الخميس، 8 أكتوبر 2020

الإعلام العربي.. التدحرج نزولاً

 جريدة الرؤية
28-09-2020
عماد أحمد العالم


لنكن صريحين، حين نتحدث عن ظاهرة البرامج الحوارية والسياسية الإخبارية في أغلب قنواتنا الفضائية العربية، والتي باتت تتدحرج نزولاً نحو التجاهل من عموم المشاهدين، لأنها بصراحة متحيزة وغير محايدة، وذاك واقع لا يمكن تجاهله، وحين تشاهد عينة عشوائية بانتظام لعدد من تلك البرامج فستجد دون عناء كمية كبيرة من الجهل وقلة الاختصاص، والفقر الإعلامي لدى عدد غير قليل من المحللين السياسيين، الذين تتم استضافتهم للتحدث في شؤون دولية ومحلية وأحداث مستجدة ومواضيع عاجلة، متزامنة مع ضعف الإعداد وافتقار من يدير الحوار لأساسياته.

جميع العوامل السابقة أسهمت في عدم اكتراث المشاهد العربي بتلك البرامج فاقدة الجودة والمصداقية، وهي التي إن قارنّاها بمثيلاتها في الإعلام الغربي فسنجد التباين الواضح بين إعلام أسوأ من التقليدي وآخر متخصص جداً يحترم عقلية المشاهد، ويحرص على استضافة ذوي الاختصاص والخبرة في التحليل والرأي أياً كان موضوعه.

من الملاحظ، حين مشاهدتك لأحد تلك البرامج في القنوات العربية تجد تأتأة المحلل المزعوم وعدم طلاقته بالحديث، وآرائه السطحية وفقره المعلوماتي، مع العلم أن تلك القنوات لا تدفع لضيوفها إلا إن كانوا من طبقة الفن على مختلف أصنافه، فهم من يسترعي اهتمام المشاهد العربي المشغول للأسف بالفن «الخائب»!

السؤال إذن: لمَ لاتزال القنوات العربية تبث هذه البرامج السياسية الفاشلة؟.. الجواب ربما يكون لأن القائمين عليها والممولين لا يزالون بالعقلية القديمة، التي تظن أن المشاهد أبله دون أن يعوا أنهم ليسوا كما ظنوهم بلهاء، وإنما فقدوا المتعة بالسياسة، واستبدلوا بها عن طيب خاطر ورغبة، المتعة الفنية فاقدة القيمة.


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/119-86/2167538-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%AD%D8%B1%D8%AC-%D9%86%D8%B2%D9%88%D9%84%D8%A7

العاطفة والواقع في الرواية

 جريدة الرؤية
14-09-2020
عماد أحمد العالم


من قراءات لكُتاب غربيين تحدثوا في رواياتهم عن قصص لعائلات وأفراد من العالم الثالث، ومثلهم لشرقيين رووا بدورهم حكايات عن عائلات غربية، خرجت بفكرة أنّ كلا الفريقين قد أصبغا كتاباتهما بطابع متولد من خلفيتهما الثقافية والمدنية والدينية.

فيما حاول آخرون أن يكونوا واقعيين جداً، فكانت أعمالهم جافة وخالية من اللمحة الإنسانية، بينما القلة الأقرب للندرة هي التي جمعت بين العاطفة والواقعية في العمل، الذي قد لا يكون لاقى النجاح الجماهيري، لكن من ناحية أدبية نقدية يجب أن يكون قد تفوق عليهما وقدم صورة ليست بلسان الراوي لما أراد قوله مضيفاً قناعاته الشخصية ورؤاه بصلافة، وإنما الحياة من وجهة نظر البيئة التي جرت بها الأحداث ومن منطلق المفاهيم والقيم الاجتماعية والثقافية والسياسية والإنسانية التي يعيش فيها أفراد الرواية أو القصة.

أن تكون غربياً ومن الدول الاسكندنافية مثلاً، وتعيش من باب التجربة لستة أشهر مع عائلة محافظة من أفغانستان في قندهار لتكتب عنها رواية، فتلك قصة أستطيع أن أتنبأ بطالعها حتى قبل كتابتها، فكاتبها لديه صور من مشاهدات وقراءات سابقة لديه أبطالها الملالي والبرقع وضرب النساء وسلطة القبيلة وظلم المرأة وأميتها.

