الخميس، 19 يونيو 2014

التحرش ظاهرة لا بد أن يقلق منها المصريون

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في موقع كلمتي 19-06-2014



بصراحة وبدون زعل أو حساسيات:
 هل باتت مصر على اعتاب ان يطلق عليها بلد المليون متحرش؟ ام من الحميّة إنكار هذا القول وشتم صاحبه، أم الأولى القضاء على هذه الظاهرة التي باتت مصر تعرف بها حصريا وبشهادة المؤسسات الدولية والتقارير التي أشار اكثرها تحفظاً إلى أن ما لا يقل عن نصف المصريات قد تعرضن إلى شكل من أشكال التحرش اللفظي او الجسدي أو الإيحائي.
مصر اعتلت قمة القائمة وغابت عنها دول أخرى تسودها شريعة الغاب!...., أمر محزن ولا بد لحلٍ له دون المزيد من المؤتمرات أو اللجان أو المحاضرات والندوات الشكلية. مجرد ذكر مصر هذه الأيام على شاشات الأخبار سيخطر على البال مشاهد يا إما للرقص أو لجموع من الكلاب "المسعورة" وهي تهاجم فتيات وتحاول اغتصابهن والتحرش بهن على الملأ وأمام الجميع، الذي آثر العديد منهم الوقوف والمشاهدة وتصويره، دون أن يعترض لمنع ما يحدث أو دون وقوعه; وذلك من قبل مجموعات البلطجية الذين لم يعرف لهم عمر, بعد أن تناولت الأخبار القبض على قصر وكهول في حادث التحرش الأخير بميدان التحرير.
تلك المشاهد المأساوية لما تتعرض له البنات والتي انتشرت مؤخراً عبر اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي قد لطخة سمعة بلدٍ بيد  ابنائها; الذين هم إما جناة او متفرجين سكتوا وأبوا التدخل والحيلولة دون الوقوف في وجه مثل هذه التصرفات التي باتت مصر تعرف بها اكثر من ذي قبل, وتحتل القائمة الأعلى في تقارير المنظمات الدولية والنسائية والحقوقية ذات الصلة بمتابعة الانتهاكات بحق المرأة.
المشكلة في ظاهرة التحرش بمصر ليس سببها الانفتاح والحرية المطلقة التي يتمتع بها الجميع في اللبس والحركة، فالعديد من الدول العربية والغربية والآسيوية تعيش التحرر ذاته ودون أن نسمع عنها أو نرى فيها ما يحدث الآن ومن سنوات في مصر، التي باتت الأولى عالميا تقريبا في قائمة التحرش.
أستغرب ممن يدعون الى دراسة ظاهرة التحرش في مصر دون أن تكون دعواتهم الى معالجة مسبباتها التي باتت معروفة للجميع، حيث يمثل البلطجية فيها رأس الحربة التي يستخدمها رجال المال والسياسة لخلق حالة من الذعر وسط أوساط الشعب. تكاثر البلطجة وازدهار اعمالها زاد من عدد الشباب والأفراد المقبلين على الالتحاق بهذه المهنة المربحة، التي يمارسوا فيها القتل والشغب والسرقة والتحرش وجميع الأعمال المخلة بالأدب والدين والعرف والقانون.
المؤسف والغريب أن الاختلاف السياسي بات في مصر الآن مبررا للبعض للتشمت لمثل هذه التصرفات وذلك لمجرد الاختلاف في الرأي، وكأننا نرى مصر تشهد عودةً للحقبة الرواندية حيث حدثت ابشع المجازر في افريقيا، وارتكبت إحدى قبائلها ابشع جرائم القتل والاغتصاب في حق اتباع القبيلة الأخرى!
التحرش بأمانة لم يمسي فقط ظاهرة مصاب بها المجتمع المصري بل هو وباء منتشر ومتفشي ولن يشفى منه أو يستأصل بقانونٍ فقط  وانما بثورة أخلاقية واعادة صياغة لأخلاقيات المصريين ونظرتهم للمرأة, التي بات خطورة ما تواجهه تعديه للمعاكسات اللفظية البسيطة إلى جرائم عنف جسدي وجنسي جماعية يرتكبها عشرات الرجال بالأماكن العامة على مرأى ومسمع دون خوف أو وازع أو رادع!


