الأحد، 25 أغسطس 2013

شهوة الديموقراطية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 25-08-2013



هل يمثل الزخم السياسي المستجد والمتمثل في عديد من الأحزاب والقوى والتكتلات الناشئة وحديثة العهد بحرية الممارسة السياسية نعمة على الديموقراطية العربية الوليدة أم نقمة جلبتها ثورات الربيع العربي؟ وهل من الإنصاف ترك المجال لأيٍ كان من النشطاء لتشكيل حزبٍ سياسي بذريعة التعبير عن الرأي وتمثيل من يصفونهم بشريحة من المجتمع تشاطرهم الرؤى والمفاهيم، أما أن الأمر ليس أكثر من أحزاب فئوية وصولية تسعى لصنع مراكز قوى تضمن لها تنفيذ طموحاتها!
«الشهوة الديموقراطية» المستجدة، والسعي لقطف ثمار الثورة ساهما في تفريغ الفكر من العمل المدني والتطوعي، وحصره في الإطار السياسي فقط.
في اعتقادي، أحد أسوأ ما جلبه ربيع العرب هو حالة التهور المجتمعي والانكباب على السياسة، والعجلة للحاق بركب العدالة والتقدم، واستباق النتائج، ليتسبب في تخبط وفوضى، شلّت العمل العام وقذفته بما قد يصعب التعافي منه أو الاستفاقة دون دفع ثمنٍ باهظ!
الديموقراطية هي «حكم الشعب»، كما أنها تستوجب تأسيس الإطار العام الذي يجب أن يحكم الدولة المدنية الحديثة، التي لن تتطور عبر الفوضى السياسية، وإنما عبر تأسيس الهيئات المدنية غير الربحية، التي يجب أن تتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلالية والشفافية.
فرنسا مثلاً ذات الثورة الأكثر شهرة عانت من الثورات المضادة، وتحول الحكم بعد سنوات لعسكري ومن بعده عودة للملكية الإقطاعية، التي ما لبثت أن تغيرت لتكون مدنية من جديد، ولكن بأُطر أسست دعامات الجمهورية التي انبرى منها ما نعاصره اليوم من فرنسا الأكثر حرصاً على الحرية والعدالة والرفاهية.
شعوب الربيع العربي لم تلتفت لأهمية العمل التطوعي المدني وبناء الدولة الحديثة، فأشغلت نفسها بالسياسة، وشتت جهدها في تأسيس التكتلات السياسية التي زادت من ظاهرة المنظرين والخبراء؛ الذين أسهموا بدورهم في تعطيل حركة البناء والتنمية المجتمعية، عبر تركيزهم فقط على الشأن السياسي وزرع الفرقة، بدلاً من توجيه العامة صوب البناء والتنمية وتغذية روح المسؤولية والواجب!



