع لمجتمعاتنا العربيه يجد فيها الأن ما تاب عنه الغرب وأقلع, أما نحن فمتمسكون بها لأن من هو منا قد أقنعنا جدلاً أن الناس طبقات,وأن المقامات هي مقياس مكانتك الإجتماعيه.
لا أقصد أبداً أن ألغي الحواجز والحدود والمفهوم المتبادل للتوافق, ولكن نقدي لما تفشى بيننا من عنجهيه وغرور واستخفاف بالاخر وعنصريه وتكبر وتجبر تتسم به المجتمعات العربيه المترفه والغنيه على حساب أخواتها الأقل حظوه ورفاه. تناسينا أن الأيام دول, ولو دامت لغيرك ما أتت لك, تناسينا أننا حكمنا الأندلس أكثر من سبعة قرون ومن ثم حينما ذهبت أخلاقنا خسرناها.
المتتبع ليوميات الحوار العربي والمفردات المستخدمه في حديث العامه (والخاصه) يجد أننا إبتكرنا واخترعنا طرقاً للتتعبير تعدت كونها للإحترام أو تقدير المقام لتكون نوعاً بغيضاً من النفاق والتزلف والتذلل, مخاطبتنا لبعضنا أصبحت طبقيه, ننادي الاخر بما تحصل عليه من مكانةٍ إجتماعيه أو درجاتٍ علميه, فالطبيب دكتور والضابط حضره, والوزير معالي, والمدير سياده, والشيخ مخصصه لرجل الدين أو الثراء,,,,,,الأمثله كثيره ولست بصدد تعدادها هنا ولا الإنقاص مجدداً من شأن الأخر أو المجتهد.
 بيت القصيد أننا تحولنا من أمةً تأسس الإحترام المتبادل إلى مجتمعاتٍ مريضه بعقدة الأنا, وبالدخل والمكتسبات الماديه, تعاير بعضها بعضاً لما لها من حضوةٍ وامتيازوترى في نفسهاالفوقيه وفي الأخرى الدونيه, متناسية ً قول العلي الكريم "إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
هي دعوةٌ لأشقاء الدين والدم أن نؤسس مجتمعاً مسلماً عربياً توافقي وأن ننبذ العنصريه وإن لم يكن بأنفسنا, فبالأجيال القادمه, لنزرع فيهم إحترام الأخر كإنسان قد يكون الأقل حظوةً الان ولكن مسقبلاً قد نكون مكانه, لنعلمهم أننا لن نستعبد الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً, لنعودهم ألا فضل لنا على الأخر إلا بما كرمنا الله سبحانه وتعالى فيه.
وللحديث بقيه 


المصدر - موقع مقالاتي: http://www.maqalaty.com/-%D9%88%D8%AD%D8%B4%D9%8C-%D8%A5%D8%B3%D9%85%D9%87----%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%87---23169

المصدر - منتدى الحوار والإبداع: http://www.menber-alionline.info/forum.php?action=view&id=13520

السياسه وفن الكذب والمراوغه

السياسه وفن الكذب والمراوغه

بقلم: عماد أحمد العالم

11-10-2012
نشرت بموقع مقالاتي بتاريخ: 11-10-2012


أول درس يتعلمه السياسي المبتدىء من نظيره المخضرم هو ألايكون صريحا مباشرا طيب القلب وواضحا ذو عواطف جياشه بدموعهاالمستفزه وأحاسيسها المرهفه, فتلك ليست بالأسلحة المفضله ولا الفعاله لكسب مصداقية القول لدى المتلقي (عدا العامه من المتأثرين بالدموع).
التفاعل الجماهيري وقتي المحصله لا يدوم ولا يستقر, بل يتذبذب بين رأي الأغلبيه تجاه القناعه العامه حيال أمرما وإرضاء فئة قليله نسبيا ًذات نفوذ مؤثر على رأي الأغلبيه بإمكاناته السلطويه والماديه والإعلاميه. لذا يكون السياسي قد خسر وأخطأ إن أرضى أياً من الطرفين على حساب الاخر. من هنا تكمن البراعه والقدرة على المراوغه في عدم إعطاء الجواب الواضح تحسبا ً لتقلبات الأجواء المستقبليه.
يكمن إبداع السياسي في ضبابيته أحياناً في الرد على الموقف وبجعل التصريح عائماً يمكن فهمه على أكثر من وجه, لا يشفي غليلاً لكيلا يرضي أياً من الأطراف على حساب الاخر, ويجد لنفسه مخرجاً إن إنقلبت الأوضاع أو إستقرت, فإن خرجت عباره غير مسؤوله أغضبت الرأي العام وأثارت ضجه, ألقي بالائمة على أن ما قيل أسيأ تفسيره أو ترجمته أو فهمه.
تبقى الخبره والحنكه والقدرة على إمتصاص ردة الفعل العامل الفاعل في تهدأة الأجواء, فالإعتذار هو الحل الأمثل لتهدئة الغاضبين وترطيب الأجواء وجملة " أنتم فهمتوني غلط" قد يكون لها سحر المسكن الذي قد لا يجدي نفعاً في بعض الأزمات, فلو تفاقم الأمروانفجر, فلا بد حينها من "كبش الفداء" حتى ولو كان من القامات العليا, وغالباً ما يحدث هذا فيمن دأبنا على وصفهم بالغرب المتحضر, أما دول العالم الثالث والديكتاتوريات الثوريه, فيختلف فيها التكنيك والأسلوب متنوعاً بين تلفيق التهم والأدله وحلف الأيمان والبراءة المصطنعه والطيبة الكاذبه.
إذاً نتفق إذا قلنا أن بعض مسؤولي الإعلام والعلاقات العامه في الدول الديكتاتوريه القامعة لشعوبها والمنتهكة للحريات ليسو إلا .............

