الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

هل نحن خير شعوب الأرض؟

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة رأي اليوم 19-11-2013

 

 
هل نحن الآن خير شعوب الأرض وأشرفها؟….، سؤال على كلٍ منا أن يسأله لنفسه وليكن صادقاً بالإجابة عليه، وليعلم أن لا حسيب على ما سيقول، ولن يجد من سينال منه إن كانت إجابته عكس ما يتوقع السائل.
كل ما في الأمر هو دعوه صادقه ونقد ذاتي أو حتى لنقل رجاءً الهدف منه أن نحدد مقدارنا ومكانتا بين الآخرين، وهم هنا شعوب وأمم  وصلت إلى ما وصلت إليه دون أن يكون لها تذكره للماضي، تتفاخر بها ببطولات زيد وعدنان، لكنها وجدت أنها تستحق مكانةً أسمى بين الأمم لن تنالها إلا إذا طورت من نفسها، وحددت لها أهدافاً ترقى بها، فكان لها ما عملت لأجله. أما من تمنى وتفاخر بماضٍ بعيد فهو وكما يمكن وصفه “بمكانك سر”، ذو اعتدادٍ أجوف بنفسه، يُخيّل للناظر إليه سمواً يعلم كل من حوله أنه بات لا يستحقه، وإن أظهر لنفسه وللآخرين عكس ذلك.
حالنا يسر العدو ولن أكملها “بلا يرضي الصديق”، فلم يعد لدينا الصديق الصدوق، الذي يخشى علينا ما يخشاه الأب على أبنائه من الضرر، فقد فقدنا احترام إخوة الدين والدم، ونبذناهم وتكبرنا عليهم وتجبرنا، واستصغرناهم، وغرتنا الحياة الدنيا بمتاعها حتى أصبنا بجنون العظمة التي لم نصلها، لكننا نصف أنفسنا بها.
قبل عقدٍ من الزمن، مازحت صديقا لي من عرب إفريقيا من ذوي البشرة السمراء، وإذا برده ممتعظاً متسائلاً ومستهجناً وصفي له بالعربي. سألته اليست جمهوريتكم عضوٌ في الجامعه العربيه؟….، رده كان وإن يكن ذلك فهو لا يشرفه أكثر من إفريقيته، التي على الأقل تُسهم بشكلٍ ما في محاولة استقرار وطنه الذي مزقته الحروب الأهليه، بمرأى ومسمع من جامعة الدول العربيه التي لم تبذل مسعاً أو مبادرةٍ تُذكر لإعادة الإستقرار لشعبه!
من باب الإنصاف، لنستعرض معاً مدى تكاتفنا وتعاضدنا، وهل نحن الآن كالجسد الواحد!!!!، في سوريا، ثورة الحريه تدخل عامها الثالث وبشار ما زال يقتل شعبه. في العراق وبعد أن ظننا أن الديموقراطيه باتت تعرف طريقها صوب أرض الرافدين، وإذا بها تغرق بطائفيه نتنه للجار الفارسي دورٌ بارزٌ بإشعالها. تفككت السودان وانفصل جنوبها، فيما دارفور وشماله ومناطق أخرى على الطريق، ورئيسها مطلوبٌ من قبل المحكمه الدوليه لارتكابه جرائم تصفها بضد الإنسانيه، فيما بشار يستخدم الكيماوي دون أن يُعاقب، بل يُمنح قبلة الحياه مكافأةً له على ذلك والحجة نزع أسلحته الفتاكه.
دول الشمال الإفريقي العربيه تأن تحت وطأة البطاله والفقر وهروب أبنائها بمراكب خربه نحو أوروبا، تُغرقهم قبل أن يصلوها….، فلسطين لها قرن محتله وما زالت المفاوضات قائمه لاستعادة ما يمكن توسله واستجداؤه.
لبنان ومنذ استقلاله لم يعرف طعم الهدوء إلا سنين معدوده، فيما قسمته الطائفيه والحزبيه والأيديولوجيا، حتى أمسى وبامتياز أرضاً ترتع فيها أجهزة مخابرات العالم وساحةً لتصفية الحسابات….، يمننا السعيد هو الأكثر حزناً وبُعداً عن السعاده….
هل هناك حاجه للمزيد من الأمثله لأثبت لنفسي أننا لسنا الآن خير شعوب الأرض ولا أسماها. فإن كنا سابقاً كذلك، لكنا اليوم عكس ذلك ومع ذلك إعتددانا بأنفسنا يعمي بصيرتنا عن رؤية واقعنا الأغبر الذي نعيشه ونظن أننا فيه خير شعوب العالم!
 
