الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

الشهرة وروح المغامرة

بقلم عماد أحمد العالم

مقالة تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 29-12-2013



مفهومنا ومفهومهم عن الشهرة هو النقيض، وهنا أتحدث عن العرب والغرب، فعلى الرغم من أن الفرق بيننا وبينهم كتابةً هو النقطة التي حولت العين للغين، إلا أننا مختلفون ومتناقضون وكلٌّ منا يسبح في تيارٍ مختلفٍ عن الآخر، وإن كانوا وفق هواهم مخيرين فيه فخورين، إلا أننا على النقيض نرتكب العيب في السر ونتبرأ منه في العلن!
عندنا مثلاً من يسمى «العرابجة» أو «الدرباوية» أو «الزعران» -واللفظ ننطقه على حسب الدولة- يقومون بأفعالٍ الغرض منها الاستعراض وإظهار روح الخطر والمغامرة أياً ما كانت الفعلة، لكن أغلبهم غالباً ما يحرص على أن لا يُعرف، ويظهر وهو مخفٍ شخصيته «ملثم أو متلطم»، وهو ما يبرز تناقضاً عجيباً في الشخصية، ففي جزءٍ مما يفعل طلبٌ للشهرة وفي الآخر نفيٌ لها حتى لا يعرف أو يُكشف ويفتضح أمره، وبالتالي يضيع على نفسه فرصة أن يشار له بالبنان كلما حضر في أي مكان، كما أني لن أستغرب أن يكون بعضهم ابن مسؤول أو رجل أعمالٍ مرموق، فعلو المكانة والمقام أيامنا هذه ليس بالعلم والعمل فقط، وإنما بالتطبيل والتبجيل واليد الطويلة أيضاً!
تحليل هذا السلوك الغريب الذي يغامر فيه بعضٌ من شبابنا ويسيئون في مواقف منه، وإن سألت قال البعض بداعي الشهرة، يحتاج إلى خبراء علم النفس ليسبروا لنا أغوار تلك الفئة من الشباب، وسبب التناقض بين الجرأة لعمل ما يفعلون وخشيتهم من أن يعرف الناس في مجتمعاتهم بأفعالهم الغريبة الطائشة التي يقومون بها!
الشهرة مرتبطة بالغرابة لدى عديد من الباحثين عنها في العالم الآخر، ولذلك نجد كتاب «جينيس» للأرقام القياسية يكاد لا يتسع لأرقامٍ قياسية يسعى أصحابها إلى أن يُذكروا فيها ويعرفوا عالمياً. وهنا الاختلاف بيننا كعرب وبينهم، فهم وبغض النظر عن صحة أو حرمة ما يقومون به إلا أنهم يفعلونه في العلن ويفتخرون به ويسعون إلى أن يُربط بهم، أما نحن فعلننا مع الأسف لدى كثيرين هو النقيض لسره. بعضنا يأمر بالمعروف نهاراً وفي ليله يرتكب المنكر، ليعود صباحاً في اليوم الذي يليه لينهى عنه مجدداً!
في عام 2009م استطاع صيني (أعفيكم من ذكر اسمه) أن ينغز نفسه بـ2009 إبرة في رأسه، وقد حطم بما فعل الرقم القياسي الذي لن يفكر حتى أكثر البشر قساوةً في الإقدام عليه، فألم الشوكة إن وطئتها أقدامنا خطأ يبقى طويلاً، فكيف بهذا الكم الهائل من الإبر في الوجه؟!
في تجربةٍ مختلفة لجنونٍ آخر، عاشت تايلاندية في غرفة من الزجاج مساحتها 12 متراً مربعاً، وتحتوي على 5320 عقرباً مدة 33 يوماً وليلة في ساحة الحديقة الملكية في باتايا بتايلاند في الفترة من 22 ديسمبر 2008 إلى 24 يناير 2009، وقد لُدغت 13 مرة خلال هذه الفترة، لكنها نالت شهادة «جينيس» لمغامرتها المجنونة، ولا أظنها كفيلةً بأن توفر لها رفاهاً أو عملاً أو مقاماً حسناً فيما فعلت.
سُجلت كلتا الحالتين السابقتين كأرقام قياسية، لكنني (وغير نادمٍ على ذلك) لم أتابع هل تم كسر لقبهما من قِبل مغامرين أو مجانين آخرين أو احتفظا به، فما يهمني من ذكرهما هو سعيهما للتميز والتفرد أياً ما كانت وسيلته ولهثهما المرير له حتى تحقيقه، وعدم إخفاء شخصيتيهما عن الملأ، فالغرض فيما فعلاه من هوس هو أن ينالا الشهرة حتى لو كانت ضريبة ذلك حياتهما!


