الخميس، 29 سبتمبر 2016

رسالة للعقلاء فقط..الإنسانية ضد العنف

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 29-09-2016



يقولون ولا أنكر ما قالوا أو أنفيه، وإنما أدعوكم لعدم العيش على أطلاله، والمضي قدماً من دون لطم وعويل، وبخطى إصلاحية مجددة، لنكن الند الجدير بالرئاسة والزعامة:
 
فرنسا احتلت الجزائر ما يقارب القرن ونصف القرن، ولعقود استعمرت دول المغرب العربي الأخرى والأفريقية على السواء، وكذلك فعلت من قبل أسبانيا والبرتغال، حين اقتسمتا العالم وفق المرسوم البابوي "Inter Caetera" الذي أصدره البابا اليكساندر السادس عام 1493 لملك اسبانيا وملكتها، لينشأ السلطان المسيحي على العالم الجديد عبر دعوته إلى إخضاع السكان الأصليين وأراضيهم، وتقسيم الأراضي المكتشفة في وقته والتي لم تكتشف بعد إلى قسمين مشاطرة بين إسبانيا والبرتغال. قبلهم جميعاً وفي زمن سحيق يقدر بخمسمئة عام قبل الميلاد، شن الفرس حروبا ضارية ضد اسبرطة واليونانيين، خسروا على إثرها لكنها أسالت بحاراً من الدماء، كما حدث بعد ذلك في أوروبا في العصور الوسطى من مجازر عرقية وتوسعية ومذهبية راح ضحيتها الملايين، لكن العدد الأكبر كان في الحربين العالمية الأولى، والثانية، اللتان تجاوزت خسائرهما الـ50 مليون إنسان.
 
الأمثلة كثيرة لجنون البشر واحترافهم القتل، ولن تنتهي بزمان بعينه، بل هي سنة كونية يغذيها الاختلاف في العرق والدين والطمع والجشع وروح الاستعلاء شاء من شاء، أما من أبى فالانتقام منه هو ردة الفعل التي يسهل تسييرها هذه الأيام عبر رعاع متحمسة تظن أن دخول الجنة مرهون بقتل المدنيين الأبرياء، الذين لا ذنب لهم سوى أن سياسيي دولهم يتخذون مواقف ظالمة بحق دول أخرى. حينها يبادر المظلوم للانتقام، ولكن من برئ لا ذنب له إلا كونه يحمل جنسية تلك الدولة.
 
اللوثة الأزلية صعبة الاستئصال من تفكيرنا كعرب وكمسلمين هو ربطنا على الدوام مواقفنا بماضي الآخرين معنا، من دون أن نسعى لتغيير هذا الماضي لحاضر يماثلهم في القوة والتقدم. هو فكر محدود وقاصر يظن أن إسالة الدماء هو الحل لاستتابة الظالم، غير مدرك بأن ردة الفعل ربما اشد ضراوة وأكثر اجحافاً، فهو القوي في لعبة الأمم وصاحب الحظوة التي لا نمتلكها، فتجعل منه متقدما علينا فيما نحن خلفه بمسافة لا نفكر في طولها وإنما كيف كنا سابقاً وكيف نظلم حاليا، ولكن من دون أن نخطط لإزاحة هذا الظلم وتحويله لنصر وازدهار.
 
ما حدث وما زال بفلسطين، والعراق واليمن وسورية، جرائم لا تقبل النقاش، واستهداف العزل غير مقبول اخلاقيا ولا دينياً ولا إنسانياً، وحمى الانتقام يجب أن تترجم لأفعال تنتفض على الواقع المخزي بدل استحضار مجازر الماضي. أما الناقمون علينا بسبب استنكارنا لأي عمل إرهابي يستهدف المدنيين الأبرياء، فهم المصابون بفوبيا الغرب وكرهه، من دون أدنى محاولة للتصالح مع أنفسهم والتوصل معهم لاستراتيجية الندية وفق معايير النزاهة والتقدم والعلم والأخلاق.
 
الإنسانية يا أمتي لا تعرف الأحقاد في لحظات المصائب والكوارث، وإنما التعاضد والمساندة التي وحدها إلى جانب المثابرة بالعمل ستسهم في التقارب والتفاهم واحترام الحقوق.
 
