الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

الشهرة وروح المغامرة

بقلم عماد أحمد العالم

مقالة تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 29-12-2013



مفهومنا ومفهومهم عن الشهرة هو النقيض، وهنا أتحدث عن العرب والغرب، فعلى الرغم من أن الفرق بيننا وبينهم كتابةً هو النقطة التي حولت العين للغين، إلا أننا مختلفون ومتناقضون وكلٌّ منا يسبح في تيارٍ مختلفٍ عن الآخر، وإن كانوا وفق هواهم مخيرين فيه فخورين، إلا أننا على النقيض نرتكب العيب في السر ونتبرأ منه في العلن!
عندنا مثلاً من يسمى «العرابجة» أو «الدرباوية» أو «الزعران» -واللفظ ننطقه على حسب الدولة- يقومون بأفعالٍ الغرض منها الاستعراض وإظهار روح الخطر والمغامرة أياً ما كانت الفعلة، لكن أغلبهم غالباً ما يحرص على أن لا يُعرف، ويظهر وهو مخفٍ شخصيته «ملثم أو متلطم»، وهو ما يبرز تناقضاً عجيباً في الشخصية، ففي جزءٍ مما يفعل طلبٌ للشهرة وفي الآخر نفيٌ لها حتى لا يعرف أو يُكشف ويفتضح أمره، وبالتالي يضيع على نفسه فرصة أن يشار له بالبنان كلما حضر في أي مكان، كما أني لن أستغرب أن يكون بعضهم ابن مسؤول أو رجل أعمالٍ مرموق، فعلو المكانة والمقام أيامنا هذه ليس بالعلم والعمل فقط، وإنما بالتطبيل والتبجيل واليد الطويلة أيضاً!
تحليل هذا السلوك الغريب الذي يغامر فيه بعضٌ من شبابنا ويسيئون في مواقف منه، وإن سألت قال البعض بداعي الشهرة، يحتاج إلى خبراء علم النفس ليسبروا لنا أغوار تلك الفئة من الشباب، وسبب التناقض بين الجرأة لعمل ما يفعلون وخشيتهم من أن يعرف الناس في مجتمعاتهم بأفعالهم الغريبة الطائشة التي يقومون بها!
الشهرة مرتبطة بالغرابة لدى عديد من الباحثين عنها في العالم الآخر، ولذلك نجد كتاب «جينيس» للأرقام القياسية يكاد لا يتسع لأرقامٍ قياسية يسعى أصحابها إلى أن يُذكروا فيها ويعرفوا عالمياً. وهنا الاختلاف بيننا كعرب وبينهم، فهم وبغض النظر عن صحة أو حرمة ما يقومون به إلا أنهم يفعلونه في العلن ويفتخرون به ويسعون إلى أن يُربط بهم، أما نحن فعلننا مع الأسف لدى كثيرين هو النقيض لسره. بعضنا يأمر بالمعروف نهاراً وفي ليله يرتكب المنكر، ليعود صباحاً في اليوم الذي يليه لينهى عنه مجدداً!
في عام 2009م استطاع صيني (أعفيكم من ذكر اسمه) أن ينغز نفسه بـ2009 إبرة في رأسه، وقد حطم بما فعل الرقم القياسي الذي لن يفكر حتى أكثر البشر قساوةً في الإقدام عليه، فألم الشوكة إن وطئتها أقدامنا خطأ يبقى طويلاً، فكيف بهذا الكم الهائل من الإبر في الوجه؟!
في تجربةٍ مختلفة لجنونٍ آخر، عاشت تايلاندية في غرفة من الزجاج مساحتها 12 متراً مربعاً، وتحتوي على 5320 عقرباً مدة 33 يوماً وليلة في ساحة الحديقة الملكية في باتايا بتايلاند في الفترة من 22 ديسمبر 2008 إلى 24 يناير 2009، وقد لُدغت 13 مرة خلال هذه الفترة، لكنها نالت شهادة «جينيس» لمغامرتها المجنونة، ولا أظنها كفيلةً بأن توفر لها رفاهاً أو عملاً أو مقاماً حسناً فيما فعلت.
سُجلت كلتا الحالتين السابقتين كأرقام قياسية، لكنني (وغير نادمٍ على ذلك) لم أتابع هل تم كسر لقبهما من قِبل مغامرين أو مجانين آخرين أو احتفظا به، فما يهمني من ذكرهما هو سعيهما للتميز والتفرد أياً ما كانت وسيلته ولهثهما المرير له حتى تحقيقه، وعدم إخفاء شخصيتيهما عن الملأ، فالغرض فيما فعلاه من هوس هو أن ينالا الشهرة حتى لو كانت ضريبة ذلك حياتهما!


المصدر: جريدة الشرق -  http://www.alsharq.net.sa/2013/12/29/1035307

العراق بين الاستقطاب والتنفير

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الجزيره 27-12-2013



دعونا لا ننسى العراق أكثر مما مضى ولا نهمله ونتغاضى عما يحدث فيه بعد الآن. يكفيه ما جره عليه تعدد طغاة حكامه منذ استقلاله ليعيثوا فيه قلاقل وانقلابات وقتل وفوضى لم يعرف أهلها فيها استقرارا ولا راحة بال، توجت عقب حرب الخليج بحاكم عسكري أمريكي حل الجيش العراقي وقسمه طائفياً ووزع مناصبه حسب ما ارتآه وقتها، لكنه فيما فعل قد زرع بذرة نزاعٍ دائمةٍ بين العراقيين، لن يتم تجاوزها والتغلب عليها إلا إذا أعيد بناء اللحمة الداخلية وتأسس نظام حكمٍ مدني لا يتبع طائفةً بعينها، ولا يعطي أي ثقلٍ سياسي لرجال دينٍ خلفت فتاويهم وأسهمت في بث نار الفرقة والضغينة بين أبناء العراق، الذين لم يعرف عنهم إلا اللحمة ونبذ الطائفية.
غريب أمر العراق وغرابته تزداد بمقدار ما يحدثه حاله الآن من أسى في النفس، فبلاد الرافدين كانت يوماً حصنا منيعا لنا وسدا أمام المطامع الإيرانية وسياسة تصدير الثورة التي شجعها الخميني ثمانينيات القرن الماضي، وما زال من خلفه ينفذها.
عُرف العراق بتنوعه العرقي والديني والمذهبي، وشكل الاحترام المتبادل لممارسة العقيدة أساسا لعدم قيام أي حروب طائفية أو نزاعات في تاريخه, عدا فترات متقطعة في التاريخ والفترة التي تلت العام (2003). تاريخ التعايش في العراق بين المذاهب كان مثالاً للتزاوج والتكامل ونبذ الطائفية, لكنه تغير منذ أن تدخل رجال الدين في السياسة، وبدأت معها فتاوى التكفير والإقصاء!
يسكن العراق العرب والأكراد والتركمان وبعض الفرس والأرمن. يشكل مسلموه بمذهبيه السني والشيعي الأغلبية العظمى من سكانه، إلا أنه يشهد تواجداً لما يقارب الخمس عشرة طائفة مسيحية ومنهم الكلدانيون الكاثوليك والأشوريون البروتستانت والأرمن الإنجيليين والسريان الأرثوذوكس والكاثوليك والروم، كما تعيش به أقليات يزيدية ويهودية، وبه أهل التكايا والزوايا وبقايا من الزرادشتية والديانة الشمسية والكاكائية والصابئة والكثير من الديانات والمذاهب الأخرى. كثيرٌ منها لم يسمع بها ولو كانت في مكانٍ آخر لانقرضت, إلا أن أرض دجلة والفرات منحتها الحرية الدينية حتى استولى على الحكم ما يسمى بائتلاف دولة القانون، الذي جير حكم المحكمة الدستورية لصالحه رغم عدم فوزه بأغلبية مقاعد البرلمان ليشكل ائتلافه الذي أشاع الفساد والفوضى الأمنية والقتل على الهوية، وتصفية كل من يعارض نهجه، خصوصاً القيادات السنية، ومنها من كان شريكاً له في الحكم كالهاشمي والعيسوي.
مؤخراً أوقف الإنتربول أي تعامل مع حكومة المالكي، معتبراً كل أوامر القبض الصادرة بحق المعارضين باطلة وغير ملزمة له، وهو دليل على أن ما يجري في العراق الآن هو حرب انتقائية طائفية ضد السنة وإقصائية لكل تيار وطني شريف معارض، في حين تتقارب الحكومة مع الميليشيات المسلحة الإرهابية كحزب الله العراقي وقائده البطاط، وهو الشخصية التي يشار لها بالتسبب في الكثير من عمليات الاغتيال والتفجيرات!....، فيما ترتع عصابات طائفية أخرى فساداً وقتلاً دون أن يتعرض لها أحد وبعلم وتنسيق ودعم وتوجيه من القيادة الإيرانية والحرس الثوري وأجهزة مخابراتها, التي باتت هي من يصّدر القرارات ويوجه فيما الحكومة العراقية تنفذ.
شعورنا بالصدمة من تبعات احتلال الكويت وحرب الخليج أوجد لدينا نوعا من النفور, الذي تسبب بابتعادنا عن الشأن العراقي والحذر منه، لتنتهز إيران الفرصة السانحة لها وتحكم سيطرتها على السياسة العراقية في ظل نأيٍ عربي عن التدخل المباشر في الشأن العراقي، مما أفقدنا ثقلنا القومي وانتماء العراق لمنظومتنا العربية على حساب نظام آخر مجاور بنى سياسته على أساس طائفي بحت واستمر في تصدير ثورته لأحد أهم وأقوى الكيانات العربية.
لن يعود لنا كعرب كيان إلا إذا أعدنا احتضان القضية العراقية ووقفنا ضد الهيمنة الإيرانية على أراضيه، وتغلغلنا أكثر في كل بقعة أرض تركناها خالية فاستغلها الآخرون وبنو قواعدهم فيها واستغلوها لحربنا وترهيبنا. كما من الواجب أن تكون الوقفة بالفعل لا بالحديث فقط, وبدعم الأطراف السياسية الوطنية المعتدلة والبعيدة عن الطائفية, التي تحكم مصلحة العراق أولاً ولا تأخذ أوامرها من طهران أو أي جهة لا تريد الخير للعراق بل جل ما يهمها هو تحقيق مصالحها.

المصدر: جريدة الجزيره - http://www.al-jazirah.com/2013/20131227/rj2.htm

الجمعة، 20 ديسمبر 2013

ذوقيات غائبةٌ عنا!

بقلم عماد أحمد العالم

مقالة تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 20-12-2013

  

تعد مظاهر الذوق العام مهمة في الحياة، إلا أنها تغيب عنا، فيما تحل مكانها مظاهر أخرى معاكسة. أحدها، الذي لا أستثني منه شعباً على آخر، هو الحديث بصوت مرتفع أثناء إجراء مكالمة هاتفية في الأماكن العامة، ولنقل الطائرة مثلاً.. أشعر بالامتعاض منها، وفي كل مرةٍ تتسابق شفتاي للنقد والتجريح، لكني ما ألبث أن أُحبِّط من عزيمتي، فلن يكسبني تصرفي ذاك إلا مشكلة سأخرج منها مجروح الوجدان!، ليكون الصمت ولا شيء سواه، وليتحدث من أراد بأعلى صوت، ولن ينتقده أحد علناً، وقد لا يُستهجن فعله، لكن الأكيد أنك ستبغضه وستمر بجانبه وسترمقه بنظرة حقدٍ لن تشعره بها إن لم تكن تمتلك الجرأة والمقدرة لتحمل العواقب.
وعلى «طاري» النظرة، وعن تجربة شخصية، بعضنا يبحث عن «شكل» أو «شر» كلما التفت يميناً أو يساراً أو طالع من حوله. حظك العاثر سيقع مع أحدهم إن صدف وأمعنت النظر باتجاهه، فيما قد لا يكون ما استرعى انتباهك هو، وإنما سرحت أو شاهدت شيئاً ما، لكن من يقابلك بدأ الآن بالغليان وتتقاذف عيناه الحمم. يرمقك بنظرات حنق وهو يسألك عن سبب نظراتك له!. حينها ابتسامتك المصطنعة له واجبة، وكلماتك البريئة تبرر له ذنباً لم تقترفه، لكنك وكما يقال بالعامية «تقصر الشر»، وتفضل ألا تدخل في مشكلة أنت في كل الغنى عنها، وخصوصاً إن كان يجلس بجوار «العصبي»، امرأة أياً كانت صلة قرابته بها، حينها أنت مُدان ومُلام ومخطئ دون أن يستمع أحد لتبريرك أو أيمانك، فقد جُرِّمت لانتهاكك خصوصية (العائلة)، وهو الرمز الذي يقصد به وجود امرأة بجانب محرمٍ لها، تتشدق العقول بوصفه بالشرف، فيما هي الأنفس ذاتها التي تحرم المرأة أبسط حقوقها الواجبة لها وتسلب منها ما استحق لها بنفس الحجة والمنطق «الأعوج».
على الضفة الأخرى من العالم، كلما صادفت عيناك أحدهم دون قصد، بادرك، سواءً كان ذكراً أو أنثى، بابتسامةٍ حقيقيةٍ وإيماءةٍ ونبس شفاهٍ بالتحية لا تعني أبداً إن كان مصدرها امرأة أنها أحبتك وأعجبت فيك ولكن تعني أنها حيتك فقط!
إن استرسلت وعددت لكم ما يُغيظ من التصرفات في مجتمعاتنا العربية والمسلمة فقد لا يكفيني ما هو متاحٍ لي لنشره من مساحةٍ، لكنه أبرز ما تعرض له «أحدٌ ما» وهو يستهل يومه مسافراً في مهمة عمل من مدينةٍ لأخرى. صادف في المساء الذي سبقه موقفا من ممثلٍ لخدمة العملاء في شركة اتصالاتٍ كبرى، بعد أن أنهى الموظف صلاته التي لم يره يصلها واستغرق فيها ما لا يقل عن نصف ساعة أو أكثر، جلس الموظف على مكتبه كمدير عام غير مكترث بمن كان ينتظره في الشارع. أجرى مكالمةً هاتفيةً وما إن انتهى منها بادره أحدهم باستفسار عن أمرٍ ما يخصه، فما كان من الموظف إلا أن أشعل أجواء القاعة بصوته المرتفع مستهجناً السؤال، وبكل جلافةٍ لم يرد على استفسار السائل بأدب وإنما عنفه لأنه تجرأ وسأله بينما لم يسأل موظف الاستقبال!
لم يتحرك أحد لزجر الموظف المستبد بمن فيهم مشرف المكان، ولا ووسي السائل المظلوم، الذي لم يجد بداً من ترك المكان والذهاب إلى شركةٍ أخرى يشتري منها خدمةً يقابله لأجلها مندوب خدمة العملاء بالترحاب وحسن المعاملة.
قد يفسر بعضهم الموقف السابق ويرجعه للاحتكار، لكني لا أجد في ذلك مبررا لسوء المعاملة والخدمة السيئة التي نراها كثيراً من مندوبي خدمة العملاء لشركات خدمية عملاقة، يشعرونك حين تتواصل معهم لشراء ما يقدمون أنهم أصحاب فضلٍ عليك، في الوقت الذي تساهم به مشترياتك في دفع رواتبهم وزيادة أرباح مجلس الإدارة وحملة أسهمهم!
لن نفلح ولن يكون لنا شأن إلا إذا طبقنا مفاهيم الذوق العام، ولن نغزو أسواق العالم بمنتجاتنا إلا إذا احترمنا أولاً عملاءنا، وعلمنا موظفينا كيف يكون استقبالهم وتعاملهم مع طلبات العملاء.
باختصار وإلى جانب حسن التعامل، ما ينقصنا هو الالتزام والاحترام ومراعاة الآخرين والإيمان بأن حريتنا تنتهي إن لامست شأناً للآخرين.



