الاثنين، 2 ديسمبر 2013

قرص فلافل

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في الجديده 01-12-2013

 
 
الشعب المصري ظريف ومحب للفكاهة وعودنا أن نسمع منه من الأمثال أحياناً بعضها والتي ربما على خطئها إلا أنها تبهجنا. مثلاً  تشاهد مقطع من فيلم ينصح فيه شخص لص ويؤنبه وينهاه عن السرقة إلا أن الأخير يجيب عليه بالقول بمنطقه الذي يبرر له فعله: اليد البطالة نجسه!….، تعودت أن أسمعها وفي كل مرةٍ ابتسم إلا أن الغريب أنني قد سمعت نفس المثل ولكن هذه المرة بالإنجليزية وأثناء متابعتي لفيلم أجنبي ونص ما قيل هو: “Idle hands do the devils work”، وتعني مجازاً نفس المضمون الشعبي للمثل المصري. ارتسمت حينها نفس الابتسامة على وجهي لكنها نبهتني لمدى التشابه والاختلاف بيننا كمتحدثين للغة العربية والآخرين الذين يتحدثون لغاتهم ولنقل الإنجليزية مثلاً. فهم ليسوا من كوكبٍ آخر ولا إنسانيتهم تختلف عنا، بل إن مجمرينا ومجرموهم لديهم بعض الصفات المشتركة التي تحفزهم لارتكاب ما يفعلون وتبريرها لأنفسهم.
الخير أو الحكمة حاضرةٌ أيضاً في العديد من الأمثال ووجه التطابق فيها بين لغاتنا كبير. نقول ويقولون وكلاٌ يصفها بلغته أن عصفوراً باليد خيرٌ من عشرةٍ على الشجرة أو الصديق وقت الضيق والكتاب معروف من عنوانه أو يعرف المرء بأصدقائه….. وغيرها الكثير من الأمثال التي تدل على أننا جميعاً في النهاية بشر ولا فرق بين تجاربنا الإنسانية إلا في مدى استفادة كلاٍ منا من أخطائه ومحاولة النأي بالنفس عن تكرارها.
أمريكا والعرب كما الإنجليز لديهم قواسم مشتركةٌ أيضاً، فكلاهما في وقتٍ ما كانا تحت الاستعمار البريطاني مع مراعاة فروق التوقيت، كما أنها هي الأخرى والحديث هنا ما زال عن الولايات المتحدة، تدعى أيضاً بالعم سام وليست الشيطان الأكبر كما تعودنا أن نسمع من سياسي إيران ولا باتت أعلامها تداس بأقدام جحافل قواتها في عروضهم العسكرية، بل هي دولة مدنية متطورة تبحث عن مصالحها لضمان قوتها وسطوتها، التي سينتج عنها رفاه شعبها وفخر كل من يحمل جواز سفرها، الذي يسعى له الملايين حول العالم، إما بالهجرة أو الولادة فوق أراضيها، أو الحصول عليه عبر عرض عمل بأحد شركاتها أو الخيار الميؤوس منه وهو عبر الاشتراك في يانصيب البطاقة الخضراء “الإقامة” التي ينالها عبر القرعة سنويا خمسون ألف شخص حول العالم.
وبما أني أتيت على ذكر “الجرين كارد”، فسأخبركم عن حكاية إبراهيم، وهو لبناني فاز باليانصيب وسافر لأمريكا ليلة أحداث الحادي عشر من سبتمبر سيئة الذكر، وعانى الأمرين بسبب ذلك واعتقل لأن اسم عائلته هي نفسها لشخص ساعد قريبا لابن خال أحد منفذي الاعتداء!
“مرمطة” إبراهيم تذكرني بما يعانيه الفلسطيني حامل وثيقة السفر الموبوءة أينما حل به الترحال، فبمجرد كونه فلسطيني ولو كان عالم ذرة أو رائد فضاء ستناله سياط أجهزة المخابرات وإذلال سلطات المطار العربي كونه من أبناء القضية!!….. فيما ذكرت أيضا وجهٌ للتشابه بين بعض الدول العربية وأمريكا، وإن كان لأمريكا عذر الصدمة ووقع الضربة وحجم الخسارة!
الحمص بدوره من أساسيات المائدة لدول الشام، اقتحم المائدة الغربية، حتى إن إسرائيل حديثة الإنشاء تنسبه والفلافل لنفسها وتروج له سياحياً على أنه من أكلاتها الوطنية!، لكننا وعلى العادة لم ننتفض أو نكترث بالسرقة الإسرائيلية، فمن اغتصبت أرضه لا أظنه مكترثاً بقرص فلافل وصحن حمص!
 

المصدر: الجديده - http://aljadidah.com/2013/12/%d9%82%d8%b1%d8%b5-%d9%81%d9%84%d8%a7%d9%81%d9%84/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...