للعلم فقط ومن باب التذكير، اميركا تضامنت مع بريطانيا في الحرب العالمية الثانية ودعمتها رغم أن الأولى استعمرتها وارتكبت مجازر بحقها حين طالبت بالاستقلال. كذلك فعلت فرنسا مع المانيا التي دعمت شقها الغربي عقب الحرب العالمية الثانية رغم ان هتلر احتل فرنسا وعاث بها فساداً. رفض شعب اسكتلندا حديثا في استفتاء شعبي دعوى الانفصال عن التاج البريطاني وآثر البقاء ضمنه، رغم ان البريطانيين ارتكبوا في السابق مجازر بحقهم وقمعوهم بوحشية حين طالبوا بحقوقهم.
 
لم تربط تلك الشعوب ما حدث في الماضي بمواقفها في تلك الأزمات وإنما بدأت صفحة جديدة في العلاقة الشعبية والرسمية، وكذلك ما يجب علينا فعله بدلا من تعديد ممارسات الغرب الوحشية حين كان هو القوي ونحن الضعفاء. هي ليست دعوة لنسيان الماضي الذي لا حاضر لمن فقده، وإنما لاستشعار دروسه وجعله حافزاً نحو حياة جديدة ندفن فيها عصور الظلمة ونبني وطنا عادلا يكرس للحرية ويراعي الديمقراطية وحقوق الإنسان.
 
لا بد أن نعي جيدا أن حملات العنصرية التي يتعرض لها العرب والمسلمون في الغرب هو أمر مثير للاشمئزاز أيضاً وضد الإنسانية التي تؤطرها قوانينهم، شأنها تدخل حكوماتهم في دولنا ونهبها لثرواتها وتغذيتها للتفكك والاضطرابات. جميعها أيا كان الطرف البادر منه تصرفات مرفوضة، يجب أن يعي قادة تلك الدول أنهم بسيرهم وفق هذا النهج يكرسون لوجود فصائل ناقمة تبتغي الثأر بأي وسيلةٍ أيا كان المُتضرر منها!
 
ستبقى الارض التي نحيا عليها ورغم القوانين الوضعية التي تسير الحياة بها عرضة لقانون الغاب الذي سينتج الظلم والقهر والعداء بين الأمم والشعوب، لكن الحكيم منها هو من يغير واقعه للأفضل الذي سيكفل له الاحترام كما الرهبة، فهلا وعينا ذلك جيدا وبدأنا ثورة على نمط تفكيرنا الذي كان له السبق دوما في رجعيتنا وتأخرنا ومواقفنا تجاه انفسنا قبل الآخرين.


المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=378296

الأحد، 25 سبتمبر 2016

مشاركة في تقرير مع الحياة بعنوان " «جاستا» يفتح أبواب مقاضاة أميركا..."

