الخميس، 28 يوليو 2016

حُلْمٌ آثر الهوى أن يطيله!

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 28-07-2016


الحزن في صمت كلماته وفي سكونه وتوهانه وانفصاله عن الواقع الذي يكون حاضرا فيه بجسده الذي على ظاهره الحسن، هو ممزق ومشتت ومُبعثر في داخله، الذي أضنته أفكاره وجننته وساوسه، وتلاعبت به يمنة ويسرا دون أن يكون قادرا على السيطرة عليها، فهو كربان المركب الذي أيقن بفطنته ودرايته أن الأمواج التي تضرب بمركبه لا قدرة له على مقاومتها ولا المناورة معها، فأرخى العنان لها لتلطمه كما شاءت، وهو في كل موجة غضبٍ منها يقول إنها القاضية، فيما يتجاوزها منتظراً أخرى ربما تكون كذلك، لكنه في نهاية المطاف يجد جسده قد نجا ومعه مركبه بعد أن هدأت العاصفة وسكن البحر الغاضب، الذي استسلم لجبروته موقناً بهزيمته التي جعلته لا يبالي بما قد يؤول إليه مصيره، الذي أيقن أنه النهاية، فيما كانت نتيجته بداية جديدة له لم يرسم بعد ملامحها ولم يخطط لها، لتبدأ تلك الدراما التي يسمونا بالحياة تلعب لعبتها معه مجدداً، وترمي به في غياهبها دون أن يكون له رأي أو شأن بها، تاركا لها المجال لتقرر مصيره الذي لم تكن يوماً تكترث به.
 
هل من الممكن أن تكون تلك الكآبة التي تدمر غيره من البشر هي سر نجاته أو ربما حتى سعادته، التي لا يعرف معناها إلا بحصوله على لحظات من اللامبالاة المستقطعة بين ساعتي حزنٍ وبكاء؟!
 
لقد فقد البوصلة وأصبح كائناً بشريا لا يعرف معنى الحياة، فهي بالنسبة له تلك الروح التي تبقيه يتنفس فقط، أما ما حوله فلم يعد سوى كواكب خافتة في ليلٍ شديد الظلمة، لا فائدة ترجى منها لإنارة طريقه الموحش من كل الجهات.
 
مشكلته التي قد تكون ميزة له أن لا أحد يعرف ما يعتمر في ذاك العقل الضبابي، ففيما يراه البعض بائساً لا رجاء منه، يجده آخرون الخيميائي المتصوف الذي عرف سر الحياة وكشف أسرارها المخيفة، حيث كل كلمة ينطق بها لها مغزى، وكل حركة لها دلالة، في حديثه حكم وفي سكوته تأمل وصلوات يبتهل بها!
 
تناقضاته شديدة الغرابة، فحينما يسكن كل ما حوله بعد تمنيه ذلك؛ تشتعل الرغبة بداخله لتلك الفوضى والضوضاء التي طالما بعثرت تركيزه وأرقته، حتى إن حصلت انقلب على عقبيه كالفار من خطر اكتشف فجأة أنه مُحدق به، وعاد مجدداً يتمنى لحظة هدوء مطلق تروي ظمأه لسكينة تمنى فقدها، لكنها حين ابتعدت عنه لهث خلفها كَعَطِشٍ تراءى له طيف ماءٍ يعلم بأنه سراب لكنه يصر على اللحاق به رغم ما يفصله عنه من مسافة لامتناهية تجعل من الوصول إليه حُلُماً آثر الهوى أن يطيله!


المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=372372

الأربعاء، 20 يوليو 2016

تركيا ما بعد الإنقلاب الخامس

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في صحيفة العرب اليوم الإلكترونية 20-07-2016



