الجمعة، 13 مارس 2020

الرأي الواحد والاعتدال في الفكر الإسلامي

جريدة الرؤية
13-03-2020
عماد أحمد العالم


التكفير في حده الأقصى أو الرفض، بناءً على الممارسة الثقافية المميزة لبعض الشعوب والثقافات لا المعتقد، سلوك شاع بفترات متعددة من التاريخ الإسلامي، من أمثلته، أنه: «خروج عن نهج أهل السنة والجماعة»، وهي الجملة التي إن أُحيلت للرأي الواحد، تتحول لعبارة فضفاضة، تستخدم، خلافياً، بعد إسقاطها بشكل متعمد على ما يُمكن احتمال عدم الجزم بحلاله وحرامه أو صوابه وخطئه.
وهي بالفعل الحال التي صبغت عقوداً قديمة وقريبة، سابقة لعصرنا الحالي بأوجه لا تزال إلى اليوم، إلا أنه السمة البارزة التي قامت عليها تنظيمات وحركات عقائدية، بعضها دعوي سلطوي وآخر معارض مسلح بالدول الإسلامية، حيث يظهر فكرها المتشدد، جلياً في مفهومها لتقبل ثقافة الاختلاف في تفسير النصوص الدينية بما فيها من تشريعات وممارسات وعبادات، وأخذها من جانب واحد، ووفقاً لفهمها الأكثر تشدداً، ومن ثم إسقاطه بالقوة الدعوية أولاً، وبعد ذلك بالتحالف مع السلطة على الأغلبية من العامة في دولها أو الأقلية، دون فرق بينهما، أو إن كانت خارجة على الدولة بالقتال ضدها وشن حرب عليها.
فرض الرأي الواحد حمّال الأوجه، أضر بالأمة الإسلامية، مفضياً لنزاع ومشعلاً للجدل، ومُلهٍ عن قضايا الأمة الأهم، ومن عواقبه خلق الفتن المستنزفة للكيان الإسلامي والمُقصية والمبعدة عن الوحدة الدينية، فكان له بذلك الصوت الأعلى، وسط دعوات وسطية لم يحالفها الحظ، نادت بالتقارب والتعايش والمواءمة مع المختلف، وإحسان النية، منهم على سبيل الاستشهاد: العالم الإسلامي محمد عبده، الذي أقتبس منه قوله: «إذا صدر عن إنسان قول يحتمل الكفر من مائة وجه، ويحتمل الإيمان من وجه واحد، يجب حمله على الإيمان».
فلا بد أن نشير إلى أن الانتشار والقوة التي حظيت بهما الدعوات المتشددة، لم تكن لها، لولا شقَّانِ، هما: الحاضنة الشعبية التي تبنت آراءها، ودعمتها ليس، اقتناعاً مطلقاً بآرائها الدينية والفقهية، وإنما نكايةً بالسلطات الحاكمة، ونقمةً من الفساد السياسي والمالي، ودولة القانون، هذا من جهة، ومن أخرى يتجلى الشق الثاني بالتحالف بين رجال الدين والسياسة، حيث يمنح الحكم زمام السلطة الدينية لرجال الدين، الذين بدورهم يتمتعون بقوة دعوية كافية، ومؤسسات لدعم مكانتهم وسلطتهم، الداعمة بدورها، لاستمرارية الحكم ورجاله عبر الخطاب الديني الموجه والمؤدلج.



المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/119-87/2119488-الرأي-الواحد-والاعتدال-في-الفكر-الإسلامي

