الثلاثاء، 12 يوليو 2016

ترجمة تقرير النيويورك تايمز بعنوان: داعية أخلاقي سعودي........

ترجمة تقرير النيويورك تايمز بعنوان: داعية أخلاقي سعودي يدعو لإسلامٍ أكثر وسطية, فيتعرض لتهديداتٍ بالقتل.

ترجمة: عماد أحمد العالم 

12-07-2016

 


قضى أحمد الغامدي أغلب سنوات شبابه في العمل وسط الدعاة الملتحين في السعودية, حيث كان عضواً دائماً يعمل مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (والتي تُسمى في الغرب بالشرطة الدينية), حيث كانت مهام عمله وفي الأساس تتمثل في حماية المملكة المسلمة من التغريب والعلمانية والحرص على التأكد من ممارسة التعاليم الإسلامية.
تلك المهام التي يُعدُ بعضها من صميم عمل الشرطة, كملاحقة مهربي ومروجي المخدرات والمشروبات الكحولية, في دولةٍ تمنع وتحرم تعاطي الكحول. لكن رجال الهيئة "كما يسميهم السعوديون" يقضوا معظم وقتهم في الحفاظ على المعايير العامة المتزمتة التي عزلت المملكة العربية السعودية ليس فقط عن الغرب وإنما معظم دول العالم الإسلامي.
أحد الجرائم الرئيسية وتُسمى الاختلاط, وتعني التجمع والالتقاء غير المسموح به بين الرجال والنساء, والذي حذر منه رجال الدين, ونبهوا إلى تبعاته التي تؤدي للزنا وخراب البيوت وولادة أطفال غير شرعيين, لتكون المحصلة انهياراً مجتمعياً.
كان السيد الغامدي ولسنواتٍ طويلة مُلتزماً ومُطبقاً لتلك المعايير التي يُدعى اليها, حتى أنه تولى رئاسة فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة, المكان الأكثر قدسية إسلامياً. حتى بدأت صحوته التي تسببت في طرحه لتساؤلاتٍ بشأن الأنظمة الدارجة, فعاد مُجدداً لدراسة القرآن الكريم وأحاديث النبي محمد وصحابته, الذين يُعدوا الحذوة لممارسي الدين الإسلامي وتعاليمه.
ما اكتشفه كان بالنسبة اليه صادماً ومُحذراً, حيث وجد خلطاً كبيراً بين الجيل الأول للمسلمين, الذي وعلى ما يبدو لم يلتفت اليه أحد, لذا بدأ بإثارتها والتحدث عنها عبر المشاركة في مقابلاتٍ تلفزيونية ومقالاتٍ, أشار فيها إلى أن العديد مما كان يُعدُ في السعودية كممارساتٍ مستنبطةٍ من الدين; ما هي إلا موروثاتٍ ثقافية وعادات تم خلطها ولصقها بالإيمان والعقيدة. مما تطرق اليه أن لا حاجة لإغلاق المحلات وقت الصلاة, وأن لا مانع شرعي يمنع المرأة من قيادة السيارة في المملكة, كما أشار إلى أن عهد النبي محمد شهد ركوب النساء للجمال وتجولهم بها, وهو ما رأى أنه أكثر استفزازيةً من مشهد نساءٍ منقبات يقُدن مركبات ذات دفعٍ رباعي. حتى أنه أكد على حق المرأة في تغطيتها لوجهها إن أرادت ذلك كما هو الحال مع تغطيتها لجسدها, وليؤكد على وجهة نظره وقناعته; ظهر إلى جوار زوجته جواهر في مقابلةٍ تلفزيونية مُبتسماً فيما هي كاشفة لوجهها ومستخدمة للمكياج.
هذا الظهور كان بمثابة القنبلة للوسط المحافظ في المملكة, حيث رأوا فيه تهديداً للانضباط المجتمعي, الذي جعل من المشايخ فقط القيمين على الصواب والمعرفين بالخطأ في جميع مناحي الحياة; ليهدد كمحصلة صلاحياتهم التي تمتعوا بها.