ومن هذا المنطلق، سيكون الكاتب ـ أو الكاتبة - مفسراً لكل تصرف ومشهد على أنه موغل في القسوة والاستبداد، ومنتهك لحقوق المرأة، وهو الذي لا يمكن إنكاره لدى مجتمع ذكوري عُرف عنه عده لحقوقها من أقل أولوياته بل حتى المطالبة بها امتهان له وتعدٍ على سلطته الذكورية، التي تميزه عن المرأة في المرتبة التي يراها تحتل الأدنى فيها.


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/119-86/2164454-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9

صناعة الذوق العام

 جريدة الرؤية
21-08-2020
عماد أحمد العالم


هل الذائقة حرية فردية لا ينبغي التدخل فيها، أم أن وجودها صنعة تفرض التدخل ولا علاقة لها أو ارتباط مع الحرية الفردية والجمعية؟ وذلك من منطلق أنه كما يُخيَّر الجمهور في خياراته، إلا أنه لا بد من تسييره أحياناً، فهو، وإن كان له أمزجته، إلا أنه من واجب النُّخب والمسؤولين، تقويم سلوكه وفرض الرؤى عليه، والذائقة التي يراها تتماشى مع الثقافة والعادات والمعتقد والسلوك العام القويم.

مؤخراً، وفي خطوة مثيرة للجدل، تدخَّلت نقابة المهن الموسيقية بمصر عبر نقيبها العام، وأصدرت قراراً للحد من ظاهرة أغاني المهرجانات، التي بات يُسمع صداها في كل مكان، وتجتذب المستمعين ليس في مصر فقط، بل في الوطن العربي كافة.

هي ظاهرة مقلقة لا لمستواها الفني الهابط جداً، بل لمآلاتها على فئة صغار السن والشباب، والسلوك الذي تروِّجه والكلمات ذات المستوى الوضيع في بعضها، وكذلك المواضيع التي تتطرق لها، حيث تعدَّت مجرد كونها أغنية «فرايحية» راقصة، لبلطجة غنائية تُسوِّق لتصرفات ومظهر غير سويَّين يدعوان للانحلال والعدائية، وإثارة الغرائز وانتهاك القانون وممارسة الممنوع، يُخشى أن يُشكِّل قدوة سيئة، في ظلِّ محدودية حضور البديل الإيجابي الخلَّاق ذي المضمون الهادف الراقي، المضمحل لحساب موجة الغناء الصاخب المستفز والمثير، الرائج جداً هذه الأيام، متعدياً حدود الطبقات الشعبية وغير المتعلمة، ليمتد تأثيره ويشمل جميع فئات المجتمع التي باتت تتشارك مع بعضها المتعة في الكلمة السريعة والجمل الهابطة والرقصات ذات الإيقاع الصاخب.

التدخل رغم انتهاكه لقدسية الحرية مطلب ضروري قد يفيد في توعية الجمهور، ومنع انحدار ذائقته الفنية، واستدراكه قبل الغرق في موجة لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة، لذا فهو واجب لا بد من القيام به ليس لفرض نمط معين، بل لتحييد واستثناء الخارج عن المألوف والمتجاوز للحد الأدنى منه الذي يجب عدم تخطيه.

الفن الهابط سلعة مربحة، لذا فاستمراره مهم، والدفاع عنه يتجاوز كل الأخلاقيات والقوانين، فما يجلبه من ثراء ومكاسب يُحلِّل لبعضهم بقاءه وانتشاره، وإن لم تتم مواجهته بخطة عمل منهجية تدرس بيئة المستمعين واحتياجاتهم، فلن يكون لها أثر فعال في الاستقطاب، بل ربما ستزيد من انتشاره والتعاطف معه، وسيشجع الإخفاق في التصدي له العديد لركوب الموجة وامتهانه.


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/119-87/2159748-%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85