 

المصدر: جريدة رأي اليوم-  http://www.raialyoum.com/?p=22518

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

متلازمة الإجازة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 19-11-2013

 

محبط بسبب الدوام، أو بالتحديد بسبب انتهاء الإجازة والعودة إلى أجواء العمل وأيام الأسبوع الروتينية، التي فرضت نفسها علينا، فصرنا نكررها طوال العام، دونما ابتكار أو تغيير.
روبوتات آلية تستيقظ مسرعةً كل صباح علها تلحق ببداية الدوام قبل أن تؤنب لتأخرها عنه، وما تلبث أن تضبب وتلملم ما لها من أغراض ومتعلقات بسرعةٍ متى ما أشارت الساعة إلى قرب انتهاء ساعات العمل. نعود إلى المنزل ونتناول غداءنا ثم ننام، فنستيقظ ممسكين بـ«ريموت» التليفزيون بيد، وفي الأخرى هاتفنا الذكي أو الآيباد، الذي لا نتركه إلا بعد سلسلةٍ من التثاؤب تدفعنا دفعاً إلى السرير، الذي بتنا نراه من يضيع ملذات سهرنا.
ما إن تطل علينا إجازة نهاية الأسبوع حتى تنقلب مواعيدنا رأساً على عقب، وعلى الرغم من أنها يومان إلا أنها كفيلةٌ بإفساد نمط نومنا وصحونا، حتى ما إن يبدأ الأسبوع الجديد إلا ونحن متثاقلون وبانتظار نهايته بلهفة وشوق وكأنه غائب عنا شهوراً!.
ما السر في حبنا الإجازات وكره، أو لنقل التثاقل من العمل؟، نراه مكدراً لمتعة قضاء أوقاتنا. لم ربطنا السعادة والمتعة والاستمتاع بشهرٍ في السنة أو مناسبات أعياد مختلفةٍ أو حتى كوارث كالأمطار والفيضانات، نُمنحُ فيها أياماً لا يُطلب منا العمل فيها. تزدحم جداول متعتنا فيها وتضيق الأوقات وتقصِّر بأن تكفي لكل ما نمني أنفسنا بقضائه أو زيارته والاستمتاع به!.
الإجازات بالنسبة لنا هي من يُربك روتين حياتنا ويجعل ليله نهاراً ونهاره نوماً وسكينة حتى غروب الشمس. نعشق سهر الليل وكأنه النجوى، ولا يطيب لنا النوم إلا والشمس في مستقرها. نصاب باكتئاب ما قبل انتهاء الإجازة ونحن في أولها كلما تذكرنا أن لها نهاية.
ببساطة، نحن مصابون بمتلازمة، اسمحوا لي أن أسميها «الإجازات»، ولن نشفى منها إلا إن نظمنا نمط معيشتنا، واتبعنا الإطار الصحيح لحياةٍ صحيةٍ وعمليةٍ واجتماعية، تساعدنا لندرك أن جوهر الحياة هو أن تكون مقسمة ما بين عبادةٍ وعملٍ واستمتاع، ودون أن نقصر في أحدهم على حساب الآخر ونعطيه حقه الذي يستحقه من أوقاتنا.
 
 

المصدر: جريدة الشرق السعوديه - http://www.alsharq.net.sa/2013/11/19/1000539

السبت، 16 نوفمبر 2013

ربيع الأنبار قادم

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الجزيره 16-11-2013

 