هل سينطبق المثل الشائع “على الجاني تدور الدوائر” على من رعى الانقلاب الفاشل في تركيا ومن دعمه سواءً المعلوم منهم في الداخل التركي أو إقليمياً من جهات ودول علمت به من قبل وساهمت فيه ونسقت لتنفيذه, كما تشير إلى ذلك وباستمرار بعض التصريحات التركية الرسمية, أو تقارير تغمز وتلمز لذلك؟
 ربما تركيا الأمس الطامحة لعضويةٍ دائمة في الاتحاد الأوروبي والشريك الأساسي في حلف الناتو والمهددة فيهما إن طبقت حكم الإعدام بحق المدانين; لم تعد ولن تعود كما كانت من قبل, فالجرح هذه المرة غائر ولا يمكن الشفاء منه بسهولة, ليس لأن حكومة حزب العدالة والتنمية تشعر بالخذلان من حليفها الأمريكي الذي ظنت أنه تعامل معها بما لم يتعامل مع الحكومات المدنية قبلها, وإنما لأن فصول المؤامرة أكبر مما توقعت أو حتى خطر لها على بال, مقارنة بأربعة انقلابات عسكرية كان يفصل تقريباً بين كلٍ منها عشرون عاماً, وقام بها الجيش التركي, ربيب الأتاتوركية والمتذرع بها في كل مرةٍ أزاح بها الحكومات المدنية ليخلفها ويجثم بعدها على صدر شعبه ممارساً لديكتاتورية القتل والاعتقال ومدمراً للاقتصاد, ومبعدا وطنه عن بعده العربي والإسلامي عبر تتريك ممنهج وتغريبي لجميع مناحي الحياة والقوانين, وقمع لحرية الشعب وإجباره على القبول فقط بما يراه له العسكر, وهو الذي لم يكن يوماً فاتحة خيرٍ للبلد, بل دمره اقتصادياً وتنموياً ونشر الفساد به, إلى أن أتت رياح التغيير على يد عمدة اسطنبول الأسبق ورئيسها لاحقاً رجب طيب أردوغان, والذي عمل خلال توليه المنصب على جعلها المدينة النظيفة الدائنة والتي تغطي نفقاتها بنفسها, وتعطي الفائض لميزانية الدولة, حتى تآمر عليه العسكر ومتطرفو الأتاتوركية فيما بعد ليسجنوه عشرة أشهر بسبب استشهاده ببيت شعر في أحد خطبه!
جاء الانقلاب ليثير خلفه عاصفة من المواضيع لا تتعلق فقط بالأتراك وما جرى لهم ولا بحكومة العدالة والتنمية, وإنما إشكالات تمس الجميع وعلى الأخص من تطرق منهم للحادثة وكتب عنها وعلق, وانقسموا في مجملهم لفئتين لا حياد بينهما متمثلتين في من طار فرحاً بالخبر وبدء بالشماتة والتشفي, وبآخرين رافضين له ومعلنين عن دعمهم اللامحدود للتجربة التركية الديموقراطية وإعجابهم برئيسها أردوغان حداً ليظن فيه الغريب بأنهم ربما أتراك وليسوا عرباً من غير أهل القضية والأرض!
لنتفق أولاً وقبل الحديث على أن أي حركة عسكرية أياً كانت شعاراتها وما تدعوا له إن تدخلت في السياسة وانقلبت على حكومة مدنية منتخبة ديموقراطياً; غير مقبولة إطلاقاً ولا يجب الاعتراف بها ولا التبرير لها تحت أي ظرفٍ كان. لكن المُستغرب وقد ظهر جليا في الانقلاب الفاشل بتركيا أنه كشف فئة ممن صدعوا رؤوسنا من قبل عبر تنظيرهم ودعواتهم الليبرالية, فظهروا على واقع جلي لنا الآن بأنهم أكثر إقصائية وديكتاتورية من العسكر والانقلابين, فهم وعلى عكس ما يقولوا أكثر من يكرس مبدأ الاختلاف يفسد الود معهم, والذي سينتهي على الدوام باتهامك من قبلهم بالأخونة, مستغلين تجريم الحزب وتصنيفه في بعض الدول كإرهابي, ودون أن يكون لك أي ارتباطٍ به أو تأييد, حتى أن البعض تهكم على من اتهموه فقال لهم: أنا مسيحي, فيما تفاخر آخرون بإلحادهم وعلمانيتهم التي لم تنجهم من التهمة التي اخترعها منافقي الليبرالية ومدعيها لإقصاء كل من يخالفهم الرأي, وكأنهم أرادوا أن يكرسوا حقيقة مفادها أن كل من عارض الانقلاب هو إخوان وكل من تحدث بالخير عن أردوغان هو داعية له لأن يكون خليفة للمسلمين, متناسين أن من أفشل الانقلاب في تركيا هو شعبها العظيم الكاره أولا وأخيراً لحكم العسكر الذين عدوهم ربيباً للغرب لا يكترث إلا بمصالحه, ومكانه فقط يجب أن لا يتعدى الثكنات. لذا ثار وخرج للشوارع بمسلميه وعلمانيه, محافظه ومسيحيه وعلويه وبكافة أطياف عرقياته المتعددة. هم من وقفوا أما الدبابات وهم من جردوا الجنود من سلاحهم, وهم من جعلوا من أنفسهم اختيارياً وتطوعاً كدروع بشرية لحماية مقرات الحكومة والشرطة ولمنع الدبابات من التقدم إلا على أجساد العديد منهم التي مزقتها, فقضوا شهداء رفض حكم العسكر مجدداً في تركيا.