عرابو الكلاسيكيات الأدبية

 جريدة الرؤية
14-08-2020
عماد أحمد العالم


لمَ لا تزال الكلاسيكيات الأدبية العالمية تحظى بوهج يجعل البعض منها ليس فقط على قائمة الكتب المباعة، وإنما أيضاً المقروءة، رغم مرور قرون على نشرها وكتابتها، واختلاف الزمن والمكان والبيئة والأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية، التي طبعتها وتأثر بها كتابها؟ وهل فعلاً هذه الكلاسيكيات أعمال على درجة من الفرادة ما يجعلها معجزات لا تتكرر ومن ثم تستمد استمراريتها من عظمتها؟ أم أن هناك أسباباً أخرى يُعزى لها الفضل وتعد بمثابة الجندي المجهول الذي تستمد منه البقاء والمكانة وسط إنتاج عالمي بعشرات الآلاف من الكتب بشتى اللغات والمواضيع، يصنف بعضها بالأكثر مبيعاً، إذ تتجاوز الملايين، وتحظى بإقبال شعبي كبير يرشحها حسب وجهات نظر لأن تكون خالدة بلغة الأرقام؟ وخلافاً للواقع الذي يجعلها منسية بعد بضع سنين من نشرها، حيث لو سألت عينة ممن اقتنوها وقرؤوها عن رأيهم فيها بعد 10 سنوات من صدورها، لربما كانت إجاباتهم مزيجاً من عدم الاكتراث ونسيان مواضيعها، وربما حتى الاستغراب من شرائها وقتها، ما يستدعي التساؤل عن السبب الكامن خلف هذا التجاهل لها، والتقدير لكلاسيكيات لا تزال حاضرة، أو على الأقل يُعترف لها بمكانتها المميزة، التي كرستها فئة محدودة من معجبيها، من ضمنهم المختصون والأكاديميون الذين استمروا بدون كلل في دراستها وتحليلها والحديث عنها والبحث فيها وتحليلها، ونشر ذلك عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة وبالطبع في الأكاديميات العلمية، بتكرار خلق صورة نمطية عنها وذهنية لدى العامة جعلهم من تكرار سماعهم عنها يقتنعون بها ويؤمنون بها، حتى لو كانوا لم يطلعوا عليها أو يتصفحوها جزئياً. المتحمسون المخلصون هم القلة المؤثرة القابعة وراء بقاء الذاكرة العامة حاضرة على الدوام، وهم الدؤوبون سعياً لتشكيل ذائقة الجمهور الأدبية عبر تسلسل هرمي يتناوبون عليه على مرِّ العقود، رغم تنافرهم مع آراء مثقفين ومهتمين بالكتابة. وجدت أن بعض تلك الأعمال رغم تميزها إلا أنها حظيت بقدر من المبالغة بشأنها، في تناقض مع القول إن العمل ليس فقط بمحتواه وإنما بعوامل أخرى يجب أن تتوافر فيه لا يمكن لغير المختصين سبرها، الذين هم باختصار من يجعل من الكتب خالدة بعد فترات طويلة من صدورها، لا كتّابها ومؤلفاتهم التي ربما كان لها السبق بزمنها، لكنها بعد انقضائه باتت شهرتها بيد الشغوفين بها الذين منحوها خلوداً.


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/119-86/2158278-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A8%D9%8A%D8%A9

كلام عن التاريخ

 جريدة الرؤية
07-08-2020
عماد أحمد العالم


الحديث عن التاريخ عدا عن كونه ذا شجون، هو أيضاً ذو سجون، والمقصد بالسجن هنا ليس الحبس القانوني المتعارف عليه، وإنما سجن العقل بين جدران غرفة تمثل أفكاراً بين هذا وذاك رغم اختلافها، لكن لا يجوز الخروج عليها والتحدث بغيرها!

لتفسير كيف انتقل التاريخ لِكُتّابه لا بد من الإشارة إلى أنّ مصادره، وخصوصاً ًالقديم منها، كان عبر الاكتشافات الأثرية التي استنبط منها علماء الآثار أحوال وعلوم الشعوب السابقة، فيما تعد الكتب المقدسة من أهم مصادره، فالتوراة مثلاً ولفترة طويلة، شكَّلت لباحثي الأنثرولوجيا والإثنولوجيا والميثولوجيا دلالات استُنبط منها أحداث وقصص، مثَّلت أدلة على سردهم التاريخي، لكنها بدأت تفقد بريقها مع التقدم التكنولوجيا العلمي والأبحاث المستقلة الرصينة والمزيد من الاكتشافات الأثرية، التي أسهم اكتشاف العالم الأمريكي ويلارد ليبي فرانك لمادة نظير الكربون 14 المشع المستخدم في قياس عمر الحفريات بنقض العديد من النظريات عن عمر دول وحضارات قيل إنها في فترةٍ معينه ليتضح بعد ذلك خطؤها، ما أسهم في ظهور أبحاث جديدة كسرت «تابوهات» وفتحت باباً للنقاش بين تيار يرفض نظرية المسلَّمات وآخر يدعو لإعادة كتابة التاريخ، وحتى تنحية المصادر القديمة ليصل إلى إعادة تنقيح التوراة والإنجيل وإعادة كتابتهما، وهو الذي جرى عدة مرات على أيدي علماء اللاهوت واللغات وحتى الإنسان.