رفض زملاء السيد الغامدي في العمل التحدث اليه, كما غمرته الاتصالات الهاتفية ومنها ما توعده بالقتل عبر مجهولين غردوا بها في برنامج تويتر. حتى أن شيوخ بارزين ظهروا إعلامياً منددين به وداعينه بالجاهل المبتدئ الذي يجب محاكمته ومعاقبته وحتى تعذيبه.
المُجدد غير المتوقع:
كان أول لقاءٍ لي بالسيد الغامدي البالغ من العمر 51 عاماً, والذي عمل سابقاً كفردٍ في الشرطة الدينية; هذه السنة في شقته بمدينة جدة, المدينة الساحلية المُطلة على البحر الأحمر, وجلسنا في غرفة صُممت لتكون شبيهةُ بخيمة بدو, مُزينةً جدرانها بنسيجٍ (أو طلاء) بورجوندي وثريات ذهبيةٍ معلقةٍ في السقف, وسجادةٍ مفروشةٍ على الأرض كان السيد الغامدي يسجد عليها أثناء أدائه للصلوات أثناء حديثي معه.
تحدث الغامدي معي, كيف أثر الشيوخ والفتاوي والتطبيق الدقيق للدين على كل شيء وكيف حددت حياته. لكن ذلك العالم (عالمه) قد جمد حياته.
قليلٌ من الرجوع إلى ماضيه وخلفيته كان يُمكن أن يتنبأ له بأن يكون مصلحاً ومجدداً دينياً. حين كان طالباً في الجامعة وموظفاً لدى مصلحة الجمارك بميناء جدة, استفتى شيخاً في عمله فأفتى له بحرمة تحصيل الرسوم الجمركية فاستقال من عمله.
بعد تخرجه من الجامعة, درس الدين في وقت فراغه وعمل في وظيفة حكومية تتطلب منه التعامل مع حساباتٍ دولية والسفر لدول غير إسلامية.
يقول السيد الغامدي " في تلك الأيام أصدر رجال دين فتاوى تُحرم السفر للبلاد غير الإسلامية إلا وفقط للضرورة القصوى", لذا استقال من وظيفته. بعد ذلك قام بتدريس الاقتصاد بمدرسة تقنية بالمملكة العربية السعودية, ولم يُعجب بالمادة كونها فقط تتحدث عن الرأسمالية والاشتراكية, لذا أضاف اليها دروساً في التمويل الإسلامي, مما أزعج طلبته بذريعة ضخامة المنهج, ليستقيل على إثر ذلك من هذه الوظيفة, ويلتحق بالوظيفة التي رأى فيها ووجد أنها تتماشى مع قناعته الدينية; كعضو في هيئة الأمر بالمعروف بمدينة جدة, والتي انتقل منها لتقلد عدة مناصب ومهام في الهيئة بفرع مكة, حيث تم الكشف عن حالات زناً والقبض على سحرة من المُحتمل أن يُعدموا إن تمت إدانتهم. برزت تحفظاته فيما بعد على طريقة عمل زملاء له في الهيئة وحماستهم الدينية ومبالغتهم في ردة الفعل التي كانت تؤدي لاقتحام المنازل وسوء معاملة المعتقلين. يقول الغامدي: " لنفترض أن أحداً ما احتسى الخمر, فهذا لا يعني أنه اعتدى على الدين, وهذا لا يُبرر ردة الفعل المبالغ بها تجاه الناس".
في حالاتٍ بعينها, أُنيط بالغامدي مراجعة بعض القضايا, حاول ومن خلال منصبه الإبلاغ عن الانتهاكات, وإجبار بعض الأعضاء على إعادة بعض ما صادروه بطريةٍ غير نظامية. ويتذكر إحدى القضايا التي ورد فيها بلاغ للهيئة من جيرانٍ يشتكون فيها جارهم العازب والكبير في السن والذي لا يصلي الجماعة في المسجد ويستقبل في منزله امرأتين في نهاية الأسبوع, تبين فيما بعد الإغارة على منزله أنهما ابنتاه.
يضيف الغامدي " المعاملة غير الإنسانية للناس تسببت في جفولهم من الدين"