المصدر: جريدة الشرق -  http://www.alsharq.net.sa/2013/12/29/1035307

العراق بين الاستقطاب والتنفير

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الجزيره 27-12-2013



دعونا لا ننسى العراق أكثر مما مضى ولا نهمله ونتغاضى عما يحدث فيه بعد الآن. يكفيه ما جره عليه تعدد طغاة حكامه منذ استقلاله ليعيثوا فيه قلاقل وانقلابات وقتل وفوضى لم يعرف أهلها فيها استقرارا ولا راحة بال، توجت عقب حرب الخليج بحاكم عسكري أمريكي حل الجيش العراقي وقسمه طائفياً ووزع مناصبه حسب ما ارتآه وقتها، لكنه فيما فعل قد زرع بذرة نزاعٍ دائمةٍ بين العراقيين، لن يتم تجاوزها والتغلب عليها إلا إذا أعيد بناء اللحمة الداخلية وتأسس نظام حكمٍ مدني لا يتبع طائفةً بعينها، ولا يعطي أي ثقلٍ سياسي لرجال دينٍ خلفت فتاويهم وأسهمت في بث نار الفرقة والضغينة بين أبناء العراق، الذين لم يعرف عنهم إلا اللحمة ونبذ الطائفية.
غريب أمر العراق وغرابته تزداد بمقدار ما يحدثه حاله الآن من أسى في النفس، فبلاد الرافدين كانت يوماً حصنا منيعا لنا وسدا أمام المطامع الإيرانية وسياسة تصدير الثورة التي شجعها الخميني ثمانينيات القرن الماضي، وما زال من خلفه ينفذها.
عُرف العراق بتنوعه العرقي والديني والمذهبي، وشكل الاحترام المتبادل لممارسة العقيدة أساسا لعدم قيام أي حروب طائفية أو نزاعات في تاريخه, عدا فترات متقطعة في التاريخ والفترة التي تلت العام (2003). تاريخ التعايش في العراق بين المذاهب كان مثالاً للتزاوج والتكامل ونبذ الطائفية, لكنه تغير منذ أن تدخل رجال الدين في السياسة، وبدأت معها فتاوى التكفير والإقصاء!
يسكن العراق العرب والأكراد والتركمان وبعض الفرس والأرمن. يشكل مسلموه بمذهبيه السني والشيعي الأغلبية العظمى من سكانه، إلا أنه يشهد تواجداً لما يقارب الخمس عشرة طائفة مسيحية ومنهم الكلدانيون الكاثوليك والأشوريون البروتستانت والأرمن الإنجيليين والسريان الأرثوذوكس والكاثوليك والروم، كما تعيش به أقليات يزيدية ويهودية، وبه أهل التكايا والزوايا وبقايا من الزرادشتية والديانة الشمسية والكاكائية والصابئة والكثير من الديانات والمذاهب الأخرى. كثيرٌ منها لم يسمع بها ولو كانت في مكانٍ آخر لانقرضت, إلا أن أرض دجلة والفرات منحتها الحرية الدينية حتى استولى على الحكم ما يسمى بائتلاف دولة القانون، الذي جير حكم المحكمة الدستورية لصالحه رغم عدم فوزه بأغلبية مقاعد البرلمان ليشكل ائتلافه الذي أشاع الفساد والفوضى الأمنية والقتل على الهوية، وتصفية كل من يعارض نهجه، خصوصاً القيادات السنية، ومنها من كان شريكاً له في الحكم كالهاشمي والعيسوي.
مؤخراً أوقف الإنتربول أي تعامل مع حكومة المالكي، معتبراً كل أوامر القبض الصادرة بحق المعارضين باطلة وغير ملزمة له، وهو دليل على أن ما يجري في العراق الآن هو حرب انتقائية طائفية ضد السنة وإقصائية لكل تيار وطني شريف معارض، في حين تتقارب الحكومة مع الميليشيات المسلحة الإرهابية كحزب الله العراقي وقائده البطاط، وهو الشخصية التي يشار لها بالتسبب في الكثير من عمليات الاغتيال والتفجيرات!....، فيما ترتع عصابات طائفية أخرى فساداً وقتلاً دون أن يتعرض لها أحد وبعلم وتنسيق ودعم وتوجيه من القيادة الإيرانية والحرس الثوري وأجهزة مخابراتها, التي باتت هي من يصّدر القرارات ويوجه فيما الحكومة العراقية تنفذ.
شعورنا بالصدمة من تبعات احتلال الكويت وحرب الخليج أوجد لدينا نوعا من النفور, الذي تسبب بابتعادنا عن الشأن العراقي والحذر منه، لتنتهز إيران الفرصة السانحة لها وتحكم سيطرتها على السياسة العراقية في ظل نأيٍ عربي عن التدخل المباشر في الشأن العراقي، مما أفقدنا ثقلنا القومي وانتماء العراق لمنظومتنا العربية على حساب نظام آخر مجاور بنى سياسته على أساس طائفي بحت واستمر في تصدير ثورته لأحد أهم وأقوى الكيانات العربية.
لن يعود لنا كعرب كيان إلا إذا أعدنا احتضان القضية العراقية ووقفنا ضد الهيمنة الإيرانية على أراضيه، وتغلغلنا أكثر في كل بقعة أرض تركناها خالية فاستغلها الآخرون وبنو قواعدهم فيها واستغلوها لحربنا وترهيبنا. كما من الواجب أن تكون الوقفة بالفعل لا بالحديث فقط, وبدعم الأطراف السياسية الوطنية المعتدلة والبعيدة عن الطائفية, التي تحكم مصلحة العراق أولاً ولا تأخذ أوامرها من طهران أو أي جهة لا تريد الخير للعراق بل جل ما يهمها هو تحقيق مصالحها.

المصدر: جريدة الجزيره - http://www.al-jazirah.com/2013/20131227/rj2.htm

الجمعة، 20 ديسمبر 2013

ذوقيات غائبةٌ عنا!

