الأربعاء، 29 يونيو 2016

إلى السيد عدنان إبراهيم مع التحية

بقلم: عماد أحمد العالم

29-06-2016



لم أُعنون مقالتي هذه " بالصارم المبين ولا السيف الممدود في الرد على عدنان ابراهيم وتفنيد آرائه" ولا "تجميع الردود العلمية الجليّة على شبهات "عدنان إبراهيم" الخفيّة"، فمثل هذه العناوين لم تعد تصلح لزمننا هذا، ولم تعد ذات وقعٍ على عقل المتلقي ليس لأنها ركيكة,  ولكن لأن لكل زمانٍ لغته وبما يتماشى معه، هذا بالإضافة إلى أن الحوار يجب أن يكون وفق منهج المتلقي، وهو الذي لا أُنكر له اطلاعه ومعرفته وبلاغته وإجادته لطريقة الطرح التي اجتذبت العديد، ليس فقط لفصاحته ولكن لتطرقه لما كان في بعضٍ منه من المسلمات التي أُمر للأخذ بها كما هي والعمل دون نقاش، مع تغييبٍ للاختلاف فيها، حتى جاء عدنان ابراهيم كغيره وأعاد طرحها، وهو بما فعل لم يكن الأول ولن يكون الأخير، طالما الاجتهاد في الأحكام الشرعية قائم والإسلام على قدسيته وعظمته وكماله لم يمنع العقل من التفكير ولم يحجر عليه وإن كان حدد المسموح والممنوع والمكروه والمحبذ (وهنا يكمن أحد أسباب الخلاف)!