تولى الغامدي رئاسة هيئة مكة المكرمة في العام 2005 عقب وفاة رئيسها, واضطلع حينها بإدارة الهيئة التي تتعدى فروعها التسعين في المنطقة ذات الأهمية الدينية, وبذل قصارى جهده مع عميق قلقه من أن تحود الهيئة عن أهدافها.
في خلواته, كان يطلع على أحاديث النبي محمد ليستشف ويعرف الحلال والحرام, وكان يدون مرئياته. يقول الغامدي " تعودنا على سماع كلمة حرام من العلماء ولكن دون سماع الدليل منهم". مع إدراكه لخطورة رأيه هذا, التزم الصمت وترك جانباً ملاحظاته وآرائه التي لم تلبث فيما بعد أن خرجت للعلن.
في الوقت الذي اعتكف فيه للتفكير والتقييم أعلن الملك عبد الله عن قرار إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا, التي صدم خبر إنشائها المؤسسة الدينية بالمملكة كونها مختلطة ولا تفرض زياً موحداً على الطالبات, وفي نموذج مشابه لنمط أرامكو السعودية.
- - السطور التالية لم يتم ترجمتها لعدم اقتناعي بصدق محتواها عن المملكة وقادتها ولذا من واجبي كمحب للسعودية أن لا أُسهم في ترجمتها وأرى أنها لا تخدم الغرض وهو الحديث عن قصة وتجربة الشيخ الغامدي– "المترجم"
تابع الغامدي ردود فعل الغاضبين من إنشاء الجامعة التي كان مؤيداً لها, فنشر رأيه بمقالتين طويلتين بجريدة عكاظ في سنة 2009, حيث كانت المواجهة الأولى بين الغامدي والمؤسسة الدينية, التي واجه أفراداً منها في لقاءاتٍ تلفزيونية, حيث تعرض للشتم والإهانة من قبل الطرف الآخر الذي استشهد بأحاديث وروايات لتأكيد أقواله, في نفس الوقت, تعرض للنبذ من زملائه في الهيئة, التي اضطر لاحقاً للتقاعد المبكر منها وسط قبول وترحيب من خصومه.
بعد تركه وظيفته الرسمية, عرض رأيه بالممارسات الأخرى الجدلية المتعلقة بغطاء المرأة لوجهها وصلاة الجماعة وإغلاق المحلات وقت الصلاة وقيادة المرأة للسيارة. لتخلف آراؤه بعد ذلك جدلاً واسعاً.
سألته امرأة عبر تويتر عن جواز كشف الوجه ووضع المكياج فأفادها بأن لا مانع في ذلك, ليتعرض بعد ذلك لهجوم.
شارك الغامدي في العام 2014 في برنامجٍ تلفزيوني عرض تقريراً عنه وظهرت فيه زوجته كاشفة الوجه ومؤكدةً على دعمها له, لينتج عن التقرير نقد لاذع من المؤسسة الدينية, وهاجم العديد مؤهلاته العلمية وشككوا في كونه شيخ ورجل دين (دون أن يكون هناك معيار لذلك) ولكونه لم يحصل على إجازةٍ شرعية, كما أشاروا إلى أن شهادة الدكتوراه التي حصل عليها هي من جامعة "امباسدور", التي تمنح الشهادات بناءً على الخبرة العملية السابقة.
- - لم تتم ترجمة السطور اللاحقة التي تطرق فيها الكاتب لوجهة نظر عالم الدين الشيخ اللحيدان - - "المترجم"
في حين كان هجوم رجال الدين على الغامدي مؤلماً, إلا أن الأشد وقعاً كان من قبل قبيلته التي أصدرت بياناً تبرأت فيه منه ووصفته بالمزعج المشوش. تعرض لسيل من الاتصالات الهاتفية ليل نهار مستنكرة له, ولُطخ جدار منزله برسمٍ, في حين تجمع أشخاص عند باب بيته وطالبوا بالاختلاط بعائلته المكونة من تسعة أبناء, ليتم استدعاء الشرطة إثر ذلك من أحد أبنائه.
كان الغامدي خطيباً تدفع له الدولة أجر ذلك, إلى أن تم الشكوى عليه من بعض المصلين وفقد وظيفته.
لم يخرق الغامدي أي قانون, ولم يُحاكم قط, لكنه وبسب تكوينة المجتمع السعودي المغلقة, توالت عليه الضغوطات العائلية, وطالب أقارب خطيبة ابنه الأكبر بإلغاء الزواج وعدم رغبتهم بتزاوج عائلتهم بعائلته, حتى أن اخته تطلقت من زوجها بعد أن خيرها بينه وبين أخيها "السيد الغامدي", فاختارت أخاها فطلقها زوجها. سخر طالب زميلٌ لابنه عمار البالغ خمسة عشر عاماً واستنكر ظهور أمه في التلفزيون ووصفه بعديم الأخلاق, فرد عليه عمار بأن لكمه.