في البداية بدا أن الجيش سيطر على الأوضاع وأذاع بيانه الأول, إلا أن حديث الرئيس التركي مع أحد القنوات الخاصة عبر الهاتف ودعوته لشعبه للخروج قد غير معادلة تظافر لنجاحها بقاء قيادة الجيش الأول والشرطة والقوات الخاصة والاستخبارات بالولاء له, وكذلك رئاسة الأركان التي كانت سابقاً الراعي الأول للانقلابات, واستطاع أردوغان توطينها عبر جعلها تابعةً لرئاسة الوزراء, بقيادة أحد الشخصيات التي رغم اعتقالها من الانقلاب إلا أنها أسهمت في كشف خيوط المآمرة وتوحيد كلمة جزء من الجيش وقادته للبقاء مع الشرعية, حتى أن قائد الاستخبارات أمر أتباعه بالقتال حتى آخر واحدٍ منهم, أما الأحزاب الأربعة الرئيسية القومية والعلمانية فقد رفضت الانقلاب منذ اللحظة الأولى ودعت أتباعها للنزول للشارع وعقدت جلسة في البرلمان الذي استهدفته بالقصف مروحيات الانقلابين!
حين حكم العسكر تركيا كانت مدينة بما يعادل 80% من دخلها القومي لنادي باريس وصندوق النقد والبنك الدولي, وعملتها متدهورة ودخل الفرد فيها لا يتعدى 3500 دولار بالسنة والدعم الحكومي للزراعة لا يتجاوز النصف مليار دولا ونسبة الأمية عالية والتعليم والصحة متأخرة والصناعة في أدنى حالاتها, والحقوق المدنية والحريات هي الأسوأ, ولكم أن تعلموا أن الانقلاب سنة 1980 قد تسبب في إعدام المئات واعتقال أكثر من 650 الف معارض.
حين قادت حكومة العدالة عجلة البلاد, ركزت أكثر على الثلاثي الأساسي وهو الاقتصاد والصحة والتعليم, بل إنها خصصت أكبر ميزانية في الدولة لقطاع التعليم والبحث وإنشاء الجامعات والمدارس, فيما اهتمت أيضاً بدعم المزارعين وتوفير السكن والرعاية الصحية المجانية حتى الثامنة عشر من العمر, ليخلفها بعد ذلك التأمين الصحي الإجباري, لتتحول تلك الدولة الهامشية على الاقتصاد العالمي وفي غضون ثلاثة عشر سنة لواحدة من الدول الأقوى اقتصادياً على مستوى العالم والدائنة للعديد من الدول بعد أن دفعت بالكامل جميع القروض وفوائدها المتراكمة, وارتفعت بدخل الفرد لأكثر من عشرة الاف دولار في السنة, فيما قفز الناتج القومي الإجمالي بين عامي 2002- 2008 من 300 مليار دولار إلى 750 مليار دولار، بمعدل نمو بلغ 6.8 %, وسجل في العام 2014  قيمة إجمالية تبلغ 798 مليار و400 مليون دولار, فيما انخفضت البطالة لأقل من 10%, ونسبة تضخم لا تتجاوز السبعة بالمائة تطمح الحكومة لتقليصها إلى 5% بحلول العام 2018.
انتصر الأتراك لرفاههم واقتصادهم وحريتهم ولم ينتفضوا فقط لأردوغان  ولحزب العدالة والتنمية, انتفضوا للحفاظ على مكتسباتهم التي حولتهم لأحد أقوى سبعة عشر اقتصاداً بالعالم, ولجواز سفرهم الذي مكنهم من دخول ثمانين دولةً دون سمة دخول, ولنظافة مدنهم وسياحتهم وصناعتهم وإعلامهم, لحريتهم التي ذاقوا نعيمها ولن يستبدلوها بعد اليوم أبداً بالذل والهوان الذي ينتج عن اعتلاء عسكري لرئاسة الدولة ووزاراتها ومحافظاتها, ويلبس عباءة قضاتها ليكون الخصم والقاضي والجلاد في دولة القمع والبطش الوحشي حيث لا عدالة وإنما فساد وخيانة!
متابعتي للإعلام الغربي أثناء الانقلاب وعقب محاولات إفشاله وفشله بعد ذلك, وتصريحات وزارة الخارجية الأمريكية وبعض الدول الأوروبية وحلف الناتو والمفوضية الأوروبية, أكدت لي أن الانقلاب الفاشل لم يكن كما اُريد له أن يُصور بالانتفاضة وإنما كان مؤامرة كبيرة مكتملة الأركان كان منفذوها فقط من بعض القيادات الخائنة في الجيش, أي أركان الدولة العميقة التي تمتد جذورها إلى جميع المؤسسات والهيئات المدنية والسياسية والعسكرية والقضائية والعدلية, تجاوز ما تم اعتقالهم لحد اللحظة السبعة الاف, فيما القادم من الأيام ينذر بازدياد العدد, في لعبة على المكشوف باتت الآن وكما يراها سياسيو تركيا ضرورة للقضاء على الدولة الموازية وتطهير جميع مؤسساتها من اتباع فتح الله غولن, الذي نسب له المسؤولين الأتراك التخطيط للانقلاب والتآمر مع قوى غربية وعالمية واقليمية لتبديل نظام الحكم الذي لا يتوافق مع أجندتها ويرى في تركيا رغم علمانيتها الصارمة; القوة الإسلامية التي تهدد وجوده ونفوذه وتفرض طرفها في المعادلة كند لا تابع وعميل كما تريد وتشاء.