ابن رشد على سبيل المثال أثيرت عليه في زمنه علامات الاستفهام التي أدت لإحراق كتبه وتضليله، فهذا العالم مزج ما بين الفلسفة التي اتقنها وجعلها وسيلة للشرح والتطرق لبعض الأمور التي رأوا أنها تتعارض مع الدين، ففُسق وزُندق، وكذلك انتُقد ابن سينا والجاحظ والفارابي والعديد غيرهم، بسبب إبدائهم آراءً تتقاطع مع الدين، لكن الحال مع عدنان ابراهيم مختلف نوعاً ما، فهو ليس بالعالم المتخصص بأحد المجالات الطبية او الرياضية أو الفيزيائية، وإنما لنقل باحث بذل مجهودا لا بأس فيه في قراءة الكتب التي وفرت له وفرة في المعلومات بشأن مواضيع بعينها، شهدت اختلافاً بين العلماء وأثارت فضوله، فاعتنق من الرأي ما هو أقرب إلى نفسه، أو ربما أدعى لإثارة الجدل "أياً كان غرضه"، وتحدث بها في العلن، لتلامس على الفور هوى فئةٍ من العرب والمسلمين بمختلف اتجاهاتها، لتلقى قبولاً لديها وحماساً إما مرجعه أنه تحدث في المحظورات والمسلمات التي تربوا عليها والتزموا بها على الأقل ظاهرياً أو مجبرين رغم عدم اقتناعهم بها، واستشعارهم أنها محل خلافٍ ببن الأئمة والعلماء؛ فيما نزل وقع حديثه على الجانب الآخر مُزعجاً لما استخلصوا منه إما بثاً للفتنة أو تطاولاً على الدين ورموزه او ضلالاً وفساداً وإشاعةً للزندقة والأفكار الهدامة!
ما يثيره الرجل دعاني للبحث عنه والاستماع الى محاضراته ولقاءاته العديدة التي في أغلبها ركّز على مواضيع بعينها وتحدث عنها ونظر، واستشهد بما قرأه من مصادر مختلفة مع شرحٍ له مُسهب لوجهة نظره. بعض المواضيع التي تطرق لها هي قنبلة دائمة الانفجار بعلم الجميع وما زالت تُستخدم لزرع الشقاق بين طوائف المسلمين، كحديثه عن معاوية ويزيد، وقذفه للأخير تارة وحتى التلميح بأنه ربما ابن حرام، واتهامات لأبيه صفق لها الشيعة مثلاً لأنها تتطابق مع ما يكنونه من كره للرجلين، فيما طائفة أخرى من المسلمين تتمثل بأهل السنة ترا في معاوية صحابياً جليلاً وأحد كتبت الوحي لا يجوز الإساءة اليه أو الذم فيه، حتى يزيد ورغم ما قيل عنه إلا أن هناك من يُمجده ويروي مآثره.
مجرد تطرق عدنان ابراهيم لهذا الموضوع وتبنيه وجهة نظر تتطابق مع غير طائفته ومجاهرته الرأي أوجد حالة من النقمة عليه  لحديثه في شأنٍ له اكثر من الف وأربعمائة سنة وما زال سبباً في الفرقة والنزاع، الحديث عنه لن يُقدم أو يؤخر، وغير مفيد أبداً، بل ما لاحظته أنه كلما حاول البعض إخماد الفتنة، خرج علينا من يشعلها مجدداً بطرح رأيه في الحسين ويزيد ومعاوية وعلي، كما فعل قبله حسن المالكي وغيره ممن يطلقون على أنفسهم باحثين في التاريخ!
حين يتحدث عدنان ابراهيم عن الموسيقى وبكل أمانة أراه لم يأت بالجديد، فشخصياً أراها أمراً خلافياً أُختلف فيه، وأميل حتى لحلال غير الماجن منها "والله اعلم"، وسبقه حتى الشيخ عادل الكلباني الذي ارتأى حلال الغناء، فتعرض لعاصفة من النقد والتهكم، كانت شأن الاثنين من فئة معينة ترى في الغناء والمعازف حراما حُرمةً مُطلقةً لا شك فيها ولا نقاش وأيا كانت وطنية أو إنسانية أو عاطفية، وتعتبر عقابها عظيماً، ومارست الدعوة المستمرة  لبيان شديد جُرمها وركزت عليها وفي تحريمها ردحا من الزمن، وكانت من الموضوعات الأساسية التي ترتكز عليها دعوة البعض حتى صورت بأنها من عظائم الذنوب، فيما وكل ما فعله "ابراهيم" هو القول أنها حلال وبل غذاء للروح وأحد متع الحياة التي لا بد من التمتع بها، فتلقفها محبوها وعبر وسائل إعلامية لها ثقلها، فروجوا لقوله وكأنه قدم ما لم يجرؤ أحدٌ قبله قوله أو أوضح حقيقةً غائبة، فانتفض التيار المُحرم لها وبدأ النقاش والجدل، وانشغل متابعو السوشيال ميديا بالحديث وتضخيمه، فتارةً يصفه أحدهم بالعلامة المُحدث المعتدل، فيما آخر لا يتردد بإطلاق لقب "زنديق" عليه ودون حتى أن يعرف معناه، فيما آخرون قد أنشأوا "هاشتاج" للدفاع عنه وعرض مقاطع وحوارات له، قابلها آخرون ببيانات طويلة وصفحات تشرح ضلاله وفساده وشيطانيته، وبالطبع هلم جراً إلى معركة من التلاسن والتكفير والسب والمدح لم ولن تنهي بعد، مع أن ما قاله يردده العديد ولكن دون أن يُلتفت اليهم، لكنه نجح من جعل نفسه خلافياً وقادر على إثارة العواصف عقب حديثه في شأن مُكرر ومعروف وخلافي، أو ربما وجد من يدعمه ويبرزه ويستفيد منه في التنفيس عما في نفسه وقوله دون أن يضطر لقول ذلك بنفسه إما لضعف صوته أو خوفه!