----------------------------------

تنويه من المترجم (رأيي الشخصي):
عناوين النص التي لم تتم ترجمتها:
صعوبة التقبل, ما هي الوهابية, موجه من الفتاوى, مكان لا تستطيع التحدث به, وصعوبة التغيير
لم يتم ترجمة النصوص الخاصة بهذه العناوين الذي يتحدث الكاتب فيها عن تجربته في السعودية ولقائه بشخصياتٍ دينية واعتبارية وصحفية ليس منها شخص الشيخ أحمد الغامدي (الذي يعنيني فقط ما ورد بشأنه في التقرير), مع اختلافي مع الكاتب في العديد مما أورده من فهم خاطئ لطبيعة العملية السياسية والاجتماعية في المملكة وقصور في فهمه للعلاقة الودية بين الشعب السعودي وحكامه, كما انحيازه لنظرية الشيطنة التي يتبناها الإعلام الغربي والتي لا تريد أن تتعمق في المجتمع السعودي لتدرك كينونته وخصوصيته, التي يرغب بها أفرادٌ من شعبها, كما أن بعض الآراء للكاتب مستقاة من عدم إدراكه بأن المملكة تعمل بالشريعة الإسلامية وتستقي قوانينها منها, لذا لا اعتراض على ذلك من أغلب شعبها الذي ارتضى قادته وحكومته, التي تحظى بتأييده واحترامه وتقديره ومحبته, بمن فيهم شخصي.
الشيخ أحمد الغامدي باحث ديني ودارس ورجل علم له اجتهاداته التي أجد نفسي مؤيدا له في جزءٍ منها ومعارضاً في أُخرى, ولاهتمامي الشخصي بضرورة تجديد الخطاب الديني وتحديثه وإطلاق الحرية الفكرية بما لا يتعارض مع ديننا الإسلامي وشرعه الحنيف, وجدت أنه من المفيد ترجمة المناسب "حسب رأيي" من هذا التقرير الصحفي الذي ورد بتاريخ 11-07-2016 لأحد أهم الصحف العالمية بالإنجليزية (النيويورك تايمز) وأكثرها انتشاراً وتأثيرا على صناع القرار والعامة على حدٍ سواء, مع حذف ما وجدته تحيزا من الكاتب أو سوء فهم للمجتمع السعودي الحبيب والقريب لقلبي قيادة وشعباً, فلم أخض فيه ولم أترجمه من هذا المنطلق, مع التأكيد على احترامي وإجلالي لرجال الدين والمؤسسة الدينية بالمملكة والمشايخ, الذين وردت مصطلحاتهم بالترجمة من قبل كاتب المقال الأصلي, أياً كان قصده ورأيه من وراء ذكرها والحديث عنها والاستشهاد بها.
كما التمس عذر السادة القراء عن أي خطأٍ محتمل في الترجمة, فجلَ من لا يسهو وأتمنى إفادتي به إن أمكن لتعديله, أما من أراد الرجوع لنص التقرير الأصلي بالإنجليزية فعليه الرجوع إلى الرابط التالي والاطلاع عليه مباشرةً:



http://www.nytimes.com/2016/07/11/world/middleeast/saudi-arabia-islam-wahhabism-religious-police.html?hp&action=click&pgtype=Homepage&clickSource=story-heading&module=photo-spot-region&region=top-news&WT.nav=top-news&_r=0

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...