المصدر:موقع كلمتي - http://klmty.net/174146-التحرش_ظاهرة_لا_بد_أن_يقلق_منها_المصريون.html

الجمعة، 6 يونيو 2014

رسالة أم إسفاف

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤية 05-06-2014



الفرق بين الفن الهادف والخاسر هو ما يتركه في نفسك من أثر بعد مشاهدتك له، إن دغدغ عواطفك وتركك في حالة تشبه أحلام اليقظة ورغبة بأن تكون وحدك سرحان وهائماً، لا تعرف في ما تفكر، لكن نشوة غريبة تعتريك وأنت بين يدي نفسك، ترقبُ «لا شيء» وتنتظر حلماً لا تعرفه، تنتابك حالة من السكون الغريبة .. يتراءى لك فيها صورة ضبابية، يلهث إحساسك خلفها ليعرف ما وراء ضبابيتها. أشبهها بحالة التصلب لرؤية لوحة فنية رسمت بالماء أو الزيت كمثيلاتها، لكنها اختلفت عنهم بتكبيلها لك ما إن يقع ناظرك عليها.
الفن رسالة وإبداع وسمو روحي أفتقده كثيراً في معمعة الحاضر ولا أجد له طريقاً إلا ما ندر. مللت من الضحك والكوميديا والرومانسية المصطنعة، وكل ما أرادوا تصويره لنا، وأبت نفسي أن تعطيهم فرصة أخرى، فقد تلاعبوا بكوننا بشراً وروجوا لبضاعتهم الخائبة. إن حاورتهم لترشدهم وتقومهم، قالوا لك: نحن رسل الفن الراقي، ومع كل احترامي هو الإسفاف الذي فتح العيون على مارد الغريزة العمياء الشاذة والحب الأفلاطوني والبطل الذي لا يقهر.
يتجلى مفهوم الإبداع حين يخلق حالة من الجذب لا تستمر للحظة، بل لعقود وأجيال، كمسرحية شكسبيرية ترجمت لكل اللغات ومثلها أقوام وأقوام، ومازالت حتى اللحظة تحظى بقبولنا وتحرك مشاعرنا وتشد انتباهنا، مع علمنا وكامل درايتنا بنهايتها، لكنك حين تشاهدها تجبرك أن تعيش اللحظة معها، فتنسى نهايتها حتى تصل لها!
الهوى في عرفنا أمسى كرواية شرقية بختامها يُزوجُ الأبطال، فحتى عنترة وعبلة زوجوهما في نهاية القصة، ولم يبق لهم إلا أن يصححوا لنا معلومة أن طرفة بن العبد قضى مفتدياً الحبيبة من رصاصة طائشة كادت تصيبها أثناء «الزفة».
هوليوود وبوليوود وبالطبع العربية منهما أوصلتنا لمرحلة فقدنا فيها الاستمتاع، فاستبدلته بالترفيه، فنما منا جيل الفكر المفقود فارغ العقل والحديث، لكننا نصفق لتفاهتهم ونسعى لهثاً وراء أخبارهم، في حين هم صغار ونحن من رفع مقامهم!
إن أردت أن تستمتع بلحظات فنية شيقة، ابحث عن فيلم أيرلندي سياسي، وحبذا أحد تلك الأفلام التي تتحدث عما قبل اتفاق «الجمعة العظيمة»، واحرص على أن تناله رقابتك، فبخلاف ما في بعضها من انحلال أخلاقي.. (تجاوزه)، وركز في العرض وفي الإخراج وفي تجسيد الشخصية وفي سرد الحدث، والنقد دون «الصواط والزعيق» (التي اعتدنا عليهما في فننا المجيد!).. أروع ما فيها أنها تشبه الأفلام ثلاثية الأبعاد، تجبرك أن تكون المشاهد والشاهد والبطل والعدو، حتى تشعر ببركان من الحرارة يكاد ينفجر في داخلك، رغم كونها «أيرلندية» تتمتع ببرودة قارسة تتنافى مع نشاطنا كعرب إلا أنها والحق يُقال فيها من الحركة ما يحرك مشاعرنا.
إن أردتم أن تصل لكم الفكرة فتخيلوا معي طائرة ورقية تلهو بها طفلة في جو ربيعي مشمس معتدل الريح وصحو، تتحرك بأناملها الصغيرة فلا تفقدُ بها السيطرة عليها، وتوجهها دون أن تضطر أن تجري خلفها لتمنع ابتعادها عنها أو فقدانها لها. تمتع ناظرها بها، لا تشعرها بالملل أو التعب، بل تقودها للحظات سعيدة تنهيها بأن تجذب أصابعها الصغيرة الخيط لتقربها منها، ومن ثم تلملمها لتحفظها في مكان آمن، أملاً في نزهة أخرى يتجدد بها اللقاء .. وحتى حينها تبقى ذكراها حاضرة.
هل اتضحت لكم الصورة، فنحن الطفلة، والفن الراقي هو الطائرة الورقية!



