الأربعاء، 30 أكتوبر 2019

المجتمعات.. ورموز الأحزاب

جريدة الرؤية
25-10-2019
عماد أحمد العالم



إذا أراد كيان سياسي أن يظفر بالتأييد الشعبي فعليه فهم طريقة عمل الدعاية السياسية قبل أي شيء آخر، فالأيديولوجيا لم تعد كافية، والمُثل لا تمنح طريقاً معبداً بالورود، بل عليه أن يدرك أن السياسة هي فن الوصول للغاية أياً كانت الوسيلة، وليست هي النموذج الأخلاقي الذي يمكن النظر إليه دون شك حتى بأعتى الديمقراطيات في العالم.
تميل الأحزاب إلى أن تتخذ لها رموزاً بصرية تمثلها، مثل ما هو على شاكلة الصليب المعقوف، رمز الحزب النازي، والذي فهم الحلفاء بنهاية الحرب العالمية الثانية أهميته فعمدوا لتدميره وطمسه ما إن دخلت قواتهم المدن الألمانية المحررة، في حين اتخذ الجانب المنتصر حرف V بالإنجليزية كشعار له، وهو الذي على بساطته عنى كلمة (Victory) أي النصر.
في مصر، تلتزم جميع الأحزاب السياسية برموز لها منذ إنشائها تطبع على الورق الانتخابي ليستدل بها الناخب على خياره الانتخابي. حزب الوفد تبنى شعار الهلال، وعادة ما يزامنه مع الصليب، معطياً الانطباع باللحمة الوطنية بين الأغلبية المسلمة ببلاده والأقلية القبطية المسيحية، في إطار علماني يبعث مبدأ أن الوطن للجميع والدين لله.
حزب الخضر اليساري في أغلب دول العالم اتخذ له شعاراً بلون أخضر يرمز للطبيعة والأرض الأم التي يسعى للحفاظ عليها من التلوث البيئي والصناعي، أما الأحزاب الشيوعية فاتخذت أعلامها اللون الأحمر مرسوماً عليها المطرقة التي تشير إلى العمال الصناعيين والمنجل للفلاحين، وهما وقود الثورة البلشفية وحاضنتها القائمة عليها منطلقة من البروليتاريا الكادحة والتي لا تملك سوى مجهودها العضلي والفكري للسيطرة على وسائل الإنتاج من البرجوازيين.
وفي الهند تحتفظ مفوضية الانتخابات بحق توزيع الرموز على الأحزاب المتنافسة دون منحها إمكانية تصميمها بنفسها، في بلد تغلب على سكانه الأمية حيث يعد ربع سكانه غير متعلمين، وبالتالي تسهل عليهم التفرقة بين الكيانات المتطلعة لأصواتهم، إذ لا تستغرب أن تكون بعض الرموز صوراً لمكنسة شفط كهربائية وفرشاة أسنان ومكيف وغاز وفلفل أخضر ومقلاة طبخ.. إلخ.
في الولايات المتحدة الأمريكية تنحصر مقاعد البرلمان والكونغرس وكذلك الرئاسة بين أيقونتين حيوانيتين هما حمار رمادي اللون جميل المظهر وفيل، حيث كان المرشح الرئاسي أندرو جاكسون أول من تبنى الحمار كشعار، أما الفيل فهو ضخم مذعور تحطم قدماه ما يتراءى له، ويرمز لغنى الحزب الجمهوري وثقله الانتخابي. 


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/article/2094374/آراء/سياسية/المجتمعات-ورموز-الأحزاب

للكبار فقط.. الزمن الجميل!