هل أستبشر خيراً ببداية صحوةٍ أراها في الأنبار، وهل نشهد بداية انتفاضةٍ لسنة العراق المظلومين المقهورين على يد ديكتاتوري العراق المالكي ومن والاه من الأطياف السياسية المذهبية العراقية اسماً والإيرانية هدفاً وأجندة. لم تأخرت صحوتهم وانتفاضتهم، حتى بتنا نظن أن السبات عميقٌ وأقوى من أن يستفيق، على رجالٍ أشداء قهروا الاستعمار والديكتاتورية والتتار على مدار تاريخهم، وانتفضوا دوماً على الطغيان، هل نحن على عتبات قادسيةٍ تنطلق شرارتها من الأنبار وسامراء، في مشهدٍ يحبو لكسر حاجز الصمت ويحاول لاهثاً أن يثبت من جديد أن أشراف العراق ما زالوا أحياء تنبض قلوبهم بالعدالة المفقودة المنشودة، بعد أن سلبتها منهم الدولة الصفوية الموغلة في التدخل عراقياً، حتى بات من شروط أن تكون في المشهد السياسي العراقي، أن تنال رضا إيران عنك ومعها سياسيوها!
منذ سقوط النظام السابق في العراق، والبلد لم يشهد نهضةً تذكر على كل المستويات، بل استشرى فيها الفساد والمحسوبية والرشاوى وانعدمت الشفافية، وانتشر القتل على الهوية؛ الذي غالباً ما كان ضحاياه من أهل السنة، في دولةٍ تعد أحد الأثرى عالمياً بمستويات مخزونها النفطي وإنتاجها اليومي، وفي المقابل لا يرى المواطن تحسناً يذكر، سوى رؤيته وبحسره للثري يزداد غنى والفقير فقراً، ومعهما تهوي نسبة الطبقة المتوسطة إلى الحضيض. في العراق لن تجد مثيلاً لها بين أقرانها في ازدهار سلطة الأثرياء الجدد واتساع نفوذهم وسطوتهم التي هي للأسف قائمة في جوانب منها على التلاعب بالمشاعر الدينية المذهبية وتطويع الطائفة ومقومات الدولة، وتكريس مبدأ «فرق تسد»، وأفضل من أجادها تحالف ما يسمى بدولة القانون، وهي برأيي لا تعدو أن تكون «هادمة القانون»، فبحقبتها التي اقتربت نهايتها، ساد القمع وامتلأت السجون بماجدات العراق وأحرارها، وأصبح القضاء مسيساً، تهمه وإدانته حاضرة لكل من يخالف المالكي؛ الإرهاب وليس سواه هو ما يُرمى به جزافاً ودوماً قيادات العراق السنية ممن يختلفون مع المالكي، بدأها بحارث وأتبعهم الهاشمي، والآن رفيقه القديم العيساوي، الذي ما إن اختلف مع المالكي، إلا وجد أفراد حمايته أنفسهم متهمين بالقيام بأعمال وصفها أمن المالكي بالإرهابية!، في حين لم نر أو نسمع عن نزاهة القضاء وسطوة الأمن تجاه المليشيات الشيعية ورجال الدين من مانحي صكوك الغفران والعصابات المذهبية المجرمة التي تنفذ الأجندة الأجنبية وتفجر وتخطف وتقتل دون أن نرى للأمن قدرة عليها، فمهمته الوحيدة أمست هي خنق السنة في العراق والقضاء على قياداتهم وتعذيب نسائهم وامتهان كرامة أحرارهم.
آن لنظام فاشي أن ينتهي، وأن تقطع أياديه وأرجله وأن يعاقب على ما أساء به وأفسد؛ وآن للشعب العراقي بكل طوائفه وفئاته أن تصحو من غفوتها، وتنتفض نجدةً لربيعٍ يجتث الزمرة المفسدة من مشهدها، فهم من أهلكوا العباد وسرقوا البلاد وعاثوا فيها فساداً، فأصبحت كأفقر دول العالم الثالث: إن أصابها مطر، غرقت وعمت شوارعها وتحولت بغداد فيها لشبيهةٍ لمدينة البندقية!
ربيع الأنبار وإن تأخر بدأ يُبرز حالة تذمرٍ شعبي، أتمنى أن تتحول لانتفاضة عارمة، يتوحد بها العراقيون بكل أطيافهم سنة وشيعة وغيرهم ليثوروا كأقرانهم العرب ويطلوا علينا بربيعٍ مزهرٍ، ينقل بلاد الرافدين لعراق ٍكانت يوماً تقودنا وتقود كل العرب!
  

المصدر: جريدة الجزيره - http://www.al-jazirah.com/2013/20131116/rj12.htm

الحل سيكون سورياً بحتاً

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤيه الإماراتيه 15-11-2013

 