في العالم العربي يصعب جداً وأحياناً يستحيل إعادة مناقشة مواضيع بالتاريخ العربي والإسلامي على وجه الخصوص، لأسباب تُدعى «دينية» وأخرى سياسية واجتماعية فرضت حظراً على دعاة التجديد التاريخي، فنال من حاول تهم عديدة وحظر رسمي وأكاديمي، تطور في حالاتٍ منه للسجن، ما حدا البعض للعيش في المنفى دفاعاً عن أطروحاتهم ونظرياتهم التي خالفت «ما جرت عليه العادة»، فيما آخرون يجنحون في حجتهم لمقولة: «إن التاريخ يكتبه المنتصرون»، وهو الذي يتماشى أيضاً مع فكرة أن الهوائية سيطرت على كتابات تاريخية نتيجة تدخل السلطات الرسمية ومثقفين وتاريخيين محسوبين عليها.

بعيداً عن جميع الآراء السابقة، يبقى لنا أن نؤكد على ضرورة استحداث مراكز أبحاث ودراسات تاريخية رصينة ومحايدة يقوم عليها خيرة العلماء من جميع الجنسيات، ويُناط بها المسؤولية حرصاً على الموضوعية والمصداقية والدقة.


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/119-87/2156827-%D9%83%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE

الصحافة.. القراءة وضعف المحتوى

 جريدة الرؤية
31-07-2020
عماد أحمد العالم


كلما دار نقاش وبادر أحدهم فيه مستشهداً بالصحف كنمط وحيد لقراءته، ومكتفياً بها عن سواها من الكتب؛ وجدت نفسي أتذكر قولاً منسوباً للإنجليزي جورج برنارد شو متهكماً فيه على الصحافة: «لا فرق لديها بين حادث دراجة نارية وسقوط حضارة»، وهو الذي لا يفهم منه سذاجتها كواقع فهذا خطأ، فبالتأكيد فيها الرصين والرزين وكذلك الصحف الصفراء، ولكن المعنى الخفي وراء هذا الوصف هو التأكيد بأنها تبالغ في الأحداث والوصف من منطلق جذب القارئ، كما أنها قد تخلق حدثاً وواقعة من لا شيء حتى تجد ما تتحدث عنه في صفحاتها، وهو شأن لم توجد صحيفة مهما كانت مهنيتها لم تقع فيه وترتكبه، وإن كان ذلك بالطبع سمة لبعضها، إلا أنها جميعاً تشترك في كونها لا تتوجه صوب شريحة واحدة من القراء وإنما لجميع فئات المجتمع، ساعية لإرضاء جميع الأذواق، وفي الوقت ذاته ضمان المدخول المادي الكافل لاستمراريتها ودفع تكاليفها وتحقيق الأرباح.

مالكوم إكس، الناشط الأمريكي الراحل، كان له بدوره وصف أكثر حدة، حين قال: «الصحف ستجعلك تبغض المقهورين وتحب من يمارس القهر»، وهو الوصف الذي ينطبق بالطبع على الصحافة الموجهة غير المستقلة، وبالتحديد الحكومية أو السائرة في فلكها في الدول الاستبدادية والأوليغارشية، حيث لا يوجد رأيان يحتملان الاختلاف بدون خلاف، وإنما الرأي الواحد وخلافه خروج على الخط الرسمي الداعي للمنع والملاحقة الرسمية.