المصدر: جريدة الشرق السعوديه: http://www.alsharq.net.sa/2013/08/25/925664

الاثنين، 19 أغسطس 2013

دُعاة لا غُلاة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 18-08-2013




احترنا كيف نصنف الإنكار والتحفيز أو الأمر بالمعروف ونبذ المنكر؛ هل يكون بالترغيب أو الترهيب؟
في القرآن الكريم آيات العذاب مساوية لمثيلتها المتعلقة بالرحمة، كما أن من أسماء الله الحسنى الغفور الرحمن والرحيم، لكنه سبحانه وتعالى أيضاً شديد العقاب.
الدعوة التوعوية الدينية يجب أن تكون في المنتصف، وما أقصده هنا ليس الوسطية بمفهومها الظاهر، الذي قد يفسره بعضهم بالنقيض للتشدد، وإنما أن تكون متوازنة في الطرح والتبليغ؛ حيث لا يغلب على خطابها الوعيد طوال الوقت، وإنما يكون ذكره مرادفاً أيضاً للترغيب. فما الفائدة إن زرعنا الخوف دون أن يكون بديله الأمل.. وبالطبع هو الطمع والرجاء في رحمة الله سبحانه وتعالى.
اللين في القول والفعل والخطاب لا يعني أبداً الإسفاف والاستخفاف والتفريط، كما أن الشدة غير المبررة فيها قد يكون أثرها سلبياً، فتنفر بدلاً من أن تستقطب. ما يميزنا كمسلمين وديننا عن بقية المذاهب والأديان الأخرى الوضعية هو وسطيتنا وشمولية الإسلام لجميع مناحي الحياة، دون الحاجة أن نقوله ما لا يقول أو نتخذه ذريعة لعرض رؤى شخصية بتعصب، فتكون منفرة يترتب عليها انسلاخ الفرد عن عقيدته وابتعاده عنها.
مخاطبة الجماهير لا يكفيها فقط العلم، وإنما من أساسياتها أن يمتلك الداعي مفاتيح التواصل والإقناع والحكمة والحلم والأسلوب المناسب، حتى يكون قادراً على استجلاب اهتمام محدثه والتأثير عليه. كما أن المظهر والشكل الخارجي مهم في عامل القبول النفسي لدى المتلقي، وهو ما يستدعي عدم التخصص بمظهر بعينه يخلق فجوة بين الداعي والمدعي، ويصنف المجتمع الواحد حسب طريقة لبسه وحديثه.
الكنيسة الغربية استحدثت الغناء والرقص في ترتيل الأغاني الدينية؛ علها تستطيع أن تستقطب جيل الشباب النائي بنفسه عنها، وقد نجحت لحدٍ ما في الحصول على تنوع في حضور قداس يوم الأحد؛ ليشمل مختلف طبقات المجتمع بدل الغالبية المعتادة من كبار السن، وذلك بعد أن جددت في أسلوب الدعوة لا التعاليم الدينية.
التمسك والتشدد بأسلوب وطريقة واحدة في الطرح الديني، وتوارثها عبر أجيال مختلفة من رجال الدين قد لا يتواءم مع حالة الأجيال المتعاقبة؛ مع التأكيد على أن يتم التطبيق دون إسراف أو تنازل عن المسلمات، ولكن بطريقة أكثر مواءمة وتتناسب مع جيل أصبحت الحاجة لإقناعه بالحجة والمنطق أمراً ضرورياً لاستقطابه، بدلاً من قمعه وتخويفه وفرض سلطة الأمر الواقع عليه، حينها ستكون ردة الفعل لدى بعضه معاكسة لما يُبتغى معه ومنه!



المصدر: جريدة الشرق السعوديه
https://www.alsharq.net.sa/2013/08/18/920341

الخميس، 15 أغسطس 2013

فقط عبر المصالحة الوطنية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 14-08-2013



بغض النظر عما ستؤول له الأحوال في مصر في الأيام والشهور المقبلة، إلا أن ما مرت به طوال السنتين والنصف المنصرمة، التي شهدت أنماطاً مختلفة من الحكم ابتداءً من آخر أيام الحزب الوطني، لتسلم المجلس العسكري الحكم، وصولاً لتقلد الإخوان المسلمين السلطة لأول مرة في تاريخهم، وبمشهدٍ مشابه لأول حكومة لحزب الوفد في عهد حكم الملك فاروق، وانتهاءً بعزل الدكتور مرسي عن الرئاسة في الثالث من يوليو المنصرم. جميعها يفرض واقعاً على المصريين يجب عليهم استيعابه وفهمه؛ بأن مصر ليست كبقية الدول العربية التي خاضت تجربة الربيع العربي، ولا التغيير فيها بسهولة وعشوائية عند نشوء أية ديموقراطية، فالشأن المصري لا يخصّهم فقط، ومخطئ من يظن ذلك، بل يتحتم عليه التزامات دولية ومصالح إقليمية، تسعى في ألا تتقاطع التجربة السياسية فيها مع مصالحها.
يجب أن يدرك سياسيو مصر أياً كانت انتماءاتهم أن علاقة الآخر معهم قائمة على المصالح لا المبادئ وسياستهم يجب أن تطبق وفق الواقع لا الأحلام، وأن الأيديولوجيات الفكرية التي تنادي بها الأحزاب في مصر، لا تصلح لأن تكون نواة أو لبنة لسياسة البلد.
مصر من الصعب أن يحكمها تيار فكري واحد، ومن شبه المستحيل أن يكون بها إجماع منقطع النظير لفصيل تجاه آخرين، لذا فالأنسب لها إن ارتضت الديموقراطية، أن تكون مدنية عبر مزيج من الحكم الرئاسي والبرلماني، بصلاحيات موزعة بين الاثنين، بحيث لا يكون أيٌ منهم صوريا وتحت رهن الآخر.
الأزمة السياسية التي أغرقت الاقتصاد المصري، الخاسر الوحيد فيها هو مواطنهم، الذي تمنى وما زال منذ استقلاله أن يعيش حياة هنية، أو مستورة تتوفر له فيها مقومات الكرامة الإنسانية من عيش وحرية وعدالة اجتماعية.
حان الوقت لأن تبدأ قوى المجتمع المدني في مصر -لا السياسيون فقط- في تفعيل المصالحة الوطنية، وتناسي الماضي المغبر المملوء بخطاب الاستقطاب والكراهية، وذلك إن شاءت أن تعبر بأرض الكنانة إلى الضفة الأخرى، حيث يتمنى المواطن المصري البسيط «وهو الأغلبية» أن يجد نفسه يحيا في ظلالها بكل هناء، ودون أن يتحول من أجل ذلك لشعب مسيس، تشغله السياسة عن المضي قدماً في استقراره ورفاهة مواطنيه.



