الجمعة، 21 يونيو 2019

الخليج العربي أصل السامية

جريدة الرؤية
21-06-2019
عماد أحمد العالم



يقول سبتينو موسكاتي، الباحث في الحضارات السامية وأحد أبرز علمائها اللغويين، وأول من أكد أنها كلٌ لا يتجزأ ووحدةٌ غير منفصمة في كتابه «الساميون في التاريخ القديم»: إن لفظ «ساميون» حديث الوجود وقد استخدم في البدء أواخر القرن الثامن عشر على لسان أوجست شليزر، حين وصف ساكني البحر المتوسط من شعوب إلى نهر الفرات، ومن وادي الرافدين جنوباً إلى الجزيرة العربية بالساميين، لكونهم يتحدثون لغة واحدة رغم كونهم آشوريين وعرباً وعبرانيين وبابليين، وهو الذي استقى المسمى من أحد أسفار العهد القديم اليهودي، حين وصفهم بسلالة سام ابن نوح، وهم حسب التوراة أسلاف الآشوريين والآراميين والعبرانيين.
ينكر علماء آخرون هذا القول، الذي يُرجع سام بن نوح لأصل السامية بناء على دراسات علمية بحثية مطلقة قائمة على الدليل ولا «دينية»، اختلفت مع الأخيرة في تقديراتها من حيث عمر الوجود البشري وشجرته العائلية، التي تتنافى مع واقع انتساب شعوب وقبائل بعينها لسام بن نوح.
فيما يؤكد اللواء أحمد عبد الوهاب في أبحاثه المنشورة أن السامية، وفقاً للمعايير العلمية لعلم الأجناس، تنطبق على الشعب المكون من مجموعات إنسانية بعناصر وأجناس، مختلفة متجانسة مع بعضها بعضاً، بسبب موقعها الجغرافي وعوامل اللغة والثقافة والتاريخ، لذا نجده كمسمى لغوي ينطبق على الشعوب، التي تتحدث اللغة السامية، والتي سكنت منطقة سامية واحدة من شبه الجزيرة العربية والعراق وسوريا، والتي رغم تعدد لهجاتها المنطوقة إلا أنها متقاربة مع بعضها إلى حدٍّ كبير.
هذه الشعوب انطلق بعضها في الأساس من شبه الجزيرة العربية للمناطق المجاورة لها سعياً للتوسع بسبب الاكتظاظ والرزق، ومن هنا يمكن أن نُعرّف الساميين بأنهم في الأساس وبأولى عصور التاريخ هم سكان شبه الجزيرة العربية الذين عاشوا بتجانس لغوي واجتماعي وأصولي، وهم مهد الجنس السامي، الذي هاجر أفراده لبلاد الرافدين وسوريا والحبشة، وارتبطوا بلهجات الشرق الأوسط المستمدة من اللغة السامية كالعربية والأكدية والفينيقية والآرامية والعبرية والحبشية، وهي بذلك لا تعني جنساً بعينه وإنما صفة تطلق على بعض لغات الشرق الأوسط الحية، وما استمر منها في الاستخدام وتوارثته الشعوب وما اندثر ولم يعد موجوداً في عالمنا العاصر.


المصدر صحيفة الرؤية:- https://www.alroeya.com/article/2050983/آراء/الخليج-العربي-أصل-السامية

الخميس، 20 يونيو 2019

الكتابة.. جنون وفنون!

جريدة الرؤية
14-06-2019
عماد أحمد العالم



ما الذي يجعلنا نغوص في جنون الكلمة لنكتب ونكتب ثم نكتب مع اعتقادنا أحياناً أن لا أحد يكترث لتلك الدوامة من الجنون التي نعيشها لنوصل ما يعتمل في أنفسنا للآخرين، الذين قد تبدو النسبة الكبرى والعظمى منهم لا تكترث حتى لكلمة مما نسطره من أفكار اعتصرتها مخيلتنا، وبذلت فيها أغلى ما تملك، وهي الكلمات التي تمثل لها الثروة التي يجب ألا تنضب إن أرادت الاستمرار في الإكسير الذي يمدها بالحياة.
القراء هم الفئة المستهدفة، ومن يملك ذاك السحر القادر على زرع الابتسامة والرضى في قلب راوٍ أو كاتب عابس لم يذق طعم الراحة لساعات وأيام، وهو يسطر ما يعتمل في نفسه ليطلع عليه الآخرين، ليحدث ذاك التغيير المرجو عبر إيصال فكرته التي يظنها عصا موسى، عبر سطورٍ في ورقٍ قد يُقرأ، وقد يرميه أحدهم، أو تجعله إحداهن «كسفرةٍ لطعام» تُرمى مع ما تبقى منه، لكنه وإن كان ذا حظ، سيجد طريقه لأن يُحتفظ به ويُقدّر وينتقل من يدٍ لأخرى معجبة ومقدرة وإن كانت حتى ناقدةً وغير متفقةٍ معه، إلا أنها راضية بأن تناقشه وتفند طرْحَهُ.
الكتابة هي فن الحديث بصمت، وهي جنون الوحدة ودوامة التّيه وخرائط اللانهاية، وهي إيماءات ذاك الراعي الذي لا يعرف غير السهول التي يُرافقه فيها قطيعه، الذي يفهمه عبر ما يصدر عنه من حركات تمثل لغة التفاهم بين عاقلٍ ومُسيّر، أجبرتهما ظروف الزمان والمكان على أن يتحدا في بوتقةٍ واحدةٍ تشكل عالمهما المعروفة نهايته لأحدهما، والغامضة عن الآخر.
الكتابة إدمان يصعب التخلص منه، حتى لو لم تجد مكاناً تنشر فيه ما تكتب، فاضمحلال الفرص لا يعني التخلي عن ملكة تجري كالدم في العروق، فهي حوار الإنسان مع ذاته عبر الكلمات، التي بخروجها من عهدته يكون قد حررها لتجد طريقاً لها صوب قارئ مرجوّ يعرف قيمتها، وحتى إن ضلت الطريق فستجده يوماً، فندرة الفرص وصعوبتها لا تعني استحالتها، فليس فقط لكل مجتهد نصيب، بل هو لكل مثابر وصابر يأبى أن يصيبه قنوط تسببت به مملكة الصحافة في وطنه الغارق بهمومه هو الآخر، والذي يرى القائمون عليه أن رغيف الخبز أولى وأهم من كلام الجرائد!