يبدو أن العالم الحر لم يقتنع بها بعد وحتى بعد مجزرة الغوطة الأخيرة التي أبيد بكيماوي النظام فيها أحرار سوريا من العزل، في مشاهد ستصم بالعار كل من انتفض لحلبجة الكردية ولم يتحرك له جفن للغوطة السورية!
برغم أن الاثنين يجمع مرتكبهما أحلام الأمة الواحدة العتيدة وشعار البعث وأغاني القومية البالية التي «صدعوا رؤوسنا بها عقوداً» وأذلونا، إلا أن السيناريو نفسه سيتكرر يوماً ما وإن لم يكن بعامنا هذا أو حتى في المقبل المنظور من السنين. فالجريمة التي تمس إنسانية الضحية لا تسقط بالتقادم ولا يعفو التاريخ عن مرتكبها، ولن ينسى أبناء الضحايا أو حتى أحفاد أبنائهم حقوق تلك الأرواح التي تساهل بها حاكم ظالم مستبد ظن أن القمع والقتل سيضمن له حكماً طويلاً وعمراً مديداً. كما لن يهنأ بال الحر من هذا العالم إلا وهو يرى طبيب العيون بشار وهو يقف ذليلاً خلف القضبان يحاكم على ما ارتكبه وزبانيته طوال أعوام الثورة السورية، التي «اسمحو لي» بأن أسميها العظمى والأسطورة، فقد أرتنا كيف يعيد التاريخ نفسه ليكشف لمن عميت بصيرتهم أن روسيا اليوم هي نفسها الدب الأحمر لتسعينات القرن المنصرم، الذي أقنع صدام حسين بالسماح للمفتشين الدوليين بتفتيش قصوره الرئاسية طلباً لكسب بعض الوقت، فما كان من الوقت أن نفذ وضربت العراق واجتث حزب البعث من جذوره!
الوسيط هو ذاته هذه المرة أيضاً، فقد خرج بمبادرةٍ للرقابة على مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية، على أن يكون الأمر أممياً ويكون للولايات المتحدة أعضاء فيه بصفة مفتشين.
التاريخ سيعيد نفسه بالتأكيد لمن يحسن تهجئة الكلمات لا قراءتها فقط، فقبول سوريا بهذه المبادرة اعتراف منها رسميٌ بامتلاكها ترسانةً من الأسلحة الكيماوية، وتوقيعها على معاهدة منع استخدامها كمن يقر بينه وبين الآخرين ذليلاً في الخفاء أنه استخدمها. فيما الخطوات اللاحقة ستكون مطالب بالتخلص من السلاح الكيمياوي كما فعل القذافي سابقاً، وهو ما كان للنظام السوري الآن، لكنه لن يكسب بشار وحزبه سوى قليل من الوقت، فلن يسكت العالم عنه كما فعل مع أبيه في الثمانينات، ليس نزاهةً في العالم ولكن لأن رائحة القتل في سوريا قد تجاوزت المدى والحدود وأصبحت تُزكِمُ الأنفس!
مر علينا جنيف واحد، وربما سنرى بعده اثنين وثلاثة بدون التوصل لحلٍ يشفي غليل الشعب، وستعقد جلساتٌ لمجلس الأمن ومفاوضاتٍ بين الدول الداعمة لطرفي الأزمة السورية، وسنشهد جولات مكوكية لوزراء خارجية عرب ومبعوثين للجامعة العربية والأمم المتحدة، لكن الحل قد يخرج من غير جلبابهم جميعاً ويفاجئنا ليكون سورياً بحتاً!
الأيام تعرّف بأنها دول، وإن كانت تغاضت عن الأب الديكتاتور من قبل ومجازر سرايا الدفاع، إلا أنها لن تدوم للابن بشار حتى لو أباد وشرد ثلث شعبه كما فعلت الحرب الأهلية باللبنانيين سابقاً، وسينال المجرم عقابه ولو بعد حين، فلن يكون ابن حافظ عند الغرب أغلى من كل ديكتاتور خدم مصالحه عقوداً، لكنه وما إن انتهى دوره، لفظه الأقربون منه ورفض الجميع احتواءه وإيواءه. ولكم في شاه إيران محمد رضا بهلوي خير دليل، حين لم يقبل استقباله سوى مصر السادات فيما تخلت عنه الولايات المتحدة ما إن احتجز طاقم سفارتها عقب ثورة الخميني أواخر سبعينات القرن المنصرم!
 

المصدر: جريدة الرؤيه الإماراتيه  - http://alroeya.ae/2013/11/15/102328

 

لإيران مع التحية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الجزيره 14-11-2013

 