المصدر: جريدة الشرق السعوديه
http://www.alsharq.net.sa/2013/08/14/917320

الأحد، 11 أغسطس 2013

ليبراليو ومحافظو تويتر

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 05-08-2013



الصراع على شبكات التواصل الاجتماعي بين التيار الليبرالي والمحافظ أصبح عقيما ومملا ومخزيا في ظل حالة الشتم والسب والعقم الأخلاقي الذي يعيشه الطرفان، ويفتقد بعضهم فيه إلى أساسيات الحوار وتبادل الرأي والاختلاف.
حواراتهم المتبادلة ليست إلا مزيجا من القول القبيح واللعن والقذف، في حين يدعي كل طرف أنه على صواب والآخر على خطأ. والمصيبة أن كلا الطرفين ينصب نفسه ولياً على عقول الآخرين.
بعض أتباع التيار الديني مع الأسف يعانون من عقدة السيطرة باسم الدين, وأسلوبهم هو إجبارك أن تكون تابعا وأن تحجر على عقلك، فيما التيار الليبرالي نصب نفسه مدافعاً بالأساس عن حقوق المرأة بأسلوب مبتذل بعيد عن المنطق وأشغل نفسه بالسفاسف بدلاً من أن يكون هدفه استرداد ما استحق لها وسلب منها.
مع الأسف معاداة الدين والانقلاب عليه بسبب كره التيار الديني أساء لليبراليين، كما أنه أفقدهم تعاطف العامة المتمسكة بالدين كمرجعية لحياتهم.
أن تكون صاحب قضية ومناضلا في سبيلها، فأنت رسول لمهمة سامية….، ولكن قبل أن تفعل عليك أن تملك الحجة والمنطق وأن تستخدم الحوار البناء لا الهدام.
حقيقةً أصبحت أكره أن أقرأ سجالات الهجوم والهجوم المقابل من كلا التيارين على بعضهم بعضا، فكلاهما يفقد التعاطف معه في كل قول مسيء يكتبه.
أن تكون ليبراليا ومتفتحاً لا يعني لي على الأقل أن تكون ضد الدين، بل على العكس، فالدين عقيدة وممارسة وروحانية تذكرنا أننا خلقنا لنعبد الله سبحانه وتعالى، والتفتح الذهني لا يمنع ذلك أبداً، فالمسلم مخير، وليس بمسير، والتفكير من حقه طالما أنه لا يتعارض مع دينه.
الحال نفسه على التدين، فالمسلم بطبعه قد هذبه إسلامه ليكون محافظاً، ولا يمنع المتدين أن يكون ليبرالي الممارسة، ومؤمنا بقول الله الكريم -عز وجل- «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن».
من هنا يتضح أن الدين الإسلامي العظيم قد وضع أسس سبل النقاش والدعوة، التي يفتقدها مع الأسف عديد من منظري التيارين في نقاشهم وحوارهم مع المناقض لهم، وبالتالي تكون المحصلة نفوراً منهم، وضياعاً لكل قضيةٍ يطالبون بها.



المصدر: جريدة الشرق السعوديه
http://www.alsharq.net.sa/2013/08/05/911740

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...