مما لاحظته على السيد عدنان هو تضخم الأنا عنده، وشطحات له غير قابله للتصديق كقوله في أحدها أنه وبعمر الحادية عشر أفحم الماركسيين وأخافهم، فيما أسلم العديد على يده وهو مراهق، وكان عُرضة للقتل والاغتيال، وتحدث الجن من قبل معه وطلبوا منه أن يدعو لهم، والقلم الذي تكسر في الحج وعاد لما كان والرسالة التي وصلته من الله عز وجل "تحاشى وتعالى" بأن ماله حلال، هذا عدا عن حادثة المصباح والمال الذي وجد تحت قدمه والعديد من "الخراريف" التي يتحدث عنها ليظهر للناس كراماته التي يريدها أن تجعله من الأولياء والعلماء، الذين لا ارى في شخصه مرشحاً ليكون أحدهم، فلا يكفي أن تكون قارئا ممتازاً ومحدثا لبقاً لتكون عالما، فتلك صفة لا تُدرك إلا بتقديم الجديد الذي لم يُعرف قبله فقدمه واكتشفه، أما التنظير بأمور معروفة لكنها تكتسب أهمية بسبب ما تثيره من شقاق، فلا تحتاج لعلم بمقدار وجود الشخص المناسب وبالوسائل المتاحة الداعمة لإثارتها وخلق جدل لا ينتهي بطرحها.
مع الزوبعة المتعمدة لبرنامج "صحوة" الذي يقدمه أحمد العرفج عبر قناة روتانا ويستضيف فيه عدنان ابراهيم، تتكرر يوميا المجادلات المُختلقة وردود الفعل، التي كان آخرها من هيئة كبار العلماء في السعودية وحذرت فيه من ضلالاته وسبه لبعض الصحابة ونبهت لتضخم "الأنا" عنده وطالبت المختصين بكشفها، في تعليقٍ تمنيت الا يصدر عنها، كيلا نُعطيه أكبر من حجمه، رغم حق الهيئة بذلك كونها أحد أهم المرجعيات الإسلامية التي يتطلع لها ليس فقط السعوديون وإنما مسلمو العالم، فربما بما قالت ارتأت درأ فتنة أو بيان ضلالة، وقد يفعل الأزهر كذلك، لكني من قومٍ يرون أننا أحياناً من نشعل الفتيل عبر تكبير الصغير وجعل الحمقى مشاهير، مع إقراري بأن الأستاذ عدنان ليس بالصغير ولا الأحمق، وإنما دارس وباحث في العلم الشرعي صوّر له هوى نفسه أموراً وجمل له آراءً بشأن مواضيع بعضها جدلي وفيها اختلاف وأخرى لها تبعات طائفية، فتحدث عنها بأسلوبه المنمق دون أي جدوى أو فائدةٍ من طرحها، ودون تقديم الجديد فيها، فلا هو صحح حديثا ورد عن الرسول وتتبع سنده وأبان قوته من ضعفه، ولا هو أتى بالجديد بشأن فتاوى متباينة ولا هو أكد بالحق والصواب مظلومية الحسين وفساد يزيد وطغيان معاوية مثلاً كما تطرق لذلك أكثر من مرة، كما أنه لم يقدم الحل للتطرف عدا عن تكرير تلك الأسطوانة المكررة لاتهام السلفية والوهابية بأنهم نبع التطرف والإرهاب والدعشنة، مخصصا حديثه بطائفةٍ بعينها دون أخرى ترتكب من المجازر ما هو أسوأ من داعش كالحشد الشعبي العراقي والمليشيات الشيعية الطائفية المدعومة من طهران والتي تنشط في العراق وسوريا، وهو بتجاهله يمنح ايران صك البراءة التي قال فيه سابقاً بأنها ومنذ 150سنة لم تشن حربا على العرب ولم تعتدي عليهم وكأنها قوة سلام؛ عوضاً عن تغاضيه لتشكيلها محور الارتكاز للديكتاتورية في سوريا والنظام الطائفي بالعراق والإرهابي الحوثي باليمن، هذا فضلا عن احتلالها منذ العام ١٩٢٥ للأحواز  العربية، وما تلاها من جرائمها المعروفة ووقوفها على سبيل المثال لا الحصر خلف تفجيرات الحرم المكي، واحتلالها للجزر الإماراتية ودعمها لمليشيات الموت في العراق وسوريا ولبنان وووووو!
لا أنكر المعجزات ولا الكرامات، لكني أُشكك أن البعض منها قد تم اختلاقه وتهويله، لكني ودون شك موقن أن كرامات قدوة عدنان ابراهيم كما شخصه هي من محض اختلاقه، فيصعب على التصديق أن الحلقة الأسبوعية للشيخ عبدالقادر الجيلاني التي أشار اليها في أحد أحاديثه؛ تجاوز حضورها المائة الف شخص، كان الجيلاني فيها يُحدثُ الجمهور وهو يجلس في الهواء مرتفعا ومتكلما وسط بكاء الحضور واندهاشهم لهذه المعجزة الحية أمامهم.
أيغال "ابراهيم" في إضفاء القدسية على شخصه مبالغة وصلت لحد "الهبل" الذي ينطلي فقط على "الدراويش والسذج" المؤمنين بالخرافات لا الكرامات، وهي نقطة سوداء في سجله وسيل من الكذبات لا يُمكن تصديقه، رغم أنه وكما يقول من دُعاة تحكيم العقل ومحاربة الكهنوت والتقديس للشخصيات، في تناقض لا اقول بالفاخر، بل عذرا بالسطحي منه وهو يناقض ما يُنظِّر اليه!
السيد عدنان ابراهيم:
الوسطية لا تعني ابدا التشكيك في المسلمات ولا اقول الخلافيات، كما أنها لا تعني اتباع اهواء النفس في تفسير الأحكام، ولا تجعل من نفسها سلاحاً بيد دعوة أو طائفة أو فئة على حساب أُخرى؛ إنما هي تجسيد حقيقي لطبيعة الدين الإسلامي والأمة الإسلامية التي جُعلت وسطاً، أي لا مُفرطة ولا مُتشددة، وحقيقةً لا أرى في عدنان ابراهيم ومن مثله ممثلاً لها، بل أجده خارجاً عنها قد ضل طريقه بعد أن فقد بوصلة الصح والخطأ فيما عليه قوله والبحث فيه وتجنبه، شأنه كمتنطعين متشددين أساءوا للدين بجلافتهم وتصلبهم واتباعهم مبدأ التحريم الدائم والتخويف والترهيب بدلا من موازنته مع الترغيب. جميعهم أعداء للوسطية ومبتدعون كان لهم وما زال أثر لا يُمكن انكاره في حالة الضياع الفكري والتشتت الايديولوجي الذي يُعاني منه جزء لا بأس به، ارتأى أن يكون تابعا لأحد المتضادين دون أن يُحكم عقله ووفق ما أحله له دينه!

