الأحد، 27 أكتوبر 2013

لإيران.. مع التحية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 27-10-2013



بت كثيراً ما أقارن بين تصريحات المسؤولين الإيرانيين مؤخراً وما اعتاد آباؤنا على التندر به عند تذكرهم حروب الضباط الأحرار مع الكيان الإسرائيلي، حين كان يطل عليهم أحمد سعيد بفخامة صوته الإذاعي ويبث على مسامعهم أخبار انهزام العدو وانتصار القوات المسلحة، في وقتٍ كان العكس صحيحاً. في نفس السياق، نرى الجار الإيراني يطل علينا دوماً مسؤولوه مهددين بالرد الحازم والصاع صاعين على كل من تسوّل له نفسه محاسبة إيران أو لومها على ما ترتكبه سياساتها العدوانية تجاه دول الجوار العربي والخليجي وحتى الإسلامي البعيد عنها ولا تربطه بها أي صلة. لا أدري من أين تأتي ثقتهم بالنفس وقدرتهم الموصوفة على خوض الحرب المزعومة وتهديد الجميع دون استثناء، أعطني مثلاً واحداً عن دولةٍ عربيةٍ واحدة خليجية لم تفتعل إيران معها المشكلات سابقاً أو أخرى تتمتع معها بعلاقات سلميةٍ أخوية لا يشوبها شائبة.
فسّروا لي لمَ دائماً أنتم المساء فهمكم والمظلومون والمعتدى عليكم؟، في وقتٍ لم يبق أحد إلا ويعلم أن سياسة تصدير الثورة ما زالت في قوتها، وما البرنامج النووي الإيراني إلا لعبة مخيفة، غاية إيران منها فرض عضلاتها علينا والاستقواء بها لفرض أجندتها وسياساتها وعصاها الغليظة على كل من يعصيها.
أين عدلكم حين يتعلق الأمر بالأقليات في إيران وحقوقهم الاجتماعية والسياسية والدينية؟…… أليس عرب الأحواز من الأكثر تضرراً، لمَ يُعدون مواطنين من الدرجة الرابعة بدون تنمية وببطالة عالية واضطهادٍ رسميٍ حكومي ممنهج؟.
أين محبة الإخوة في إيران للسلام، ومنهم من ينفخ الكير لفصل الأعزاء شيعة الخليج عن دولهم وعن انتمائهم العربي؟، فيما هو يعمل لزرع الفتنة بينهم وإخوانهم السنة، في وقتٍ نالوا فيه حريةً في ممارسة عقائدهم وبناء حسينياتهم والتمتع بالمواطنة وحقوق التعليم والصحة والتوظيف والمحاكم الشرعية للعقود والأنكحة.
أين هي المحبة المزعومة للسلام من تدخلاتهم في العراق ولبنان ودعم النظام الأسدي المجرم، ووقوفهم معه ضد ثورة شعبٍ مظلوم ومضطهد، عانى الأمرين ولا يزال حتى يكتب له المولى القدير نصراً يعمي به دعاة الباطل؟.
هي دعوة صادقة للجار الفارسي العتيد، إن أردتم الود فنحن أهله، ولن يبعدنا عنكم اختلاف مذاهبنا، ولتكونوا دعاة سلامٍ وحيادية، ولتنأوا بأنفسكم عن التدخل في الآخر، حينها قلوبنا وعقولنا لكم مفتوحة وأيدينا لكم ممدودة.


المصدر: جريدة الشرق السعوديه: http://www.alsharq.net.sa/2013/10/27/980626

الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

الدعوة وطرق الاحتساب

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 23-10-2013



في حديثٍ مقتضب مع عامل إندونيسي بسيط وملتزم دينياً، حتى أنك تخاله عربياً من إتقانه لغتَنا، حدثني أن بلاده لقرنٍ مضى أو يزيد كانت غير مسلمة، دخل الإسلام إليها عن طريق التجار الزائرين، خصوصاً العرب الحضارم منهم.
استطاع أولئك التجار، الذين كان غرضهم التجارة في الترحال أساساً، أن يدخلوا شعوب دول تقع في أقاصي آسيا، الإسلام دون مجهود دعوي يذكر، ولا مدعوم من دول أو جهات، وإنما بجهد شخصي أساسه معاملة حسنة، لم يبتكروها، بل عملوا بها بسبب اقتدائهم بحبيبنا ورسولنا -محمد صلى الله عليه وسلم-. إن أردت النجاح، فعليك أن تعمل حرفياً بمعادلة بسيطة جداً: ابتسامتك في وجه الآخرين التي تعد صدقة، إلى جانب عملك بالقول «الدين المعاملة»، وليس فقط أن تسم نفسك بمظهر مميز وتكشيرة وحديث بالعربية الفصحى، واهتمام بالفروع وترك الأصول، وتخويف الناس وترهيبهم بدلاً من ترغيبهم واكتساب ثقتهم وتعاطفهم. إضافة إلى ذلك ينبغي العزف على وتر اللبنة الطيبة بداخلهم، لا تخوينهم وإساءة الظن بهم، والتعدي على خصوصيتهم، والافتراض، بغير الجزم، ارتكابهم لجرم، أو إخفائهم بين ثنايا ما يستخدمون ما قد يُعدُّ معصية ولا أقول كبيرة!.
لم تنجح حملات المسيحيين في التنصير بإفريقيا وآسيا إلا بسبب ما يفعله المنصرون لاجتذاب الأتباع من التعامل بتواضع، والوجود في أماكن الأحداث والأزمات، والسعي لتقديم المساعدة للمعوزين، ومسح دمعتهم، وإطعامهم بأيديهم.
في المقابل وعلى غرار دُعاة من أمتنا (ولا أقول جميعهم بل بعضهم)، تُفرش لمَنْ يسمون بالدُّعاة منهم (ولا أظنهم بما يتصرفون كذلك) الأبسطة. فيما الفرد منهم بكامل هندامه، يُخاطب جموعاً جوعى فاغرة الأفواه لينذرها بالعذاب والعقاب، وفي ختام جولته الدعوية، تُفرش له الموائد ويركب بعدها سيارة، ذات دفع رباعي، ليقضي ليلته الدعوية الأولى في فندق «خمس نجوم» يقيم فيه!.
لدى عديد من دعاتنا المسلمين، وبكل أسف، مفهوم خاطئ عن الاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي يُعد جزءاً من عقيدة كل مسلم، وفيه خير بطرقٍ عدة للاستنكار، أبسطها أن يستنكر المنكر في نفسه إن لم تسنح له الظروف بأن يدعو للحق ويُنهى عن الخطأ. والظروف هنا قد لا تكون ضعفاً جسدياً أو قلة حيلة، وإنما تحكيم للموقف واختيار لأي الطرق الدعوية أنسب؛ فالقوة لم تكن ولن تكون يوماً سلاح المسلم بالنصح فقط، بل يوازيها مفعول القول الحسن وأخذ الأشخاص على مقدار فهمهم، ومحاولة استمالة الجزء الخير في قلب كل مسلم مهما كان مذنباً وعاصياً.
باختصار ما ينقصنا تطبيقٌ حرفي للآية الكريمة «ادعُ إلى سبيلِ ربِّكَ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ وجادلهم بالتي هيَ أحسن».