بت كثيراً ما أقارن بين تصريحات المسؤولين الإيرانيين مؤخراً وما اعتاد آباؤنا على التندر به عند تذكرهم لحروب ثورة 1967م مع الكيان الإسرائيلي، حين كان يطل عليهم أحمد سعيد بفخامة صوته الإذاعي ويبث على مسامعهم أخبار انهزام العدو وانتصار القوات المسلحة المصرية، في وقتٍ كان العكس صحيحا. مع أني لا ألوم المذيع الحربي لما كان يطلب منه أن يقرأ، فبياناته كانت تصله مكتوبةً ومعدة من القيادات الأمنية ذات الصلة، والحجة في ذلك كانت رفع معنويات الجند والشعب والحد من آثار الهزيمة المبكرة.
في نفس السياق، نرى الجانب الإيراني الذي يطل علينا دوماً مسؤولوه مزمجرين مهددين بالرد الحازم والصاع صاعين على كل من تسول له نفسه محاسبة إيران أو لومها على ما ترتكبه سياساتها العدوانية تجاه دول الجوار العربي والخليجي وحتى الإسلامي البعيد عنها ولا تربطه بها أي صلة. لا أدري من أين تأتي ثقتهم بالنفس وقدرتهم الموصوفة على خوض الحرب المزعومة وتهديد الجميع دون استثناء، أعطني مثلاً واحداً عن دولةٍ عربيةٍ واحدة خليجية لم تفتعل إيران معها المشاكل سابقاً أو أخرى تتمتع معها بعلاقاتٍ سلميةٍ أخوية لا يشوبها شائبة.
فسروا لي إن استطعتم لم منحتم لأنفسكم فقط الدفاع عن حقوق الشيعة في العالم؟ ولم دائماً أنتم المساء فهمكم والمظلومون والمعتدى عليهم، في وقتٍ لم يبق أحد إلا ويعلم أن سياسة تصدير الثورة ما زالت في قوتها، وما البرنامج النووي الإيراني إلا لعبة مخيفة، غاية إيران منها فرض عضلاتها علينا والاستقواء بها لفرض أجندتها وسياساتها وعصاها الغليظة لكل من يعصيها.
أين عدلكم حين يتعلق الأمر بسنتكم وحقوقهم الاجتماعية والسياسية والدينية وحق بناء المساجد ودور العبادة؟ من ينكر، فليسم لي مجمعاً إسلامياً سنياً في العاصمة طهران أو كبريات مدنهم وليعطيني أسماء لإخواننا السنة ممن يعتلون سدة المناصب القيادية، هل تدرس مناهجهم في المدارس والجامعات والمعاهد؟، هل يتمتعون بحقوقهم الشرعية وفق مذهبهم، ألم تشِع الثورة سنة إيران وتعاملت مع عقيدتهم بمحاكم تفتيشها. عرب الأحواز من الأكثر تضرراً، لم هم مواطنون من الدرجة الرابعة بدون تنمية وببطالة عالية واضطهادٍ رسميٍ حكوميٍ ممنهج.
أين يكمن فكر السلام في تدخلات إيران في البحرين وبثها نار الفتنة وتغذيتها المعارضة الطائفية التي تدعي الوطنية، في وقتٍ تنفذ فيه سياسة الأجندة الخارجية، التي لو كانت حقاً ممثلاً مفوضاً لشيعة العالم، فلم لا يمنحوا شرف الهجرة ويجنسوا، كما فعل اليهود المغتصبون حين سيروا كل إمكانياتهم لتهجير يهود العالم لإسرائيل، بمن فيهم يهود الفلاشا الأثيوبيين. ألم تكن هجرتهم مع تعدد أعراقهم قائمةً على «التعصب الديني» لبلدٍ هو الأصغر مساحةً عربياً، فيما تنعم إيران بأرضٍ كبيرة مترامية الأطراف، يمكنها أن تحوي فيها كل من أرادها وطنناً وانتماءً!
من ابتغى الإصلاح وطالب بحقوقٍ مسلوبة، فعليه أن يكون معارضاً بحوارٍ وطنيٍ خالص، يراعي وحدة الوطن ويتخلى عن أي أجندةٍ خارجية تنمي العداوة والبغضاء كما تفعل جمعية الوفاق في البحرين، فلو كانت حقاً حريصةً في عملها على الوفاق لما رفع متظاهروها صور قادة الآخرين في مسيراتهم، ولما أشاعت الفوضى في وقتٍ سمحت لها الديموقراطية البحرينية في الانتخابات أن تحظى بأغلبية المقاعد في البرلمان، وعفوٍ ملكي عن معارضي الخارج، الذين حال عودتهم توقفوا «ترانزيت» في دولةٍ أخرى للتخطيط لمرحلة ما بعد الملكية والانقلاب على الحكم!
أين محبة الإخوة في إيران للسلام, ومنهم من ينفخ الكير لفصل شيعة المملكة ودول الخليج الأخرى عن دولتهم وعن انتمائهم العربي والمساعدة في زرع الفتنة بينهم وإخوانهم السنة، في وقتٍ نالوا فيه حريةً في ممارسة عقائدهم وبناء حسينياتهم والتمتع بالمواطنة وحقوق التعليم والصحة والتوظيف والمحاكم الشرعية للعقود والأنكحة.
أين هي المحبة المزعومة للسلام من تدخلاتكم في العراق ولبنان ودعم النظام الأسدي العلوي الطائفي المجرم ووقوفكم معه ضد ثورة شعبٍ مظلوم ومضطهد, عانى الأمرين ولا يزال حتى يكتب له المولى القدير نصراً يعمي به دعاة الباطل.
هي دعوة صادقة للجار الفارسي العتيد, إن أردتم الود فنحن أهله, ولن يبعدنا عنكم اختلاف مذاهبنا, ولتكونوا دعاة سلامٍ وحيادية, ولتنأوا بأنفسكم عن التدخل في الآخر, حينها قلوبنا وعقولنا لكم مفتوحة وأيدينا لكم ممدودة.
 