في التاريخ لنا عبره, من ماضيه البعيد لقريبه, ومنه نعلم أن العسكر لم يحكموا بلداً إلا وأفسدوه وقتلوا الشعب واستعبدوه وقمعوه, فيما دمروا الاقتصاد وأشاعوا الفساد المالي وتسببوا في مديونيةٍ عاليةٍ, واستجابوا صاغرين لمطالب المؤسسات المالية الدولية التي تفرض شروطاً ظالمة لمنح قروضٍ ضئيلة مقارنةً بما تسترجعه, لتغرق البلاد في نسب تضخم عالية جداً وازدياد للفقر وتقليص للدعم الحكومي وخصخصة للشركات الوطنية بأبخس ثمن لصالح الشركات متعددة الجنسيات الدولية, التي تتواجد عقب كل انقلاب لحصد الأرباح, كما جرى القرن الماضي في تشيلي والبرازيل والسلفادور والأرجنتين والعديد من دول القارة السمراء والآسيوية بما فيها العربية منها.
إصلاح الجيش وتطهير مؤسساته من التبعية للغرب ومن عقيدة المصلحة والسطوة مطلب لقيام دولة مدنية حديثة ديموقراطية, تلعب قوى الأمن فيها دور الراعي للديموقراطية وللحريات الفردية, وهذا من حق الحكومة التركية المصدومة من ضخامة ما تسميه بالخيانة المتمثلة بتمدد الدولة العميقة في البلاد لكنه يجب أن يكون ووفق نظام عدلي غير مسيس ونزيه ولا يتبع للحكومة التركية وغير انتقامي ومتسرع, وإنما يجري وفق الدليل وبدون التعذيب وانتهاك الحريات ومع الشفافية واطلاع الصحافة ومؤسسات المجتمع المدني على مجريات التحقيق, مع الحفاظ على مفهوم دولة القانون وحقوق المعتقلين وتمثيلهم.
لا بد أن تدرك الحكومة التركية أيضاً أن جيشها ورغم تورط عناصر منه في العملية الانقلابية هو جيشها الوطني ولا بد من الحفاظ على كرامته دون امتهان حتى مع المخطئين منه مع عقابهم بمحاكمات حره ونزيه; حتى لا يحدث جرح يصعب التئامه وحاله من الحقد العسكري الفردي على القيادة السياسية والشعب ككل, مما قد يتسبب في حراك انتقامي يدعو للانقلاب مستقبلاً, إن نجح سيرتكب مجازر بحق شعبه ويعود ببلاده لعصور الظلمة والديكتاتورية.
لعب جهاز الشرطة التركي وقوات مكافحة الشغب وعناصر المخابرات حصان طروادة في التصدي للجيش إلى جانب الشعب, وقام باعتقال عناصر الجيش المتمردة وقياداتها في حادثة ربما هي الأغرب في تاريخ الصراعات, حيث شكلت قوات الأمن كياناً موازياً للجيش الوطني المعروف بكونه الأقوى والأكثر عتاداً وتسليحاً, لكن حكومة العدالة والتنمية قد نجحت وطوال عقد من حكمها في توزيع مراكز القوى مما أفقد تفرد الجيش في الساحة الداخلية وجعل من سيطرته المطلقة عليها في أي محاولة انقلابية محفوفة بمقاومة من قوى أمنية أخرى ولاؤها المطلق للحكومة وليس للقيادات العسكرية, هذا رغم ايقاف المئات من قوات الأمن لمشاركتها او لتغاضيها عن الانقلاب ورفضها لأوامر وزارة الداخلية بالتصدي له; إلا أن العدد لا يُقارن بحجم المعتقلين من السلك العسكري والقضائي, الذي تغلغلت فيه جماعة فتح الله غولن مشكلة حكومة الظل الطامحة للإطاحة بحزب العدالة والتنمية والتي كانت تنوي حسب التصريحات الرسمية في تركيا اعتقال وتصفية عشرات الالاف من منسوبي الحزب في خطوة منها لاجتثاثه بالكامل من المشهد السياسي التركي حال تمكنها من الحكم.
يبقى أن نشير إلى أن الشعب التركي بمختلف أطيافه هومن أفشل الانقلاب ومعهم الأحزاب السياسية المعارضة والمؤيدة التي اتخذت قرارها التاريخي بعدم التضحية بالديموقراطية في سبيل الانتقام من الحزب الحاكم, واستطاعوا جميعهم وبأساليب غير تقليدية القضاء على انقلاب محكم ومُعد له بتآمر ربما تكشف الأيام القادمة أن وراءه نفس قوى الظلام التي ترعى سفاراتها في الدول عادة الاضطرابات والانقلابات على الحكومات الشعبية المدنية المنتخبة ديموقراطياً.
نفس الشعب هو من سيُستفتى بشكل نظام الحكم في تركيا وهل يؤيد بقاءه برلمانياً أو رئاسياً, وهل سيتقبل شكلاً من الدولة الدينية أو يبقى علمانياً, وهو الشعب ذاته بكافة أطيافه من سيطيح بحكم رجب طيب أردوغان وحزبه إن وجد منه حياداً على المبادئ, ولن يغفر له سنوات إنجازه إن حاد عن إرادة الأمة التي باتت وعلى الأقل حتى الآن هي من تحدد مجرى الأحداث في تركيا.