المصدر: جريدة الشرق السعوديه: http://www.alsharq.net.sa/2013/10/23/977337

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

الخلاف والإختلاف

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 01-10-2013




احترت كيف أفرق بين الخلاف والاختلاف، مع اقتناعي بأن الأخير يفسد الود والقضية، ولا صحة لما تربينا على سماعه وردده الداني والقاصي بأنه إثراءٌ للرأي ولا يحدث ضرراً في علاقة المختلفين على الأمر.
أصبح الخلاف كالاختلاف في عصرنا الأغبر هذا، وأصبح كلاهما يفسدا الود ويؤثرا على القضية، هذا إن لم يؤديا لقطيعة وعداوة وترصد وحروب كلامية وتصرفات تالية انتقامية.
ثقافة الحوار الغائبة عن حواراتنا هي السبب وراء التشدق بالرأي ومعاداة المحاور مجرد الاختلاف معه، فعديد منا ربا وهو يظن نفسه على صواب والآخرين على خطأ، ولا بد لهم إن أرادوا للود أن يستمر معه أن يؤيدوه ولا يُعارضوه!
«حوار الطرشان» هو مجرد اختصار لأجواء النقاش، التي يتحدث فيها الجميع في نفس الوقت دون أن يستمع أحدٌ للآخر، مع ارتفاعٍ في النبرة ومقاطعة متكررة وعلو للصوت، سيعقبهم اختلاف حاد في الرأي، الذي سيؤدي بدوره إلى الخلاف، لينتهي بعد ذلك بخصام، أو في أقل الأحوال نفوس يملؤها الإصرار على إقناع الآخرين أنهم كانوا على خطأ، وهو الذي تحدث بالصواب!
إن أردت أن تحكم على ثقافة وتمدن مجتمعٍ ما فانظر حينها وراقب كيف يتخاطب ويتحاور ويتناظر أفراده عامةً كانوا أو متخصصين، وتابع برامجهم الحوارية «Talk shows» وكن متأكداً أن مؤشر الصوت في تلفازك دون النصف. ضع بعيدا جهاز التحكم عن بعد، ولاحظ مدى اضطرارك إلى خفض الصوت طوال فترة البرنامج، ودوّن أي المتحدثين لا يتقبل الآخر ولا يحترم النقاش وأيهم يزبد أو يتعامل مع قلمه برشاقة ليكتب ما يُقال من الخصم وما يريد هو طرحه.
إن وجدت أن الوتيرة لجميع المتحدثين واحدة والأجواء رزينة حتى إن اختلفوا فيما يطرحونه….، إذاً هذا هو الحوار الراقي البناء الذي يضفي طابعاً إنسانياً أخلاقياً حضارياً لذلك المجتمع، الذي أتمنى أن يكون أسلوب مثقفينا وسياسيينا ومنظري إعلامنا عليه يوماً ما في الحاضر أو المستقبل المنظور!
رغم أن الحياة بلا أمل لا طعم لها، إلا أني آملُ أن أسترخي يوما على أريكتي فأشاهد حواراً بناءً في قناة عربية إخبارية لا أضطر أثناء متابعتي لها إلى تغيير القناة بسرعة وأنا أرى وجهاً عتيقاً لمنظر ممل لا يكاد يختفي من قناة حتى يظهر في أخرى، ومذيعا متخشبا جُل خبراته واسطة ومعرفة أو كما يقول أحبابنا المصريون «كوسة» منحته الفرصة ليطل علينا عبر برنامج هو أقرب ما يمكن وصفه بـ «غصب عليك».
نجاح أي قناة إعلامية يعتمد على مدى حرفيتها في تقديم جدولها بطريقة تؤطر لنظرية الرأي والرأي الآخر وبكل حيادية وبمهارة تمكنها من جمع الأضداد معاً دون أن يتسبب ذلك في خلق اختلافٍ مجتمعي، يؤدي لتقسيم الأفراد لمصطلح مع أو ضد بدلاً من أن يكون: «أختلف معك لكني ما زلت صديقك وأكنّ لك كل الود والتقدير!



المصدر: جريدة الشرق السعوديه: http://www.alsharq.net.sa/2013/10/01/958016


 

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...