المصدر: جريدة الشرق - http://www.alsharq.net.sa/2013/12/20/1027822 

السبت، 14 ديسمبر 2013

أفغنة سورية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤيه الإماراتيه 13-12-2013



هل نحن مقبلون على أفغانستان عربية هذه المرة ولكن بنكهة سورية؟
 يبدو لي أن الثورة في سوريا تتحول بفعل فاعل وأيدٍ متآمرة لتنعطف صوب تجربة مريرة من الاقتتال على السلطة وبسط النفوذ. فبعد أن زُرع من التيارات من أُوكل له شق اللحمة لمقاتلي المعارضة وزرع الفتنة بينهم، في محاولات الغرض منها تشتيت قواهم وخلق مراكز نفوذ للدول الداعمة التي تسعى عبر تسليحها جماعاتٍ بعينها لفرض وجودها المستقبلي، وتتأكد من حال سوريا ما بعد الأسد، حيث لا يُراد لثورة شعبها أن تكون سوى غيمة أمل تمنح قليلاً من الحرية لشعب عانى منذ استقلاله حتى يومنا هذا من الانقلابات وحكم البعث.
صحيح أن سوريا لا تمتلك نفطاً أو احتياطياً ضخماً من الغاز يسيل له لعاب الغرب وأمريكا، لكنها تجاور حليفتهم التي زرعوها في المنطقة، ومن ثم من مصلحتهم ألا يجاورها نظام إسلامي أو قومي عربي جاد في محاربة إسرائيل وإشعال النزاع في المنطقة من جديد.
إسرائيل الطرف الخفي في النزاع السوري هي من يقف بثقله خلف نظام بشار، إذ لم تحرك ساكناً إزاء ترك حزب الله لمواقعه في الجنوب اللبناني وانضمامه علانية لدعم نظام الأس الذي كان قاب قوسين من الانهيار والسقوط، مع أن الفرصة باتت سانحة لها في ظل انهماك الحزب بالاقتتال السوري، حتى إن اختراق طائراتها للأجواء اللبنانية كما كانت تفعل على الدوام لم يعُد له ذكر، ولم نعد نسمع تلك الخطب الرنانة من قياديي حزب الله، التي يتوعدون فيها إسرائيل، بل العكس تماماً أضحت خطابات حسن نصر الله مكرسة للتأكيد أن حزبه لن يسمح بسقوط النظام السوري، لتتهاوى معها أكذوبة المقاومة التي لعب فيها الحزب على وتر التعاطف العربي، فنال شعبية غرر بها الجميع وظنوا أنه المنقذ الذي سيرمي إسرائيل في البحر!
بدايات الكفاح المسلح للثورة السورية كانت مع انشقاق ضباط بالجيش احتجاجاً على قمع المظاهرات، ليشكل المقدم حسين هرموش لواء الضباط الأحرار، تلاه تشكيل العقيد رياض الأسعد الجيش السوري الحر، ثم توالى تشكيل كتائب وألوية في مناطق متفرقة من سوريا حتى وصلت إلى ما يقارب الثلاثين فصيلاً. كان تسليحها متواضعاً واعتمد في تشكله على ما يغنم في المعارك مع الجيش النظامي، فيما كون الجنود المنشقون والمتطوعون أغلب مقاتليه.
مع استمرار القتال في سوريا، ولخشية أطراف دولية وعربية مما يمكن أن تؤول إليه الثورة حال خلع نظام بشار، بدأت تظهر جماعات مسلحة أخرى يدعي بعضها أنها تقاتل النظام السوري. تعددت مسمياتها وإن كان أشهرها دولة العراق والشام «داعش» وجبهة النصرة والأحرار ولواء التوحيد والإسلام والحق وصقور الشام. بعضها تشكل من أفراد لا هوية سياسية لهم وإنما جمعهم فكر جهادي ديني عززته دعوات للجهاد في أرض الشام. تنظيمات أخرى بدأت تبرز فجأة، والأغلب أنها تتلقى دعماً مالياً وعسكرياً ولوجستياً كي تحدث التوازن المطلوب من داعميها، وتكون لهم موالية في أي حل مستقبلي ووسيلة لتصفية من يقف في طريق مخططها. أفرادها تغلب على العامة منهم صفات الجهاديين، عدا القيادات التي تتبع الأنظمة الداعمة لها.
الخطوة الأخيرة كانت لكبرى الفصائل الإسلامية المسلحة في سوريا واندماجها في تشكيل جديد أطلق عليه «الجبهة الإسلامية»، والذي وحد كبرى الفصائل المسلحة إن لم يكن جميعها وأعطى زخماً لقواتها على الأرض، وهو ما أثمر سيطرتهم على العديد من المواقع المسيطر عليها من قبل النظام السوري. الجبهة الإسلامية يُراد لها أن تكون من قبل مشكليها حائط الصد ضد مكاسب النظام الأخيرة وضد الحلف الشيعي الإيراني اللبناني العراقي الذي تشكل على أساس طائفي لمنع النظام السوري من الانهيار، وخوفاً من قيام نظام حكم ديموقراطي سني في سوريا تحكم من خلاله الأغلبية بعد أن قضت عقوداً مهمشة في ظل سيطرة الأقلية العلوية على السلطة، وتوارثها بين حافظ الأسد وابنه!
مما أخذه البعض على الثورة السورية انتماء بعض التنظيمات لفكر القاعدة، أو على الأقل هذا ما رُوج له وأجدى نفعاً بتخويف الغرب وأمريكا من أن يحكم سوريا تيار متشدد دينياً على غرار طالبان أفغانستان, وبالتالي سيغير قواعد المنطقة المستقرة منذ السبعينات بعد اتفاقية كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر، ثم اتفاق أوسلو مع السلطة الفلسطينية، وبعده اتفاق مع الأردن .. وجميع من ذكر يملك اتفاق سلام معلناً مع إسرائيل، عدا النظام السوري وإن لم تنطلق من أراضيه أي عمليات مسلحة أو محاولات لاستعادة جولانه المحتل.
قد تكون الجبهة الإسلامية بديلا ًمقبولاً للغرب إن ارتضت ألا تتجاوز الخطوط الحمر، وقد تكون تحالفاً عسكرياً تشكل على الأرض بعد اقتناع الفصائل الإسلامية أن فرقتها أحد أسباب صمود النظام وتقدمه. كما أنها قد لا تسعى مستقبلاً لأي دور سياسي، إلا أن الأكيد أنها إن استطاعت فرض ثقلها على الأرض وضم الألوية الأخرى تحت مظلتها، وسيطرت على التصرفات الفردية والقرارات الارتجالية لبعض أفرادها فستكون أحد اللاعبين الأساسيين، وقد تمنح فرصة منحت لتحالف الشمال الأفغاني وعبداللـه مسعود ليكون البديل الإسلامي المقبول وفق شروط القوى الفاعلة ولو بشكل مؤقت، حتى تؤسس المعارضة المدنية في الخارج لنفسها ثقلاً يمنحها قوة في الشارع، وبالتالي تحيد القوى الإسلامية المنافسة لها.
يحتمل الشأن السوري جميع الاحتمالات لكن الأكثر تطرفاً فيه هو «أفغنة» الأزمة السورية «وطلبنة» مقاتليها الإسلاميين، وهو الخيار الذي يجب أن يوضع في الاعتبار ولا يستبعد من الحسبان.



المصدر: جريدة الرؤيه الإماراتيه  - http://alroeya.ae/2013/12/13/110089

الجمعة، 13 ديسمبر 2013

شرطة للنظافة

بقلم عماد أحمد العالم

مقالة تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 13-12-2013

 

 
نحن شعوب كسولة أو لنقل متكاسلة ترتضي أن تكون أفواهها فارغة في مقابل الراحة وعدم الالتزام. سعينا في العمل أن نكون مديرين لا مرؤوسين، نلقي الأوامر وتبتهج أساريرنا بسماع المديح، وتضيق صدورنا من النقد والتوجيه، ونكتئب ونحن نرى مَنْ هم أعلى منا مرتبةً، فيتحول ضيقنا لحسد بدلاً من أن يكون سعياً وغبطة لنصير لما صاروا إليه.
في بلداننا لا تجد منا مَنْ يعمل في مجال النظافة العامة، ولقب «زبال» هو من أشد كلمات التجريح والتحقير، التي إن نُودي بها الشخص ولو حتى على سبيل المزاح، لانتفخت وجنتاه واحمرّ غضباً خداه واستشاط حنقاً!
عمال النظافة يستقدمون من دول فقيرة جداً لأداء المهمة، فيما اليابان وهي الأكثر تطوراً وعلماً وحضارة، مَنْ يعتني بها وبنظافتها ورونقها من أبنائها، تُسمي المنوط به العمل «مهندس صحي»، فيما لا يقل دخله الشهري عن أربعة آلاف دولار، ولا يحصل على الوظيفة إلا بعد اجتيازه اختبارات شفهية وعملية تثبت مقدرته على العناية بمدينته، ولهذا تجد شوارعهم على تعددها، وحواريهم الفقيرة والمعدمة «إن وجدت» أكثر نظافةً وترتيباً وبريقاً من أكثر الأماكن رقياً لدينا.
في الدول التي تربي بها المدرسة إلى جانب المنزل، تجد مفهوم «النظافة من الإيمان»، وحرصهم عليها أكثر منا نحن المسلمين التي أُمرنا بها. من المستهجن لديهم أن تشاهد مَنْ يفتح نافذة سيارته ليلقي بعبوة فارغة أو حتى ورقة. أما نحن فمن غير المستبعد أن تصاب سيارتك ببقايا مهملات شخصٍ لا يبالي ألقى بها دون أن يكترث أو يشعر بوخز ضمير، ولك أن تجرب وتنتقده لفعله ذلك، ولكن عليك تحمل العواقب!
حدائقنا العامة ومتنزهاتنا صباحاً نظيفة بعد قيام عمال النظافة بحملة إزالة ما خلّفته سهرات الناس في الليلة السابقة!
متى نرى في دولنا الموقرة شرطة للنظافة فقط، ومهامها تقتصر على معاقبة مَنْ ينتهك جمال الشوارع وحرمتها والحدائق والمرافق والمتنزهات ويتعامل معها كأملاك لا صاحب لها، حينها وبعد أن يشعر المخطئ بألم الغرامة، سيعي إن لم يستيقظ إيمانه أن عليه واجبات ومسؤوليات تجاه بيئته لا يمكنه التساهل بها، ولن يتُسامح معه فيها إن قصر بها.
 
 

المصدر: جريدة الشرق - http://www.alsharq.net.sa/2013/12/13/1022144

الاثنين، 2 ديسمبر 2013

قرص فلافل

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في الجديده 01-12-2013

 
 
الشعب المصري ظريف ومحب للفكاهة وعودنا أن نسمع منه من الأمثال أحياناً بعضها والتي ربما على خطئها إلا أنها تبهجنا. مثلاً  تشاهد مقطع من فيلم ينصح فيه شخص لص ويؤنبه وينهاه عن السرقة إلا أن الأخير يجيب عليه بالقول بمنطقه الذي يبرر له فعله: اليد البطالة نجسه!….، تعودت أن أسمعها وفي كل مرةٍ ابتسم إلا أن الغريب أنني قد سمعت نفس المثل ولكن هذه المرة بالإنجليزية وأثناء متابعتي لفيلم أجنبي ونص ما قيل هو: “Idle hands do the devils work”، وتعني مجازاً نفس المضمون الشعبي للمثل المصري. ارتسمت حينها نفس الابتسامة على وجهي لكنها نبهتني لمدى التشابه والاختلاف بيننا كمتحدثين للغة العربية والآخرين الذين يتحدثون لغاتهم ولنقل الإنجليزية مثلاً. فهم ليسوا من كوكبٍ آخر ولا إنسانيتهم تختلف عنا، بل إن مجمرينا ومجرموهم لديهم بعض الصفات المشتركة التي تحفزهم لارتكاب ما يفعلون وتبريرها لأنفسهم.
الخير أو الحكمة حاضرةٌ أيضاً في العديد من الأمثال ووجه التطابق فيها بين لغاتنا كبير. نقول ويقولون وكلاٌ يصفها بلغته أن عصفوراً باليد خيرٌ من عشرةٍ على الشجرة أو الصديق وقت الضيق والكتاب معروف من عنوانه أو يعرف المرء بأصدقائه….. وغيرها الكثير من الأمثال التي تدل على أننا جميعاً في النهاية بشر ولا فرق بين تجاربنا الإنسانية إلا في مدى استفادة كلاٍ منا من أخطائه ومحاولة النأي بالنفس عن تكرارها.
أمريكا والعرب كما الإنجليز لديهم قواسم مشتركةٌ أيضاً، فكلاهما في وقتٍ ما كانا تحت الاستعمار البريطاني مع مراعاة فروق التوقيت، كما أنها هي الأخرى والحديث هنا ما زال عن الولايات المتحدة، تدعى أيضاً بالعم سام وليست الشيطان الأكبر كما تعودنا أن نسمع من سياسي إيران ولا باتت أعلامها تداس بأقدام جحافل قواتها في عروضهم العسكرية، بل هي دولة مدنية متطورة تبحث عن مصالحها لضمان قوتها وسطوتها، التي سينتج عنها رفاه شعبها وفخر كل من يحمل جواز سفرها، الذي يسعى له الملايين حول العالم، إما بالهجرة أو الولادة فوق أراضيها، أو الحصول عليه عبر عرض عمل بأحد شركاتها أو الخيار الميؤوس منه وهو عبر الاشتراك في يانصيب البطاقة الخضراء “الإقامة” التي ينالها عبر القرعة سنويا خمسون ألف شخص حول العالم.
وبما أني أتيت على ذكر “الجرين كارد”، فسأخبركم عن حكاية إبراهيم، وهو لبناني فاز باليانصيب وسافر لأمريكا ليلة أحداث الحادي عشر من سبتمبر سيئة الذكر، وعانى الأمرين بسبب ذلك واعتقل لأن اسم عائلته هي نفسها لشخص ساعد قريبا لابن خال أحد منفذي الاعتداء!
“مرمطة” إبراهيم تذكرني بما يعانيه الفلسطيني حامل وثيقة السفر الموبوءة أينما حل به الترحال، فبمجرد كونه فلسطيني ولو كان عالم ذرة أو رائد فضاء ستناله سياط أجهزة المخابرات وإذلال سلطات المطار العربي كونه من أبناء القضية!!….. فيما ذكرت أيضا وجهٌ للتشابه بين بعض الدول العربية وأمريكا، وإن كان لأمريكا عذر الصدمة ووقع الضربة وحجم الخسارة!
الحمص بدوره من أساسيات المائدة لدول الشام، اقتحم المائدة الغربية، حتى إن إسرائيل حديثة الإنشاء تنسبه والفلافل لنفسها وتروج له سياحياً على أنه من أكلاتها الوطنية!، لكننا وعلى العادة لم ننتفض أو نكترث بالسرقة الإسرائيلية، فمن اغتصبت أرضه لا أظنه مكترثاً بقرص فلافل وصحن حمص!
 