سياحتنا غير

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 22-06-2016



تخيلوا لو أن واحدة من دولنا العربية المحافظة والعامرة بالماء والخضرة والوجه الحسن والأجواء اللطيفة والقوانين المنظمة لشتى شؤون الحياة اشتهرت عالميا وأصبحت وجهة سياحية مستقطبة للسياحة من جميع دول العالم، وخصوصاً البلدان الغنية منها والمتطورة، أي العالم الأول كما يُسمى. المهم (ومازلنا نتخيل)، لو أن جموع السياح التي غزت ذاك البلد مارست الفوضى وعاثت خراباً وهمجية ولوثت الأخضر، فحولته إلى يابس ومارست هواية الشوي "الهشّ والنّش" في الحدائق العامة المخصصة للنزهة العائلية والممنوع إشعال النيران فيها، بل زادت على ذلك وقنصت بطاً بريئاً يسبح في البحيرة مرتاح البال وآمن وذبحته وعملت منه مندي أو مظبي أو متشبوس، أياً كان، وقامت بعد ذلك وصورت فعلتها الشنيعة وجاهرت بها بوسائل التواصل "السوشيال ميديا"، فيما آخرون منهم وباسم الحرية الفردية التي يتمتعون بها في دولهم؛ نزلوا على الشواطئ شبه عراة رجالاً أو بالبكيني نساءً، ولم يكتفوا بذلك، بل أشعلوا نيراناً وتجمعوا حولها ورقصوا وهم يدورون مقلدين الهنود الحمر، فيما قناني الشراب والخمور مرمية في كل مكان، وصوت موسيقى غريبة تصدع بالمكان دون مراعاةٍ لحرمة المستجمين والعائلات والأطفال ولا قوانين الدولة التي لا تسمح بالتعري في الأماكن العامة ولا تدخين الشيشة والنرجيلة ولا المسكرات.. تخيلوا ماذا سيحدث لهم؟ وهل سنعذرهم لارتكابهم الموبقات ولانتهاكهم القوانين وسنسجنهم ونقدمهم للمحاكمة، فيما عُذر دفاعهم عنهم وقتها إن حصل سيكون أنهم من الغرب مثلاً وهذا نمط حياتهم وليس من حق أحد تغييره، أو في مرافعة أخرى يُظهر فيها مدى عنصرية العرب والمسلمين الذين لا يتقبلون الآخر "الكافر" ويفسرون أي تصرف لأفراده من هذا المنطلق؟!
 