التبني من وجهة نظر إسلامية

جريدة الرؤية
06-03-2020
عماد أحمد العالم



التبني من أعظم الممارسات الإنسانية التي توليها الشعوب المتحضرة والأمم الأخلاقية أهمية خاصة، وتشرف عليها جمعيات حكومية وأهلية لضمان حصول الأطفال المحرومين من كنف العائلة على عائلات بديلة، تسمح بانخراطهم معها وبناء أسر جديدة، لينتج عنها مواطنون أسوياء يكونون جزءاً من المجتمع لا عالة عليه، بنائين لا مغمورين وقابعين في السجون أو مشردين ونكرات نتيجة إهمالهم وتركهم لتتمكن منهم العقد النفسية والظروف القاهرة والخطرة لينغمسوا في الجريمة والرذيلة، يكرسها واقع غياب البيئة الأسرية عنهم وتوحدهم في دور الرعاية الاجتماعية التي لا يمكن أن تكون بديلاً عن أسرة مكونة من أبوين يلعب كل منهما دور الأب والأم أو من ينوب عنهما لإعداد النشء.
بالطبع، التبني في الإسلام محرم ولا خلاف عليه لحفظ حقوق الورثة وكرامة النسب للأب البيولوجي والحرص على عدم إشاعة البغضاء والحسد داخل العائلة الواحدة وبين الأبناء، لكن الإسلام الذي يحرص على الحق والعدل قد رعى التبني بمفهوم آخر لا يقل أهمية، وجعل أجره وثوابه أكثر من المتعة الدنيوية بأن يحظى زوجان بالأبناء، بل يمتد جزاؤه للآخرة، والمعني هنا رعاية الأيتام والأطفال الذين هم بلا مأوى وعائلة وكفالتهم والسعي خلف توفير كافة التزامات الحياة تجاههم، وحتى تربيتهم والعناية بهم، ليكونوا متساوين في الحظوظ والفرص مع نظرائهم، فيصبحوا جزءاً من المجتمع وعاملاً في بنائه وازدهاره دون تبعات نفسية وبيئية واجتماعية عليهم، ولكيلا يشعروا بأن فرصهم في الحياة الكريمة تقلصت بسبب يتمهم أو نبذهم من عائلاتهم التي تخلت عنهم.
لكل شعب طريقته في تحمل المسؤولية الدينية والمجتمعية والإنسانية تجاه أطفال بلا عائلة ومأوى، ففي حين جعل الإسلام التكفل بهم ذا أجر عظيم لا يُضاهى، دعت الأديان الأخرى والشعوب لتبنيهم ودمجهم بالعائلات التي ترغب في ذلك، وجميعها ممارسات إنسانية بامتياز، كما أنها روحانية وعاطفية واجتماعية تمثل التكاتف والتآزر المجتمعي وتظهر روح الأخلاق والقيم الحميدة التي يتحلى بها الأفراد تجاه من هم بأمس الحاجة للرعاية والعناية، دون ترك مسؤوليتهم على الدولة فقط، التي وفرت لهم دور الرعاية الاجتماعية، التي مهما كانت درجة مسؤوليتها والتزامها وأمانتها، إلا أنها لا تغني عن المشاركة المجتمعية للأفراد، فمن خلاله فقط تكون لبنات المجتمع قويمة وسليمة بديمومة الحياة وتخريج أفراد قادرين على الاستمرار بالحاضر وصناعة المستقبل. 


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/119-87/2117833-التبني-من-وجهة-نظر-إسلامية

التاريخ وفق اللاهوتية والمثالية والمادية

جريدة الرؤية
28-02-2020
عماد أحمد العالم



من الذي يصنع الآخر.. التاريخ أم الإنسان؟ وهل يصح القول إن الإنسان فضلاً عن كونه من يكتب التاريخ هو من يصنعه، أم أن التاريخ هو اللبنة التي أنشأ عليها الإنسان مملكاته، وبنى عليها تراثه وحضاراته عبر تجاربه وخبراته، التي كونها بأفعاله وموروثه الفكري والاجتماعي والديني والسياسي، ومنها انبثقت مفاهيم التاريخ اللاهوتية والمثالية ومن ثم المادية؟.. حين يكون المعتقد المرجع للتاريخ وأحداثه، يتصادم العقل مع أجزاء منه يعدها لا تتوافق مع المنطق والدليل، بينما تشكل النصوص لاهوتياً أرشيفاً للأحداث التي امتزج العديد منها بالأساطير، وتضاربت أخبارها حسب الدين الذي سردها، والداعي بدوره للأخذ بها دون انتقائية كمسلمات غير قابلة للتشكيك مع الإيمان والتسليم، ويدخل معها بنفس إطار الماورائيات غير المادية الحسية، المُتحكم بها من قبل الإله وكلٌ حسب معتقده بما فيها الكائنات الغيبية الخارقة المتحكمة بتسيير عجلة الكون وما يجري به، وهو ما قوبل من قبل اللادينيين بالتشكيك، فبنظرهم الإنسان من يصنع التاريخ لا الأخير المُسير.
قدّرت التوراة عمر الكون بـ5000 عام، بناء على نصوص وردت بأسفارها، وحوالي 7500 سنة حسب الإنجيل، فيما لم يحدد الإسلام زمناً لعمر الأرض، أما العلم الحديث فيراه قياساً على عمر النجوم والانفجار العظيم المقدر بما بين 10 و20 مليار سنة، وأن الأرض وجدت قبل 4 مليارات عام، وعاش عليها الإنسان الحديث قبل 40 ألف عام.
وهذه جميعها أرقام بحثية لا يمكن الجزم بها، لكن العبرة من ذكرها تبيان التناقض بين الفهم التاريخي المبني على العلم والمادية واللاهوت.
تقوم المثالية التاريخية على أساس أن الإنسان مخير لا مسير لاختيار الخير أو الشر مستخدماً العقل، وهو الذي بناءً على ما يحمله واستخدامه تنتج أمم متقدمة صنعها رجال عظماء بأفكار عظيمة، ومن ثمّ بالأفعال بنت مجدها، وأخرى بدائية لم تستفد من منظومة العقل ولم تمتلك أفكاراً ترجمت لأفعال.

المعضلة التي يقوم عليها مفهوم المثالية هي إرجاعها الإنجاز للفكر المُشكل للتاريخ، ولكن دون معرفة مصدره ومن أين جاءت الأفكار من الأساس.
وتُرجع المادية التاريخية مفهومها لجميع أفعال الإنسان وأفكاره إلى البيئة المادية التي وُجد فيها، وهي التي لا يمكن إنكار منطقها من منطلقات إنجازات الدول المتقدمة، التي وفرت لشعوبها مقومات التطور والإبداع، فتقدمت بها بخلاف الدول المفتقرة لذلك.


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/119-87/2116090-وفق-اللاهوتية-والمثالية-والمادية

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...