المصدر: الجديده - http://aljadidah.com/2013/12/%d9%82%d8%b1%d8%b5-%d9%81%d9%84%d8%a7%d9%81%d9%84/

لبنان والقضية المفقودة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤيه الإماراتيه 30-11-2013

 

 
مرت ثماني سنوات على ما أسميه استئناف مسلسل الاغتيالات في لبنان ولن أقول بدايته، فالبلد الذي عُرف بكونه من أوائل من استقلوا عن الاستعمار الفرنسي وأحد الأبرز حضارةً عربياً، حتى إنه «كان» يسمى باريس الشرق, عرف القتل والاغتيالات السياسية والفكرية والمذهبية باكراً، ولم يشهد بلدٌ عربي ما شهدته أرضه من تصفيات لمجرد الخلاف والاختلاف عدا العراق أيامنا هذه، والتي عادت أكثر ضراوة في العام 2005 بجريمة اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، التي راح ضحيتها سبعة من مرافقيه ومعهم النائب باسم فليحان.
قبل سنة اغتيل اللواء وسام الحسن، رجل الاستخبارات القوي والشوكة التي غص بها النظام السوري عقب كشفه مؤامرة ميشيل سماحة التفجيرية الإرهابية، وأكثر من عشرين شبكة تجسس إسرائيلية عجزت جحافل حزب الله ومخابراته عن اكتشافها، بعد أن أشغلت نفسها بتنفيذ الأجندة الإيرانية والتدخل في سوريا دفاعاً عن نظام بشار الأسد وحزب البعث، وأخذت موقفاً ضد حرية الشعب السوري ومع نظام قمعي مجرم وقاتل.
ماذا بعد وقد مرت سنة ولم تكشف التحقيقات عن الجهة التي نفذت الجريمة، بل لنقل مرت ثماني سنوات ولم يحاكم قتلة الحريري ولا البقية ممن نالتهم أيدي الغدر بدءاً من سمير قصير وجورج حاوي ولا أظنها منتهية بوسام الحسن. فطالما الجميع يعرف القاتل ويتغاضى عن ذكر اسمه، وطالما القوى الأمنية اللبنانيه تلعب دور المحايد ولا يكون لها اليد الطولى في العقاب وفي فرض سياسة أمنية صارمة لا تراعي حزباً أو طائفة أو تياراً سياسياً أياً كانت سطوته ونفوذه، فالأمن والأمان لن يتحققا ولن تعرفهما الساحة اللبنانية طالما تسيطر عليها التوافقات الهشة التي تعمل على التهدئة دون أن تنزع نهائياً فتيل الأزمة التي لم تعد تتحكم بها الأطراف المتنازعة، بقدر القوى الخارجية التي ثبتت أقدامها حتى باتت المخطط، فيما المنفذ لبناني فقد انتماءه لوطنه واستبدله بدولارات الغرباء!
لا أؤمن أبداً أن التنوع الطائفي والمذهبي والآيديولوجي هو سبب عدم استقرار لبنان، بل على العكس لو وظف في إطار الوطنية والمواطنة الحقة لكان عامل ازدهار وتنوع إيجابي؛ إذاً المشكلة تكمن في سياسيين وتيارات يقوم عليها أشخاص من عهود سحيقة، تم شراء ولاءاتها حتى باتت ملكية أكثر من الملك، فيما يتم استبعاد الشباب من المشهد وتشجيعه على الهجرة بشكلٍ غير رسمي، كيف لا يهرب وهو يرى بطالة وفقراً وانعداماً للعدالة وانتشاراً للفساد وحزبية بغيضة تسيطر على المشهد السياسي الذي يستغرق فيه رئيس الحكومة المكلف شهوراً طويلة لتشكيل حكومته، في حين يغرق الوطن وسكانه ويرزح تحت أزمة حياة الهمّ فيها رغيف الخبز الحاف الذي لا يجده ثلث سكان لبنان ممن يرزحون تحت خط الفقر!
 
 

المصدر: جريدة الرؤيه الإماراتيه  - http://alroeya.ae/2013/11/30/106677

الأحد، 1 ديسمبر 2013

حزب الله العراقي وإيران والخليج العربي

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الجزيره 28-11-2013

 

 
صبر الغرب على هتلر طويلاً قبل أن يعي خطره، ونأت أمريكا عن التدخل في فرنسا قبيل الحرب العالمية الثانية، فاستشعر ديغول الخطر وأسس فرقاً وألوية حربية مختلفة بدون خطوط حمر جعلت من صحف أوروبا تتهم بعضها بالإرهابية، لكنه لم يلق لها بالاً.. وقد أصاب فيما فعل، فأحياناً من غير المجدي أن تكون صاحب مبدأ أو «جنتل» مع من لا خلق له ولا احترام!
كذلك الحال مع الزمرة الباغية والفئة الضالة من مرتزقة حزب الله العراقي التي تظن بإطلاقها لقذائف هاون عبثية على الحدود السعودية قد تجدي نفعاً في إيصال رسالتها التي تدّعي فيها دعم المملكة لما تسميه هي «جماعات إرهابية»، وتناست أنها هي من تُرك دون رقيبٍ يحاسبها على ما ترتكبه في العراق من حربٍ طائفية، وتنفيذها لأجندة إيران, حتى لو أشعلت العراق على من فيها وتسببت تصرفاتها ببث نار الفرقة والضغينة في الداخل العراقي، وخلق أجواء من العداء مع جيران العراق من دول الخليج العربي، وخصوصاً السعودية والكويت.
واثق البطاط إمام حسينية الإمام كاظم في النجف والأمين العام لكتائب حزب الله في العراق وقائد جيش المختار، رجل الدين الذي يتفاخر بتخرجه من الكلية العسكرية في طهران، وهو الحاصل على درجة الحقوق من جامعة الكوفة يطل علينا كل فترة بتصريحات عدائية لم تقتصر على دول الجوار الخليجي، بل هدد في إحدى المرات بإنشاء ميليشيا عسكرية تتبعه في مصر!، يدّعي أن تعداد جيشه قارب المليون عُشرهم من الطائفة السنية, يحاول أن يوجد لنفسه ثقلاً وحضوراً في الشارع السياسي العراقي, قد نال بعضاً منها باعتراف حكومة المالكي بتنظيمه رغم اتهامات سابقة لميليشياته بالإرهاب والاغتيالات وهي التي انشقت عن التنظيم الصدري عقب اختلافه معها وعداء الأخير المعلن وانتقاده لها.
مع ذلك لم تتصرف «عدالة حكومة المالكي المغيبة» لتحاسبه كما فعلت مع القيادات السنية التي لفقت لها التهم ومُورس عليها الاغتيال السياسي والجسدي والمعنوي باسم القانون الذي كرّس العزل السياسي وتغاضى عن التدخل الإيراني الطائفي في الشأن العراقي، الذي كُوفئ بتجنيس العديد منهم ومنحهم مناصب سياسية واقتصادية, سيطروا بها على مفاصل الدولة العراقية وتحكموا بسياستها لتتماشى مع مطامع إيران في العراق وأجندتها السياسية والدينية.
المطلوب مع من هم على شاكلة حزب الله العراقي أو أي تنظيم طائفي متطرف موقف لن أقول حازماً فقط, بل مفصلياً معه ومع كل ما يحصل من تداعيات الفوضى العراقية، التي أهملناها ما يكفي من الوقت لتكون بؤرةً لكل ما هو عدائي للعرب وطائفي وإقصائي للمذاهب والأديان الأخرى في العراق, وعصا بيد طهران تلوح بها مهددةً دول الخليج المجاورة لها, على غرار حزب الله اللبناني وبعض الأفراد والتنظيمات السرية الشيعية في الخليج العربي.
تفعيل قوات درع الجزيرة وإعادة تسليحها وزيادة عدد قواتها وإشراكها في مناورات سنوية متعددة ومجدولة وإعادة انتشارها خليجياً جنباً إلى جنب مع الجيش لكل دولةٍ مطلب إستراتيجي لا غنى عنه, وسيكون فعّالاً لصد التدخلات الإيرانية والطائفية الإرهابية المتطرفة لبعض الفصائل والميليشيات العراقية وإظهار الوجه العبس لها, علّها ترتدع عن تصرفاتها العدوانية, وتحترم حرية الاعتقاد واستقلالية الدول المجاورة, ولا تتدخل في سياساتها وفي تحريض مواطنيها من الأقليات ضد دولهم وحكوماتهم.
تتزامن التحركات الدفاعية العسكرية الاستباقية مع حملات دبلوماسية عربية وخليجية عبر جميع المحاور والهيئات الدولية والحلفاء والأصدقاء والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي, لتوحيد مواقفهم الداعمة وتجييرها لتكون سلاح ضغط وردع إلى جانب القوة العسكرية.
 
 

المصدر: جريدة الجزيره - http://www.al-jazirah.com/2013/20131128/rj6.htm

 

شبابنا المهاجرون

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤيه الإماراتيه 21-11-2013



تخيل نفسك في مركب يشاركك به الترحال، نحو جنة الغرب، العشرات ممن ضاق بهم جحيم دولهم، وأطبق عليهم يأس الفرج في قراهم ومدنهم، إن أجدت التصور، ستعلم حينها ما الذي يجعل شباب الوطن العربي والعديد من عرب أفريقيا يتكدسون فوق بعضهم، ليعبروا محيطاً لا يرحم، وهو الذي يغرقهم كل مرة، ومع ذلك يسعى العديد لسلكه، ولو حتى بقارب متهالك، دفعوا في سبيل استخدامه ما ملكوا واستدانوا، لعله يوصلهم لأرض الفرج أوروبا، حيث العيش الرغيد والوجه الحسن، وحقوق الإنسان التي لم يقروها لشعوبهم إلا بعد أن استعبدوا واستعمروا ونهبوا الآخرين عقوداً.
إيمانهم بالعدالة وتطبيقهم للديموقراطية وعملهم على السلم الاجتماعي وتوفير الرفاه لمواطنيهم زغزغ عقول أبنائنا المهاجرين، وأغراهم بأن الحل الوحيد لمعاناتهم هو أن تبلغ أجسادهم إيطاليا، لينفروا منها صوب إحدى دول القارة العجوز، قد أجدى ذلك للكثير منهم سابقاً، لكن أوروبا الآن تعاني من تدهور اقتصادي، وباتت بعض دولها على حافة الإفلاس تستجدي اتحادها تقديم الدعم والمساعدة.
لم تعد أبوابهم مفتوحة لنا، ولا لشبابنا الطامح بحياة أفضل، ولم تعد حقوق الإنسان وقوانين اللجوء الإنساني مفعلة، أو مرحباً بها كما كانت سابقاً، ولم تعد تنطلي عليهم حيل الاضطهاد واللجوء السياسي ولا الإنساني، أو تمزيق جواز السفر حال أن تطأ القدم أرض مطارهم.
عدل العديد منهم قانون ما كان يسمى يوماً «حق الأرض» والذي يمنح بموجبه من يولد جنسية بلد المولد، لم يعد يصدق مندوبو الهجرة لديهم قصص افتتان نسائهم بالسمار العربي الذي أغرى بناتهم بالزواج من شباب مهاجر لا يملك من متاع الدنيا شيئاً، وجل همه إقامة،أو تصريح للعمل يمكنه من مساعدة عائلته في الوطن الذي تركه، طمعاً في حياة أفضل، ويسعى لها بأي الطرق الميسرة، وحتى إن كان الزواج من عجوز فلا بأس طالما تحقق الغرض بالحصول على تصريح العمل، أو الإقامة!
قبل عشرين سنة، وفي ظل حمى الهجرة، وتسارع أبناء جيلي للبحث عن حياة أفضل خارج دولهم، استبدت بي الحماسة، فكتبت أنصحهم بالهجرة، ولو على ظهر جمل.
الآن، ها أنا أكتب عن الهجرة، لكن مناقضاً نفسي، وفي حيرة من أمري، فأي الأمرين قد أصبت فيه وأخطأت؟ أترك الإجابة لمن هاجر بأي شكل، ليجيب لكم عليه فهو أدرى مني إن كانت مغامرته قد استحقت المحاوله أم لا؟


المصدر: جريدة الرؤيه الإماراتيه  - http://alroeya.ae/2013/11/21/104218

الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

هل نحن خير شعوب الأرض؟

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة رأي اليوم 19-11-2013

 

 
هل نحن الآن خير شعوب الأرض وأشرفها؟….، سؤال على كلٍ منا أن يسأله لنفسه وليكن صادقاً بالإجابة عليه، وليعلم أن لا حسيب على ما سيقول، ولن يجد من سينال منه إن كانت إجابته عكس ما يتوقع السائل.
كل ما في الأمر هو دعوه صادقه ونقد ذاتي أو حتى لنقل رجاءً الهدف منه أن نحدد مقدارنا ومكانتا بين الآخرين، وهم هنا شعوب وأمم  وصلت إلى ما وصلت إليه دون أن يكون لها تذكره للماضي، تتفاخر بها ببطولات زيد وعدنان، لكنها وجدت أنها تستحق مكانةً أسمى بين الأمم لن تنالها إلا إذا طورت من نفسها، وحددت لها أهدافاً ترقى بها، فكان لها ما عملت لأجله. أما من تمنى وتفاخر بماضٍ بعيد فهو وكما يمكن وصفه “بمكانك سر”، ذو اعتدادٍ أجوف بنفسه، يُخيّل للناظر إليه سمواً يعلم كل من حوله أنه بات لا يستحقه، وإن أظهر لنفسه وللآخرين عكس ذلك.
حالنا يسر العدو ولن أكملها “بلا يرضي الصديق”، فلم يعد لدينا الصديق الصدوق، الذي يخشى علينا ما يخشاه الأب على أبنائه من الضرر، فقد فقدنا احترام إخوة الدين والدم، ونبذناهم وتكبرنا عليهم وتجبرنا، واستصغرناهم، وغرتنا الحياة الدنيا بمتاعها حتى أصبنا بجنون العظمة التي لم نصلها، لكننا نصف أنفسنا بها.
قبل عقدٍ من الزمن، مازحت صديقا لي من عرب إفريقيا من ذوي البشرة السمراء، وإذا برده ممتعظاً متسائلاً ومستهجناً وصفي له بالعربي. سألته اليست جمهوريتكم عضوٌ في الجامعه العربيه؟….، رده كان وإن يكن ذلك فهو لا يشرفه أكثر من إفريقيته، التي على الأقل تُسهم بشكلٍ ما في محاولة استقرار وطنه الذي مزقته الحروب الأهليه، بمرأى ومسمع من جامعة الدول العربيه التي لم تبذل مسعاً أو مبادرةٍ تُذكر لإعادة الإستقرار لشعبه!
من باب الإنصاف، لنستعرض معاً مدى تكاتفنا وتعاضدنا، وهل نحن الآن كالجسد الواحد!!!!، في سوريا، ثورة الحريه تدخل عامها الثالث وبشار ما زال يقتل شعبه. في العراق وبعد أن ظننا أن الديموقراطيه باتت تعرف طريقها صوب أرض الرافدين، وإذا بها تغرق بطائفيه نتنه للجار الفارسي دورٌ بارزٌ بإشعالها. تفككت السودان وانفصل جنوبها، فيما دارفور وشماله ومناطق أخرى على الطريق، ورئيسها مطلوبٌ من قبل المحكمه الدوليه لارتكابه جرائم تصفها بضد الإنسانيه، فيما بشار يستخدم الكيماوي دون أن يُعاقب، بل يُمنح قبلة الحياه مكافأةً له على ذلك والحجة نزع أسلحته الفتاكه.
دول الشمال الإفريقي العربيه تأن تحت وطأة البطاله والفقر وهروب أبنائها بمراكب خربه نحو أوروبا، تُغرقهم قبل أن يصلوها….، فلسطين لها قرن محتله وما زالت المفاوضات قائمه لاستعادة ما يمكن توسله واستجداؤه.
لبنان ومنذ استقلاله لم يعرف طعم الهدوء إلا سنين معدوده، فيما قسمته الطائفيه والحزبيه والأيديولوجيا، حتى أمسى وبامتياز أرضاً ترتع فيها أجهزة مخابرات العالم وساحةً لتصفية الحسابات….، يمننا السعيد هو الأكثر حزناً وبُعداً عن السعاده….
هل هناك حاجه للمزيد من الأمثله لأثبت لنفسي أننا لسنا الآن خير شعوب الأرض ولا أسماها. فإن كنا سابقاً كذلك، لكنا اليوم عكس ذلك ومع ذلك إعتددانا بأنفسنا يعمي بصيرتنا عن رؤية واقعنا الأغبر الذي نعيشه ونظن أننا فيه خير شعوب العالم!
 