لنرجع الآن للواقع ونتوقف عن التخيل، ولنستعد وعينا وإدراكنا ونعيد الأمور لنصابها، أي لنعترف أن الغرب الذي تخيلناه في الموقف أعلاه وللأمانة قد تربى على احترام القوانين، وكتبعية لذلك حين يسافر للخارج "الأغلبية" تمتثل لقوانين البلد التي تنوي زيارته والسياحة به، فهي مثلا إما تلبس "عباية" أو تضع منديلاً على الرأس في الدول التي تجرّم خروج المرأة من دونهما، كما أنهم وبالتأكيد لن يمارسوا العري على الشواطئ ولن يشربوا الخمور في العلن، ولن يقوموا باصطياد الحيوانات والطيور في الحدائق والمحميات الطبيعية، ولن يرقصوا المكارينا ولا السالسا أمام المارة، بل وبكل بساطة سيلتزمون بقانون البلد المضيف، الذي أوضحته لهم إما وزارة خارجيتهم أو سفارة بلدهم فيه قبل حضورهم إليه، وأطلعتهم على المسموح به والمنهي عنه، والنتيجة ولنقل التزام ما لا يقل عن ٩٥ بالمئة‏ منهم، في نسبة لو قارناها بأفواج العرب السائحة لانعدمت إلى ما دون الربع أو يزيد، والشاهد ما يخرج من قوانين وتصريحات وكتابات وتقارير تلفزيونية من تلك الدول السياحية تستهجن ما يفعله السياح من ربعنا في أراضيهم، وانتهاكهم لأبجديات الأخلاق والحرية العامة والممتلكات، التي حولها "الربع" لمجالس لنفث سموم شيشتهم وشوائهم في هوائهم الطلق، منتهكين مثلا حُرمة ومكانة برج إيفيل لدى الفرنسيين أو الهايدبارك عند الإنجليز. لكنهم، وما إن يُمنعوا أو يُعاقبوا ويغرموا وتنتشر قصتهم إلا ويبدأ المنظرون باتهام الغرب بالعنصرية وبالعداء للعرب والمسلمين، متناسين أنهم حتى لو كانوا كذلك فمعهم حق بعد ما رأوا من أُمة المليار ما لا يقبله عقله ومنطقهم وقوانينهم الوضعية التي تربوا عليها من صغرهم، وسيصيبهم بالصدمة أن يرو الغريب ينتهكها بحجة السياحة في بلدانهم!
 
ملاحظة: أقر أني لست بتغريبي ولا أستشهد بالغرب إلا من باب إيضاح ما وصل إليه عالمنا العربي والإسلامي، ولا أرى فيهم مخلوقات فوق العادة أو من جنس آخر مختلف عنا، بل فيهم الصالح والطالح، فالمسألة بالنسبة إلي لا علاقة لها بالدين والعرق واللون، وإنما بالأخلاق والقوانين.


المصدر: جريدة الكويتية -  http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=371260

الثلاثاء، 14 يونيو 2016

كوكتيل الحب والظلم

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 15-06-2016



على مدار اليومين الماضيين شاهدت فلمين هنديين، بالطبع هما من مجموعة من العشرات من الأفلام الهندية التي شاهدتها، كمثيلاتها الامريكية والعربية وقلما تركت أيٌ منها انطباعا دائما أو أثراً في نفسي، وإنما كما يقولون لتمضية الوقت أو للضحك والتندر، وهو شعور عادةً ما أشعر به وبالأكيد الكثير غيري لنقل من عرب إن تابعوا فلماً هندياً، حيث نستخدم المصطلح للإشارة إلى كم الخيال والإسفاف والمبالغة فيها، سواءً من حيث القصة المكررة التي قوامها الطيب والشرير والغني والفقير وقصة الحب التي بطلاها شاب وفتاة أحدهما ثري والآخر غلبان.
 
النهاية في ٩٩،٩٪‏ (كنتائج الانتخابات العربية سابقاً) انتصار الخير على الشر ولم شمل الحبيبين وندم المعارضين السلميين وفناء المتجبرين، وتوته توته انتهت الحدوته!
 