المصدر: جريدة الجزيره - http://www.al-jazirah.com/2013/20131114/rj12.htm

الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

الصراع حول حقوق المرأة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 12-11-2013

 

 
الحديث عن المرأة هذه الأيام لا يمكن أن يصنفك إلا مع أو ضدّ. لا وسطية فيه، فيما اختفت العقلانية واستبدلت بتطرف واستبداد بالرأي وتعصب عند الأغلبية.
طرفا الصراع تيار ديني وقبلي وعُرفي وآخر حقوقي إنساني يصف نفسه بالليبرالي، وفحواه لا يتعدى بعض المطالبات غير المصيرية، لكنها في عقل المطالب والممانع أصبحت مسألة أن تكون أو لا تكون، فيما يتغافل بجهل كلا الطرفين ويهمل ما هو أهم وأولى وأحق من حقوق وواجبات ومسؤوليات مسلوبة ومفهومة خطأ، يتوجب إعادة تفسيرها وتوضيحها ومنح ما منُع منها بالباطل وهوى النفس وبالتقاليد البالية للمسلوبة منها، وهي المرأة في عديد من المجتمعات الإسلامية والعربية.
صلاح الحال لا يكون في نيل مكاسب لحظية تغذيها موجة من العواطف وإنما بإصلاح الذات، في مجتمعاتنا التي أقل ما يمكن أن توصف به ذكورية بحتة، ربت وترعرعت على مفهوم الرجل صاحب السطوة، والمرأة التابعة. يُغذيها فكر منبعه الأسرة ويحثُّ فيه الأب والجد والجدة، وفي أحيانٍ كثيرة الأم، أبناءهم على الاعتقاد بأنهم القوامون على الأمر فيما لم يأمر الله سبحانه وتعالى به، والنتيجة تشبع لمفهوم السيطرة والفوقية يمارسها الذكر بقناعة، مزروعة داخله، أنه الأسمى، سيتبعها ما سيفسر تصرفاته حين استقلاله، وسيمارس فيها السلطة المنفردة، التي سيكون من الصعب عليه فيها تقبل الشريك مهما بلغت حكمته!.
مشكلتنا ليست في ثقافتنا الذكورية فقط، بل في كوننا على باطل ونصرّ على الاستمرار به، نطوّع له كل وسيلة، دينية كانت أو قبلية، للاحتفاظ بهوس القيادة، متناسين أن الله عز وجل خلق الخلق بجنسيه وكرم كلاً منهما، ومنحه ما يميزه على الآخر دون ظلمٍ له أو اجتزاءٍ لحقوقه.
بداخل كل رجلٍ عربيٍ منا يدور صراع، فحواه يتركز على إما أن أكون القائد لا التابع، أو العقلاني المتفهم المؤمن بالمساواة والمشاركة، والنابذ لمفهوم قوة الشخصية التي لن تتحقق إلا بمخالفة المرأة بشكلٍ عام «والزوجة خصوصاً للمتزوجين»، والسير عكس ما ترى أو تشارك به كجزء من تصورها لأمرٍ ما!.
صراعنا المرير وإن تغلبنا عليه ووقفنا مع الحق والإنصاف، سيواجه باستنكار مجتمعي يعاتبنا فيه لما يسميه خنوعنا. حينها ستكون سيرة حياتنا ما تلوكه الألسن!.
لكل أمر ضوابطه، ودون ذلك تكون الحياة عبثية. وكي لا نقع في هذا الخطأ، يتحتم علينا كمجتمع عربي مسلم محافظ بطبعه أن نقنن ما يُختلف عليه من مطالب، لا أقول تستحقها المرأة لأنه من صلب حقوقها، وإنما نتبع فيه سياسة التفاهم لا فرض الأمر الواقع، التي لن تؤول إلا إلى التصادم، وستشغل المجتمع بصراعات تفككه وانقسام أبنائه.
قيادة المرأة السيارة برأيي (وأنا لا أفتي هنا) حق لا لبس فيه، وسيسعدني أن أكون أول من يقف فيه بجوار زوجته، ولكن ضمن الإطار الصحيح، ووفق سياسة الدولة، ودون فرضه بالقوة، ومع تأطيره وتقنينه وتوفير ما يناسبه من عوامل مساهمة في أمانه ونجاحه. هذا بالإضافة إلى ما يسبقها من حملات تنويرية تثقيفية، على الجميع الدعوة لها كي تساهم في الوعي المجتمعي وتحد من أي مخاوف متداولة.
 