صحيفة العرب اليوم الالكترونية - http://www.3orooba.com/?p=2520

الخميس، 14 يوليو 2016

فنّ الفتوى!

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 13-07-2016

 


بدايةً، أؤكد احترامي للعلماء ورجال الدين الذين أجلهم، فهم قدوتنا ومرشدونا في أمور ديننا الإسلامي الحنيف وتعاليم شريعته، وما أذكره هنا ليس من باب الانتقاص منهم ولا من علمهم وبعض فتاواهم وتحجيمهم؛ وإنما محاولة لوضع الأمور بنصابها الصحيح، ونصيحة لابد من مناصحتها لبعضهم ممن يُستفتى من العامة في أمورٍ علميةٍ بحتة، ويصر أن يُجيب عليها مع جهله بها، ولكن وفق تصوره الديني الشخصي البحت، الذي يكون في الغالب غير موفق، ويُحدث ضجة تتعدانا ليتطرق لها العالم، ليس على سبيل ما تطرحه من أفكار جديدة؛ وإنما على سبيل السخرية والتندر!

لقد بات من الضرورة أن نعمل بمبدأ التخصص ونطبقه ونجعله ركيزة من ركائز الفتوى، حيث لا تتم إلا بعد استشارة المتخصصين، كل حسب مجاله، بحيث نصل إلى النتيجة التي بمقتضاها يتجنب غير المطلع من العلماء الشرعيين والدعاة على العلوم الدنيوية؛ أن يفتي فيها ويتركها لأهل الاختصاص، أو على الأقل تتم استشارتهم والتباحث معهم قبل الإجابة.
 
يجب أن نصل لمرحلة يكون فيها التخصص هو الأساس، فالعلم الشرعي ليس كالعلم الدنيوي، ولا علاقة له ببعض التخصصات العلمية كالفيزياء والفلك والرياضيات والصحة العامة، فيما الجهل به من رجال الدين لا يُلغي كونهم في المقام الأول من يؤخذ رأيهم من منظورٍ شرعي بجميع نواحي الحياة، وإنما يُحدث تكاملاً ويؤسس لهيئةٍ شرعيةٍ ومجمعٍ فقهي يطلع فقط بالفتوى، ويضُم في جنباته مختصين في جميع العلوم وعلى رأسها الدينية، ويستقطب وباستمرار الباحثين، ويبتعث المناسب منهم لأهم الجامعات ليواكبوا التطورات ويكونوا مطلعين على كل جديد.
 
لو أخذنا مثلاً ‏المقطع الذي يتم تداوله لأحد العلماء وهو ينفي فيه كروية الأرض، ويستدل على ذلك بآية أخطأ في الاستدلال بها لتأييد قوله؛ لأدركنا خطورة هذا الوضع وتبعاته السلبية علينا كمسلمين وليس فقط كيف ينظر الآخرون لنا، وهو الذي سينتج عنه تبني دُعاة لما سمعوه عن شيخهم وترويجهم لنفس فتواه، ما سيسهم في نشر قوله، ليحدث التصادم البشري بينهم وبين من يُفترض أن نكون جميعا منهم "العقلانيون"، الذين سيرفضون بالطبع ذاك المنطق الذي يُخالف العقل بحجة أن من أفتى به هو شيخ ليس له من العلوم الحديثة أيُ إدراك!
 
أحاديث ودردشات وأقوال وردت في عديد من البرامج الحوارية من دون اكتراثٍ لخطورتها وأثرها السيئ، حاول قائلوها عبرها إثبات وجهة نظرهم في أمرٍ ما، أذكر منها على سبيل المثال استشهاد أحدهم بدراسة من اختلاقه تقول إن قيادة المرأة للسيارة تؤثر على المبايض، لتتلقف قوله إحدى مقدمات برامج "التوك شو" الأميركية وتترجمها للإنجليزية وسط ضحكات الجمهور واستهزائها، يعني وببساطة تنطع البعض وتشددهم فيما اختُلف فيه جعلنا "مضحكة" للآخرين، وثبّت ما لديهم في نفوسهم من فكرة أننا إما بدو نعيش في الخيم ونركب الجمال أو دواعش مهتمون بالسبي وبالجواري!


المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=371775

الثلاثاء، 12 يوليو 2016

ترجمة تقرير النيويورك تايمز بعنوان: داعية أخلاقي سعودي........

ترجمة تقرير النيويورك تايمز بعنوان: داعية أخلاقي سعودي يدعو لإسلامٍ أكثر وسطية, فيتعرض لتهديداتٍ بالقتل.

ترجمة: عماد أحمد العالم 

12-07-2016

 