 

المصدر: جريدة رأي اليوم-  http://www.raialyoum.com/?p=22518

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

متلازمة الإجازة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 19-11-2013

 

محبط بسبب الدوام، أو بالتحديد بسبب انتهاء الإجازة والعودة إلى أجواء العمل وأيام الأسبوع الروتينية، التي فرضت نفسها علينا، فصرنا نكررها طوال العام، دونما ابتكار أو تغيير.
روبوتات آلية تستيقظ مسرعةً كل صباح علها تلحق ببداية الدوام قبل أن تؤنب لتأخرها عنه، وما تلبث أن تضبب وتلملم ما لها من أغراض ومتعلقات بسرعةٍ متى ما أشارت الساعة إلى قرب انتهاء ساعات العمل. نعود إلى المنزل ونتناول غداءنا ثم ننام، فنستيقظ ممسكين بـ«ريموت» التليفزيون بيد، وفي الأخرى هاتفنا الذكي أو الآيباد، الذي لا نتركه إلا بعد سلسلةٍ من التثاؤب تدفعنا دفعاً إلى السرير، الذي بتنا نراه من يضيع ملذات سهرنا.
ما إن تطل علينا إجازة نهاية الأسبوع حتى تنقلب مواعيدنا رأساً على عقب، وعلى الرغم من أنها يومان إلا أنها كفيلةٌ بإفساد نمط نومنا وصحونا، حتى ما إن يبدأ الأسبوع الجديد إلا ونحن متثاقلون وبانتظار نهايته بلهفة وشوق وكأنه غائب عنا شهوراً!.
ما السر في حبنا الإجازات وكره، أو لنقل التثاقل من العمل؟، نراه مكدراً لمتعة قضاء أوقاتنا. لم ربطنا السعادة والمتعة والاستمتاع بشهرٍ في السنة أو مناسبات أعياد مختلفةٍ أو حتى كوارث كالأمطار والفيضانات، نُمنحُ فيها أياماً لا يُطلب منا العمل فيها. تزدحم جداول متعتنا فيها وتضيق الأوقات وتقصِّر بأن تكفي لكل ما نمني أنفسنا بقضائه أو زيارته والاستمتاع به!.
الإجازات بالنسبة لنا هي من يُربك روتين حياتنا ويجعل ليله نهاراً ونهاره نوماً وسكينة حتى غروب الشمس. نعشق سهر الليل وكأنه النجوى، ولا يطيب لنا النوم إلا والشمس في مستقرها. نصاب باكتئاب ما قبل انتهاء الإجازة ونحن في أولها كلما تذكرنا أن لها نهاية.
ببساطة، نحن مصابون بمتلازمة، اسمحوا لي أن أسميها «الإجازات»، ولن نشفى منها إلا إن نظمنا نمط معيشتنا، واتبعنا الإطار الصحيح لحياةٍ صحيةٍ وعمليةٍ واجتماعية، تساعدنا لندرك أن جوهر الحياة هو أن تكون مقسمة ما بين عبادةٍ وعملٍ واستمتاع، ودون أن نقصر في أحدهم على حساب الآخر ونعطيه حقه الذي يستحقه من أوقاتنا.
 
 

المصدر: جريدة الشرق السعوديه - http://www.alsharq.net.sa/2013/11/19/1000539

السبت، 16 نوفمبر 2013

ربيع الأنبار قادم

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الجزيره 16-11-2013

 

هل أستبشر خيراً ببداية صحوةٍ أراها في الأنبار، وهل نشهد بداية انتفاضةٍ لسنة العراق المظلومين المقهورين على يد ديكتاتوري العراق المالكي ومن والاه من الأطياف السياسية المذهبية العراقية اسماً والإيرانية هدفاً وأجندة. لم تأخرت صحوتهم وانتفاضتهم، حتى بتنا نظن أن السبات عميقٌ وأقوى من أن يستفيق، على رجالٍ أشداء قهروا الاستعمار والديكتاتورية والتتار على مدار تاريخهم، وانتفضوا دوماً على الطغيان، هل نحن على عتبات قادسيةٍ تنطلق شرارتها من الأنبار وسامراء، في مشهدٍ يحبو لكسر حاجز الصمت ويحاول لاهثاً أن يثبت من جديد أن أشراف العراق ما زالوا أحياء تنبض قلوبهم بالعدالة المفقودة المنشودة، بعد أن سلبتها منهم الدولة الصفوية الموغلة في التدخل عراقياً، حتى بات من شروط أن تكون في المشهد السياسي العراقي، أن تنال رضا إيران عنك ومعها سياسيوها!
منذ سقوط النظام السابق في العراق، والبلد لم يشهد نهضةً تذكر على كل المستويات، بل استشرى فيها الفساد والمحسوبية والرشاوى وانعدمت الشفافية، وانتشر القتل على الهوية؛ الذي غالباً ما كان ضحاياه من أهل السنة، في دولةٍ تعد أحد الأثرى عالمياً بمستويات مخزونها النفطي وإنتاجها اليومي، وفي المقابل لا يرى المواطن تحسناً يذكر، سوى رؤيته وبحسره للثري يزداد غنى والفقير فقراً، ومعهما تهوي نسبة الطبقة المتوسطة إلى الحضيض. في العراق لن تجد مثيلاً لها بين أقرانها في ازدهار سلطة الأثرياء الجدد واتساع نفوذهم وسطوتهم التي هي للأسف قائمة في جوانب منها على التلاعب بالمشاعر الدينية المذهبية وتطويع الطائفة ومقومات الدولة، وتكريس مبدأ «فرق تسد»، وأفضل من أجادها تحالف ما يسمى بدولة القانون، وهي برأيي لا تعدو أن تكون «هادمة القانون»، فبحقبتها التي اقتربت نهايتها، ساد القمع وامتلأت السجون بماجدات العراق وأحرارها، وأصبح القضاء مسيساً، تهمه وإدانته حاضرة لكل من يخالف المالكي؛ الإرهاب وليس سواه هو ما يُرمى به جزافاً ودوماً قيادات العراق السنية ممن يختلفون مع المالكي، بدأها بحارث وأتبعهم الهاشمي، والآن رفيقه القديم العيساوي، الذي ما إن اختلف مع المالكي، إلا وجد أفراد حمايته أنفسهم متهمين بالقيام بأعمال وصفها أمن المالكي بالإرهابية!، في حين لم نر أو نسمع عن نزاهة القضاء وسطوة الأمن تجاه المليشيات الشيعية ورجال الدين من مانحي صكوك الغفران والعصابات المذهبية المجرمة التي تنفذ الأجندة الأجنبية وتفجر وتخطف وتقتل دون أن نرى للأمن قدرة عليها، فمهمته الوحيدة أمست هي خنق السنة في العراق والقضاء على قياداتهم وتعذيب نسائهم وامتهان كرامة أحرارهم.
آن لنظام فاشي أن ينتهي، وأن تقطع أياديه وأرجله وأن يعاقب على ما أساء به وأفسد؛ وآن للشعب العراقي بكل طوائفه وفئاته أن تصحو من غفوتها، وتنتفض نجدةً لربيعٍ يجتث الزمرة المفسدة من مشهدها، فهم من أهلكوا العباد وسرقوا البلاد وعاثوا فيها فساداً، فأصبحت كأفقر دول العالم الثالث: إن أصابها مطر، غرقت وعمت شوارعها وتحولت بغداد فيها لشبيهةٍ لمدينة البندقية!
ربيع الأنبار وإن تأخر بدأ يُبرز حالة تذمرٍ شعبي، أتمنى أن تتحول لانتفاضة عارمة، يتوحد بها العراقيون بكل أطيافهم سنة وشيعة وغيرهم ليثوروا كأقرانهم العرب ويطلوا علينا بربيعٍ مزهرٍ، ينقل بلاد الرافدين لعراق ٍكانت يوماً تقودنا وتقود كل العرب!
  

المصدر: جريدة الجزيره - http://www.al-jazirah.com/2013/20131116/rj12.htm

الحل سيكون سورياً بحتاً

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤيه الإماراتيه 15-11-2013

 

يبدو أن العالم الحر لم يقتنع بها بعد وحتى بعد مجزرة الغوطة الأخيرة التي أبيد بكيماوي النظام فيها أحرار سوريا من العزل، في مشاهد ستصم بالعار كل من انتفض لحلبجة الكردية ولم يتحرك له جفن للغوطة السورية!
برغم أن الاثنين يجمع مرتكبهما أحلام الأمة الواحدة العتيدة وشعار البعث وأغاني القومية البالية التي «صدعوا رؤوسنا بها عقوداً» وأذلونا، إلا أن السيناريو نفسه سيتكرر يوماً ما وإن لم يكن بعامنا هذا أو حتى في المقبل المنظور من السنين. فالجريمة التي تمس إنسانية الضحية لا تسقط بالتقادم ولا يعفو التاريخ عن مرتكبها، ولن ينسى أبناء الضحايا أو حتى أحفاد أبنائهم حقوق تلك الأرواح التي تساهل بها حاكم ظالم مستبد ظن أن القمع والقتل سيضمن له حكماً طويلاً وعمراً مديداً. كما لن يهنأ بال الحر من هذا العالم إلا وهو يرى طبيب العيون بشار وهو يقف ذليلاً خلف القضبان يحاكم على ما ارتكبه وزبانيته طوال أعوام الثورة السورية، التي «اسمحو لي» بأن أسميها العظمى والأسطورة، فقد أرتنا كيف يعيد التاريخ نفسه ليكشف لمن عميت بصيرتهم أن روسيا اليوم هي نفسها الدب الأحمر لتسعينات القرن المنصرم، الذي أقنع صدام حسين بالسماح للمفتشين الدوليين بتفتيش قصوره الرئاسية طلباً لكسب بعض الوقت، فما كان من الوقت أن نفذ وضربت العراق واجتث حزب البعث من جذوره!
الوسيط هو ذاته هذه المرة أيضاً، فقد خرج بمبادرةٍ للرقابة على مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية، على أن يكون الأمر أممياً ويكون للولايات المتحدة أعضاء فيه بصفة مفتشين.
التاريخ سيعيد نفسه بالتأكيد لمن يحسن تهجئة الكلمات لا قراءتها فقط، فقبول سوريا بهذه المبادرة اعتراف منها رسميٌ بامتلاكها ترسانةً من الأسلحة الكيماوية، وتوقيعها على معاهدة منع استخدامها كمن يقر بينه وبين الآخرين ذليلاً في الخفاء أنه استخدمها. فيما الخطوات اللاحقة ستكون مطالب بالتخلص من السلاح الكيمياوي كما فعل القذافي سابقاً، وهو ما كان للنظام السوري الآن، لكنه لن يكسب بشار وحزبه سوى قليل من الوقت، فلن يسكت العالم عنه كما فعل مع أبيه في الثمانينات، ليس نزاهةً في العالم ولكن لأن رائحة القتل في سوريا قد تجاوزت المدى والحدود وأصبحت تُزكِمُ الأنفس!
مر علينا جنيف واحد، وربما سنرى بعده اثنين وثلاثة بدون التوصل لحلٍ يشفي غليل الشعب، وستعقد جلساتٌ لمجلس الأمن ومفاوضاتٍ بين الدول الداعمة لطرفي الأزمة السورية، وسنشهد جولات مكوكية لوزراء خارجية عرب ومبعوثين للجامعة العربية والأمم المتحدة، لكن الحل قد يخرج من غير جلبابهم جميعاً ويفاجئنا ليكون سورياً بحتاً!
الأيام تعرّف بأنها دول، وإن كانت تغاضت عن الأب الديكتاتور من قبل ومجازر سرايا الدفاع، إلا أنها لن تدوم للابن بشار حتى لو أباد وشرد ثلث شعبه كما فعلت الحرب الأهلية باللبنانيين سابقاً، وسينال المجرم عقابه ولو بعد حين، فلن يكون ابن حافظ عند الغرب أغلى من كل ديكتاتور خدم مصالحه عقوداً، لكنه وما إن انتهى دوره، لفظه الأقربون منه ورفض الجميع احتواءه وإيواءه. ولكم في شاه إيران محمد رضا بهلوي خير دليل، حين لم يقبل استقباله سوى مصر السادات فيما تخلت عنه الولايات المتحدة ما إن احتجز طاقم سفارتها عقب ثورة الخميني أواخر سبعينات القرن المنصرم!
 

المصدر: جريدة الرؤيه الإماراتيه  - http://alroeya.ae/2013/11/15/102328

 

لإيران مع التحية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الجزيره 14-11-2013

 

بت كثيراً ما أقارن بين تصريحات المسؤولين الإيرانيين مؤخراً وما اعتاد آباؤنا على التندر به عند تذكرهم لحروب ثورة 1967م مع الكيان الإسرائيلي، حين كان يطل عليهم أحمد سعيد بفخامة صوته الإذاعي ويبث على مسامعهم أخبار انهزام العدو وانتصار القوات المسلحة المصرية، في وقتٍ كان العكس صحيحا. مع أني لا ألوم المذيع الحربي لما كان يطلب منه أن يقرأ، فبياناته كانت تصله مكتوبةً ومعدة من القيادات الأمنية ذات الصلة، والحجة في ذلك كانت رفع معنويات الجند والشعب والحد من آثار الهزيمة المبكرة.
في نفس السياق، نرى الجانب الإيراني الذي يطل علينا دوماً مسؤولوه مزمجرين مهددين بالرد الحازم والصاع صاعين على كل من تسول له نفسه محاسبة إيران أو لومها على ما ترتكبه سياساتها العدوانية تجاه دول الجوار العربي والخليجي وحتى الإسلامي البعيد عنها ولا تربطه بها أي صلة. لا أدري من أين تأتي ثقتهم بالنفس وقدرتهم الموصوفة على خوض الحرب المزعومة وتهديد الجميع دون استثناء، أعطني مثلاً واحداً عن دولةٍ عربيةٍ واحدة خليجية لم تفتعل إيران معها المشاكل سابقاً أو أخرى تتمتع معها بعلاقاتٍ سلميةٍ أخوية لا يشوبها شائبة.
فسروا لي إن استطعتم لم منحتم لأنفسكم فقط الدفاع عن حقوق الشيعة في العالم؟ ولم دائماً أنتم المساء فهمكم والمظلومون والمعتدى عليهم، في وقتٍ لم يبق أحد إلا ويعلم أن سياسة تصدير الثورة ما زالت في قوتها، وما البرنامج النووي الإيراني إلا لعبة مخيفة، غاية إيران منها فرض عضلاتها علينا والاستقواء بها لفرض أجندتها وسياساتها وعصاها الغليظة لكل من يعصيها.
أين عدلكم حين يتعلق الأمر بسنتكم وحقوقهم الاجتماعية والسياسية والدينية وحق بناء المساجد ودور العبادة؟ من ينكر، فليسم لي مجمعاً إسلامياً سنياً في العاصمة طهران أو كبريات مدنهم وليعطيني أسماء لإخواننا السنة ممن يعتلون سدة المناصب القيادية، هل تدرس مناهجهم في المدارس والجامعات والمعاهد؟، هل يتمتعون بحقوقهم الشرعية وفق مذهبهم، ألم تشِع الثورة سنة إيران وتعاملت مع عقيدتهم بمحاكم تفتيشها. عرب الأحواز من الأكثر تضرراً، لم هم مواطنون من الدرجة الرابعة بدون تنمية وببطالة عالية واضطهادٍ رسميٍ حكوميٍ ممنهج.
أين يكمن فكر السلام في تدخلات إيران في البحرين وبثها نار الفتنة وتغذيتها المعارضة الطائفية التي تدعي الوطنية، في وقتٍ تنفذ فيه سياسة الأجندة الخارجية، التي لو كانت حقاً ممثلاً مفوضاً لشيعة العالم، فلم لا يمنحوا شرف الهجرة ويجنسوا، كما فعل اليهود المغتصبون حين سيروا كل إمكانياتهم لتهجير يهود العالم لإسرائيل، بمن فيهم يهود الفلاشا الأثيوبيين. ألم تكن هجرتهم مع تعدد أعراقهم قائمةً على «التعصب الديني» لبلدٍ هو الأصغر مساحةً عربياً، فيما تنعم إيران بأرضٍ كبيرة مترامية الأطراف، يمكنها أن تحوي فيها كل من أرادها وطنناً وانتماءً!
من ابتغى الإصلاح وطالب بحقوقٍ مسلوبة، فعليه أن يكون معارضاً بحوارٍ وطنيٍ خالص، يراعي وحدة الوطن ويتخلى عن أي أجندةٍ خارجية تنمي العداوة والبغضاء كما تفعل جمعية الوفاق في البحرين، فلو كانت حقاً حريصةً في عملها على الوفاق لما رفع متظاهروها صور قادة الآخرين في مسيراتهم، ولما أشاعت الفوضى في وقتٍ سمحت لها الديموقراطية البحرينية في الانتخابات أن تحظى بأغلبية المقاعد في البرلمان، وعفوٍ ملكي عن معارضي الخارج، الذين حال عودتهم توقفوا «ترانزيت» في دولةٍ أخرى للتخطيط لمرحلة ما بعد الملكية والانقلاب على الحكم!
أين محبة الإخوة في إيران للسلام, ومنهم من ينفخ الكير لفصل شيعة المملكة ودول الخليج الأخرى عن دولتهم وعن انتمائهم العربي والمساعدة في زرع الفتنة بينهم وإخوانهم السنة، في وقتٍ نالوا فيه حريةً في ممارسة عقائدهم وبناء حسينياتهم والتمتع بالمواطنة وحقوق التعليم والصحة والتوظيف والمحاكم الشرعية للعقود والأنكحة.
أين هي المحبة المزعومة للسلام من تدخلاتكم في العراق ولبنان ودعم النظام الأسدي العلوي الطائفي المجرم ووقوفكم معه ضد ثورة شعبٍ مظلوم ومضطهد, عانى الأمرين ولا يزال حتى يكتب له المولى القدير نصراً يعمي به دعاة الباطل.
هي دعوة صادقة للجار الفارسي العتيد, إن أردتم الود فنحن أهله, ولن يبعدنا عنكم اختلاف مذاهبنا, ولتكونوا دعاة سلامٍ وحيادية, ولتنأوا بأنفسكم عن التدخل في الآخر, حينها قلوبنا وعقولنا لكم مفتوحة وأيدينا لكم ممدودة.
 