بقلم عماد أحمد العالم

تقرير تم نشره في جريدة الحياة 23-09-2016



قال المحلل والكاتب السياسي عماد العالم لـ«الحياة»، إن قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب، يعد خطوة من قبيل إقرار الولايات المتحدة، لتبعات خطرة على الأميركان أنفسهم من دول تضررت كثيراً من تدخلاتها وسياساتها العسكرية، مشيراً إلى أنه سيدفع لتنشيط مؤسسات المجتمع المدني وهيئاتها التشريعية إلى سن قوانين تسمح لعائلات الضحايا في بلدانها التي تضررت من الهجمات والعمليات العسكرية الأميركية فيها، برفع دعاوى تجريم وتعويض على الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يسبب حرجاً ديبلوماسيا في حال عدم اعتراف الأخيرة، أو رفضها لهذه المحاكم.
وأكد العالم أن قائمة الدول المتضررة من الإرهاب الأميركي كثيرة، وقال: «لن تكون أفغانستان والعراق على رأس القائمة فحسب، بل ستسعى أيضاً دول أميركا اللاتينية التي عانت في القرن الماضي الانقلابات العسكرية الدموية التي رعاها جهاز المخابرات الأميركية، إلى الانتقام وفضح الدور الأميركي فيها، ففي تشيلي مثلاً وبرعاية من سي آي آيه، قام بينوشيه بانقلابه الذي أطاح بحكم الرئيس المنتخب ديموقراطياً سيلفادور الليندي، وارتكب مجازر دموية، وقمعاً غير مسبوق بحق المعارضة، مع تعطيلٍ كامل للحياة الديبلوماسية، وكذلك جرى الأمر في الأرجنتين والبرازيل والإكوادور وهاييتي وكوبا والسلفادور، وجميعها عانت من الحكم العسكري الانقلابي الذي نجح بدعم ومؤازرة أميركية، كما حدث بالتمام في إندونيسيا، حين انقلب سوهارتو على الزعيم سوكارنو، ليُخلف نتيجة لذلك نحو مليون قتيل وعشرات الآلاف من السجناء».
وأضاف: «هذه الجرائم الدموية التي تمت برعاية أميركية مكشوفة، لا تسقط بالتقادم، وفيها من جرائم الحرب ما يصعب حصره، وحال البدء في مقاضاتها ستدخل أميركا في دوامة قضائية عالمية ستزيد من كراهية الشعوب لها، وستصعب من ادعاءاتها المتكررة بحرصها على العدالة، فيما كانت سابقاً وما زالت راعياً رئيساً لديكتاتوريات منتهكة لحقوق الإنسان، وتجرم بحق شعوبها». وتابع: «أما العراق وأفغانستان وباكستان، فعلى رغم فداحة الضرر الذي حدث بهم إلا أن حكوماتهم الحالية التي تخشى التصادم مع الأميركان، وقد تعطل أية دعاوى ضدهم مشابهة، لكن هذا لا يمنع أن يحدث مستقبلاً إن قامت ثورات شعبية متوقعة تطيح بحكومات دولهم، التي ملت من تبعيتها، وعدم سعيها للمصلحة الوطنية وفسادها».
وأكد أن أميركا في خطر إن لم توازن بين مصالحها الداخلية والتزاماتها وعلاقاتها الدولية، وخسارة العلاقة الحسنة مع دولة بحجم المملكة العربية السعودية ستكون تبعاتها خطرة اقتصادياً على أميركا، وسينزع ذلك منها ورقة حليفٍ استراتيجي، ومن أكبر منتجي النفط في العالم، وستستعى بدورها إلى الرد بإجراءات احترازية سريعة لتسييل أموالها وسحبها قبل أن تتعرض للتجميد، كما يتوقع إن قبلت المحاكم الأميركية دعاوى التعويضات المزمع التقدم بها!
وتابع: «تتلاعب الهيئات التشريعية في الولايات المتحدة بالدول الأجنبية، وقد يكون ذلك عن قصد، نتيجة لسياسة الحكومة الأميركية الخفية، أو أنها تمارس أجندة ناتجة مباشرة عن رغبات لوبيات الضغط في الولايات المتحدة، أو لأهداف انتخابية.
كما تحدث عن ذلك في أكثر من كتاب النائب الأميركي السابق لـ20 عاماً متتالية بوب فندلي، الذي كشف أن الكونغرس ومجلس النواب الذي يحتفظ بالسلطة التشريعية، يتعمد على مدار أعوام سن قوانين تتعارض فعلياً مع المصلحة الدولية لحكومة بلاده، من دون الأخذ بالاعتبار ما قد ينتج عنها من ضرر للمصلحة القومية، في تصرف فج يهدف فقط لمطامع ضيقة على المدى القصير».
واستطرد: «هذا ينطبق الآن على القانون الذي أُقِرّ حديثاً، الذي سيسمح للمحاكم الأميركية بالنظر في دعاوى تعتزم عائلات ضحايا الـ11 من سبتمبر رفعها، طلباً للتعويضات من المملكة العربية السعودية، التي تسعى فئات سياسية أميركية إلى الزج بها في المسؤولية عن الهجمات، على رغم التقرير الذي صدر أخيراً، وأُعلنت بموجبه براءة المملكة من هذه الاتهامات». وأكد أن الغرض يمكن أن يكون الابتزاز المالي أو السياسي، وقد يكون استجابة للوبيات الضغط الإسرائيلية والإيرانية في أميركا، إلا أن المؤكد أن المملكة، التي تستثمر مئات البلايين في الولايات المتحدة، في شكل سندات وأرصدة أو استثمارات مباشرة، قد تتعرض لتجميدها حال موافقة قاض في محكمة ابتدائية في أصغر مدينة أميركية، إن ارتأى قبول الدعوى، وهو ما سيلحق ضرراً كبيراً بهذه الموارد السعودية، التي يصعب التكهن بالزمن التي ستبقى فيه مجمدة، أو حتى يُقتص منها لدفع التعويضات المزعومة.
وأشار إلى أن رفض وزارة الخارجية الأميركية هذا القرار واعتزام البيت الأبيض استخدام «الڤيتو» الرئاسي عليه، قد يُسهم في تعطيله موقتاً، لكن الكونغرس قادر بحسب الدستور على إعادة طرحه مرةً وأخرى، واعتماده بأقل نسبة تصويت، وهو ما سيجعله سارياً ويلغي «الڤيتو» الرئاسي، الذي لن يحول بعد ذلك دون تطبيقه!