قضى أحمد الغامدي أغلب سنوات شبابه في العمل وسط الدعاة الملتحين في السعودية, حيث كان عضواً دائماً يعمل مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (والتي تُسمى في الغرب بالشرطة الدينية), حيث كانت مهام عمله وفي الأساس تتمثل في حماية المملكة المسلمة من التغريب والعلمانية والحرص على التأكد من ممارسة التعاليم الإسلامية.
تلك المهام التي يُعدُ بعضها من صميم عمل الشرطة, كملاحقة مهربي ومروجي المخدرات والمشروبات الكحولية, في دولةٍ تمنع وتحرم تعاطي الكحول. لكن رجال الهيئة "كما يسميهم السعوديون" يقضوا معظم وقتهم في الحفاظ على المعايير العامة المتزمتة التي عزلت المملكة العربية السعودية ليس فقط عن الغرب وإنما معظم دول العالم الإسلامي.
أحد الجرائم الرئيسية وتُسمى الاختلاط, وتعني التجمع والالتقاء غير المسموح به بين الرجال والنساء, والذي حذر منه رجال الدين, ونبهوا إلى تبعاته التي تؤدي للزنا وخراب البيوت وولادة أطفال غير شرعيين, لتكون المحصلة انهياراً مجتمعياً.
كان السيد الغامدي ولسنواتٍ طويلة مُلتزماً ومُطبقاً لتلك المعايير التي يُدعى اليها, حتى أنه تولى رئاسة فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة, المكان الأكثر قدسية إسلامياً. حتى بدأت صحوته التي تسببت في طرحه لتساؤلاتٍ بشأن الأنظمة الدارجة, فعاد مُجدداً لدراسة القرآن الكريم وأحاديث النبي محمد وصحابته, الذين يُعدوا الحذوة لممارسي الدين الإسلامي وتعاليمه.
ما اكتشفه كان بالنسبة اليه صادماً ومُحذراً, حيث وجد خلطاً كبيراً بين الجيل الأول للمسلمين, الذي وعلى ما يبدو لم يلتفت اليه أحد, لذا بدأ بإثارتها والتحدث عنها عبر المشاركة في مقابلاتٍ تلفزيونية ومقالاتٍ, أشار فيها إلى أن العديد مما كان يُعدُ في السعودية كممارساتٍ مستنبطةٍ من الدين; ما هي إلا موروثاتٍ ثقافية وعادات تم خلطها ولصقها بالإيمان والعقيدة. مما تطرق اليه أن لا حاجة لإغلاق المحلات وقت الصلاة, وأن لا مانع شرعي يمنع المرأة من قيادة السيارة في المملكة, كما أشار إلى أن عهد النبي محمد شهد ركوب النساء للجمال وتجولهم بها, وهو ما رأى أنه أكثر استفزازيةً من مشهد نساءٍ منقبات يقُدن مركبات ذات دفعٍ رباعي. حتى أنه أكد على حق المرأة في تغطيتها لوجهها إن أرادت ذلك كما هو الحال مع تغطيتها لجسدها, وليؤكد على وجهة نظره وقناعته; ظهر إلى جوار زوجته جواهر في مقابلةٍ تلفزيونية مُبتسماً فيما هي كاشفة لوجهها ومستخدمة للمكياج.
هذا الظهور كان بمثابة القنبلة للوسط المحافظ في المملكة, حيث رأوا فيه تهديداً للانضباط المجتمعي, الذي جعل من المشايخ فقط القيمين على الصواب والمعرفين بالخطأ في جميع مناحي الحياة; ليهدد كمحصلة صلاحياتهم التي تمتعوا بها.
رفض زملاء السيد الغامدي في العمل التحدث اليه, كما غمرته الاتصالات الهاتفية ومنها ما توعده بالقتل عبر مجهولين غردوا بها في برنامج تويتر. حتى أن شيوخ بارزين ظهروا إعلامياً منددين به وداعينه بالجاهل المبتدئ الذي يجب محاكمته ومعاقبته وحتى تعذيبه.
المُجدد غير المتوقع:
كان أول لقاءٍ لي بالسيد الغامدي البالغ من العمر 51 عاماً, والذي عمل سابقاً كفردٍ في الشرطة الدينية; هذه السنة في شقته بمدينة جدة, المدينة الساحلية المُطلة على البحر الأحمر, وجلسنا في غرفة صُممت لتكون شبيهةُ بخيمة بدو, مُزينةً جدرانها بنسيجٍ (أو طلاء) بورجوندي وثريات ذهبيةٍ معلقةٍ في السقف, وسجادةٍ مفروشةٍ على الأرض كان السيد الغامدي يسجد عليها أثناء أدائه للصلوات أثناء حديثي معه.
تحدث الغامدي معي, كيف أثر الشيوخ والفتاوي والتطبيق الدقيق للدين على كل شيء وكيف حددت حياته. لكن ذلك العالم (عالمه) قد جمد حياته.
قليلٌ من الرجوع إلى ماضيه وخلفيته كان يُمكن أن يتنبأ له بأن يكون مصلحاً ومجدداً دينياً. حين كان طالباً في الجامعة وموظفاً لدى مصلحة الجمارك بميناء جدة, استفتى شيخاً في عمله فأفتى له بحرمة تحصيل الرسوم الجمركية فاستقال من عمله.
بعد تخرجه من الجامعة, درس الدين في وقت فراغه وعمل في وظيفة حكومية تتطلب منه التعامل مع حساباتٍ دولية والسفر لدول غير إسلامية.
يقول السيد الغامدي " في تلك الأيام أصدر رجال دين فتاوى تُحرم السفر للبلاد غير الإسلامية إلا وفقط للضرورة القصوى", لذا استقال من وظيفته. بعد ذلك قام بتدريس الاقتصاد بمدرسة تقنية بالمملكة العربية السعودية, ولم يُعجب بالمادة كونها فقط تتحدث عن الرأسمالية والاشتراكية, لذا أضاف اليها دروساً في التمويل الإسلامي, مما أزعج طلبته بذريعة ضخامة المنهج, ليستقيل على إثر ذلك من هذه الوظيفة, ويلتحق بالوظيفة التي رأى فيها ووجد أنها تتماشى مع قناعته الدينية; كعضو في هيئة الأمر بالمعروف بمدينة جدة, والتي انتقل منها لتقلد عدة مناصب ومهام في الهيئة بفرع مكة, حيث تم الكشف عن حالات زناً والقبض على سحرة من المُحتمل أن يُعدموا إن تمت إدانتهم. برزت تحفظاته فيما بعد على طريقة عمل زملاء له في الهيئة وحماستهم الدينية ومبالغتهم في ردة الفعل التي كانت تؤدي لاقتحام المنازل وسوء معاملة المعتقلين. يقول الغامدي: " لنفترض أن أحداً ما احتسى الخمر, فهذا لا يعني أنه اعتدى على الدين, وهذا لا يُبرر ردة الفعل المبالغ بها تجاه الناس".
في حالاتٍ بعينها, أُنيط بالغامدي مراجعة بعض القضايا, حاول ومن خلال منصبه الإبلاغ عن الانتهاكات, وإجبار بعض الأعضاء على إعادة بعض ما صادروه بطريةٍ غير نظامية. ويتذكر إحدى القضايا التي ورد فيها بلاغ للهيئة من جيرانٍ يشتكون فيها جارهم العازب والكبير في السن والذي لا يصلي الجماعة في المسجد ويستقبل في منزله امرأتين في نهاية الأسبوع, تبين فيما بعد الإغارة على منزله أنهما ابنتاه.
يضيف الغامدي " المعاملة غير الإنسانية للناس تسببت في جفولهم من الدين"