يخرج جمهور المتابعين من صالات السينما في الهند فرحين بعد المشاهدة وهم غير نادمين على ما انفقوه ثمناً لثلاث ساعات من الرقص والغناء التي تتخللها نفس الأحداث والأكشن والدموع ومشاهد سفك الدماء والإيغال في الانتقام والتشفي، يتوجه كل منهم لحال سبيله وفي نيتهم نصح صديق او قريب لمشاهدة الفيلم أو حتى تكرار التجربة إن لامست في نفس المتلقي رغباته الداخلية، التي لا بد أن يكون بعضها واقعيا في بلد المليار، فمما عرفته عن هذا البلد الذي يعد أكبر ديموقراطية في العالم ولا يتدخل جيشه بالسياسة؛ أنه أيضاً وكر للفساد والرشاوى والإجرام والطبقية وانتشار رجال العصابات والاتجار بالبشر وبكل ما هو غير مشروع ومحرم، يقوم عليها رجال ذو نفوذ في المجتمع كما رجال عصابات يفرضون الاتاوات على الناس ولا يعترفون إلا بسلطة القوة والتجبر، وهو أمر شائع جدا في ذاك الركن من آسيا وسمة لمجتمعاتها، لذا ما يصنع من أفلام وإن كنا نراها مبالغة إلا أنها بالفعل حقيقة ولذلك تعبر عنها السينما علها تكون وسيلة لتفريغ الكبت في النفوس من انتشار قانون الغاب، الذي لا يستطيع قانون الدولة أن يلغيه، ليس لضعف قوى الأمن أو لقلة عددها، وإنما لأن تلك التصرفات تبررها أحيانا العادات والتقاليد والدين، الذي يوجد منه بالهند الكثير ليتجاوز الآلاف، والذي يبيح ما لا يقره عقل أو منطق، لكن رجاله والقائمون عليه قد سمحوا به وحبذوه، لذا فليس من المستغرب أن تجد أن وأد البنات وهن أحياء ما زال منتشرا بالهند وكذلك شنقهن وتعليقهن على أغصان الشجر، ورش وجوههن بماء النار، لأسبابٍ في الأغلب لا تبتعد عن "الشرف" الذي ربما لا يعدو أن يكون أن فتاة أحبت رجلا أو هربت معه وتزوجته. من هنا تقوم قيامة الأهل وتُرتكب المجازر في ظل صمت رجال القانون إن لم يكن ضلوع بعضهم فيه، فهم من نفس الخلفية ويعتنقون الدين ذاته، لذا تجدهم متعاطفين مع القتلة والمجرمين ومبررين لبعض أفعالهم!
 
لو كان افلاطون على قيد الحياة وشاهد بعض ما انتجه الهنود من افلام رومانسية لتوجه من فوره إلى ساحةٍ عامةٍ وتنازل عن "حبه الأفلاطوني" ولأقر للهند أنها تقدمت عليه ولسمى حبه "بالهندي" الذي يتجسد فيه اللوعة والحرمان والقهر والمنع والإصرار والوفاء وكل المشاعر الإنسانية التي نحلم بها ولا نستطيع تطبيقها في واقعنا. هو حب يمثل لإصحابه محور الكون وغايته وسعادته الأبدية، التي حولت مراهقي هذا الشعب "لحبيبة" غاية الكل منهم أن يُحِّب ويَنْحَّبْ وينال مناه في النهاية كما يشاهد في الأفلام التي تحقق له تلك الغاية في خياله وإن استحالت في واقعه.
 
إذن "كوكتيل الحب والظلم" هو جزء من واقع تلك الدولة وليسا خرافة مُختلفة، بل هو مرآة تعكس ما في مجتمعه الذي يقطنه الملايين من الفقراء الذي يعانون من القهر ويطمحون للحب عله يعوض ما في نفوسهم وهو بالمجان، وهم في ذلك اكثر صدقا منا نحن معشر العرب وحتى من الأمريكان، الذين لا نلومهم ولا نستغرب ما تنتجه لنا "هولويدهم"، رغم كمية الكذب والشطح والنطح فيها، من "رامبو" المبيد لجحافل جيوش الأعداء في فيتنام "لمجايفر" الذي يمتلك حلا لكل معضلة، لحرب الكواكب والنجوم، لأسطورة الجيش الأمريكي الذي لا يُقهر، وهي إن دققنا فيها سنرى أن "بوليود" أمام خرافات "هوليود" كالقزم الصغير أمام العملاق فارع الطول، لكن ذلك غربي أمريكي نصدقه ونصفق لإبداعه، وذاك هندي اسمر البشرة آسيوي نضحك عليه ونتندر!
 