المصدر: جريدة الحياة - http://www.alhayat.com/Articles/17524224

مشاركة في تقرير مع الحياة بعنوان " الاتحاد يتطلب أن نتجاوز الخلافات ......"

بقلم عماد أحمد العالم

تقرير تم نشره في جريدة الحياة 17-05-2016



على أعتاب الذكرى الـ35 لإنشاء مجلس التعاون الخليجي يبدو جلياً تزايد التحديات التي تهدد هذا المجلس، وتحفز الدول الأعضاء إلى بناء شراكة متكاملة، يجب أن يكون محصلاً لها الاتحاد السياسي والاقتصادي، في ظل أجواء دولية وشرق أوسطية غير مستقرة، بدأتها إيران في استفادتها من التدخل الأميركي في العراق بعد إطاحتها بحكم الرئيس السابق صدام حسين، وليس انتهاءً بدعمها «حزب الله» في لبنان، و«الحوثيين» في اليمن، وجهودها الحثيثة للإبقاء على النظام السوري، ووقوفها معه عسكرياً ومالياً وسياسياً في وجه ثورة شعبية طالبت بالتغيير.
وقال المحلل السياسي عماد العالم لـ«الحياة»: «إن تزايد حمى التسليح العسكري وتعزيز قدرات البحرية الإيرانية التي يدعمها النظام الراداري الجديد القادر على رصد الأهداف المعادية لمسافةٍ تمتد إلى ألف كيلومتر، يزيد من القلق الخليجي»، لافتاً إلى تزايد نفوذ «القاعدة» و«داعش» في اليمن، والأخير التي باتت خلاياه في الخليج تنفذ عمليات إرهابية، وتهدد بإثارة القلاقل وتعكير صفو النسيج الاجتماعي لدول الخليج عبر عملياتها ذات الطابع الطائفي.
وأوضح العالم أنه في ظل جميع هذه التحديات، «يقفز دوماً أمام صناع القرار الخليجي ضرورة توحيد المواقف المشتركة في السياسة الخارجية، والتي لن تتم إلا عبر توافقٍ تام في ما يخص إيران وبعض الجماعات، ومنها «الإخوان المسلمين» الذين تتباين المواقف معهم ما بين متقبلٍ لهم من جهة، وأخرى مصنفين فيها جماعةٍ إرهابية، جميعها تتطلب أن يكون الخليجيون قادرون على تجاوز خلافاتهم البينية وتحديد أولوياتهم وأهدافهم المشتركة والمخاطر المحيطة في الخليج والمنطقة عموماً».
ودعا دول الخليج إلى اتخاذ «قرارات وخيارات مؤلمة، كان ينبغي اتخاذ غالبيتها قبل زمن بعيد لكن ذلك لم يحدث، ومنها تفاقم المشكلات السكانية والاقتصادية في الداخل، وارتفاع نسبة البطالة في ظل سياسةٍ لم تثمر بعد عن نتائج حقيقية في تفعيل التوطين، يُضاف لها غياب الحوافز الاقتصادية الضرورية للنمو والتوظيف، والأهمية الحيوية للقطاع الخاص والحاجة إلى إحداث توازن دقيق بين النزعة المحافظة ومتطلبات القرن الـ21، الذي تعمد فيه الدول لبناء اقتصادٍ صناعي لا استهلاكي ومنفعي مدعوم من الموازنة العامة للدول، التي تأثرت كثيراً بانخفاض أسعار النفط والطلب العالمي عليه».

المصدر: جريدة الحياة - http://www.alhayat.com/Articles/15643668/العالم--الاتحاد-يتطلب-أن-نتجاوز-الخلافات-ونتخذ-قرارات-مؤلمة

الخميس، 8 سبتمبر 2016

دولة الأخلاق

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 08-09-2016



الأيام دول، وهذا الزمان على ما يبدو وحتى اللحظة ليس زماننا كمسلمين، أعلم بأن ما أقوله قد قاله قبلي كثير، ويبدو أنه من كثرة ما رددناه أصبح القول كئيباً رتيباً مملاً، إلا أن تكرار قولي لعله يوقظ ضميراً واحدا من بين أمة المليار، فيكون بما فعل قد خطا الخطوة الأولى نحو الإصلاح المنشود لعالم الأخلاق، الذي ذهب عنا فذهبنا ليس معه وإنما للنقيض منه!
 