المصدر: جريدة الجزيره - http://www.al-jazirah.com/2013/20131114/rj12.htm

الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

الصراع حول حقوق المرأة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 12-11-2013

 

 
الحديث عن المرأة هذه الأيام لا يمكن أن يصنفك إلا مع أو ضدّ. لا وسطية فيه، فيما اختفت العقلانية واستبدلت بتطرف واستبداد بالرأي وتعصب عند الأغلبية.
طرفا الصراع تيار ديني وقبلي وعُرفي وآخر حقوقي إنساني يصف نفسه بالليبرالي، وفحواه لا يتعدى بعض المطالبات غير المصيرية، لكنها في عقل المطالب والممانع أصبحت مسألة أن تكون أو لا تكون، فيما يتغافل بجهل كلا الطرفين ويهمل ما هو أهم وأولى وأحق من حقوق وواجبات ومسؤوليات مسلوبة ومفهومة خطأ، يتوجب إعادة تفسيرها وتوضيحها ومنح ما منُع منها بالباطل وهوى النفس وبالتقاليد البالية للمسلوبة منها، وهي المرأة في عديد من المجتمعات الإسلامية والعربية.
صلاح الحال لا يكون في نيل مكاسب لحظية تغذيها موجة من العواطف وإنما بإصلاح الذات، في مجتمعاتنا التي أقل ما يمكن أن توصف به ذكورية بحتة، ربت وترعرعت على مفهوم الرجل صاحب السطوة، والمرأة التابعة. يُغذيها فكر منبعه الأسرة ويحثُّ فيه الأب والجد والجدة، وفي أحيانٍ كثيرة الأم، أبناءهم على الاعتقاد بأنهم القوامون على الأمر فيما لم يأمر الله سبحانه وتعالى به، والنتيجة تشبع لمفهوم السيطرة والفوقية يمارسها الذكر بقناعة، مزروعة داخله، أنه الأسمى، سيتبعها ما سيفسر تصرفاته حين استقلاله، وسيمارس فيها السلطة المنفردة، التي سيكون من الصعب عليه فيها تقبل الشريك مهما بلغت حكمته!.
مشكلتنا ليست في ثقافتنا الذكورية فقط، بل في كوننا على باطل ونصرّ على الاستمرار به، نطوّع له كل وسيلة، دينية كانت أو قبلية، للاحتفاظ بهوس القيادة، متناسين أن الله عز وجل خلق الخلق بجنسيه وكرم كلاً منهما، ومنحه ما يميزه على الآخر دون ظلمٍ له أو اجتزاءٍ لحقوقه.
بداخل كل رجلٍ عربيٍ منا يدور صراع، فحواه يتركز على إما أن أكون القائد لا التابع، أو العقلاني المتفهم المؤمن بالمساواة والمشاركة، والنابذ لمفهوم قوة الشخصية التي لن تتحقق إلا بمخالفة المرأة بشكلٍ عام «والزوجة خصوصاً للمتزوجين»، والسير عكس ما ترى أو تشارك به كجزء من تصورها لأمرٍ ما!.
صراعنا المرير وإن تغلبنا عليه ووقفنا مع الحق والإنصاف، سيواجه باستنكار مجتمعي يعاتبنا فيه لما يسميه خنوعنا. حينها ستكون سيرة حياتنا ما تلوكه الألسن!.
لكل أمر ضوابطه، ودون ذلك تكون الحياة عبثية. وكي لا نقع في هذا الخطأ، يتحتم علينا كمجتمع عربي مسلم محافظ بطبعه أن نقنن ما يُختلف عليه من مطالب، لا أقول تستحقها المرأة لأنه من صلب حقوقها، وإنما نتبع فيه سياسة التفاهم لا فرض الأمر الواقع، التي لن تؤول إلا إلى التصادم، وستشغل المجتمع بصراعات تفككه وانقسام أبنائه.
قيادة المرأة السيارة برأيي (وأنا لا أفتي هنا) حق لا لبس فيه، وسيسعدني أن أكون أول من يقف فيه بجوار زوجته، ولكن ضمن الإطار الصحيح، ووفق سياسة الدولة، ودون فرضه بالقوة، ومع تأطيره وتقنينه وتوفير ما يناسبه من عوامل مساهمة في أمانه ونجاحه. هذا بالإضافة إلى ما يسبقها من حملات تنويرية تثقيفية، على الجميع الدعوة لها كي تساهم في الوعي المجتمعي وتحد من أي مخاوف متداولة.
 

المصدر: جريدة الشرق السعوديه - http://www.alsharq.net.sa/2013/11/12/994399

الأحد، 3 نوفمبر 2013

الصرع بين العلم والخرافة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في مجلة فكر الثقافه العدد الخامس 01-11-2013

   

الصرع (Epilepsy) ليس بمرضٍ ذهني ولا نفسي, كما أنه ليس بمعدٍ (Contagious) ولا تتوقف الحياه إن أصيب به, بل هو عارضٌ طبي عصبي (Neurological disorder), وفي العالم أجمع ما نسبته واحد بالمائه من السكان يعانون منه أو مرشحين محتملين أو مرو بالتجربه (النوبات) على الأقل مرةً واحده في حياتهم.
هل هو وباء (Epidemic)؟, بالطبع لا...., هو بكل بساطه ناتج عن اختلالٍ في آلية عمل النظام الكهربائي للدماغ, مسبباً ما يعرف بالنوبات الصرعيه (Seizures) والتي تختلف أنواعها وتتعدد, ولا تقتصر على الصوره العامه المعروفه والمتكونه عند العامه بالإهتزاز والإنتفاض والتخشب والزبد (Clonic-Tonic Seizures). هو الحاله الطبيه التي يحدث بها حدوث متكرر للنوبات ناجمٌ عن نشاطٍ كهربائي زائد ومتزامن للخلايا العصبيه في جزءٍ من الدماغ (Partial) أو كامله (Generalized).
لو أردنا الرجوع لقرونٍ سابقه لنعرف أصل كلمة "صرع", لوجدنا أنها إغريقيه تصف" حالة الشعور بالهزيمه أو التعرض لهجوم". فيما رأت الشعوب أنها حاله من "التملك"   تتلبس المصاب بفعل قوى خارقه (Supernatural), ويكون مردها لمسٍ شيطاني أو للعفاريت والجن. هذه الحاله من القدسيه التاريخيه أُصبغت على الصرع, مما أثر سلباً على فهمه وعلاجه, وجعل المصاب به مرتبطٌ مصيره بثقافة تلك المجتمعات, وعلاجه رهنٌ بالخرافات.
مفهوم المس ليس بحديث عهد ولا عُرفنا به عن من سوانا من الأمم, فالتاريخ يذكر بأن شعوب من سبقنا بقرون آمنو بأن نوبات التشنج  تحدث بفعل تملك قوى خارقه لجسد المصاب مسببةً نوباتٍ من الإنتفاض وزبد وخروجٍ عن الوعي وفقدٍ للإتصال الخارجي. تولى الطرف الديني فيها مسؤولية علاج المصاب وأنيط به تقرير المصير, كما دائماً ما كلفت القبائل االبدائيه والوثنيه سحرتها مسؤولية التعامل معه وعلاجه.
المجتمعات الثالثه والقبليه والعرفيه تعاني أكثر من غيرها من عقدة عار ما أسميه الصرع, وخصوصاٍ إن كان المصاب به الأنثى, فالبنسبة لهم هي بداية النهاية والعنوسة للفتاه أو الوحده والطلاق للمتزوجه, وكأنها تعاني من مرضٍ معدٍ مشين!

إن جهاز الإنسان العصبي من أعقد ما في الجسم البشري, فهو وبامتياز فريدٌ من نوعه, ولكم أن تتخيلو كيف بنظامٍ يستطيع التعامل مع الملايين من المعلومات وأجزائها من مختلف مكونات الجسد بعضلاته وأعصابه, أجزائه الحركية والحسيه, ليربط بينها لتقرير وتحديد الإستجابه المناسبه.
فيما الدماغ يتمتع بالأهليه للقيام بذلك, إلا أنه وكأي عضوٍ بشري, معرضٌ للإعتلال والتوقف عن العمل, لذا حدوث أي إصابةٍ له تنعكس على مركز السيطرة والتحكم  بكل مقدراتنا, الذي بدوره تتحكم فيه مواقع وأجزاء بعينها داخله, ولكلٍ منها وظيفه محدده.
ترتبط النوبه الصرعيه على الجزء في الدماغ الذي حصل فيه التفريغ الكهربائي للخلايا العصبيه, ومع علمنا بأن كل مكان في الدماغ له وظيفه فريده يؤديها, لذا فالجزء المصاب سيفقد إمكانية أداء وظيفته بالشكل المطلوب, ومن ثم تكون الأعراض المصاحبه للنوبه بناءً على ذلك.
يمكن السيطره في الغالب على النوبات التشنجيه وبالتالي تحييد الصرع فيما لايقل عن سبعين بالمائه من المصابين به, كما أن خمسين بالمائه من الأطفال يمكن شفاؤهم منه قبل بلوغهم. لكن الدراسات والأبحاث الطبيه تشير إلى أن ما يقارب الثلاثين بالمائه من الأفراد لا يمكن السيطرة على نوباتهم حتى مع توفر أفضل طرق العلاج.
تزيد نسبة الإصابه بالصرع في دول العالم الثالث وفي بعض مجتمعاتننا العربيه عن من سواها, وذلك راجعٌ لقلة الوعي المنزلي وثقافة العيب وضعف الإجراءت الطبيه والإهمال الحكومي وتفشي مفهوم المس الشيطاني أو الجن والحسد والعين, وما يترتب عليه من لجوء المصاب وذويه لطرق العلاج الشعبيه أو إعطاء طابعٍ ديني عبر اللجوء للقراء وإهمال الجانب العلمي الطبي الذي دعينا جميعاً كمسلمين للأخذ به وباللجوء له بعد الله سبحانه وتعالى طلباً للإستشفاء. فسبحانه خلق الداء والدواء وجعل من القرآ ن الكريم نورٌ ورحمةٌ وشفاء, لكنه أوصانا بالأخذ بالأسباب, ومن الأسباب ما أرجعه لضرورة الأخذ بالعلم الحديث الذي منحه لنا المولى الكريم, عبر اللجوء للتداوي والإستشفاء الطبي وأخذه كبابٍ وسبيل لا يمكن الإستغناء عنه, مع نبذ الخرافات والأقاويل والإشاعات التي يتداولها العامه من الناس على أن مرد الصرع هو عين وحسد أو مسٌ شيطاني أُريد به الضرر للمصاب. حينها يلجأ المتضرر وأهله للعطارين والطب الشعبي ولمن يسمونهم بقراء الرقيا طلباً للشفاء, متجاهلين زيارة الطبيب المختص لإجراء الفحوصات الطبيه وأخذ العلاج والدواء المناسب للحاله, ما قد يترتب عليه من اشتداد العرض وتطور الحاله فتصبح مزمنه وقد تؤدي لعواقب كان من الممكن تجنبها لو راعى الأهل ضرورة العلاج والكشف المبكر والإلتزام به.
تراخي البعض عن طلب المشوره الطبيه واعتقاده بأن علاج الصرع والتشنجات فقط عبر قراءة القرآن على المريض فكرٌ خاطيء وفي غير محله مع إيماني ويقيني الذي لايقبل الشك بعظمة القرآن وقدرته وإعجاز الخالق العظيم. لكننا كمسلمين مطلوبٌ منا أيضاً السعي وتحكيم العقل وطلب التداوي عبر العلم الذي علمنا إياه سبحانه "وعلم الإنسان ما لم يعلم", فكانت أولى آياته لنبينا الكريم "إقرأ"
سُمي الصرع بمرض العظماء, لكثرة المشاهير الذين أصيبو به عبر التاريخ, لكنه لم يمنعهم يوماً أن يكونو ما أصبحو عليه, بل في العديد منهم زادهم إصراراً وتحدياً وذللو عقبته فكانت لهم حافزاً للتقدم والإنجاز.
الإسكندر المقدوني, المحارب والقائد الأسطوره, كان أحد من من أصيبو بالصرع, كما عانى منه لاعب كرة القدم الشهير رونالد. القائد القرطاجي الشهير هانيبال أحد أعظم العسكريين في التاريخ أصيب به أيضاً, وكذلك الملك ألفريد الأكبرويوليوس قيصر و الملك شارل الخامس ولويس الثالث عشر وبطرس الأكبرو تيودور روزفلت الرئيس الأمريكي الخامس والعشرين, كما أفادت بعض كتب التاريخ أن نابليون بونابرت عانى منه طوال حياته.
أولى خطوات علاج الصرع تكمن في تحديد نوعه وشكل النوبات المصاحبة له, والروايه لما اعترى المصاب به من أشخاصٍ عاصرونوبته  (History). عقبها يكون على الأغلب أولى الخيارات العلاجيه عبر وصف الأدويه التي تساهم في تحكم المريض بالنوبات التي تصيبه. وسائل أخرى متاحه لعلاج الصرع, وغالباً ما تكون في الحالات الطبيه الخاصه أو تلك التي تفشل معها الأدويه, ومنها الجراحه بختلف أنواعها وزراعة جهاز خاص لتحفيز العصب المبهم أو الحائر  (Vagal nerve stimulator), والحميه الكيتونيه (Ketogenic diet)



المصدر: مجلة فكر الثقافه العدد الخامس -

الأحد، 27 أكتوبر 2013

لإيران.. مع التحية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 27-10-2013