بقلم عماد أحمد العالم

مقالة تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 20-12-2013

  

تعد مظاهر الذوق العام مهمة في الحياة، إلا أنها تغيب عنا، فيما تحل مكانها مظاهر أخرى معاكسة. أحدها، الذي لا أستثني منه شعباً على آخر، هو الحديث بصوت مرتفع أثناء إجراء مكالمة هاتفية في الأماكن العامة، ولنقل الطائرة مثلاً.. أشعر بالامتعاض منها، وفي كل مرةٍ تتسابق شفتاي للنقد والتجريح، لكني ما ألبث أن أُحبِّط من عزيمتي، فلن يكسبني تصرفي ذاك إلا مشكلة سأخرج منها مجروح الوجدان!، ليكون الصمت ولا شيء سواه، وليتحدث من أراد بأعلى صوت، ولن ينتقده أحد علناً، وقد لا يُستهجن فعله، لكن الأكيد أنك ستبغضه وستمر بجانبه وسترمقه بنظرة حقدٍ لن تشعره بها إن لم تكن تمتلك الجرأة والمقدرة لتحمل العواقب.
وعلى «طاري» النظرة، وعن تجربة شخصية، بعضنا يبحث عن «شكل» أو «شر» كلما التفت يميناً أو يساراً أو طالع من حوله. حظك العاثر سيقع مع أحدهم إن صدف وأمعنت النظر باتجاهه، فيما قد لا يكون ما استرعى انتباهك هو، وإنما سرحت أو شاهدت شيئاً ما، لكن من يقابلك بدأ الآن بالغليان وتتقاذف عيناه الحمم. يرمقك بنظرات حنق وهو يسألك عن سبب نظراتك له!. حينها ابتسامتك المصطنعة له واجبة، وكلماتك البريئة تبرر له ذنباً لم تقترفه، لكنك وكما يقال بالعامية «تقصر الشر»، وتفضل ألا تدخل في مشكلة أنت في كل الغنى عنها، وخصوصاً إن كان يجلس بجوار «العصبي»، امرأة أياً كانت صلة قرابته بها، حينها أنت مُدان ومُلام ومخطئ دون أن يستمع أحد لتبريرك أو أيمانك، فقد جُرِّمت لانتهاكك خصوصية (العائلة)، وهو الرمز الذي يقصد به وجود امرأة بجانب محرمٍ لها، تتشدق العقول بوصفه بالشرف، فيما هي الأنفس ذاتها التي تحرم المرأة أبسط حقوقها الواجبة لها وتسلب منها ما استحق لها بنفس الحجة والمنطق «الأعوج».
على الضفة الأخرى من العالم، كلما صادفت عيناك أحدهم دون قصد، بادرك، سواءً كان ذكراً أو أنثى، بابتسامةٍ حقيقيةٍ وإيماءةٍ ونبس شفاهٍ بالتحية لا تعني أبداً إن كان مصدرها امرأة أنها أحبتك وأعجبت فيك ولكن تعني أنها حيتك فقط!
إن استرسلت وعددت لكم ما يُغيظ من التصرفات في مجتمعاتنا العربية والمسلمة فقد لا يكفيني ما هو متاحٍ لي لنشره من مساحةٍ، لكنه أبرز ما تعرض له «أحدٌ ما» وهو يستهل يومه مسافراً في مهمة عمل من مدينةٍ لأخرى. صادف في المساء الذي سبقه موقفا من ممثلٍ لخدمة العملاء في شركة اتصالاتٍ كبرى، بعد أن أنهى الموظف صلاته التي لم يره يصلها واستغرق فيها ما لا يقل عن نصف ساعة أو أكثر، جلس الموظف على مكتبه كمدير عام غير مكترث بمن كان ينتظره في الشارع. أجرى مكالمةً هاتفيةً وما إن انتهى منها بادره أحدهم باستفسار عن أمرٍ ما يخصه، فما كان من الموظف إلا أن أشعل أجواء القاعة بصوته المرتفع مستهجناً السؤال، وبكل جلافةٍ لم يرد على استفسار السائل بأدب وإنما عنفه لأنه تجرأ وسأله بينما لم يسأل موظف الاستقبال!
لم يتحرك أحد لزجر الموظف المستبد بمن فيهم مشرف المكان، ولا ووسي السائل المظلوم، الذي لم يجد بداً من ترك المكان والذهاب إلى شركةٍ أخرى يشتري منها خدمةً يقابله لأجلها مندوب خدمة العملاء بالترحاب وحسن المعاملة.
قد يفسر بعضهم الموقف السابق ويرجعه للاحتكار، لكني لا أجد في ذلك مبررا لسوء المعاملة والخدمة السيئة التي نراها كثيراً من مندوبي خدمة العملاء لشركات خدمية عملاقة، يشعرونك حين تتواصل معهم لشراء ما يقدمون أنهم أصحاب فضلٍ عليك، في الوقت الذي تساهم به مشترياتك في دفع رواتبهم وزيادة أرباح مجلس الإدارة وحملة أسهمهم!
لن نفلح ولن يكون لنا شأن إلا إذا طبقنا مفاهيم الذوق العام، ولن نغزو أسواق العالم بمنتجاتنا إلا إذا احترمنا أولاً عملاءنا، وعلمنا موظفينا كيف يكون استقبالهم وتعاملهم مع طلبات العملاء.
باختصار وإلى جانب حسن التعامل، ما ينقصنا هو الالتزام والاحترام ومراعاة الآخرين والإيمان بأن حريتنا تنتهي إن لامست شأناً للآخرين.