تولى الغامدي رئاسة هيئة مكة المكرمة في العام 2005 عقب وفاة رئيسها, واضطلع حينها بإدارة الهيئة التي تتعدى فروعها التسعين في المنطقة ذات الأهمية الدينية, وبذل قصارى جهده مع عميق قلقه من أن تحود الهيئة عن أهدافها.
في خلواته, كان يطلع على أحاديث النبي محمد ليستشف ويعرف الحلال والحرام, وكان يدون مرئياته. يقول الغامدي " تعودنا على سماع كلمة حرام من العلماء ولكن دون سماع الدليل منهم". مع إدراكه لخطورة رأيه هذا, التزم الصمت وترك جانباً ملاحظاته وآرائه التي لم تلبث فيما بعد أن خرجت للعلن.
في الوقت الذي اعتكف فيه للتفكير والتقييم أعلن الملك عبد الله عن قرار إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا, التي صدم خبر إنشائها المؤسسة الدينية بالمملكة كونها مختلطة ولا تفرض زياً موحداً على الطالبات, وفي نموذج مشابه لنمط أرامكو السعودية.
- - السطور التالية لم يتم ترجمتها لعدم اقتناعي بصدق محتواها عن المملكة وقادتها ولذا من واجبي كمحب للسعودية أن لا أُسهم في ترجمتها وأرى أنها لا تخدم الغرض وهو الحديث عن قصة وتجربة الشيخ الغامدي– "المترجم"
تابع الغامدي ردود فعل الغاضبين من إنشاء الجامعة التي كان مؤيداً لها, فنشر رأيه بمقالتين طويلتين بجريدة عكاظ في سنة 2009, حيث كانت المواجهة الأولى بين الغامدي والمؤسسة الدينية, التي واجه أفراداً منها في لقاءاتٍ تلفزيونية, حيث تعرض للشتم والإهانة من قبل الطرف الآخر الذي استشهد بأحاديث وروايات لتأكيد أقواله, في نفس الوقت, تعرض للنبذ من زملائه في الهيئة, التي اضطر لاحقاً للتقاعد المبكر منها وسط قبول وترحيب من خصومه.
بعد تركه وظيفته الرسمية, عرض رأيه بالممارسات الأخرى الجدلية المتعلقة بغطاء المرأة لوجهها وصلاة الجماعة وإغلاق المحلات وقت الصلاة وقيادة المرأة للسيارة. لتخلف آراؤه بعد ذلك جدلاً واسعاً.
سألته امرأة عبر تويتر عن جواز كشف الوجه ووضع المكياج فأفادها بأن لا مانع في ذلك, ليتعرض بعد ذلك لهجوم.
شارك الغامدي في العام 2014 في برنامجٍ تلفزيوني عرض تقريراً عنه وظهرت فيه زوجته كاشفة الوجه ومؤكدةً على دعمها له, لينتج عن التقرير نقد لاذع من المؤسسة الدينية, وهاجم العديد مؤهلاته العلمية وشككوا في كونه شيخ ورجل دين (دون أن يكون هناك معيار لذلك) ولكونه لم يحصل على إجازةٍ شرعية, كما أشاروا إلى أن شهادة الدكتوراه التي حصل عليها هي من جامعة "امباسدور", التي تمنح الشهادات بناءً على الخبرة العملية السابقة.
- - لم تتم ترجمة السطور اللاحقة التي تطرق فيها الكاتب لوجهة نظر عالم الدين الشيخ اللحيدان - - "المترجم"
في حين كان هجوم رجال الدين على الغامدي مؤلماً, إلا أن الأشد وقعاً كان من قبل قبيلته التي أصدرت بياناً تبرأت فيه منه ووصفته بالمزعج المشوش. تعرض لسيل من الاتصالات الهاتفية ليل نهار مستنكرة له, ولُطخ جدار منزله برسمٍ, في حين تجمع أشخاص عند باب بيته وطالبوا بالاختلاط بعائلته المكونة من تسعة أبناء, ليتم استدعاء الشرطة إثر ذلك من أحد أبنائه.
كان الغامدي خطيباً تدفع له الدولة أجر ذلك, إلى أن تم الشكوى عليه من بعض المصلين وفقد وظيفته.
لم يخرق الغامدي أي قانون, ولم يُحاكم قط, لكنه وبسب تكوينة المجتمع السعودي المغلقة, توالت عليه الضغوطات العائلية, وطالب أقارب خطيبة ابنه الأكبر بإلغاء الزواج وعدم رغبتهم بتزاوج عائلتهم بعائلته, حتى أن اخته تطلقت من زوجها بعد أن خيرها بينه وبين أخيها "السيد الغامدي", فاختارت أخاها فطلقها زوجها. سخر طالب زميلٌ لابنه عمار البالغ خمسة عشر عاماً واستنكر ظهور أمه في التلفزيون ووصفه بعديم الأخلاق, فرد عليه عمار بأن لكمه.