المصدر: جريدة الرؤية الإماراتية - http://alroeya.ae/2014/06/05/154600

الاثنين، 2 يونيو 2014

الحرب الفيروسية حقيقة أو وهم

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في صحيفة العرب اللندنية 02-06-2014



لم يعد السلاح الوسيلة الوحيدة، ولا القوة العسكرية والجيوش، السبيل الأنسب، لفرض السياسات وإحكام الأجندة التي يسعى لفرضها القوي دائما على الضعيف، والضعف هنا لا يقصد به الفقر فقط أو ضعف القوة، وإنما انعدام المقدرة على التصرف باستقلالية وبعيداً عن الآخرين، ودون الرجوع إليهم في أوقات الأزمات والكوارث.
دخل الإعلام اللعبة وأصبحت قوته توازي الجيوش العتيدة، بسلاحٍ واحدٍ فقط وهو التوجيه الفكري، الذي يخاطب العقول بغرض السيطرة عليها وتسييرها وفق الأهواء المُراد لها إتباعها، فكانت نجاحاته التي لم تكن لينالها لولا ثقافة التغييب التي جعلت من الشعوب ملقمة وتابعة دون تفكيرٍ وإرادةٍ ورأيٍ مستقل.
والأخطر من الاثنين السابقين، والأشد فتكاً، هو السلاح الذي سأُسمّيه “الفيروسي”، وهو الذي يشيع الخوف في قلوب الجميع دون استثناء، ويتملك تفكيرهم، ويلهيهم عما سواه أياً كانت أهميته، ودون أن يستثني أحداً من المجتمع، مستنزفاً لمقوماته وقدراته وطاقاته المادية والعملية. الخوف من المرض وما قد ينتج عنه، فطرة إنسانية يتشاركها الجميع، والسعي للصحة طموح ومنى كل إنسان رغم كل العادات السلبية التي يمارسها، والتعلق بالحياة سُنّةٌ جُبلَ عليها البشر. من هنا ينبع الخوف، الذي تمّ استغلاله للسيطرة على الدول اقتصادياً أو سياسياً، عبر تعبئة الرأي العام في دول مختارة كل فترة تجاه أحد الأوبئة والأمراض الفتاكة، التي باتت الصفة المشتركة لها جميعا هي الڤيروسات!…..لم نكد نفيق من أخبار “سارس” الذي ضرب الصين إبان وهجها الاقتصادي وإعلانها امتلاك أعلى احتياطي نقدي للدولار في العالم العام ٢٠٠٣، وسبب لها كسادا سياحياً اضطرها لتسيير رحلات مجانيةٍ دعائيةٍ لأراضيها لتطمين السياح، حتى نالت الطيور من الوباء جانبا، وتم تعريفنا بانفلونز الطيور.
ضربت مصر وأعدمت على أثرها ملايين الطيور من الدجاج وأصابت تجارتها الكساد ومنعت تجارة الدواجن الحية من المزاولة، وتحولت مصر على إثرها إلى دولة مستوردة وهي التي كانت على أعتاب الاكتفاء الذاتي والتصدير للخارج. وللعلم، فيروس انفولنزا الطيور ضعيف، وكان يكفيه طبخ الطيور جيدا على درجة حرارة مرتفعةٍ لفترةٍ زمنيةٍ معينةٍ لقتله، مع غسلٍ لليدين وللأواني المستخدمة بالكلور المخفف بالماء، والذي يُعرف عنه أنّ يتمتّع بقدرة على الحماية من أشد أنواع البكتيريا والفيروسات. الدواء السحري لعلاجه كان ما أنتجته شركة “ميرك شارب” للأدوية “تاميفلو” وحققت بسببه معدلات مرتفعة جداً في المبيعات ورفعت من القيمة السوقية لأسهم الشركة في البورصة.
سلالة جديدة من الانفلونزا تلتهم، ولكن هذه المرة أطلق عليها مسمى الخنازير، بثت الرعب في قلوب البشر، وتربعت كفقرة أولى في جميع نشرات الأخبار حول العالم. استنفذت طاقات وزارات الصحة والهيئات والمؤسسات والجمعيات، وشغلت العلماء والباحثين، حتى أنتجت لها شركة “نوفارتس” اللقاح الشافي، والذي كان سبباً في اتّخام حساباتها بما يعادل الستة مليارات من الدولارات، وهو قيمة ما أنتجته وسوقته من هذا العقار!
من باب الحدس، ولا أقول أني أملك معلومات إحصائية دقيقة، أظن والله أعلم، أن أغلب تلك الكميات المشتراة لتلك الأدوية والأمصال العلاجية أُتلفت دون أن تستخدم بعد أن انتهت صلاحيتها!