بت كثيراً ما أقارن بين تصريحات المسؤولين الإيرانيين مؤخراً وما اعتاد آباؤنا على التندر به عند تذكرهم حروب الضباط الأحرار مع الكيان الإسرائيلي، حين كان يطل عليهم أحمد سعيد بفخامة صوته الإذاعي ويبث على مسامعهم أخبار انهزام العدو وانتصار القوات المسلحة، في وقتٍ كان العكس صحيحاً. في نفس السياق، نرى الجار الإيراني يطل علينا دوماً مسؤولوه مهددين بالرد الحازم والصاع صاعين على كل من تسوّل له نفسه محاسبة إيران أو لومها على ما ترتكبه سياساتها العدوانية تجاه دول الجوار العربي والخليجي وحتى الإسلامي البعيد عنها ولا تربطه بها أي صلة. لا أدري من أين تأتي ثقتهم بالنفس وقدرتهم الموصوفة على خوض الحرب المزعومة وتهديد الجميع دون استثناء، أعطني مثلاً واحداً عن دولةٍ عربيةٍ واحدة خليجية لم تفتعل إيران معها المشكلات سابقاً أو أخرى تتمتع معها بعلاقات سلميةٍ أخوية لا يشوبها شائبة.
فسّروا لي لمَ دائماً أنتم المساء فهمكم والمظلومون والمعتدى عليكم؟، في وقتٍ لم يبق أحد إلا ويعلم أن سياسة تصدير الثورة ما زالت في قوتها، وما البرنامج النووي الإيراني إلا لعبة مخيفة، غاية إيران منها فرض عضلاتها علينا والاستقواء بها لفرض أجندتها وسياساتها وعصاها الغليظة على كل من يعصيها.
أين عدلكم حين يتعلق الأمر بالأقليات في إيران وحقوقهم الاجتماعية والسياسية والدينية؟…… أليس عرب الأحواز من الأكثر تضرراً، لمَ يُعدون مواطنين من الدرجة الرابعة بدون تنمية وببطالة عالية واضطهادٍ رسميٍ حكومي ممنهج؟.
أين محبة الإخوة في إيران للسلام، ومنهم من ينفخ الكير لفصل الأعزاء شيعة الخليج عن دولهم وعن انتمائهم العربي؟، فيما هو يعمل لزرع الفتنة بينهم وإخوانهم السنة، في وقتٍ نالوا فيه حريةً في ممارسة عقائدهم وبناء حسينياتهم والتمتع بالمواطنة وحقوق التعليم والصحة والتوظيف والمحاكم الشرعية للعقود والأنكحة.
أين هي المحبة المزعومة للسلام من تدخلاتهم في العراق ولبنان ودعم النظام الأسدي المجرم، ووقوفهم معه ضد ثورة شعبٍ مظلوم ومضطهد، عانى الأمرين ولا يزال حتى يكتب له المولى القدير نصراً يعمي به دعاة الباطل؟.
هي دعوة صادقة للجار الفارسي العتيد، إن أردتم الود فنحن أهله، ولن يبعدنا عنكم اختلاف مذاهبنا، ولتكونوا دعاة سلامٍ وحيادية، ولتنأوا بأنفسكم عن التدخل في الآخر، حينها قلوبنا وعقولنا لكم مفتوحة وأيدينا لكم ممدودة.


المصدر: جريدة الشرق السعوديه: http://www.alsharq.net.sa/2013/10/27/980626

الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

الدعوة وطرق الاحتساب

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 23-10-2013



في حديثٍ مقتضب مع عامل إندونيسي بسيط وملتزم دينياً، حتى أنك تخاله عربياً من إتقانه لغتَنا، حدثني أن بلاده لقرنٍ مضى أو يزيد كانت غير مسلمة، دخل الإسلام إليها عن طريق التجار الزائرين، خصوصاً العرب الحضارم منهم.
استطاع أولئك التجار، الذين كان غرضهم التجارة في الترحال أساساً، أن يدخلوا شعوب دول تقع في أقاصي آسيا، الإسلام دون مجهود دعوي يذكر، ولا مدعوم من دول أو جهات، وإنما بجهد شخصي أساسه معاملة حسنة، لم يبتكروها، بل عملوا بها بسبب اقتدائهم بحبيبنا ورسولنا -محمد صلى الله عليه وسلم-. إن أردت النجاح، فعليك أن تعمل حرفياً بمعادلة بسيطة جداً: ابتسامتك في وجه الآخرين التي تعد صدقة، إلى جانب عملك بالقول «الدين المعاملة»، وليس فقط أن تسم نفسك بمظهر مميز وتكشيرة وحديث بالعربية الفصحى، واهتمام بالفروع وترك الأصول، وتخويف الناس وترهيبهم بدلاً من ترغيبهم واكتساب ثقتهم وتعاطفهم. إضافة إلى ذلك ينبغي العزف على وتر اللبنة الطيبة بداخلهم، لا تخوينهم وإساءة الظن بهم، والتعدي على خصوصيتهم، والافتراض، بغير الجزم، ارتكابهم لجرم، أو إخفائهم بين ثنايا ما يستخدمون ما قد يُعدُّ معصية ولا أقول كبيرة!.
لم تنجح حملات المسيحيين في التنصير بإفريقيا وآسيا إلا بسبب ما يفعله المنصرون لاجتذاب الأتباع من التعامل بتواضع، والوجود في أماكن الأحداث والأزمات، والسعي لتقديم المساعدة للمعوزين، ومسح دمعتهم، وإطعامهم بأيديهم.
في المقابل وعلى غرار دُعاة من أمتنا (ولا أقول جميعهم بل بعضهم)، تُفرش لمَنْ يسمون بالدُّعاة منهم (ولا أظنهم بما يتصرفون كذلك) الأبسطة. فيما الفرد منهم بكامل هندامه، يُخاطب جموعاً جوعى فاغرة الأفواه لينذرها بالعذاب والعقاب، وفي ختام جولته الدعوية، تُفرش له الموائد ويركب بعدها سيارة، ذات دفع رباعي، ليقضي ليلته الدعوية الأولى في فندق «خمس نجوم» يقيم فيه!.
لدى عديد من دعاتنا المسلمين، وبكل أسف، مفهوم خاطئ عن الاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي يُعد جزءاً من عقيدة كل مسلم، وفيه خير بطرقٍ عدة للاستنكار، أبسطها أن يستنكر المنكر في نفسه إن لم تسنح له الظروف بأن يدعو للحق ويُنهى عن الخطأ. والظروف هنا قد لا تكون ضعفاً جسدياً أو قلة حيلة، وإنما تحكيم للموقف واختيار لأي الطرق الدعوية أنسب؛ فالقوة لم تكن ولن تكون يوماً سلاح المسلم بالنصح فقط، بل يوازيها مفعول القول الحسن وأخذ الأشخاص على مقدار فهمهم، ومحاولة استمالة الجزء الخير في قلب كل مسلم مهما كان مذنباً وعاصياً.
باختصار ما ينقصنا تطبيقٌ حرفي للآية الكريمة «ادعُ إلى سبيلِ ربِّكَ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ وجادلهم بالتي هيَ أحسن».


المصدر: جريدة الشرق السعوديه: http://www.alsharq.net.sa/2013/10/23/977337

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

الخلاف والإختلاف

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 01-10-2013




احترت كيف أفرق بين الخلاف والاختلاف، مع اقتناعي بأن الأخير يفسد الود والقضية، ولا صحة لما تربينا على سماعه وردده الداني والقاصي بأنه إثراءٌ للرأي ولا يحدث ضرراً في علاقة المختلفين على الأمر.
أصبح الخلاف كالاختلاف في عصرنا الأغبر هذا، وأصبح كلاهما يفسدا الود ويؤثرا على القضية، هذا إن لم يؤديا لقطيعة وعداوة وترصد وحروب كلامية وتصرفات تالية انتقامية.
ثقافة الحوار الغائبة عن حواراتنا هي السبب وراء التشدق بالرأي ومعاداة المحاور مجرد الاختلاف معه، فعديد منا ربا وهو يظن نفسه على صواب والآخرين على خطأ، ولا بد لهم إن أرادوا للود أن يستمر معه أن يؤيدوه ولا يُعارضوه!
«حوار الطرشان» هو مجرد اختصار لأجواء النقاش، التي يتحدث فيها الجميع في نفس الوقت دون أن يستمع أحدٌ للآخر، مع ارتفاعٍ في النبرة ومقاطعة متكررة وعلو للصوت، سيعقبهم اختلاف حاد في الرأي، الذي سيؤدي بدوره إلى الخلاف، لينتهي بعد ذلك بخصام، أو في أقل الأحوال نفوس يملؤها الإصرار على إقناع الآخرين أنهم كانوا على خطأ، وهو الذي تحدث بالصواب!
إن أردت أن تحكم على ثقافة وتمدن مجتمعٍ ما فانظر حينها وراقب كيف يتخاطب ويتحاور ويتناظر أفراده عامةً كانوا أو متخصصين، وتابع برامجهم الحوارية «Talk shows» وكن متأكداً أن مؤشر الصوت في تلفازك دون النصف. ضع بعيدا جهاز التحكم عن بعد، ولاحظ مدى اضطرارك إلى خفض الصوت طوال فترة البرنامج، ودوّن أي المتحدثين لا يتقبل الآخر ولا يحترم النقاش وأيهم يزبد أو يتعامل مع قلمه برشاقة ليكتب ما يُقال من الخصم وما يريد هو طرحه.
إن وجدت أن الوتيرة لجميع المتحدثين واحدة والأجواء رزينة حتى إن اختلفوا فيما يطرحونه….، إذاً هذا هو الحوار الراقي البناء الذي يضفي طابعاً إنسانياً أخلاقياً حضارياً لذلك المجتمع، الذي أتمنى أن يكون أسلوب مثقفينا وسياسيينا ومنظري إعلامنا عليه يوماً ما في الحاضر أو المستقبل المنظور!
رغم أن الحياة بلا أمل لا طعم لها، إلا أني آملُ أن أسترخي يوما على أريكتي فأشاهد حواراً بناءً في قناة عربية إخبارية لا أضطر أثناء متابعتي لها إلى تغيير القناة بسرعة وأنا أرى وجهاً عتيقاً لمنظر ممل لا يكاد يختفي من قناة حتى يظهر في أخرى، ومذيعا متخشبا جُل خبراته واسطة ومعرفة أو كما يقول أحبابنا المصريون «كوسة» منحته الفرصة ليطل علينا عبر برنامج هو أقرب ما يمكن وصفه بـ «غصب عليك».
نجاح أي قناة إعلامية يعتمد على مدى حرفيتها في تقديم جدولها بطريقة تؤطر لنظرية الرأي والرأي الآخر وبكل حيادية وبمهارة تمكنها من جمع الأضداد معاً دون أن يتسبب ذلك في خلق اختلافٍ مجتمعي، يؤدي لتقسيم الأفراد لمصطلح مع أو ضد بدلاً من أن يكون: «أختلف معك لكني ما زلت صديقك وأكنّ لك كل الود والتقدير!



المصدر: جريدة الشرق السعوديه: http://www.alsharq.net.sa/2013/10/01/958016


 

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

يا عزيزي كلنا دُعاةٌ

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 15-09-2013

 

 
أظهرت تكنولوجيا الاتصالات وبرامج المحادثة وشبكات التواصل الاجتماعي كم نحن متدينون وملتزمون ومحبون لعمل الخير، ولا نقاش أو حديث لنا مع بعضنا إلا في الدين للتذكير ونشر المعلومة. عديدون قد وضعوا نصب أعينهم أن يكون دخولهم الجنة -بالطبع بعد رحمة الله سبحانه وتعالى- عبر ما درج على نشره من معلومات دينية وضعها في بند الصدقة الجارية عبر العلم الذي ينتفع به، الذي لا خلاف لي عليه، بل هو مطلب منا كمسلمين يتوجب علينا فعله في حياتنا. المشكلة أن الأمر أصبح ظاهرة سلبية ومزيجاً من البدع التي علقت قلوب الناس بالعمل الدعوي الظاهري عبر سياسة «انشر» دون أن تطبق على نفسك ما نشرته. إن فتحت بريدك، تجد من تخصص في إرسال الإيميلات الدينية فقط دون سواها ودونما تدقيق، وفي ختامها يستحلفك بأن تعيد نشر ما بعثه لك مع مزيج من عبارات الترغيب والرعب التي ذيلها، لتجد نفسك تشعر أن مصيرك النار -والعياذ بالله- إن لم تصغ لمطلبه.
دعاة «واتساب» الأكثر إسهاماً في هذا العمل، كما أن المتوترين لهم النصيب الأكبر. مع أن قناعتي أن عديداً مما يرسل لك، يتم إعادة إرساله دون قراءة ومن ثم يُمحى. نفعل ذلك دون أن نشعر بأن علينا مسؤولية توثيق ما نساعد في نشره، وبأننا قد نحدث في الدين ما ليس به، فنساعد على الضلالة بدلاً من أن نكون رسلاً للهداية.
 
 

المصدر: جريدة الشرق السعوديه: http://www.alsharq.net.sa/2013/09/15/944027

الاثنين، 9 سبتمبر 2013

إعلام رأي لا إعلام معلومة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 09-09-2013



أسوأ ما في الانفتاح الإعلامي العربي المُستجد هو أنه جلب لنا منظرين بمسمى خبراء ومحللين ومتخصصين، وفي الواقع عديد منهم ليسوا أكثر من جهلة أميين، لكنهم تكلموا بما يوافق هوى مستضيفيهم، فمُنحوا الفرصة والمادة، لينتجوا لنا الغث من الفكر، الذي لن يقدم بل سيؤخر، وسيُحدث حالة من التبعية للمشاهد، نتيجة تكرار المنطق والرأي نفسه، ولكن بعدة ألسنة ووجوه!
المتخصص هو الشخص القادر على المستوى النظري والخبرة والحديث على إيصال المعلومة للمستمع بحرفية، معبرةً عن وجهة نظره دون أن يُشعر المتلقي بأنه يغبنه أو يلقنه، أو يحاول أن يلقي عليه بياناً لا وجهة نظر!
أسهمت الفضائيات العربية المستجدة والعتيقة على كثرتها الآن وتعدد مشاربها، بإيجاد فوضى إعلامية غير بناءة. كما أنها لم تنتهج الحيادية، بل سعت لعرض وجهات نظرها عبر محللين مصطنعين أو تم تحضيرهم وتجهيزهم، ليكونوا أشبه أو أقرب وصفاً لهاتف العملة مسبقة الدفع، أو ذاك المتحدث منمق الحديث الذي يقول فقط ما يُراد لا ما يَشاءُ ويرى!
هناك نوعان من الإعلام بشكل عام، نفتقد فيه إعلام الرأي «Opinionmedia»، الذي يتبنى طرح قضية ومن ثم النقاش حولها، كما يسهم في توسيع المدارك ولا يعمل على حجر العقول، بل يترك المجال مفتوحاً للمشاهد بأن يستنبط رأيه المبني على قناعة استنتجها بعد استماعه لوجهات نظر مختلفة. لكننا، نعيش في ظل إعلام المعلومة «Reportingfacts»، الذي جعل الشعوب في خانة المتلقي أكثر، والمغيب فكرياً، ومعتمداً على ما يتم توجيهه له بدلاً من أن يصل إليه باقتناع ذاتي يعقب تحليله لكل ما سمع من آراء متنوعة ومختلفة.
الإعلام المؤثر هو السلاح الفكري الأكثر فائدة في توجيه الجموع وتثقيفها وتوعيتها، كما أنه المُسهم الأنسب في إيجاد بيئة متحضرة ومتنوعة، يحترم كلٌّ فيها الآخر، وإن كان النقيض المُغاير له. كما أنه المُدغدغ لعواطف الناس، والأكثر قدرةً على استمالتها وتوجيهها صوب ما يُراد لها أن تكون. هو سلاح ذو حدين، وقد يكون سبباً في نشر الفكر الضال، وإيجاد القلاقل، وتقسيم المجتمع وتغييبه، وبث الفرقة بين أبنائه، لكن لمَنْ أحسن صنعه، هو السبيل الأسمى لتكوين وتأسيس الدولة المدنية الحديثة، التي لا يطغى فيها فكر على آخر، بل الجميع مرحبٌ بهم ومقبولون تحت مظلة الرأي والرأي الآخر بكل احترام، ودونما إقصاء أو تخوين.