جريدة الرؤية
18-10-2019
عماد أحمد العالم



حين نشاهد فيلما قديما من أيام الأبيض والأسود نشعر بالحنين للماضي، وحين نقرأ رواية لنجيب محفوظ من أمثال الثلاثية؛ تلتهب مشاعرنا بحقبة الزمن الجميل، يماثلها بذلك حين نستمع لأغنية تتحدث عن الماضي، وحياتنا فيه كذكرى جميلة نفتقد إليها في حاضرنا، لا تختلف عن هيامنا حين يطربنا عبدالحليم في أحد أفلامه، حيث البساطة والعفوية وأوائل الانفتاح على العالم من شوارع القاهرة النظيفة والبسيطة وغير المزدحمة بالناس، الذين يرتدي كلا منهم زيا رسميا وكأنهم ذاهبون لمناسبة مهمة، رغم كونه سلوكاً عاديا يظهر ما كانت عليه ثقافة المظهر بأوائل ومنتصف القرن الماضي.
الحنين إلى الماضي أو كما يسمى نوستالجيا، لا علاقة له بالطبع هنا باستذكار حضارتنا القديمة ولا استدعاء فتوحاتنا وانتصاراتنا، كما أنها لا تعني ذكر ابن سينا والرازي وابن خلدون، فذاك زمان ولى لا علاقة له بعصور ظلمتنا الحديثة، التي لست بصدد التباكي عليها؛ فما يتبادر الآن لذهني هو ذاك الوهج من الصدق فيه والبساطة والعفوية رغم عدم كماله بالطبع، لكنه يمتلك بريقاً مختلفا عن الحاضر الأكثر تقدما في شتى العلوم، ومع ذلك ورغم ما يوفره من سبل أكثر وأسهل لبلوغ المرام إلا أن به شعاع من قتامة تجعل منه مثار مقارنات بالماضي، تأخذني لأجد المبرر لطائفة الآمش المسيحية المنشقة عن طائفة المينونايت؛ ببساطة عيشتها ونأيها عن المدنية وأحدث مظاهر التكنولوجيا والتنافس المادي وانتهاجها الانعزال، وعدم الاختلاط بغيرها بمجتمع مغلق يعمل معظمه بالزراعة.
لكم أن تتخيلوا لو لم يتم اختراع الهاتف الجوال لكنا الآن ما نزال نمارس عادة كتابة الرسائل الورقية بما فيها من شجن وعتب وحب وندم واعتراف وسؤال وتطمين ودردشة، ومعها نرفق البطاقات البريدية بأحر الأماني؛ عوضا عن الرسائل النصية اللحظية التي مكنتنا منها الهواتف الخلوية ومعها تطبيقات التواصل المشبعة بالرموز والإيموجي المختصرة للكلمات بدلا من الجمل المنمقة والمعبرة لما يعتمر في نفس كاتبها، لتستغرق بعد ذلك رحلة بحرية وجوية وبرية لتصل إلى مقر لها بين يدي منتظر يجد فيها الإجابات والأخبار، فيطويها جيدا بعد قراءتها ليحتفظ بها في درج مكتبه أو صندوق رسائله المحتل لمكان بعينه في خزانة ملابسه..


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/article/2090389/آراء/للكبار-فقط-الزمن-الجميل

الأساطير والدين والوثنية

جريدة الرؤية
04-10-2019
عماد أحمد العالم



يُرجع العلماء نشأة الوثنية للعصر الحجري ـ الذي حُدد بمليون سنة قبل الميلاد ـ إلى خمسة آلاف سنة ق.م، حيث كان الإنسان القديم يسعى للتأقلم مع الظروف التي وجد بها، ومعرفة أسرار الكون الذي يعيش فيه مرتبطاً فكرياً وعقلياً، بالعوامل الخارجية المؤثرة بالبيئة التي يعيشها، حيث كان يرى الشمس والقمر والنجوم والمطر والنور قوة للخير عظمى، فيما يخشى الرعد والبرق والظلام ويتجنب شرها وسطوتها، لكنه وفي مسعاه لتمجيد الخير واتقاء الشرّ ألّهها جميعاً، وقدم لها القرابين لشكر الأولى واتقاء شرّ الثانية، فكوّن بذلك مفهوم الرغبة واللذة والمتعة والألم والخوف، التي أدت بدورها لتشكيل فهمه للدين والعبادة وارتباطها الوثيق بكينونة الحياة ونمط عيشه، بما لها من محاذير وواجبات.
يرى هوميروس أن الآلهة من أبناء آدم، في حين يعتقد باحثون أن أولى مظاهر التقديس البشري والممارسة الدينية، قد جاءت بسبب تبجيل أبناء القبيلة لأميرهم ورئيسهم فعبدوه، وبالتالي تكون «عبادة السلف أساس الأديان جميعاً» كما وصفها الفيلسوف هربرت سبنسر.
لكن الإنسان القديم الذي بدأت فكرة العبادة تتكون لديه نتيجة الحاجة والخوف والشكر، وحين تعاقبت أجياله تحولت الممارسات التي انتهجها كتوقير لغلوٍ على يد اللاحقين، الذين كوَّنوا المفهوم الوثني الحقيقي لعبادة الظواهر والخوارق والأشخاص والكائنات الحية من حيوانات ضارية ورعوية، فتناقلوا الأساطير المختلقة حولها التي منحتها المكانة المتوارثة بعد ذلك عبر الأجيال المتلاحقة، فوهبوها ما تصوروا لها من قوى خارقة تتحكم بحياتهم، ومن هنا جاء انقيادهم لعبادتها وإنشاء المعابد، التي يقوم عليها الكهنة، وفيها تقدم القرابين قربى لها وطلباً لمساعدتها وشفاعتها.
لعبت الأساطير، وكان أول من ابتدعها السومريون، دوراً أساسياً في تشكيل الديانات الوثنية الأولى، وعادة ما كان محورها يتركز حول تفسيرات ما وراء الطبيعة وقواها وخلق الإنسان والكون والطوفان الذي قضى على البشرية وسرد القصص بشأنها، مُشكلة من الخرافات التي كان أبطالها الإنسان والجن، وفيها يُحكى عن مغامرات وبطولات خارقة بمبالغة كبيرة، فيما الحكايات الشعبية التي يتم تداولها بين الناس في تلك الفترة، فكانت تستوحي شخصيات الآلهة في مهام وأدوار الحياة اليومية.

إجمالاً تبقى الأساطير في مفهوم الصدق كذباً، ولكنها تمنحنا الوسيلة لفهم كيف كان يفكر إنسان العصور الأولى والقديمة التي سبقتنا وزالت، لكن البعض من آثارها لا يزال قائماً.


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/article/2066076/آراء/الأساطير-والدين-والوثنية

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...