المصدر: جريدة الشرق - http://www.alsharq.net.sa/2013/12/20/1027822 

السبت، 14 ديسمبر 2013

أفغنة سورية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤيه الإماراتيه 13-12-2013



هل نحن مقبلون على أفغانستان عربية هذه المرة ولكن بنكهة سورية؟
 يبدو لي أن الثورة في سوريا تتحول بفعل فاعل وأيدٍ متآمرة لتنعطف صوب تجربة مريرة من الاقتتال على السلطة وبسط النفوذ. فبعد أن زُرع من التيارات من أُوكل له شق اللحمة لمقاتلي المعارضة وزرع الفتنة بينهم، في محاولات الغرض منها تشتيت قواهم وخلق مراكز نفوذ للدول الداعمة التي تسعى عبر تسليحها جماعاتٍ بعينها لفرض وجودها المستقبلي، وتتأكد من حال سوريا ما بعد الأسد، حيث لا يُراد لثورة شعبها أن تكون سوى غيمة أمل تمنح قليلاً من الحرية لشعب عانى منذ استقلاله حتى يومنا هذا من الانقلابات وحكم البعث.
صحيح أن سوريا لا تمتلك نفطاً أو احتياطياً ضخماً من الغاز يسيل له لعاب الغرب وأمريكا، لكنها تجاور حليفتهم التي زرعوها في المنطقة، ومن ثم من مصلحتهم ألا يجاورها نظام إسلامي أو قومي عربي جاد في محاربة إسرائيل وإشعال النزاع في المنطقة من جديد.
إسرائيل الطرف الخفي في النزاع السوري هي من يقف بثقله خلف نظام بشار، إذ لم تحرك ساكناً إزاء ترك حزب الله لمواقعه في الجنوب اللبناني وانضمامه علانية لدعم نظام الأس الذي كان قاب قوسين من الانهيار والسقوط، مع أن الفرصة باتت سانحة لها في ظل انهماك الحزب بالاقتتال السوري، حتى إن اختراق طائراتها للأجواء اللبنانية كما كانت تفعل على الدوام لم يعُد له ذكر، ولم نعد نسمع تلك الخطب الرنانة من قياديي حزب الله، التي يتوعدون فيها إسرائيل، بل العكس تماماً أضحت خطابات حسن نصر الله مكرسة للتأكيد أن حزبه لن يسمح بسقوط النظام السوري، لتتهاوى معها أكذوبة المقاومة التي لعب فيها الحزب على وتر التعاطف العربي، فنال شعبية غرر بها الجميع وظنوا أنه المنقذ الذي سيرمي إسرائيل في البحر!
بدايات الكفاح المسلح للثورة السورية كانت مع انشقاق ضباط بالجيش احتجاجاً على قمع المظاهرات، ليشكل المقدم حسين هرموش لواء الضباط الأحرار، تلاه تشكيل العقيد رياض الأسعد الجيش السوري الحر، ثم توالى تشكيل كتائب وألوية في مناطق متفرقة من سوريا حتى وصلت إلى ما يقارب الثلاثين فصيلاً. كان تسليحها متواضعاً واعتمد في تشكله على ما يغنم في المعارك مع الجيش النظامي، فيما كون الجنود المنشقون والمتطوعون أغلب مقاتليه.
مع استمرار القتال في سوريا، ولخشية أطراف دولية وعربية مما يمكن أن تؤول إليه الثورة حال خلع نظام بشار، بدأت تظهر جماعات مسلحة أخرى يدعي بعضها أنها تقاتل النظام السوري. تعددت مسمياتها وإن كان أشهرها دولة العراق والشام «داعش» وجبهة النصرة والأحرار ولواء التوحيد والإسلام والحق وصقور الشام. بعضها تشكل من أفراد لا هوية سياسية لهم وإنما جمعهم فكر جهادي ديني عززته دعوات للجهاد في أرض الشام. تنظيمات أخرى بدأت تبرز فجأة، والأغلب أنها تتلقى دعماً مالياً وعسكرياً ولوجستياً كي تحدث التوازن المطلوب من داعميها، وتكون لهم موالية في أي حل مستقبلي ووسيلة لتصفية من يقف في طريق مخططها. أفرادها تغلب على العامة منهم صفات الجهاديين، عدا القيادات التي تتبع الأنظمة الداعمة لها.
الخطوة الأخيرة كانت لكبرى الفصائل الإسلامية المسلحة في سوريا واندماجها في تشكيل جديد أطلق عليه «الجبهة الإسلامية»، والذي وحد كبرى الفصائل المسلحة إن لم يكن جميعها وأعطى زخماً لقواتها على الأرض، وهو ما أثمر سيطرتهم على العديد من المواقع المسيطر عليها من قبل النظام السوري. الجبهة الإسلامية يُراد لها أن تكون من قبل مشكليها حائط الصد ضد مكاسب النظام الأخيرة وضد الحلف الشيعي الإيراني اللبناني العراقي الذي تشكل على أساس طائفي لمنع النظام السوري من الانهيار، وخوفاً من قيام نظام حكم ديموقراطي سني في سوريا تحكم من خلاله الأغلبية بعد أن قضت عقوداً مهمشة في ظل سيطرة الأقلية العلوية على السلطة، وتوارثها بين حافظ الأسد وابنه!
مما أخذه البعض على الثورة السورية انتماء بعض التنظيمات لفكر القاعدة، أو على الأقل هذا ما رُوج له وأجدى نفعاً بتخويف الغرب وأمريكا من أن يحكم سوريا تيار متشدد دينياً على غرار طالبان أفغانستان, وبالتالي سيغير قواعد المنطقة المستقرة منذ السبعينات بعد اتفاقية كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر، ثم اتفاق أوسلو مع السلطة الفلسطينية، وبعده اتفاق مع الأردن .. وجميع من ذكر يملك اتفاق سلام معلناً مع إسرائيل، عدا النظام السوري وإن لم تنطلق من أراضيه أي عمليات مسلحة أو محاولات لاستعادة جولانه المحتل.
قد تكون الجبهة الإسلامية بديلا ًمقبولاً للغرب إن ارتضت ألا تتجاوز الخطوط الحمر، وقد تكون تحالفاً عسكرياً تشكل على الأرض بعد اقتناع الفصائل الإسلامية أن فرقتها أحد أسباب صمود النظام وتقدمه. كما أنها قد لا تسعى مستقبلاً لأي دور سياسي، إلا أن الأكيد أنها إن استطاعت فرض ثقلها على الأرض وضم الألوية الأخرى تحت مظلتها، وسيطرت على التصرفات الفردية والقرارات الارتجالية لبعض أفرادها فستكون أحد اللاعبين الأساسيين، وقد تمنح فرصة منحت لتحالف الشمال الأفغاني وعبداللـه مسعود ليكون البديل الإسلامي المقبول وفق شروط القوى الفاعلة ولو بشكل مؤقت، حتى تؤسس المعارضة المدنية في الخارج لنفسها ثقلاً يمنحها قوة في الشارع، وبالتالي تحيد القوى الإسلامية المنافسة لها.
يحتمل الشأن السوري جميع الاحتمالات لكن الأكثر تطرفاً فيه هو «أفغنة» الأزمة السورية «وطلبنة» مقاتليها الإسلاميين، وهو الخيار الذي يجب أن يوضع في الاعتبار ولا يستبعد من الحسبان.