المصدر: جريدة الشرق السعوديه: http://www.alsharq.net.sa/2013/09/09/938804

سوريا: إلى متى؟

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة اللواء اللبنانيه 03-09-2013



يبدو ان العالم أجمع بما فيه العربي والغربي، لم يصل بعد إلى قناعة ينهي بها الحالة السورية بعد أكثر من سنتين من صراع دموي طائفي، مارس فيه النظام ما لم يتوافق يوماً مع قوانين أوروبا وأميركا، التي تدّعي فيها تحضّرها ومراعاتها لحقوق الإنسان. لكن وعلى ما يبدو ان الإنسان السوري لم يعد جزءا من تصنيفهم، فهو من يقتل كل يوم ويشرّد، فيما تعتبره دول الجوار العربي - الأولى برعايته واستقباله - عالةً عليها. في الوقت ذاته يخصص المسؤولون الأتراك أوقاتاً ليمضوها بين اللاجئين مع خطابٍ رسمي متعاطف معهم ويحاول أن يوفر للاجئين سبل الحياة الكريمة في غربتهم القسرية.
هرمون التعلم لدى العرب ما زال قيد التغييب، ولم يسهم لحد اللحظة في تعليم المواطن العربي أن الأيام دول، واستمرار الحال من المحال، ولا ديمومة لأيٍ كان، فما يعانيه السوري الآن ما زال يذوق مرارته الفلسطيني من أكثر من ثمانين عاما، شُرِّد فيها واستوطن مخيمات لا آدمية، ذُّل فيها بحجة أن ما زال للقضية بقيه ستنتهي إن عاملته الدول العربية المستضيفة بقليل من الإنسانية، وبذريعة بالية اخترعتها الأنظمة وسمتها التوطين.
الغربة وذلها والتهجير والنزوح مصطلحات ستبقى دوماً لصيقة بالأمة العربية، طالما من يحكم بعض دولها يأبى إلا وأن يموت وهو على رأس السلطة، ليحكمها بعده ذريته في دول تسمى بالباطل جمهوريات، وهي أقرب ما تكون إقطاعيات، إن حاول من فيها الانتفاض على واقعهم، واقتناص حرية مسلوبة والظفر بالعيش بكرامة، فسيروي في دنياهم الكئيبة والذليلة ما لا يمكن وصفه أو تصوّره، وسيكونوا عرضة لأن يطردوا من ديارهم بحثاً عن أمانٍ مؤقت يوفره لهم الجار القريب، الذي يفترض منه أن يكون جزءا من منظومة العروبة الخالدة التي «صدعوا» رؤوسنا بها عقوداً طويلة وحكمونا بموجبها بالحديد والنار، فيما نحن نصفق ونزغرد للحاكم الأوحد حامي حمى الأوطان والعروبة!
نحن كعرب لسنا مصابين فقط بعمى الألوان، بل بالبصيرة والقلوب، وهو السبب وراء تآمر الآخرين علينا، واستغلالهم لنا، وتطويع البعض منا ليكونو عبيداً تحت طوعهم لتنفيذ أجنداتهم، التي يُراعى فيها أن نكون التبع، حتى لو تعارضت مخططاتهم مع مبادئهم، فالعلاقة بيننا وبينهم قائمة فقط على المصالح، التي تبرر وجودها والحفاظ عليها أي وسيلة متاحة للإبقاء عليها!
ستبقى الحرب في سوريا مشتعله حتى تحرق الأخضر واليابس، وحتى لا تذر خيرا يمكن الإستفادة منه، أو أملا بصلاحٍ لحال البلد على المدى المنظور، ووقتها وحين تتأكد قوى الإستعمار الآثم، ستُطرح الحلول التي ستضمن لإسرائيل الأمان، وللغرب وروسيا وأميركا بقاء المصالح، ولن تثنيهم حرية ضائعة وعدالة مسلوبة طالما لا تتعارض سياسة الدولة مع أجنداتهم!


المصدر: اللواء http://www.aliwaa.com/Article.aspx?ArticleId=176945

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

لبنان.. يُراوح مكانه!

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 01-09-2013



في لبنان بالذات لا أرى فرقاً بين الاغتيالات السياسية أو التفجيرات، فكلاهما تعوَّد عليه الشعب اللبناني على امتداد خمسة وعشرين عاماً الماضية، شردت وقتلت وهجرت وأصابت ثلث السكان.. لكن ما بدأ ينساه مواطنوهم هو حالة القتل اليومي على الهوية، التي صاحبت تاريخهم الحديث وأنهاها اتفاق الطائف، وعدم تهميش أو سلب حقوق أي طرف على حساب الآخر، في إنجازٍ أسهم في وقف حمام الدم الذي سال طويلاً، وكرَّس لمرحلة توافقية جديدة بدا اللبنانيون من خلالها أكثر قدرة على التعايش مع بعضهم.
سنوات الهدوء على اللبنانيين تناوبت ما بين هدوءٍ حذر وعودةٍ متواترة لمسلسل الاغتيالات، التي استهدفت معارضين ومؤيدين ما جمعهم سويةً هو الكره لسوريا أو الموالاة لها، وإن كان أغلب من طالتهم هو الفريق المُعادي للجار الذي ألفت أجهزة مخابراته أن ترتع في الأرض اللبنانية.
التفجيران الأخيران اللذان ضرب أحدهما معقلاً لحزب الله في الضاحية الجنوبية، وجاء رداً «على حسب قول منفذيه» على وقوف حزب الله إلى جانب النظام السوري، وتنفيذه الأجندة الإيرانية في تجاهلٍ تام لادعاءاته السابقة بحماية الجنوب، ليشترك بدلاً عن ذلك وعلناً في حرب طائفية تُشعل المنطقة.
تفجيرا طرابلس المتزامنان، اللذان سارع بعضهم لتفسيرهما بالانتقام، يجب أن لا يخرجا من سياقهما الطرابلسي، فالمدينة اللبنانية المتأزمة التي تشهد على الدوام اشتباكات بين طرفي جبل محسن وسكانه من الطائفة العلوية وباب التبانة ذي الغالبية السنية منذ الحرب الأهلية اللبنانية ولأسباب سياسية طائفية أريد لها أن تكون دوماً حجر عثرة في استقرار ثاني المدن اللبنانية حجماً، فيما سعت سوريا طوال فترت وجودها في لبنان إلى زرع أتباع لها من الطائفة العلوية في المدينة، وتكفَّل حزب الله بتسليحهم ليكونوا بوابته الأمامية في فرض سياساته وأجنداته وإحكام وجوده، وما الاضطرابات التي تحدث على فترات متقطعة إلا محاولة يسعى من خلالها كل طرف لإثبات وجوده وفرض سطوته التي تقبع خلفها قوى أخرى هي من تشجِّع على إشعال الموقف، وبيدها اللعبة الطائفية التي كانت سبباً في انقسام اللبنانيين سابقاً، وستكون دوماً طالما الجيش اللبناني مُغيب ومُحايد، وموقفه يقتصر على فك الاشتباك دون المعاقبة، وغير قادر على أن يكون فقط هو الحامل الشرعي للسلاح، الذي تضاهي تجهيزاته لدى حزب الله ما لدى الدولة من ترسانة عسكرية، حصل ومازال عبر الإمدادات الإيرانية والسورية، لتُسهم في إيجاد الفجوة الأمنية وإنشاء مراكز قوى لأفراد وطوائف وتكتلات على حساب عامة الشعب، الذي بات مُحزَّباً وولاؤه مع الأسف لرئيس الحزب أو الطائفة بدلاً من أن يكون للوطن.



المصدر: جريدة الشرق السعوديه: http://www.alsharq.net.sa/2013/09/01/931650

الأحد، 25 أغسطس 2013

شهوة الديموقراطية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 25-08-2013



هل يمثل الزخم السياسي المستجد والمتمثل في عديد من الأحزاب والقوى والتكتلات الناشئة وحديثة العهد بحرية الممارسة السياسية نعمة على الديموقراطية العربية الوليدة أم نقمة جلبتها ثورات الربيع العربي؟ وهل من الإنصاف ترك المجال لأيٍ كان من النشطاء لتشكيل حزبٍ سياسي بذريعة التعبير عن الرأي وتمثيل من يصفونهم بشريحة من المجتمع تشاطرهم الرؤى والمفاهيم، أما أن الأمر ليس أكثر من أحزاب فئوية وصولية تسعى لصنع مراكز قوى تضمن لها تنفيذ طموحاتها!
«الشهوة الديموقراطية» المستجدة، والسعي لقطف ثمار الثورة ساهما في تفريغ الفكر من العمل المدني والتطوعي، وحصره في الإطار السياسي فقط.
في اعتقادي، أحد أسوأ ما جلبه ربيع العرب هو حالة التهور المجتمعي والانكباب على السياسة، والعجلة للحاق بركب العدالة والتقدم، واستباق النتائج، ليتسبب في تخبط وفوضى، شلّت العمل العام وقذفته بما قد يصعب التعافي منه أو الاستفاقة دون دفع ثمنٍ باهظ!
الديموقراطية هي «حكم الشعب»، كما أنها تستوجب تأسيس الإطار العام الذي يجب أن يحكم الدولة المدنية الحديثة، التي لن تتطور عبر الفوضى السياسية، وإنما عبر تأسيس الهيئات المدنية غير الربحية، التي يجب أن تتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلالية والشفافية.
فرنسا مثلاً ذات الثورة الأكثر شهرة عانت من الثورات المضادة، وتحول الحكم بعد سنوات لعسكري ومن بعده عودة للملكية الإقطاعية، التي ما لبثت أن تغيرت لتكون مدنية من جديد، ولكن بأُطر أسست دعامات الجمهورية التي انبرى منها ما نعاصره اليوم من فرنسا الأكثر حرصاً على الحرية والعدالة والرفاهية.
شعوب الربيع العربي لم تلتفت لأهمية العمل التطوعي المدني وبناء الدولة الحديثة، فأشغلت نفسها بالسياسة، وشتت جهدها في تأسيس التكتلات السياسية التي زادت من ظاهرة المنظرين والخبراء؛ الذين أسهموا بدورهم في تعطيل حركة البناء والتنمية المجتمعية، عبر تركيزهم فقط على الشأن السياسي وزرع الفرقة، بدلاً من توجيه العامة صوب البناء والتنمية وتغذية روح المسؤولية والواجب!



المصدر: جريدة الشرق السعوديه: http://www.alsharq.net.sa/2013/08/25/925664

الاثنين، 19 أغسطس 2013

دُعاة لا غُلاة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 18-08-2013




احترنا كيف نصنف الإنكار والتحفيز أو الأمر بالمعروف ونبذ المنكر؛ هل يكون بالترغيب أو الترهيب؟
في القرآن الكريم آيات العذاب مساوية لمثيلتها المتعلقة بالرحمة، كما أن من أسماء الله الحسنى الغفور الرحمن والرحيم، لكنه سبحانه وتعالى أيضاً شديد العقاب.
الدعوة التوعوية الدينية يجب أن تكون في المنتصف، وما أقصده هنا ليس الوسطية بمفهومها الظاهر، الذي قد يفسره بعضهم بالنقيض للتشدد، وإنما أن تكون متوازنة في الطرح والتبليغ؛ حيث لا يغلب على خطابها الوعيد طوال الوقت، وإنما يكون ذكره مرادفاً أيضاً للترغيب. فما الفائدة إن زرعنا الخوف دون أن يكون بديله الأمل.. وبالطبع هو الطمع والرجاء في رحمة الله سبحانه وتعالى.
اللين في القول والفعل والخطاب لا يعني أبداً الإسفاف والاستخفاف والتفريط، كما أن الشدة غير المبررة فيها قد يكون أثرها سلبياً، فتنفر بدلاً من أن تستقطب. ما يميزنا كمسلمين وديننا عن بقية المذاهب والأديان الأخرى الوضعية هو وسطيتنا وشمولية الإسلام لجميع مناحي الحياة، دون الحاجة أن نقوله ما لا يقول أو نتخذه ذريعة لعرض رؤى شخصية بتعصب، فتكون منفرة يترتب عليها انسلاخ الفرد عن عقيدته وابتعاده عنها.
مخاطبة الجماهير لا يكفيها فقط العلم، وإنما من أساسياتها أن يمتلك الداعي مفاتيح التواصل والإقناع والحكمة والحلم والأسلوب المناسب، حتى يكون قادراً على استجلاب اهتمام محدثه والتأثير عليه. كما أن المظهر والشكل الخارجي مهم في عامل القبول النفسي لدى المتلقي، وهو ما يستدعي عدم التخصص بمظهر بعينه يخلق فجوة بين الداعي والمدعي، ويصنف المجتمع الواحد حسب طريقة لبسه وحديثه.
الكنيسة الغربية استحدثت الغناء والرقص في ترتيل الأغاني الدينية؛ علها تستطيع أن تستقطب جيل الشباب النائي بنفسه عنها، وقد نجحت لحدٍ ما في الحصول على تنوع في حضور قداس يوم الأحد؛ ليشمل مختلف طبقات المجتمع بدل الغالبية المعتادة من كبار السن، وذلك بعد أن جددت في أسلوب الدعوة لا التعاليم الدينية.
التمسك والتشدد بأسلوب وطريقة واحدة في الطرح الديني، وتوارثها عبر أجيال مختلفة من رجال الدين قد لا يتواءم مع حالة الأجيال المتعاقبة؛ مع التأكيد على أن يتم التطبيق دون إسراف أو تنازل عن المسلمات، ولكن بطريقة أكثر مواءمة وتتناسب مع جيل أصبحت الحاجة لإقناعه بالحجة والمنطق أمراً ضرورياً لاستقطابه، بدلاً من قمعه وتخويفه وفرض سلطة الأمر الواقع عليه، حينها ستكون ردة الفعل لدى بعضه معاكسة لما يُبتغى معه ومنه!



المصدر: جريدة الشرق السعوديه
https://www.alsharq.net.sa/2013/08/18/920341

الخميس، 15 أغسطس 2013

فقط عبر المصالحة الوطنية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 14-08-2013



بغض النظر عما ستؤول له الأحوال في مصر في الأيام والشهور المقبلة، إلا أن ما مرت به طوال السنتين والنصف المنصرمة، التي شهدت أنماطاً مختلفة من الحكم ابتداءً من آخر أيام الحزب الوطني، لتسلم المجلس العسكري الحكم، وصولاً لتقلد الإخوان المسلمين السلطة لأول مرة في تاريخهم، وبمشهدٍ مشابه لأول حكومة لحزب الوفد في عهد حكم الملك فاروق، وانتهاءً بعزل الدكتور مرسي عن الرئاسة في الثالث من يوليو المنصرم. جميعها يفرض واقعاً على المصريين يجب عليهم استيعابه وفهمه؛ بأن مصر ليست كبقية الدول العربية التي خاضت تجربة الربيع العربي، ولا التغيير فيها بسهولة وعشوائية عند نشوء أية ديموقراطية، فالشأن المصري لا يخصّهم فقط، ومخطئ من يظن ذلك، بل يتحتم عليه التزامات دولية ومصالح إقليمية، تسعى في ألا تتقاطع التجربة السياسية فيها مع مصالحها.
يجب أن يدرك سياسيو مصر أياً كانت انتماءاتهم أن علاقة الآخر معهم قائمة على المصالح لا المبادئ وسياستهم يجب أن تطبق وفق الواقع لا الأحلام، وأن الأيديولوجيات الفكرية التي تنادي بها الأحزاب في مصر، لا تصلح لأن تكون نواة أو لبنة لسياسة البلد.
مصر من الصعب أن يحكمها تيار فكري واحد، ومن شبه المستحيل أن يكون بها إجماع منقطع النظير لفصيل تجاه آخرين، لذا فالأنسب لها إن ارتضت الديموقراطية، أن تكون مدنية عبر مزيج من الحكم الرئاسي والبرلماني، بصلاحيات موزعة بين الاثنين، بحيث لا يكون أيٌ منهم صوريا وتحت رهن الآخر.
الأزمة السياسية التي أغرقت الاقتصاد المصري، الخاسر الوحيد فيها هو مواطنهم، الذي تمنى وما زال منذ استقلاله أن يعيش حياة هنية، أو مستورة تتوفر له فيها مقومات الكرامة الإنسانية من عيش وحرية وعدالة اجتماعية.
حان الوقت لأن تبدأ قوى المجتمع المدني في مصر -لا السياسيون فقط- في تفعيل المصالحة الوطنية، وتناسي الماضي المغبر المملوء بخطاب الاستقطاب والكراهية، وذلك إن شاءت أن تعبر بأرض الكنانة إلى الضفة الأخرى، حيث يتمنى المواطن المصري البسيط «وهو الأغلبية» أن يجد نفسه يحيا في ظلالها بكل هناء، ودون أن يتحول من أجل ذلك لشعب مسيس، تشغله السياسة عن المضي قدماً في استقراره ورفاهة مواطنيه.