المصدر: جريدة الشرق السعوديه - http://www.alsharq.net.sa/2013/11/12/994399

الأحد، 3 نوفمبر 2013

الصرع بين العلم والخرافة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في مجلة فكر الثقافه العدد الخامس 01-11-2013

   

الصرع (Epilepsy) ليس بمرضٍ ذهني ولا نفسي, كما أنه ليس بمعدٍ (Contagious) ولا تتوقف الحياه إن أصيب به, بل هو عارضٌ طبي عصبي (Neurological disorder), وفي العالم أجمع ما نسبته واحد بالمائه من السكان يعانون منه أو مرشحين محتملين أو مرو بالتجربه (النوبات) على الأقل مرةً واحده في حياتهم.
هل هو وباء (Epidemic)؟, بالطبع لا...., هو بكل بساطه ناتج عن اختلالٍ في آلية عمل النظام الكهربائي للدماغ, مسبباً ما يعرف بالنوبات الصرعيه (Seizures) والتي تختلف أنواعها وتتعدد, ولا تقتصر على الصوره العامه المعروفه والمتكونه عند العامه بالإهتزاز والإنتفاض والتخشب والزبد (Clonic-Tonic Seizures). هو الحاله الطبيه التي يحدث بها حدوث متكرر للنوبات ناجمٌ عن نشاطٍ كهربائي زائد ومتزامن للخلايا العصبيه في جزءٍ من الدماغ (Partial) أو كامله (Generalized).
لو أردنا الرجوع لقرونٍ سابقه لنعرف أصل كلمة "صرع", لوجدنا أنها إغريقيه تصف" حالة الشعور بالهزيمه أو التعرض لهجوم". فيما رأت الشعوب أنها حاله من "التملك"   تتلبس المصاب بفعل قوى خارقه (Supernatural), ويكون مردها لمسٍ شيطاني أو للعفاريت والجن. هذه الحاله من القدسيه التاريخيه أُصبغت على الصرع, مما أثر سلباً على فهمه وعلاجه, وجعل المصاب به مرتبطٌ مصيره بثقافة تلك المجتمعات, وعلاجه رهنٌ بالخرافات.
مفهوم المس ليس بحديث عهد ولا عُرفنا به عن من سوانا من الأمم, فالتاريخ يذكر بأن شعوب من سبقنا بقرون آمنو بأن نوبات التشنج  تحدث بفعل تملك قوى خارقه لجسد المصاب مسببةً نوباتٍ من الإنتفاض وزبد وخروجٍ عن الوعي وفقدٍ للإتصال الخارجي. تولى الطرف الديني فيها مسؤولية علاج المصاب وأنيط به تقرير المصير, كما دائماً ما كلفت القبائل االبدائيه والوثنيه سحرتها مسؤولية التعامل معه وعلاجه.
المجتمعات الثالثه والقبليه والعرفيه تعاني أكثر من غيرها من عقدة عار ما أسميه الصرع, وخصوصاٍ إن كان المصاب به الأنثى, فالبنسبة لهم هي بداية النهاية والعنوسة للفتاه أو الوحده والطلاق للمتزوجه, وكأنها تعاني من مرضٍ معدٍ مشين!