المصدر: جريدة الرؤيه الإماراتيه  - http://alroeya.ae/2013/12/13/110089

الجمعة، 13 ديسمبر 2013

شرطة للنظافة

بقلم عماد أحمد العالم

مقالة تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 13-12-2013

 

 
نحن شعوب كسولة أو لنقل متكاسلة ترتضي أن تكون أفواهها فارغة في مقابل الراحة وعدم الالتزام. سعينا في العمل أن نكون مديرين لا مرؤوسين، نلقي الأوامر وتبتهج أساريرنا بسماع المديح، وتضيق صدورنا من النقد والتوجيه، ونكتئب ونحن نرى مَنْ هم أعلى منا مرتبةً، فيتحول ضيقنا لحسد بدلاً من أن يكون سعياً وغبطة لنصير لما صاروا إليه.
في بلداننا لا تجد منا مَنْ يعمل في مجال النظافة العامة، ولقب «زبال» هو من أشد كلمات التجريح والتحقير، التي إن نُودي بها الشخص ولو حتى على سبيل المزاح، لانتفخت وجنتاه واحمرّ غضباً خداه واستشاط حنقاً!
عمال النظافة يستقدمون من دول فقيرة جداً لأداء المهمة، فيما اليابان وهي الأكثر تطوراً وعلماً وحضارة، مَنْ يعتني بها وبنظافتها ورونقها من أبنائها، تُسمي المنوط به العمل «مهندس صحي»، فيما لا يقل دخله الشهري عن أربعة آلاف دولار، ولا يحصل على الوظيفة إلا بعد اجتيازه اختبارات شفهية وعملية تثبت مقدرته على العناية بمدينته، ولهذا تجد شوارعهم على تعددها، وحواريهم الفقيرة والمعدمة «إن وجدت» أكثر نظافةً وترتيباً وبريقاً من أكثر الأماكن رقياً لدينا.
في الدول التي تربي بها المدرسة إلى جانب المنزل، تجد مفهوم «النظافة من الإيمان»، وحرصهم عليها أكثر منا نحن المسلمين التي أُمرنا بها. من المستهجن لديهم أن تشاهد مَنْ يفتح نافذة سيارته ليلقي بعبوة فارغة أو حتى ورقة. أما نحن فمن غير المستبعد أن تصاب سيارتك ببقايا مهملات شخصٍ لا يبالي ألقى بها دون أن يكترث أو يشعر بوخز ضمير، ولك أن تجرب وتنتقده لفعله ذلك، ولكن عليك تحمل العواقب!
حدائقنا العامة ومتنزهاتنا صباحاً نظيفة بعد قيام عمال النظافة بحملة إزالة ما خلّفته سهرات الناس في الليلة السابقة!
متى نرى في دولنا الموقرة شرطة للنظافة فقط، ومهامها تقتصر على معاقبة مَنْ ينتهك جمال الشوارع وحرمتها والحدائق والمرافق والمتنزهات ويتعامل معها كأملاك لا صاحب لها، حينها وبعد أن يشعر المخطئ بألم الغرامة، سيعي إن لم يستيقظ إيمانه أن عليه واجبات ومسؤوليات تجاه بيئته لا يمكنه التساهل بها، ولن يتُسامح معه فيها إن قصر بها.
 