المصدر: جريدة الشرق السعوديه
http://www.alsharq.net.sa/2013/08/14/917320

الأحد، 11 أغسطس 2013

ليبراليو ومحافظو تويتر

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 05-08-2013



الصراع على شبكات التواصل الاجتماعي بين التيار الليبرالي والمحافظ أصبح عقيما ومملا ومخزيا في ظل حالة الشتم والسب والعقم الأخلاقي الذي يعيشه الطرفان، ويفتقد بعضهم فيه إلى أساسيات الحوار وتبادل الرأي والاختلاف.
حواراتهم المتبادلة ليست إلا مزيجا من القول القبيح واللعن والقذف، في حين يدعي كل طرف أنه على صواب والآخر على خطأ. والمصيبة أن كلا الطرفين ينصب نفسه ولياً على عقول الآخرين.
بعض أتباع التيار الديني مع الأسف يعانون من عقدة السيطرة باسم الدين, وأسلوبهم هو إجبارك أن تكون تابعا وأن تحجر على عقلك، فيما التيار الليبرالي نصب نفسه مدافعاً بالأساس عن حقوق المرأة بأسلوب مبتذل بعيد عن المنطق وأشغل نفسه بالسفاسف بدلاً من أن يكون هدفه استرداد ما استحق لها وسلب منها.
مع الأسف معاداة الدين والانقلاب عليه بسبب كره التيار الديني أساء لليبراليين، كما أنه أفقدهم تعاطف العامة المتمسكة بالدين كمرجعية لحياتهم.
أن تكون صاحب قضية ومناضلا في سبيلها، فأنت رسول لمهمة سامية….، ولكن قبل أن تفعل عليك أن تملك الحجة والمنطق وأن تستخدم الحوار البناء لا الهدام.
حقيقةً أصبحت أكره أن أقرأ سجالات الهجوم والهجوم المقابل من كلا التيارين على بعضهم بعضا، فكلاهما يفقد التعاطف معه في كل قول مسيء يكتبه.
أن تكون ليبراليا ومتفتحاً لا يعني لي على الأقل أن تكون ضد الدين، بل على العكس، فالدين عقيدة وممارسة وروحانية تذكرنا أننا خلقنا لنعبد الله سبحانه وتعالى، والتفتح الذهني لا يمنع ذلك أبداً، فالمسلم مخير، وليس بمسير، والتفكير من حقه طالما أنه لا يتعارض مع دينه.
الحال نفسه على التدين، فالمسلم بطبعه قد هذبه إسلامه ليكون محافظاً، ولا يمنع المتدين أن يكون ليبرالي الممارسة، ومؤمنا بقول الله الكريم -عز وجل- «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن».
من هنا يتضح أن الدين الإسلامي العظيم قد وضع أسس سبل النقاش والدعوة، التي يفتقدها مع الأسف عديد من منظري التيارين في نقاشهم وحوارهم مع المناقض لهم، وبالتالي تكون المحصلة نفوراً منهم، وضياعاً لكل قضيةٍ يطالبون بها.



المصدر: جريدة الشرق السعوديه
http://www.alsharq.net.sa/2013/08/05/911740

الثلاثاء، 23 يوليو 2013

كلنا دعاة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 20-07-2013



أظهرت تكنولوجيا الاتصالات وبرامج المحادثة وشبكات التواصل الاجتماعي كم نحن متدينون وملتزمون ومحبون لعمل الخير، ولا نقاش أو حديث لنا مع بعضنا إلا بالدين للتذكير ونشر المعلومة. كثيرٌ منا قد وضع نصب عينيه أن يكون دخوله الجنة (بالطبع بعد رحمة الله سبحانه وتعالى) عبر ما درج على نشره من معلومات دينية وضعها في بند الصدقة الجارية عبر العلم الذي يُنتفع به، الذي لا خلاف لي عليه، بل هو مطلب منا كمسلمين يتوجب علينا فعله في حياتنا.
المشكلة أن الأمر أصبح ظاهرة سلبية ومزيجاً من البدع التي علقت قلوب الناس بالعمل الدعوي الظاهري عبر سياسة «انشر» دون أن تطبق على نفسك ما نشرته. إن فتحت بريدك، تجد مَن تخصص في إرسال الإيميلات الدينية فقط دون سواها ودونما تدقيق، وفي ختامها يستحلفك بأن تعيد نشر ما بعثه لك مع مزيج من عبارات الترغيب والرعب التي ذيلها، لتجد نفسك تشعر بأن مصيرك النار (والعياذ بالله) إن لم تُصغِ لمطلبه.
دعاة (واتساب) الأكثر إسهاماً في هذا العمل، كما أن المتوترين لهم النصيب الأكبر. مع أن قناعتي أن عديداً مما يرسل لك تتم إعادة إرساله دون قراءة ومن ثم يُمحى. نفعل ذلك دون أن نشعر بأن علينا مسؤولية توثيق ما نساعد في نشره، وبأننا قد نُحدِث في الدين ما ليس فيه، فنساعد على الضلالة بدلاً من أن نكون رُسُلاً للهداية.



المصدر: جريدة الشرق السعوديه

http://www.alsharq.net.sa/2013/07/20/899092

الخميس، 11 يوليو 2013

المرأة ما لها وما عليها

بقلم عماد أحمد العالم

 مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه  10-07-2013



منحت شبكات التواصل الاجتماعي ومنها «تويتر»، المرأة العربية وخصوصاً الخليجية فرصةً لم تتح لها سابقاً في التعبير عن نفسها، والخروج للعلن بما أخفته في صدرها لعقود، وحجره عليها مجتمعها، الذي أراد لصورتها النمطية أن تكون زوجة «سي السيد» أو ست البيت التي ليس مطلوباً منها أن تتكلم أو تعبر، بل عليها أن تنجب وتطبخ وتنفخ وتربي وتغسل!
الطاقة الكامنة في داخلها فجرتها الرغبة في أن تحتل ما استحق لها في الأساس، لكن المجتمع والأعراف والتقاليد سلب تلك الطاقة منها، ومنعها بحجة أنها ناقصة العقل والدين، فهي العورة التي يجب أن تستر، وتُخفى عن الأعين، في مخالفةٍ واضحة لتعاليم ديننا الحنيف، الذي كفل لها الحقوق والواجبات كنظيرها في الإنسانية «الرجل».
بصراحة، المرأة العربية مبدعة وخلاقة، ولديها إمكانيات ظلت مطوية ومكبوتة، كما أنها قادرة على أن تسترجع ما سُلب منها، ولكن إن استطاعت أن تجيد معنا – معشر الرجال – لعبة «البيضة والحجر»، وأن تداوينا بالتي كانت هي الداء. وذلك عبر التركيز أكثر على الأولويات والحقوق الأساسية، التي إن حصلت عليها، أصبحت الثانوية منها تحصيل حاصل ومكتسبة تلقائيا. حينها تكون قد وفرت طاقتها وجهدها، ولم تضع وقتها سدى في المطالبة بحقوق مفروضة، ولكن ركزت على المكتسبات التي تمنحها المجال أن تثبت مكانها كداعم للمجتمع وركيزة صلبة لتطوره دون أن ينقص ذلك من واقع أنها خلقت لتكون لنا الأنثى.



المصدر: جريدة الشرق السعوديه
 

الأربعاء، 19 يونيو 2013

ورود الزمن الجميل

بقلم عماد أحمد العالم



منكن من لايملك الرجل المفتول الجسد إلا أن يشقى من أجل نيل ودها, إن لامس الهوى قلبه وعرف الحب طريقه إليه, بعينيه سيرى الحلم وسيلمس الأمل.

الحلم بامتلاكها والأمل بوصالها.

سيبقى منكفئاً على نفسه متمنياً أن تبقى ملهمته وردةً عطره, مشرقه ومزهره, رحيقها يعطر جدران قلبه.

إن كانت "هي" أمله, فجُل رجائه أن يبقى بصيصه متناثراً بينك وشقائق النعمان, أنت وكل مُلهمةٍ لعاشقٍ متيم رماه هوى نفسه بعشق زهرةً من ورود الزمن الجميل.

"هي" له الأنثى التي تحمر لها أوراق الورد إن نظرت لخديها, وينأى نسيم الشمال العليل أن يرخي هواءه خوفاً من أن يحجب عنبر نفسها, فزفيرها نسمة ربيعٍ حانيه, فيما فاهها كالخاتم المزركش بالمرجان, وأسنانها لؤلؤٌ مصفوف يُخشى عليها من أن تؤلمها يوماً قطعة حلوى ضلة طريقها بين فكي وجنتيها.

كنت له غاية الإنصاف ومنه تمنى ألا تهرمي أو تكبري, تغضبي أو تحزني...., يناشدك الاتبكي, فبكاؤك رغم تشكيله لحبيبات لؤلؤٍ ناصع إلا أنه يدمي قلبه الذي لا يرى فيك إلا حورية البحر التي أمضى الليالي الطوال بانتظارها!

لن يثنيه أمرٌ عن طلب ودك, فأنت محور حياته, وكلمات أغنياته وألحانها, تفكيره ووجدانه. أنت قمره الذي يدور حولك, ليلهبه الصبر على بعادك, ويلهمه الأمل لكي لا يظل الطريق نحو محور حياته وسعادة أيامه.

حين يبحر في عينيك يتراءى له الجنة والجنان, وحين يلمس طرف شعرك يتخيل الندى وقد تجمع قطراتٍ لتشكيله, تحجب الشمس عن الظهور بتآلفها وتدرجها وجموح جنونها لتشكل من أولها لآخرها ينبوع نهرٍ منزوٍ يسقط من أعلى قمة جبل, يسلب الخلد بتموجه وغنجه ودلعه ورقة ملمسه وحلاوة طلته.

لا تتركيه وحيداً ولا تتجنبيه, فلو له المقدره لجعل من صورة وجهك شعار ملكيته , فأنت رمزه الذي لاقيمة له بدونك.
في دنياه لا يملك إلا عيناك وأحلامه!!!!

الخميس، 6 يونيو 2013

الصراع الطائفي

بقلم عماد أحمد العالم


دائما حاولت أن أنأى بنفسي عن الطائفيه لقناعةٍ مبكره تعلمت منها أن كلا نا (أي السني والشيعي) لن يتخلى عن قناعاته, ولن يزيده انتقاد الاخر له إلا قناعةً وتمسكاً أكثر بطائفته وإصرارٌ على تكفير الآخر. 
 
عن نفسي لم أؤمن يوماً بالحوار الهادف للتقارب بين السنه والشيعه. فبنظري لا جدوى منه، ولا يهمني بجميع الأحوال ولا حتى أدعمه أو أثني عليه، والسبب في ذلك أني مؤمنٌ موقنٌ بقوله تعالى "لكم دينكم ولي دين"، والحساب أخيراً بيد سبحانه. لكن ما دعاني الآن للتطرق إلى هذ الشأن الذي عافته نفسي, هو اكتشافي أنني وفي غفلتي عن الخوض في المهاترات، إستمر الطرف الآخر بالتحريض ومحاربة أبناء الطائفة الأخرى. فما يحدث الآن في سوريا, وتدخل حزب الله السافر وقوات من الحرس الجمهوري الإيراني وميليشيات المالكي الطائفيه يجبرني مرغماً على التطرق لما حرمته سابقاً على نفسي، الا وهو طبيعة وشكل الحرب القادمه, كما النزاعات التي ستكون خلفيتها طائفيه بحته بعيداً عن الأيديولوجيا الفكريه الحزبيه.

تصريحات قادة حزب الله المتكرره مزعجه جدا, وفيها تبريرٌ لتدخلهم في سوريا, وقولهم بأنه ليس من اجل بشار وإنما في سبيل ما سموه "بالمقاومه".

هذا عبث بالعقول وتزييف للوقائع!!!!., فعلى حد علمي أن مقاومة الحزب كانت صوب إسرائيل, لذا فلم تغير اتجاهها صوب الداخل السوري, والساعي شعبياً لتنفس حريه غابت عن هوائه أكثر من أربعين سنه, عاشها في ظل حكم حزب البعث وزبانيته.

إن صحت حجة المقاومه, فهل من الحكمة أن يترك الحزب االأرض اللبنانيه مفتوحه لأي اختراقات اسرائيليه لتصول وتجول فيها!, الا إن كانت له المقدره (وأشك في ذلك) لفتح اكثر من جبهه بما فيها مع اسرائيل في حال محاولة الأخيره ضرب عناصر الحزب ومواقعه في الجنوب اللبناني أو تصفية عناصر أو قيادات تابعه له.

بدا جلياً الآن أن حالة التعايش السلمي التي كنت أراها اساساً للتعايش بين السنه والإخوه الشيعه قد بددتها التدخلات الطائفيه لزعماء الشيعه في إيران اساساً, واتباعهم في العراق (أي المالكي) وفي لبنان (حزب الله). ولكن هل تتسبب التدخلات الشيعيه في قهر السنه في إشعال حروبٍ عربيه جلها بين طائفتين محسوبتين على دينٍ واحد؟.

أعتقد ان الكره لتفادي ذلك تقع في الملعب الشعبي الشيعي، والذي إن تخلى عن التبعيه لقياداته الدينيه التي هي في الواقع المسيره للسياسيه في نفس الوقت، حينها سيكون الانتماء للوطن هو القاعده ودور رجال الدين محصور في أماكن العبادة فقط.

الأخطاء الطبية

بقلم عماد أحمد العالم

 مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه الإربعاء 05-06-2013



للإعلام والصحافة دورٌ فاعل في إبراز ما يصل له من الأخطاء الطبية، وشكوى مصابٍ زادت معاناته بسبب إهمالٍ ارتكبه من أنيط به مسؤولية العناية به، وتقديم رعاية أولتها الدولة اهتمامها.
لكن الضحية وجد نفسه في دوامة الحد من الأضرار الناتجة عن الخطأ بدلاً من العلاج. فيبدأ بالشكوى، فيحال طلبه للجنة الشرعية التي تستشير ذوي الاختصاص، فيصدر القاضي الحكم وفق ما يراه حقاً للمتضرر، أو إبراءً لذمة مقدم الخدمة.
على مستوى البنية التحتية والمشاريع المفتتحة فهي متطورة وفي ازدياد، حتى باتت المدن الصغيرة تنعم بقطاعٍ صحي يتوفر به الدواء والأجهزة المتطورة. ولكن هل يكفي ما ذكرت لتوفير الرعاية المطلوبة؟.. إن تزامن مع الطاقم الطبي المؤهل، سيحظى حينها القطاع بجودة الخدمة، التي لا بد أن ترتبط مع القوانين التنظيمية التي تراعي في تطبيقها الجودة؛ حيث العمل ضمن نطاقٍ صارم قائم على المتابعة، وتحديد المهام، والتدريب الطبي المستمر.
الرقابة الذاتية للمنشأة الصحية جزء من تفوقها، إن كانت وفق المحفز الذاتي الديني الأخلاقي الوطني، الذي يقوم على استشعار المسؤولية تجاه الوطن والمواطن، حينها يرقى الناتج ويحظى المريض بالرعاية المفروضة.
العمل بالقطاع الصحي له أخلاقياته التي يجب تأصيلها في العاملين به، كما أن زرع مفهوم الأمانة واجبٌ عليهم التحلي به، فالمهنة ليست مصدر دخل أو مكانة، وإنما مسؤولية دينية وأخلاقية يتحتم التمتع بها، وبدونها يكون الفشل والخطأ.


المصدر: http://www.alsharq.net.sa/2013/06/05/857943

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...