إن جهاز الإنسان العصبي من أعقد ما في الجسم البشري, فهو وبامتياز فريدٌ من نوعه, ولكم أن تتخيلو كيف بنظامٍ يستطيع التعامل مع الملايين من المعلومات وأجزائها من مختلف مكونات الجسد بعضلاته وأعصابه, أجزائه الحركية والحسيه, ليربط بينها لتقرير وتحديد الإستجابه المناسبه.
فيما الدماغ يتمتع بالأهليه للقيام بذلك, إلا أنه وكأي عضوٍ بشري, معرضٌ للإعتلال والتوقف عن العمل, لذا حدوث أي إصابةٍ له تنعكس على مركز السيطرة والتحكم  بكل مقدراتنا, الذي بدوره تتحكم فيه مواقع وأجزاء بعينها داخله, ولكلٍ منها وظيفه محدده.
ترتبط النوبه الصرعيه على الجزء في الدماغ الذي حصل فيه التفريغ الكهربائي للخلايا العصبيه, ومع علمنا بأن كل مكان في الدماغ له وظيفه فريده يؤديها, لذا فالجزء المصاب سيفقد إمكانية أداء وظيفته بالشكل المطلوب, ومن ثم تكون الأعراض المصاحبه للنوبه بناءً على ذلك.
يمكن السيطره في الغالب على النوبات التشنجيه وبالتالي تحييد الصرع فيما لايقل عن سبعين بالمائه من المصابين به, كما أن خمسين بالمائه من الأطفال يمكن شفاؤهم منه قبل بلوغهم. لكن الدراسات والأبحاث الطبيه تشير إلى أن ما يقارب الثلاثين بالمائه من الأفراد لا يمكن السيطرة على نوباتهم حتى مع توفر أفضل طرق العلاج.
تزيد نسبة الإصابه بالصرع في دول العالم الثالث وفي بعض مجتمعاتننا العربيه عن من سواها, وذلك راجعٌ لقلة الوعي المنزلي وثقافة العيب وضعف الإجراءت الطبيه والإهمال الحكومي وتفشي مفهوم المس الشيطاني أو الجن والحسد والعين, وما يترتب عليه من لجوء المصاب وذويه لطرق العلاج الشعبيه أو إعطاء طابعٍ ديني عبر اللجوء للقراء وإهمال الجانب العلمي الطبي الذي دعينا جميعاً كمسلمين للأخذ به وباللجوء له بعد الله سبحانه وتعالى طلباً للإستشفاء. فسبحانه خلق الداء والدواء وجعل من القرآ ن الكريم نورٌ ورحمةٌ وشفاء, لكنه أوصانا بالأخذ بالأسباب, ومن الأسباب ما أرجعه لضرورة الأخذ بالعلم الحديث الذي منحه لنا المولى الكريم, عبر اللجوء للتداوي والإستشفاء الطبي وأخذه كبابٍ وسبيل لا يمكن الإستغناء عنه, مع نبذ الخرافات والأقاويل والإشاعات التي يتداولها العامه من الناس على أن مرد الصرع هو عين وحسد أو مسٌ شيطاني أُريد به الضرر للمصاب. حينها يلجأ المتضرر وأهله للعطارين والطب الشعبي ولمن يسمونهم بقراء الرقيا طلباً للشفاء, متجاهلين زيارة الطبيب المختص لإجراء الفحوصات الطبيه وأخذ العلاج والدواء المناسب للحاله, ما قد يترتب عليه من اشتداد العرض وتطور الحاله فتصبح مزمنه وقد تؤدي لعواقب كان من الممكن تجنبها لو راعى الأهل ضرورة العلاج والكشف المبكر والإلتزام به.
تراخي البعض عن طلب المشوره الطبيه واعتقاده بأن علاج الصرع والتشنجات فقط عبر قراءة القرآن على المريض فكرٌ خاطيء وفي غير محله مع إيماني ويقيني الذي لايقبل الشك بعظمة القرآن وقدرته وإعجاز الخالق العظيم. لكننا كمسلمين مطلوبٌ منا أيضاً السعي وتحكيم العقل وطلب التداوي عبر العلم الذي علمنا إياه سبحانه "وعلم الإنسان ما لم يعلم", فكانت أولى آياته لنبينا الكريم "إقرأ"
سُمي الصرع بمرض العظماء, لكثرة المشاهير الذين أصيبو به عبر التاريخ, لكنه لم يمنعهم يوماً أن يكونو ما أصبحو عليه, بل في العديد منهم زادهم إصراراً وتحدياً وذللو عقبته فكانت لهم حافزاً للتقدم والإنجاز.
الإسكندر المقدوني, المحارب والقائد الأسطوره, كان أحد من من أصيبو بالصرع, كما عانى منه لاعب كرة القدم الشهير رونالد. القائد القرطاجي الشهير هانيبال أحد أعظم العسكريين في التاريخ أصيب به أيضاً, وكذلك الملك ألفريد الأكبرويوليوس قيصر و الملك شارل الخامس ولويس الثالث عشر وبطرس الأكبرو تيودور روزفلت الرئيس الأمريكي الخامس والعشرين, كما أفادت بعض كتب التاريخ أن نابليون بونابرت عانى منه طوال حياته.
أولى خطوات علاج الصرع تكمن في تحديد نوعه وشكل النوبات المصاحبة له, والروايه لما اعترى المصاب به من أشخاصٍ عاصرونوبته  (History). عقبها يكون على الأغلب أولى الخيارات العلاجيه عبر وصف الأدويه التي تساهم في تحكم المريض بالنوبات التي تصيبه. وسائل أخرى متاحه لعلاج الصرع, وغالباً ما تكون في الحالات الطبيه الخاصه أو تلك التي تفشل معها الأدويه, ومنها الجراحه بختلف أنواعها وزراعة جهاز خاص لتحفيز العصب المبهم أو الحائر  (Vagal nerve stimulator), والحميه الكيتونيه (Ketogenic diet)



المصدر: مجلة فكر الثقافه العدد الخامس -

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...