 

المصدر: جريدة الشرق - http://www.alsharq.net.sa/2013/12/13/1022144

الاثنين، 2 ديسمبر 2013

قرص فلافل

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في الجديده 01-12-2013

 
 
الشعب المصري ظريف ومحب للفكاهة وعودنا أن نسمع منه من الأمثال أحياناً بعضها والتي ربما على خطئها إلا أنها تبهجنا. مثلاً  تشاهد مقطع من فيلم ينصح فيه شخص لص ويؤنبه وينهاه عن السرقة إلا أن الأخير يجيب عليه بالقول بمنطقه الذي يبرر له فعله: اليد البطالة نجسه!….، تعودت أن أسمعها وفي كل مرةٍ ابتسم إلا أن الغريب أنني قد سمعت نفس المثل ولكن هذه المرة بالإنجليزية وأثناء متابعتي لفيلم أجنبي ونص ما قيل هو: “Idle hands do the devils work”، وتعني مجازاً نفس المضمون الشعبي للمثل المصري. ارتسمت حينها نفس الابتسامة على وجهي لكنها نبهتني لمدى التشابه والاختلاف بيننا كمتحدثين للغة العربية والآخرين الذين يتحدثون لغاتهم ولنقل الإنجليزية مثلاً. فهم ليسوا من كوكبٍ آخر ولا إنسانيتهم تختلف عنا، بل إن مجمرينا ومجرموهم لديهم بعض الصفات المشتركة التي تحفزهم لارتكاب ما يفعلون وتبريرها لأنفسهم.
الخير أو الحكمة حاضرةٌ أيضاً في العديد من الأمثال ووجه التطابق فيها بين لغاتنا كبير. نقول ويقولون وكلاٌ يصفها بلغته أن عصفوراً باليد خيرٌ من عشرةٍ على الشجرة أو الصديق وقت الضيق والكتاب معروف من عنوانه أو يعرف المرء بأصدقائه….. وغيرها الكثير من الأمثال التي تدل على أننا جميعاً في النهاية بشر ولا فرق بين تجاربنا الإنسانية إلا في مدى استفادة كلاٍ منا من أخطائه ومحاولة النأي بالنفس عن تكرارها.
أمريكا والعرب كما الإنجليز لديهم قواسم مشتركةٌ أيضاً، فكلاهما في وقتٍ ما كانا تحت الاستعمار البريطاني مع مراعاة فروق التوقيت، كما أنها هي الأخرى والحديث هنا ما زال عن الولايات المتحدة، تدعى أيضاً بالعم سام وليست الشيطان الأكبر كما تعودنا أن نسمع من سياسي إيران ولا باتت أعلامها تداس بأقدام جحافل قواتها في عروضهم العسكرية، بل هي دولة مدنية متطورة تبحث عن مصالحها لضمان قوتها وسطوتها، التي سينتج عنها رفاه شعبها وفخر كل من يحمل جواز سفرها، الذي يسعى له الملايين حول العالم، إما بالهجرة أو الولادة فوق أراضيها، أو الحصول عليه عبر عرض عمل بأحد شركاتها أو الخيار الميؤوس منه وهو عبر الاشتراك في يانصيب البطاقة الخضراء “الإقامة” التي ينالها عبر القرعة سنويا خمسون ألف شخص حول العالم.
وبما أني أتيت على ذكر “الجرين كارد”، فسأخبركم عن حكاية إبراهيم، وهو لبناني فاز باليانصيب وسافر لأمريكا ليلة أحداث الحادي عشر من سبتمبر سيئة الذكر، وعانى الأمرين بسبب ذلك واعتقل لأن اسم عائلته هي نفسها لشخص ساعد قريبا لابن خال أحد منفذي الاعتداء!
“مرمطة” إبراهيم تذكرني بما يعانيه الفلسطيني حامل وثيقة السفر الموبوءة أينما حل به الترحال، فبمجرد كونه فلسطيني ولو كان عالم ذرة أو رائد فضاء ستناله سياط أجهزة المخابرات وإذلال سلطات المطار العربي كونه من أبناء القضية!!….. فيما ذكرت أيضا وجهٌ للتشابه بين بعض الدول العربية وأمريكا، وإن كان لأمريكا عذر الصدمة ووقع الضربة وحجم الخسارة!
الحمص بدوره من أساسيات المائدة لدول الشام، اقتحم المائدة الغربية، حتى إن إسرائيل حديثة الإنشاء تنسبه والفلافل لنفسها وتروج له سياحياً على أنه من أكلاتها الوطنية!، لكننا وعلى العادة لم ننتفض أو نكترث بالسرقة الإسرائيلية، فمن اغتصبت أرضه لا أظنه مكترثاً بقرص فلافل وصحن حمص!
 

المصدر: الجديده - http://aljadidah.com/2013/12/%d9%82%d8%b1%d8%b5-%d9%81%d9%84%d8%a7%d9%81%d9%84/

لبنان والقضية المفقودة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤيه الإماراتيه 30-11-2013

 

