الاثنين، 2 ديسمبر 2013

لبنان والقضية المفقودة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤيه الإماراتيه 30-11-2013

 

 
مرت ثماني سنوات على ما أسميه استئناف مسلسل الاغتيالات في لبنان ولن أقول بدايته، فالبلد الذي عُرف بكونه من أوائل من استقلوا عن الاستعمار الفرنسي وأحد الأبرز حضارةً عربياً، حتى إنه «كان» يسمى باريس الشرق, عرف القتل والاغتيالات السياسية والفكرية والمذهبية باكراً، ولم يشهد بلدٌ عربي ما شهدته أرضه من تصفيات لمجرد الخلاف والاختلاف عدا العراق أيامنا هذه، والتي عادت أكثر ضراوة في العام 2005 بجريمة اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، التي راح ضحيتها سبعة من مرافقيه ومعهم النائب باسم فليحان.
قبل سنة اغتيل اللواء وسام الحسن، رجل الاستخبارات القوي والشوكة التي غص بها النظام السوري عقب كشفه مؤامرة ميشيل سماحة التفجيرية الإرهابية، وأكثر من عشرين شبكة تجسس إسرائيلية عجزت جحافل حزب الله ومخابراته عن اكتشافها، بعد أن أشغلت نفسها بتنفيذ الأجندة الإيرانية والتدخل في سوريا دفاعاً عن نظام بشار الأسد وحزب البعث، وأخذت موقفاً ضد حرية الشعب السوري ومع نظام قمعي مجرم وقاتل.
ماذا بعد وقد مرت سنة ولم تكشف التحقيقات عن الجهة التي نفذت الجريمة، بل لنقل مرت ثماني سنوات ولم يحاكم قتلة الحريري ولا البقية ممن نالتهم أيدي الغدر بدءاً من سمير قصير وجورج حاوي ولا أظنها منتهية بوسام الحسن. فطالما الجميع يعرف القاتل ويتغاضى عن ذكر اسمه، وطالما القوى الأمنية اللبنانيه تلعب دور المحايد ولا يكون لها اليد الطولى في العقاب وفي فرض سياسة أمنية صارمة لا تراعي حزباً أو طائفة أو تياراً سياسياً أياً كانت سطوته ونفوذه، فالأمن والأمان لن يتحققا ولن تعرفهما الساحة اللبنانية طالما تسيطر عليها التوافقات الهشة التي تعمل على التهدئة دون أن تنزع نهائياً فتيل الأزمة التي لم تعد تتحكم بها الأطراف المتنازعة، بقدر القوى الخارجية التي ثبتت أقدامها حتى باتت المخطط، فيما المنفذ لبناني فقد انتماءه لوطنه واستبدله بدولارات الغرباء!
لا أؤمن أبداً أن التنوع الطائفي والمذهبي والآيديولوجي هو سبب عدم استقرار لبنان، بل على العكس لو وظف في إطار الوطنية والمواطنة الحقة لكان عامل ازدهار وتنوع إيجابي؛ إذاً المشكلة تكمن في سياسيين وتيارات يقوم عليها أشخاص من عهود سحيقة، تم شراء ولاءاتها حتى باتت ملكية أكثر من الملك، فيما يتم استبعاد الشباب من المشهد وتشجيعه على الهجرة بشكلٍ غير رسمي، كيف لا يهرب وهو يرى بطالة وفقراً وانعداماً للعدالة وانتشاراً للفساد وحزبية بغيضة تسيطر على المشهد السياسي الذي يستغرق فيه رئيس الحكومة المكلف شهوراً طويلة لتشكيل حكومته، في حين يغرق الوطن وسكانه ويرزح تحت أزمة حياة الهمّ فيها رغيف الخبز الحاف الذي لا يجده ثلث سكان لبنان ممن يرزحون تحت خط الفقر!
 
 

المصدر: جريدة الرؤيه الإماراتيه  - http://alroeya.ae/2013/11/30/106677

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...