في عامنا هذا، بدأ “كورونا” أو متلازمة الشرق الأوسط التنفسية باحتلال الصفحات الأولى من اهتمام المواطنين، وانتشر الذعر منه، وتسارعت وتيرة الإصابات به، وانشغل الناس بما يفعله هذا الفيروس بالمصابين به، في إعادة لنفس السيناريوهات السابقة، التي تثير الخوف والذعر، الذي لا يمكن وصفه “بغير المبرر” ولكن ربما “المبالغ فيه”. هو واقع لا يمكن إنكاره أو تجاهله، ولكن يتوجب عدم تضخيمه، والعمل بدلا عن ذلك باحتوائه والقضاء عليه قبل انتشاره، ووضع الخطط الصحيحة للتعامل معه، بكل شفافية وحرفية.
الأمثلة السابقة قد تقود البعض منا لأن يبرز مجدداً نظرية المؤامرة، التي بكل أمانةٍ لا أميل إليها، وأجدها سبباً في كثيرٍ من الأحيان ومسماراً نعلق عليه فشلنا وكسلنا، إلا أن الأمر هنا جدير بالدراسة والتحليل! فلو تساءلنا مثلا: لم لا تظهر هذه الأوبئة “الفقاعة” في الدول الأفريقية الفقيرة والآسيوية المعدمة، مع أنها بسبب ما تعانيه من فقر وانعدام للبنية التحية الصحية وعدم توافر للغذاء؛ تُشكل بيئةً خصبة للأمراض والأوبئة! ولم لا تضرب في الأغلب إلا الدول الغنية، أو القادرة على شراء ما ستنتجه لها شركات الأدوية العملاقة من عقاقير وأمصال؟ لماذا يتم تضخيمها دائما وكأنها وباء مع أن أعداد الإصابة بها ربما لا تساوي أعداد من تقضي عليهم الأنفلونزا العادية في الولايات المتحدة سنوياً، والمقدرة بعشرات الآلاف!…..هذا ما قد يخطر على البال من جانب نظرية الحدوث والانتشار والإصابة؛ أما في ما يتعلق بالتعامل، فالواجب هو أولا إيجاد البنية الصحية القادرة على التعامل مع المرض حال حدوثه، والتي ستكون عبر توفير الرعاية الصحية السريعة والمناسبة والمتزامنة مع توفر الأجهزة الطبية المتقدمة، والكوادر القادرة والمؤهلة وذات الخبرة. جميعها بالتزامن مع تضافر الجهود الحكومية والمؤسسات البحثية لاحتواء أولى الإصابات، والعمل سريعا على عزلها ومعرفة كيفية إصابتها. جهود لن يكتب لها النجاح بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى، إلا إن سارت على خطط عمل تم وضعها مسبقاً لمواجهة الأزمات والكوارث، يقوم عليها خبراء وعلماء وباحثون، نتاج عملهم ليس وليد اللحظة، وإنما عبر عمل مستمر على مدار سنوات، الغرض منه مباشرة الحلول حال حدوث الخطر.
لا بد أن يؤسس أيضاً هيئات صحية مستقلة ذات صلاحيات واسعة جداً، يُناط بها التصرف بسرعة لاحتواء الأوبئة والإشراف على الأمراض والفيروسات القابلة للانتشار، أو التي تظهر حديثا، تعمل باستقلالية، ولها مراكزها البحثية ذات الصلة بنظيراتها في الدول المتقدمة، وصاحبة الخبرة والريادة.
كوننا بشر نحيا على الأرض بكل أخطائنا وتقدمنا وتطورنا وصناعتنا ونتكاثر; يعني أننا على الدوام معرضين لأخطار صحية ناتجة عن العادات الخاطئة وسوء استغلال العلم أو المناعة الطبيعية التي تكتسبها بعض الفيروسات, أو تطور الأخرى وتمكنها من الانتقال من الحيوانات للإنسان, وعدم استجابتها للأمصال والأدوية المعالجة; يحتم علينا أن نكون أكثر احترافية ومهنية في التعامل مع ما يخص الصحة العامة, وشفافية بمشاركة الجمهور واطلاعه وتوعيته وتصحيح أخطائه وتنبيهه لإتباع التعليمات الصحية وتجنب المحاذير التي تسهم في انتشار الأمراض والأوبئة.



المصدر: صحيفة العرب اللندنية - http://alarab.co.uk/?id=24197

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...