 
مرت ثماني سنوات على ما أسميه استئناف مسلسل الاغتيالات في لبنان ولن أقول بدايته، فالبلد الذي عُرف بكونه من أوائل من استقلوا عن الاستعمار الفرنسي وأحد الأبرز حضارةً عربياً، حتى إنه «كان» يسمى باريس الشرق, عرف القتل والاغتيالات السياسية والفكرية والمذهبية باكراً، ولم يشهد بلدٌ عربي ما شهدته أرضه من تصفيات لمجرد الخلاف والاختلاف عدا العراق أيامنا هذه، والتي عادت أكثر ضراوة في العام 2005 بجريمة اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، التي راح ضحيتها سبعة من مرافقيه ومعهم النائب باسم فليحان.
قبل سنة اغتيل اللواء وسام الحسن، رجل الاستخبارات القوي والشوكة التي غص بها النظام السوري عقب كشفه مؤامرة ميشيل سماحة التفجيرية الإرهابية، وأكثر من عشرين شبكة تجسس إسرائيلية عجزت جحافل حزب الله ومخابراته عن اكتشافها، بعد أن أشغلت نفسها بتنفيذ الأجندة الإيرانية والتدخل في سوريا دفاعاً عن نظام بشار الأسد وحزب البعث، وأخذت موقفاً ضد حرية الشعب السوري ومع نظام قمعي مجرم وقاتل.
ماذا بعد وقد مرت سنة ولم تكشف التحقيقات عن الجهة التي نفذت الجريمة، بل لنقل مرت ثماني سنوات ولم يحاكم قتلة الحريري ولا البقية ممن نالتهم أيدي الغدر بدءاً من سمير قصير وجورج حاوي ولا أظنها منتهية بوسام الحسن. فطالما الجميع يعرف القاتل ويتغاضى عن ذكر اسمه، وطالما القوى الأمنية اللبنانيه تلعب دور المحايد ولا يكون لها اليد الطولى في العقاب وفي فرض سياسة أمنية صارمة لا تراعي حزباً أو طائفة أو تياراً سياسياً أياً كانت سطوته ونفوذه، فالأمن والأمان لن يتحققا ولن تعرفهما الساحة اللبنانية طالما تسيطر عليها التوافقات الهشة التي تعمل على التهدئة دون أن تنزع نهائياً فتيل الأزمة التي لم تعد تتحكم بها الأطراف المتنازعة، بقدر القوى الخارجية التي ثبتت أقدامها حتى باتت المخطط، فيما المنفذ لبناني فقد انتماءه لوطنه واستبدله بدولارات الغرباء!
لا أؤمن أبداً أن التنوع الطائفي والمذهبي والآيديولوجي هو سبب عدم استقرار لبنان، بل على العكس لو وظف في إطار الوطنية والمواطنة الحقة لكان عامل ازدهار وتنوع إيجابي؛ إذاً المشكلة تكمن في سياسيين وتيارات يقوم عليها أشخاص من عهود سحيقة، تم شراء ولاءاتها حتى باتت ملكية أكثر من الملك، فيما يتم استبعاد الشباب من المشهد وتشجيعه على الهجرة بشكلٍ غير رسمي، كيف لا يهرب وهو يرى بطالة وفقراً وانعداماً للعدالة وانتشاراً للفساد وحزبية بغيضة تسيطر على المشهد السياسي الذي يستغرق فيه رئيس الحكومة المكلف شهوراً طويلة لتشكيل حكومته، في حين يغرق الوطن وسكانه ويرزح تحت أزمة حياة الهمّ فيها رغيف الخبز الحاف الذي لا يجده ثلث سكان لبنان ممن يرزحون تحت خط الفقر!
 
 

المصدر: جريدة الرؤيه الإماراتيه  - http://alroeya.ae/2013/11/30/106677

الأحد، 1 ديسمبر 2013

حزب الله العراقي وإيران والخليج العربي

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الجزيره 28-11-2013

 

 
صبر الغرب على هتلر طويلاً قبل أن يعي خطره، ونأت أمريكا عن التدخل في فرنسا قبيل الحرب العالمية الثانية، فاستشعر ديغول الخطر وأسس فرقاً وألوية حربية مختلفة بدون خطوط حمر جعلت من صحف أوروبا تتهم بعضها بالإرهابية، لكنه لم يلق لها بالاً.. وقد أصاب فيما فعل، فأحياناً من غير المجدي أن تكون صاحب مبدأ أو «جنتل» مع من لا خلق له ولا احترام!
كذلك الحال مع الزمرة الباغية والفئة الضالة من مرتزقة حزب الله العراقي التي تظن بإطلاقها لقذائف هاون عبثية على الحدود السعودية قد تجدي نفعاً في إيصال رسالتها التي تدّعي فيها دعم المملكة لما تسميه هي «جماعات إرهابية»، وتناست أنها هي من تُرك دون رقيبٍ يحاسبها على ما ترتكبه في العراق من حربٍ طائفية، وتنفيذها لأجندة إيران, حتى لو أشعلت العراق على من فيها وتسببت تصرفاتها ببث نار الفرقة والضغينة في الداخل العراقي، وخلق أجواء من العداء مع جيران العراق من دول الخليج العربي، وخصوصاً السعودية والكويت.
واثق البطاط إمام حسينية الإمام كاظم في النجف والأمين العام لكتائب حزب الله في العراق وقائد جيش المختار، رجل الدين الذي يتفاخر بتخرجه من الكلية العسكرية في طهران، وهو الحاصل على درجة الحقوق من جامعة الكوفة يطل علينا كل فترة بتصريحات عدائية لم تقتصر على دول الجوار الخليجي، بل هدد في إحدى المرات بإنشاء ميليشيا عسكرية تتبعه في مصر!، يدّعي أن تعداد جيشه قارب المليون عُشرهم من الطائفة السنية, يحاول أن يوجد لنفسه ثقلاً وحضوراً في الشارع السياسي العراقي, قد نال بعضاً منها باعتراف حكومة المالكي بتنظيمه رغم اتهامات سابقة لميليشياته بالإرهاب والاغتيالات وهي التي انشقت عن التنظيم الصدري عقب اختلافه معها وعداء الأخير المعلن وانتقاده لها.
مع ذلك لم تتصرف «عدالة حكومة المالكي المغيبة» لتحاسبه كما فعلت مع القيادات السنية التي لفقت لها التهم ومُورس عليها الاغتيال السياسي والجسدي والمعنوي باسم القانون الذي كرّس العزل السياسي وتغاضى عن التدخل الإيراني الطائفي في الشأن العراقي، الذي كُوفئ بتجنيس العديد منهم ومنحهم مناصب سياسية واقتصادية, سيطروا بها على مفاصل الدولة العراقية وتحكموا بسياستها لتتماشى مع مطامع إيران في العراق وأجندتها السياسية والدينية.
المطلوب مع من هم على شاكلة حزب الله العراقي أو أي تنظيم طائفي متطرف موقف لن أقول حازماً فقط, بل مفصلياً معه ومع كل ما يحصل من تداعيات الفوضى العراقية، التي أهملناها ما يكفي من الوقت لتكون بؤرةً لكل ما هو عدائي للعرب وطائفي وإقصائي للمذاهب والأديان الأخرى في العراق, وعصا بيد طهران تلوح بها مهددةً دول الخليج المجاورة لها, على غرار حزب الله اللبناني وبعض الأفراد والتنظيمات السرية الشيعية في الخليج العربي.
تفعيل قوات درع الجزيرة وإعادة تسليحها وزيادة عدد قواتها وإشراكها في مناورات سنوية متعددة ومجدولة وإعادة انتشارها خليجياً جنباً إلى جنب مع الجيش لكل دولةٍ مطلب إستراتيجي لا غنى عنه, وسيكون فعّالاً لصد التدخلات الإيرانية والطائفية الإرهابية المتطرفة لبعض الفصائل والميليشيات العراقية وإظهار الوجه العبس لها, علّها ترتدع عن تصرفاتها العدوانية, وتحترم حرية الاعتقاد واستقلالية الدول المجاورة, ولا تتدخل في سياساتها وفي تحريض مواطنيها من الأقليات ضد دولهم وحكوماتهم.
تتزامن التحركات الدفاعية العسكرية الاستباقية مع حملات دبلوماسية عربية وخليجية عبر جميع المحاور والهيئات الدولية والحلفاء والأصدقاء والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي, لتوحيد مواقفهم الداعمة وتجييرها لتكون سلاح ضغط وردع إلى جانب القوة العسكرية.
 