قراءة الصحف كالوجبات الخفيفة والمقرمشات المتخللة للوجبات الأساسية ضرورية لإبقاء الجسد والروح متيقظة، لكنها وكما تحدثنا سابقاً يجب ألا تكون فقط ما نقرأه، ولا تغني أبداً عن الكتاب، ليس فقط لمحدودية مواضيعها واختصارها، وإنما أيضاً لما وصلت إليه من تبسيط في اللغة المستخدمة فيها، والتي تدنت عن السابق، وأصبحت أقرب للعامية أو الفصحى الدارجة وليس اللغة العامرة والعبقة بجمالياتها ونحوها وبلاغتها، في توجه يتماشى مع تدني القدرات اللغوية الشعبية وميلها للبساطة أكثر من البلاغة من جهة؛ وأخرى لضعف المحتوى المقدم في العديد منها نتيجة نقص توظيف ذوي الخبرة والمقدرة الصحفية، لعدة أسباب اقتصادية وسياسية ومجتمعية، جميعها تسببت بانحدار المستوى، وليس كما يشاع بسبب التكنولوجيا وثورة الإنترنت وانحسار القراء، وإن صح ذلك، إلا أن المعضلة الحقيقة تكمن في انعدام البيئة الجاذبة نتيجة ضعف المحتوى والتكرار والإسفاف والتبعية.


المصدر: صحيفة الرؤية -  https://www.alroeya.com/119-86/2155414-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%88%D8%B6%D8%B9%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%88%D9%89

الديمقراطية.. الزائفة والحقيقية

 جريدة الرؤية
24-07-2020
عماد أحمد العالم


السطحية في فهم معنى الديمقراطية يقود البعض لنبذها والتشهير بها، بناء على معطيات سابقة يراها فيها غائبة عن قيادة دولهم للعدالة والرفاه، أما أهم هذه الاستنتاجات فمردها الانتخابات التي يعبر الشعب من خلالها عن ممثليهم في السلطة التنفيذية والتشريعية، بنسب عادة وحتى بأعتى الديمقراطيات بالعالم تتراوح بين 50 و70% من مجمل من يحق لهم الانتخاب إن لم يكن أقل من ذلك، فيما تغيب البقية طوعاً عن ممارسة حقها بالاقتراع لأسباب عدة وإن كان أهمها: غياب الأمن والحروب والجهل والحالة الاقتصادية وغياب التسهيلات الحكومية الضرورية لتنقلاتهم وتوعيتهم بأهمية انتخابهم وإدلائهم بأصواتهم، كما القنوط من الحالة السياسية وفقدان الأمل بالسياسيين والأحزاب والنقمة عليهم.

جميعها اعتبارات تقود الأغلبية الصامتة للعزوف عن المشاركة، رغم ما تحمله من مخرجات قد تؤدي في حضرة البيئة النزيهة والرقابة لطيف سياسي يمثل الإرادة الشعبية، لكن لامبالاتها تتسبب بتكتلات برلمانية فائزة بفضل من اقترعوا لها ليس لأنها تحظى بإجماع شعبي، وبالتالي تحظى بفرصة تشكيل الحكومة والحصول على مقعد الرئاسة وفق تفاهمات وتنازلات من كل طرف لإنجاح العملية السياسية.

لا بد من الإشارة لحالة دارجة ديمقراطياً، وبالتحديد حين يحصل مرشح أو تيار سياسي على أغلبية كبيرة بالانتخابات تمكنه من أن يشكل الحكومة منفرداً، دون أن يضطر للتوافق مع منافسيه، عاكساً تفويضاً شعبياً أوصله إلى سدة الحكم وفق المفهوم الديمقراطي، إلا أنه لا يعني بالضرورة جميع جماهير الشعب ممن تمتلك حق التصويت، والتي غاب ولنقل نصفها على سبيل المثال عن الاقتراع.

الديموقراطية، وقبل أن تطبق يجب أن تسبقها توعية فكرية وثقافية وسياسية لجميع أطياف المجتمع، حتى يدرك الفرد فيه ما له وعليه تجاه الحكم، وحتى يعلم الجميع أن الانتخابات ليست إلا جزئية من الحياة الديمقراطية التي تشمل ما قبل وبعد الانتخابات، أي العقد الاجتماعي الذي يكرس الحقوق والواجبات، وإلا فما الفائدة من حكومة منتخبة ديمقراطياً وبنزاهة في ظل مجتمع جاهل غارق بالفساد والمحسوبية ومراكز القوى الرديفة للدولة وانعدام الأمن؟ وماذا ستكون النتيجة إن حاول الحكام مواجهتها في ظل غياب الوعي والإدراك للجماهير وحتى النخب؟

الجهل هو العدو الأول والأقسى للديمقراطية وضامن فشلها، أما الوعي والإدراك فهما محفز نجاحها وضامن استمراريتها، إلى جانب فصل السلطات، ومؤسسات المجتمع المدني واستقلالية القضاء وحرية الإعلام.


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/119-85/2153874-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D9%81%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A9

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...