المصدر: صحيفة الرؤية: - https://www.alroeya.com/article/2050797/آراء/الكتابة-جنون-وفنون!

روايات متمردة .. وآراء متعصبة

جريدة الرؤية
07-06-2019
عماد أحمد العالم



قليلة هي الروايات التي تترك أثراً في قارئها يتعدى السعادة والحزن لما جرى بها ولشخصياتها؛ إلى حالة من المتعة التي تتجاوز النشوة وتمتد لأيامٍ بعد ذلك، فتبقى مع مطالعها متشابكةً مع أفكاره ومتمازجةً مع أحاسيسه، تتبادر لذهنه على فترات يستحضر بها أحداثاً وحوارات وأفكاراً ومشاعر، يتصورها بمخيلته وتراها عيناه كأنها واقعٌ يحدث أمامه، ليجد نفسه جزءاً منها يدلي برأيه بها، الذي يمتد لمحاولات عقله تغيير مجراها على غير ما سارت عليه لتتخذ مناحٍ أخرى تتناسب مع رغباته.
دأبت على النأي في الأغلب عن قراءة الروايات التي تثير جدلاً من نوع المحرم بمجتمعاتنا العربية، وتركها لتخمد عواصف النقد التي تترافق معها، لقناعتي أن الحملات الإعلامية والمجتمعية رغم قدرة الفرد المحصن على النأي بنفسه عن تأثيراتها؛ فإنه وباحتمال لا بأس به قد يناله قسط من قناعات سابقة، في حالٍ تتشابه بها الظروف مع هيئة المحلفين في المحاكمات، الذين يحرص القضاة على توجيههم بعدم التأثر بما يثيره الإعلام حول القضية، إلا أنهم بشرٌ في النهاية ولا بد أن ينالهم جانب من التأثير الخارجي على قراراتهم.
بعد أن يطال النسيان ذاك العمل الروائي، وتتوقف المقالات والندوات والكتب التي تنال منه أو تؤيده وتدافع عنه؛ أعود لأقرأه بعيداً عن أية أفكارٍ مسبقة، نحيتها لأتفرد بالعمل بروح قارئ يرضي نهمه للاطلاع.. غالباً ما أكتشف بعد الانتهاء منه أن الكثير مما قيل من كلا الضدين المدافع والمناوئ؛ بني على أفكارٍ مسبقة متسرعة ولا موضوعية، أخذت الرواية بمفهوم ضيق قائم على سطور وأفكار محدودة جدلية تاركةً الكُّل، ومتغافلةً عما يُراد قوله.
التركيز الانتقائي على الاختلاف هو ما يذكي الانتقاد الانتقائي، الذي يظلم نتاجاً مميزاً بسبب خروج مؤلفها عن تابوات ممنوعة ومحرمة، يتعرض كل من يرويها حسب مفهومه لهجوم مبني على موروثات دينية وثقافية ومجتمعية قد تكون على صواب، تقابلها أخطاءٌ للراوي، الذي بعد أن أشار البعض لعمله بغفلةٍ عن الأغلبية غير المنتبهة وحتى التي لا تكترث؛ تحول لفجور بالخصومة وإثم أخذت العزة صاحبه.
حين تتقادم القصة أو الرواية المميزة المثيرة للجدل، تزداد قيمتها الأدبية وتتضح أكثر أفكارها، حينها يكون الحكم عليها قائماً على المنطق والعقل بدلاً من الحمية اللحظية، التي يغذيها التعصب والاستنتاجات المحسومة مسبقاً.


المصدر: صحيفة الرؤية: - https://www.alroeya.com/article/2049154/آراء/روايات-متمردة-وآراء-متعصبة

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...