الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

ما فعلته بنا الديموقراطيه!

مقاله تم نشرها في جريدة بوابة الشرق القطريه 03-12-2012

بقلم: عماد أحمد العالم


الساحه أو الميدان ليست مكاناً دوماً للشرفاء، كما أنها لاتعبر أحياناً عن نبض الأغلبيه ولا الضعفاء، فقد تستغلها الأقليه لتكون مسرحاً لاعتراضها وقد تجعل منها الأغلبيه صوتاً لهدير جموعها؛ وفي كلا الحالتين الميدان مشغول من قبل المتظاهرين أياً كانت اتجاهاتهم ومطالبهم، والمتضرر في النهايه بشكلٍ عام الدوله واقتصادها، "ويندب حظه" من كانت شقته مطله على الميدان أو على أيٍ من نقاط التماس؛ فمصدر إزعاجهم لا يقتصر فقط على الهتافات، بل ينالهم جانب وجوانب من الغازات  المسيله للدموع، كما أن موظفو التحرير وتجارها الخاسر الآخر للسلسله اللامتناهيه من الإعتراض والفوضى السياسيه العارمه، وحالة التخبط الديموقراطي لما بعد الثوره، حيث أُشغِلت الأنفس بمالا فائدة منه ولاجدوى من طرحه في المرحله الإنتقاليه، فيما غاب عن طلاب الحريه ما دُفع من ثمنٍ لها!
اتعلمون ما هي أكثر الدول الأوروبيه تظاهراً؟: اليونان، وما أكثرها آسيوياً؟: بنجلاديش، وما أكثرها عربياً؟: مصر......
ثلاثتهم دول تنادي بالديموقراطيه، ولكن لنر ما فعلت بهم؛ في اليونان تفشى الفساد في أغلب أركان الدوله، حتى باتت على حافة الإفلاس ومهدده بالخروج من الإتحاد الأوروبي رغم ضخامة المساعدات الماليه المقدمه لها، لا يكاد يخلو يوم دون مظاهرات واعتصامات واضرابات، تسيرها المؤسسات النقابيه، والتي من المفترض أن تعي أن عدالة المطلب مرتبط بالمرحله وظروفها!
في بنجلاديش دمرت الديموقراطيه الدوله وقسمتها لحزبين تحكمهما امرأتين، أحدهما ابنة رئيسٍ سابق والأخرى زوجة رئيسٍ لاحق. دولتهم تعد الأفقر عالمياً والأكثر فساداً وأقل تعليماً، في المقابل جزء كبير من الشعب مسيس ويعي فيه أكثر من معرفته حروف هجائه!
في مصر ثالث أمثلتي؛ الشعب متعلم ومثقف، لكنه مسير وموجه من قبل إعلام ضال ومضلل ودعاة ثقافه وبعضٍ من المعارضه، استغلت عاطفة شعبها الجياشه، وشوقها للحرية والعداله، فتلاعبت بالحشود وأشبعتها بعبارات  دولة القانون، وقدسية القضاء، والثوره مستمره؛ فتحمس جيل منتفض من الشباب، ولد في زمن الديكتاتوريه، وتنشق الحريه بعد الخامسً والعشرين من يناير، لكنه أخطأ حين ظن أن الديموقراطيه مقدسه، فهي الأخرى من صنع البشر، وليست منزهه عن أن تطوع وتفصل بالمقاس الذي يراه أهل الرأي والإعتراض مناسباً لهم، فأساؤو لها ولهم ولشعبهم، وأظهرو للعالم الآخر وجهاً آخر لتداعيات الحريه، التي لو علم الغرب بأن تطبيقها سيُحدث فوضى لما نراه اليوم في ديموقراطيات الربيع العربي، لدعموها بدلاً من الديكتاتوريه، لأنه اتضح لهم أن ممارسة شعوبنا المتعطشة لها ستكون بها أكثر تبعيه ولهثاً وراء سراب العداله الغائبه، وتأطيراً لفساد القضاة وعمالة الإعلام برداءٍ بالٍ من الشعارات المستهلكه؛ فهل نعي الآن ما فعلته بنا الديموقراطيه، أو ما الصقنا بها جزافاً!


الرابط:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...