----------------------------------

تنويه من المترجم (رأيي الشخصي):
عناوين النص التي لم تتم ترجمتها:
صعوبة التقبل, ما هي الوهابية, موجه من الفتاوى, مكان لا تستطيع التحدث به, وصعوبة التغيير
لم يتم ترجمة النصوص الخاصة بهذه العناوين الذي يتحدث الكاتب فيها عن تجربته في السعودية ولقائه بشخصياتٍ دينية واعتبارية وصحفية ليس منها شخص الشيخ أحمد الغامدي (الذي يعنيني فقط ما ورد بشأنه في التقرير), مع اختلافي مع الكاتب في العديد مما أورده من فهم خاطئ لطبيعة العملية السياسية والاجتماعية في المملكة وقصور في فهمه للعلاقة الودية بين الشعب السعودي وحكامه, كما انحيازه لنظرية الشيطنة التي يتبناها الإعلام الغربي والتي لا تريد أن تتعمق في المجتمع السعودي لتدرك كينونته وخصوصيته, التي يرغب بها أفرادٌ من شعبها, كما أن بعض الآراء للكاتب مستقاة من عدم إدراكه بأن المملكة تعمل بالشريعة الإسلامية وتستقي قوانينها منها, لذا لا اعتراض على ذلك من أغلب شعبها الذي ارتضى قادته وحكومته, التي تحظى بتأييده واحترامه وتقديره ومحبته, بمن فيهم شخصي.
الشيخ أحمد الغامدي باحث ديني ودارس ورجل علم له اجتهاداته التي أجد نفسي مؤيدا له في جزءٍ منها ومعارضاً في أُخرى, ولاهتمامي الشخصي بضرورة تجديد الخطاب الديني وتحديثه وإطلاق الحرية الفكرية بما لا يتعارض مع ديننا الإسلامي وشرعه الحنيف, وجدت أنه من المفيد ترجمة المناسب "حسب رأيي" من هذا التقرير الصحفي الذي ورد بتاريخ 11-07-2016 لأحد أهم الصحف العالمية بالإنجليزية (النيويورك تايمز) وأكثرها انتشاراً وتأثيرا على صناع القرار والعامة على حدٍ سواء, مع حذف ما وجدته تحيزا من الكاتب أو سوء فهم للمجتمع السعودي الحبيب والقريب لقلبي قيادة وشعباً, فلم أخض فيه ولم أترجمه من هذا المنطلق, مع التأكيد على احترامي وإجلالي لرجال الدين والمؤسسة الدينية بالمملكة والمشايخ, الذين وردت مصطلحاتهم بالترجمة من قبل كاتب المقال الأصلي, أياً كان قصده ورأيه من وراء ذكرها والحديث عنها والاستشهاد بها.
كما التمس عذر السادة القراء عن أي خطأٍ محتمل في الترجمة, فجلَ من لا يسهو وأتمنى إفادتي به إن أمكن لتعديله, أما من أراد الرجوع لنص التقرير الأصلي بالإنجليزية فعليه الرجوع إلى الرابط التالي والاطلاع عليه مباشرةً:



http://www.nytimes.com/2016/07/11/world/middleeast/saudi-arabia-islam-wahhabism-religious-police.html?hp&action=click&pgtype=Homepage&clickSource=story-heading&module=photo-spot-region&region=top-news&WT.nav=top-news&_r=0

 

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...