ذات يوم، استيقظ العالم الآخر الموازي لنا في الطريق والمتقدم علينا في أغلبه، فطبق ما نادى به الإسلام ودعت إليه تعاليمه من دون أن يحول دينه، فتقدم علينا ونبذ عصور ظلمته وبدأ ثورة أخلاقية إنسانية، نتج عنها قوانين وضعية تسير شتى شؤون الحياة ولم تدع صغيرة ولا كبيرة فيها إلا غطتها، فيما نحن مازلنا مشغولين "بالهياط" والمفاخرة بالأصل والفصل وبالقبيلي والحضيري والعبد والفلاح والصعيدي والمدني والقروي والمواطن والأجنبي.
 
ثقافة مجتمعاتنا محتاجة لغربلة وتصفية، فحين يكون هم المجتمع وسلوكه وحياته وقرارته وتفكيره في بضع شؤون كقوله مثلاً: هل غطاء الوجه حلال أم حرام؟، وما يثيره من خلافات ذات شجون، حيث قائل بالحرية الفردية وآخر متهم بأن من تكشف عن وجهها فإن لها زوجا ديوثا، فيما آخرون في دوامة سعارهم الجنسي، ونفر ليس بالقليل جل همه التصنيف، فذاك إخوان وسلفي وليبروجامي، ووهابي وليبرالي وسروري، ولا ننسى طبعا المتنطعون ومعهم من يستفتي هل يجوز النظر لعورة الفضائيين او الوضوء من المريخ؟، وفيهم من يفتي في علم لا يعيه ويقول إن الأرض مسطحة.
 
القائمة طويلة ولن يختلف حالنا إلا إذا نبذناها جميعها، من دون أن ننسى منها طبعا أتباع مذهب "أحب الصالحين ولست منهم"، وتحولهم لصالحين بدل التمسح بهم فقط، والدفاع عنهم، حينها فقط تأكدوا أننا سنكون كالنرويج، وفنلندا، والسويد، وكندا والنمسا وبقاع العالم التي نتمنى الهجرة اليها والعيش فيها آمنين سالمين مكرمين معززين!
 
لو عدنا لرشدنا كبشر قبل أن نكون حتى مسلمين، لوجدنا ديننا الحنيف الذي أهملناه وتجاهلناه وقصرنا فيه؛ هو أساس المنظومة الأخلاقية التي تحترم حقوق الإنسان وتراعي الجميع وتكفل العدالة والنظام وتؤطر للقانون وتكرس النزاهة والشفافبية.
 
في دول العالم التي تولي أهمية لمنظومة الأخلاق، يتعلمون السلوكيات أو ما يسمى:
 
(Good manners and Right conduct) من المراحل التعليمية الأدنى حتى الأعلى، ويدرسون تعليم القيم (Values Education)، بينما يركز تعليمهم الجامعي والأكاديمي على الأخلاق (Ethics)، بينما نحن العرب والمسلمون المتفاخرون بفلان وعلان نتجاهلها!
 
في شوارعنا، دوما ما تحيطك النظرات الغاضبة، فإن أسديت لأحدهم معروفاً أو أديت له خدمة أو أحسنت التصرف تجاه موقف ما، تجاهلك، بينما في دول الغرب "الكافر"، عامة ما يبادرك بالكلمات السحرية (magic words)، أي شكراً، ولو سمحت ومن فضلك وهلا تكرمت وأرجوك......


المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=376282

الخميس، 1 سبتمبر 2016

جريمة بحجة الشرف!