مع كل ما ذكرته ومع ذلك أنصحكم كل فترة وأخرى أن تتابعوا فيلما هنديا عله يوقظ إنسانيتكم ويغمركم بقليل من الرومانسية والمشاعر تعوضكم عما تفتقدونه في حياتكم من جمود بالأحاسيس وقبول بالأمر الواقع على بشاعته وغبنه!


المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=370974

الخميس، 9 يونيو 2016

الوطن: طهران تنشر الطائفية في إفريقيا وتسلح المتمردين

بقلم عماد أحمد العالم

مشاركة في تقرير صحفي مع جريدة الوطن 05-06-2016



وسط عزلة إقليمية بسبب تدخلها في شؤون الدول المجاورة، تعمل إيران حاليا على تنفيذ مخططاتها بالتمدد في القارة الإفريقية، حيث شهدت دول غرب القارة ومن بينها السنغال وبنين وموريتانيا ومالي ونيجيريا، محاولات حثيثة من النظام الإيراني لنشر التشيع كبذرة لإنشاء خلافات طائفية بين أبناء هذه الدول.
واتهمت الحكومة الجزائرية أخيرا، جهات أجنبية - دون أن تحدد هويتها- بسعيها إلى نشر التشيع وسط الشباب في البلاد، خاصة في المناطق الحدودية القريبة من تونس والمغرب، فيما حذرت مصادر محلية من التوغل الإيراني داخل الجزائر.    
وقال الباحث السياسي في الشؤون الإيرانية، عماد العالم، إن هدف التوغل الإيراني بإفريقيا هو تعتيم مبدأ الأغلبية السنية في تلك الدول الإفريقية والعربية، وإيجاد موطء قدم لها للاستفادة من موارد القارة السمراء وتزويد الجماعات المتمردة في بعض هذه الدول بالأسلحة، مقابل الحصول على الماس واليورانيوم.
الاستفادة من اللبنانيين
 وأضاف أن إيران تستهدف أيضا إيجاد مناطق سيطرة لها في إفريقيا، تستطيع من خلالها مساومة القوى الغربية وتجنيد أفراد من تلك الدول لتكون خلايا نائمة تستطيع تنشيطها في أي وقت والاستفادة منها داخلياً وخارجياً، كما تفعل الآن مع الأفغان والباكستانيين الذين زجت بهم في الحرب السورية، لافتا إلى أن إيران تستفيد من آلاف اللبنانييـن المقيمين بإفريقيا والذين يسـاندونهم ويدعمون بالمال والمعلومات لنشر التشيع وبناء الحوزات العلمية والمراكز الثقافية.
وحذر الباحث عماد العالم من نشاط الملحق الثقافي الإيراني بالجزائر، أمير موسوي، الذي يعد عراب نشر التشيع في الجزائر، فضلاً عن استدراج طلبة إيرانيين للدراسة في هذا البلد، ومن ثم تهيئتهم للعب دور مستقبلي مرسوم لهم يتمثل بتبني السياسة الخارجية الإيرانية وتجنيد أفراد لدعم توجهات طهران في المنطقة، ليشكلوا في النهاية قنابل موقوتة تستطيع طهران استخدامها متى شاءت.
  نتائج سريعة



المصدر: جريدة الحياة - http://alwatan.com.sa/Politics/News_Detail.aspx?ArticleID=266272&CategoryID=1

رسالة إلى مدير "القروب

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 01-06-2016



عزيزي مدير القروب:
 
تحية طيبة وبعد..
 