ولكم مني أجمل تحيه

 

المصدر- موقع مقالاتي: http://www.maqalaty.com/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%87-%D9%88%D9%81%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B0%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%88%D8%BA%D9%87-22878

 

الإعلام الترفيهي

بقلم: عماد أحمد العالم

كتبت في 29-09-2012

نشرت في موقع مقالاتي بتاريخ 24-10-2012

ظاهرة الإعلام الترفيهي أو ما يعرف "بالإنفوتاينمنت" هي أحدث صرعات تخبط الإعلام الغربي ليسد بها فراغاً إعتراه بعد أحداثٍ عصابٍ عصفت به وبالعالم أجمع إبتداءً بالحرب العالميه الأولى, فالثانية مروراً بالحرب البارده والإنقلابات العربيه والإفريقيه وما حملته من حكمٍ وهميٍ للشعب وثوراتٍ على الورق وصولاً لديكتاتوريات أمريكا اللاتينيه.

الإعلام الترفيهي هو المنمط لإستمرارية جذب المشاهد أياً كان الحدث بوليسياً أو ثقافياً أو حتى فضائحياً "وهو الأكثر رغبةً وجذباً للمشاهده" والذي ما لبث أساتذته بنفخ الروح فيه وتضخيمه وجعله حدثاً شعبياً يستقطب المشاهدين أياً كانت فئاتهم واتجاهاتهم وأهواؤهم, فعناصر التشويق يجب أن تكون متكاملةً به, فالخبر عامل أساسي لإستقطاب ضعاف النفوس , ومكانة الحدث وزمانه وهوية أشخاصه وسيلة ناجحه لتسويقه.

لا أقصد هنا السبق الصحفي ولا النكبات السياسيه وإنما الأحداث المصطنعه, ففضيحة أيران جايت أطاحت برأيسٍ أمريكي أخطأ واعترف بذنبه, وإنما ما أقصد القضايا السطحيه ذات الهاله الإعلاميه المصطنعه كالقصه المعروفه للسيد الرأيس "كلينتون" واللتي أشعلت فتيل عقول الأمريكان وأشغلتهم عن هموم الضرائب والتأمين الصحي والبطاله وأعطت الترفيه الخبري مذاقاً سطحياً للمشاهد حتى وإن كان المعني هنا رأيس القوة العظمى, فديموقراطيتهم ودساتيرهم تسمح بذلك بل وتحميه, حتى وإن إمتدت أثاره لتشويه السمعه وإضاعة أموال دافعي الضرائب للتغطية على معاناة الشعوب.

لقد وجد الأعلام الغربي نفسه مظطراً لإرضاء أذواق مشاهديه حتى وإن كان له ما أراد عبر الإسفاف والتشهير والسطحيه في الراي والإثاره المصطنعه, فزادت تكلفة الإنتاج ووجدة كمحصله بيئه تنافسيه إعلاميه غير شريفه تسعى من خلالها الأقنيه الإعلاميه  لرفع مكانتها والحصول على أعلى نسب المشاهده والمترتب عليها من زيادةٍ في الإعلانات والدخل.

قصص إعلام الغرب الحديث وقدسية التعبير وحرية الكلمه ليست جميعها شياطين مضلله, وإنما لها السبق في العديد من الأحداث ولن أنكر ذلك وإنما المقلق هو ما نراه من إنجرافٍ أعمى مما نراه في إعلامنا العربي المعاصرمن عدوى السوء, اخذة مساؤهم ومؤطرةً لها من باب حرية التعبير والراي وناشرةً لبرامج الإسفاف والنزوات والعاميه وإثارة الغرائز, مستحدثةً بداية أعراض مرض شفي منه مسببوه. 

 

المصدر:  http://www.maqalaty.com/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%81%D9%8A%D9%87%D9%8A-22478

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...