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 01-09-2016



اسمحوا لي اليوم أن أكتبها صراحة حين أصف القانون الوضعي المعمول به في عديد من الدول، الذي يبرئ قاتلاً بحجة صونه الشرف، بأنه عديم شرف وليس من الدين ولا الأخلاق من شيء، وأفضل وصفٍ له بعيدا عن النعت بالرجعية والتخلف هو "البربرية"، التي تُبرر لذكر في أسرة أو قريب أن يسفك دم أنثى تنتمي لنفس الأسرة، لأسباب "يروجوا" أنها تتعلق بارتكابها "عمل غير أخلاقي" كالزنا والعلاقات غير الشرعية والصداقة موضع الشكّ، من اجل الحفاظ على ما يسموه شرف العائلة عبر غسل العار! 
هذا القانون الذي يوفر السبيل للسفاح كي ينفذ بجلده، يطبق فقط وتتهدج به الصدور حين يكون من أخطأ أنثى، وقتها تتفجر حمية الذكر وكل من يمت لها بصلة قرابة، وبدعمٍ من مجتمعٍ مصاب بفوبيا المرأة والجنس، فيقوم جلاد العرف والعادات والتقاليد البالية بانتهاك روح الآدمية أياً كانت الطريقة، شنقا أو خنقا أو ضربا أو بالسكين والسلاح، لأنها وكما يتذرعون انتهكت شرف العائلة و "مرمغت" سمعتها بالتراب، لذا وجب الاقتصاص منها على يد أقرب الناس إليها من الذكور وحتى لو كان هذا الأخ أو القريب القاتل بالأمس ربيبها الذي كانت تطعمه وتربيه وتسعى لسلامته وراحته وتمسح عنه قذارته! 
حالنا كعرب في هذا الشأن القبيح كعديد من الشعوب الأخرى الإسلامية وغيرها، التي تتشارك جميعها رغم الفقر بالحميّة التي لا نراها منها حين تنتهك آدميتها وتستعبد؛ بل فقط حين ترتكب أنثى خطأً لا أحد معصوم منه، ولكن لأن جنسها ما يميزها عن الذكر ويجعلها دونه وفق العُرف الجاهلي، فجريمتها لن تغتفر ولن تُمحى من الذاكرة إلا بإلغاء وجودها الذي باستمراره سيكون وصمة العار الأزلية. بينما ذكور العائلة ومنهم المُدمن والفاجر والسكير والعربيد والمُغتصب والسارق والزاني؛ مهما فعل فذنبه مغفور والدعاء له واجب وتوبته مقبولة مقدماً، والخطأ مهما كان حجمه ليس بذنبه، بل إثم شيطانة اسمها فتاة أغوته فمارس معها الخطيئة بعد أن وعدها بزواج لاحق وعلاقةٍ شرعية.  
هي حتى وإن غرر بها مُدانة ومتهمة وسيطلق عليها الفاجرة الفاسقة ولن تجد من يترحم عليها ويدعو لها ويلتمس العذر أو حتى يقبل توبتها، فالذنب ذنبها وهي الضعيفة التي سمحت لذاك الوديع البريء أن يدنس عفتها، التي لا يُسأل عنها سواها، فإن فقدتها في لحظة طيش أو عاطفة فقدت معها حقها في الحياة، ويجب عليها أن تدفع روحها ثمنا لا يكفي. 
أستغرب من البلدان التي ما زالت محاكمها تبرئ القتلة وتخفف العقوبة عنهم فيما يُسمى بجرائم الشرف، التي يُمارس فيها المجرم قانون الغاب على صلة رحمه بدعمٍ ممن حوله ودونما شعورٍ بالإنسانية، فبدلاً من أن يُقتص منه، يتم تبرير فعلته ويُحتفل به رغم كونه سفاحا أحل دماً حرم الله سبحانه وتعالى قتلها إلا بالحق!
الأغرب من القانون ذاته هو استماتة الأغلبية من ممثلي الشعب وقادته وقانونيه وبرلمانيه ومثقفيه في الدفاع عنه ومنع إلغائه وقمع أي محاولةٍ تهدف للاقتصاص من مرتكبي هذه الهمجية والرجعية والإجرام غير المُبرر! 
إحصائياً، تشير تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى ارتكاب 5000 جريمة قتل بحق النساء تحت ذريعة شرف العائلة في العالم بشكل عام، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا بشكل خاص، أي بمعدل أربع عشرة جريمة يوميا، علما بأن الرقم الحقيقي لابد أن يكون أكبر بكثير مما هو معلن، وسط غطاء وحماية من العائلة وتخاذل السلطات التي تحتل دولها النسبة الأكبر من هذه الجرائم، دون إشارات على محاولات جدية من حكوماتها لتعديل القانون المتواطئ مع القتلة، والذي يشجع عدم عقابهم على ممارسة القتل بذريعة الشرف!


المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=375451

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...