 

المصدر: جريدة الجزيره - http://www.al-jazirah.com/2013/20131128/rj6.htm

 

شبابنا المهاجرون

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤيه الإماراتيه 21-11-2013



تخيل نفسك في مركب يشاركك به الترحال، نحو جنة الغرب، العشرات ممن ضاق بهم جحيم دولهم، وأطبق عليهم يأس الفرج في قراهم ومدنهم، إن أجدت التصور، ستعلم حينها ما الذي يجعل شباب الوطن العربي والعديد من عرب أفريقيا يتكدسون فوق بعضهم، ليعبروا محيطاً لا يرحم، وهو الذي يغرقهم كل مرة، ومع ذلك يسعى العديد لسلكه، ولو حتى بقارب متهالك، دفعوا في سبيل استخدامه ما ملكوا واستدانوا، لعله يوصلهم لأرض الفرج أوروبا، حيث العيش الرغيد والوجه الحسن، وحقوق الإنسان التي لم يقروها لشعوبهم إلا بعد أن استعبدوا واستعمروا ونهبوا الآخرين عقوداً.
إيمانهم بالعدالة وتطبيقهم للديموقراطية وعملهم على السلم الاجتماعي وتوفير الرفاه لمواطنيهم زغزغ عقول أبنائنا المهاجرين، وأغراهم بأن الحل الوحيد لمعاناتهم هو أن تبلغ أجسادهم إيطاليا، لينفروا منها صوب إحدى دول القارة العجوز، قد أجدى ذلك للكثير منهم سابقاً، لكن أوروبا الآن تعاني من تدهور اقتصادي، وباتت بعض دولها على حافة الإفلاس تستجدي اتحادها تقديم الدعم والمساعدة.
لم تعد أبوابهم مفتوحة لنا، ولا لشبابنا الطامح بحياة أفضل، ولم تعد حقوق الإنسان وقوانين اللجوء الإنساني مفعلة، أو مرحباً بها كما كانت سابقاً، ولم تعد تنطلي عليهم حيل الاضطهاد واللجوء السياسي ولا الإنساني، أو تمزيق جواز السفر حال أن تطأ القدم أرض مطارهم.
عدل العديد منهم قانون ما كان يسمى يوماً «حق الأرض» والذي يمنح بموجبه من يولد جنسية بلد المولد، لم يعد يصدق مندوبو الهجرة لديهم قصص افتتان نسائهم بالسمار العربي الذي أغرى بناتهم بالزواج من شباب مهاجر لا يملك من متاع الدنيا شيئاً، وجل همه إقامة،أو تصريح للعمل يمكنه من مساعدة عائلته في الوطن الذي تركه، طمعاً في حياة أفضل، ويسعى لها بأي الطرق الميسرة، وحتى إن كان الزواج من عجوز فلا بأس طالما تحقق الغرض بالحصول على تصريح العمل، أو الإقامة!
قبل عشرين سنة، وفي ظل حمى الهجرة، وتسارع أبناء جيلي للبحث عن حياة أفضل خارج دولهم، استبدت بي الحماسة، فكتبت أنصحهم بالهجرة، ولو على ظهر جمل.
الآن، ها أنا أكتب عن الهجرة، لكن مناقضاً نفسي، وفي حيرة من أمري، فأي الأمرين قد أصبت فيه وأخطأت؟ أترك الإجابة لمن هاجر بأي شكل، ليجيب لكم عليه فهو أدرى مني إن كانت مغامرته قد استحقت المحاوله أم لا؟


المصدر: جريدة الرؤيه الإماراتيه  - http://alroeya.ae/2013/11/21/104218

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...