أكتب لكم بعد أن قرأت رسالتكم الأخيرة في "القروب" وشعرت بعدها بمعنى أن تكون عربياً نصب نفسه مديرا على مجموعة من العرب أمثاله من ذكر وأنثى، ظنّ بما فعل أنه بخلق هذا الكيان الافتراضي (الواتسبي) قد أتاح فرصة للثقافة والمعلومة، وتبادل الرأي والنقاش البناء، الذي طالما حُرم منه الجميع، إما بسبب المخاوف الأمنية، وإما بسبب سطوة العادات والتقاليد والآراء التي ترى في كل تواصل بين جنسي البشر- حتى لو كان في فضاء الكلمات ودون مشاهدة- اختلاطاً محرما، وإن كان ظاهره التفقه في أمور دنياهم، بعيدا عن الدردشة المحضة والتعارف، أو لنقل العلاقات الخاصة، التي لا أود التطرق لها ولا الخوض فيها، فهي شأن أكره الحديث عنه، بل ربما أخاف وأخشى عقابه.
المهم يا سيدي، أحسست أنك بعد إقامتك لهذا الكيان المسمى "مجموعة خاصة" على أحد برامج التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) قد صُدمت بما ظننته لقاء النخبة العمالقة ببعضهم بعضا، فهم حتى لو كانوا مثقفي المجتمع وخيرته، فإنهم في النهاية بشر، يحملون كالعامة تلك الجينات العربية الأصيلة التي مهما تطورت وتهذبت، فإنها تحن لأصلها، ولديها تلك الرغبة المستترة خلف رونق الكلمات والقلم، المتمثلة بحب السلطة، أو ووفقاً لواقعنا "حب الإدارة"، وبتعريف بسيط من الممكن أن نصفها بأنها غريزة التحكم، النابعة في الأساس من ذاك المارد الصغير المتخفي في عقلنا واسمه المدير، الذي يبحث دوماً عن فرصة يفرض فيها عضلاته على الآخرين، ويشعرهم بأنه المتحكم والمتصرف.
في "قروبك" حديث الإنشاء، لا بد أنك قد استشعرت أخيرا أن أغلب من فيه هم مدراء ومديرات، ممن يحاولون عند التعريف بأنفسهم بعد ديباجة الألقاب "المرعبة"؛ أن يسيطروا على الساحة بإظهار مواهبهم ورؤاهم، ومحاولة فرضها بالقوة ووفقا لقانون السرعة في الكتابة والكثافة فيها، وعدم إتاحة المجال للرأي الآخر، حيث المكان حلبة مصارعة، البقاء فيها لثقيل الطينة وعديم الإحساس!
مع كل التقدير للزملاء الكرام، أتضامن معك، وأكتب لك بعد أن استشعرت حجم إحباطك، الذي بدا لي سعيدا بإقامته لكيان ثقافي نخبوي عربي، تحول بسبب نخبته المختارة لتحزيب وإقصاء، بدلا من فكر وبناء، مما استوجب قرارات حاسمة منك، أبرزت على إثرها كرتك الأحمر وبدأت بطرد المخالفين، حتى كاد المكان يصبح خاوياً إلا منك ومني نحن الاثنين.
لذا، وحرصاً مني على إعادة إحياء كيانك المعرفي، أود تذكيرك بأن القوانين وضعت لتُكسر أحياناً أو كما يُقال بالإنجليزية Laws are made to be broken!
قبل شهرين أو أكثر خرجت من جميع قروبات "الواتس" بلا استثناء عدا اثنين، أحدهما من صنع مديري، وخفت أن أخرج منه فيغضب، والآخر قروب الست الوالدة (وقد ارتأيت أن من العقوق الخروج منه)، خروجي من الواتسب كان بسبب ما تفضلتم وأشرتم إليه، بأن أغلبها قد تحول إلى ساحات للدردشة وأحياناً للتميلح "عذرا"، مع أن تلك القروبات كانت مسمياتها رنانة كقروب الإعلاميين والكتاب والمثقفين والأحرار و.. و.
هذا القروب القاحل من أعضائه بسبب سياستك المتشددة- هو بكل صدق إن أحسنت إدارته- لبنة ثقافية أتمنى أن تشكل فارقاً في ثقافة النميمة والسوالف التي نعاني منها، وسيسعدني استمراره حتى مع كسر البعض لقواعد اللياقة فيه!
 
أخيراً، دمتم ودامت جهودكم البناءة.
 
ملاحظة: رغم فتوى أحدهم بتحريم كلمة "دمتم"، فإنني أذيّل كلامي بها، فأنا لا أرى فيها حراما، فالنوايا هي المقياس لا ما يُمكن أن يُفسره الآخرون وفق هواهم وتنطعهم وتشددهم.


المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=370378

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...