الاثنين، 19 أغسطس 2013

دُعاة لا غُلاة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 18-08-2013




احترنا كيف نصنف الإنكار والتحفيز أو الأمر بالمعروف ونبذ المنكر؛ هل يكون بالترغيب أو الترهيب؟
في القرآن الكريم آيات العذاب مساوية لمثيلتها المتعلقة بالرحمة، كما أن من أسماء الله الحسنى الغفور الرحمن والرحيم، لكنه سبحانه وتعالى أيضاً شديد العقاب.
الدعوة التوعوية الدينية يجب أن تكون في المنتصف، وما أقصده هنا ليس الوسطية بمفهومها الظاهر، الذي قد يفسره بعضهم بالنقيض للتشدد، وإنما أن تكون متوازنة في الطرح والتبليغ؛ حيث لا يغلب على خطابها الوعيد طوال الوقت، وإنما يكون ذكره مرادفاً أيضاً للترغيب. فما الفائدة إن زرعنا الخوف دون أن يكون بديله الأمل.. وبالطبع هو الطمع والرجاء في رحمة الله سبحانه وتعالى.
اللين في القول والفعل والخطاب لا يعني أبداً الإسفاف والاستخفاف والتفريط، كما أن الشدة غير المبررة فيها قد يكون أثرها سلبياً، فتنفر بدلاً من أن تستقطب. ما يميزنا كمسلمين وديننا عن بقية المذاهب والأديان الأخرى الوضعية هو وسطيتنا وشمولية الإسلام لجميع مناحي الحياة، دون الحاجة أن نقوله ما لا يقول أو نتخذه ذريعة لعرض رؤى شخصية بتعصب، فتكون منفرة يترتب عليها انسلاخ الفرد عن عقيدته وابتعاده عنها.
مخاطبة الجماهير لا يكفيها فقط العلم، وإنما من أساسياتها أن يمتلك الداعي مفاتيح التواصل والإقناع والحكمة والحلم والأسلوب المناسب، حتى يكون قادراً على استجلاب اهتمام محدثه والتأثير عليه. كما أن المظهر والشكل الخارجي مهم في عامل القبول النفسي لدى المتلقي، وهو ما يستدعي عدم التخصص بمظهر بعينه يخلق فجوة بين الداعي والمدعي، ويصنف المجتمع الواحد حسب طريقة لبسه وحديثه.
الكنيسة الغربية استحدثت الغناء والرقص في ترتيل الأغاني الدينية؛ علها تستطيع أن تستقطب جيل الشباب النائي بنفسه عنها، وقد نجحت لحدٍ ما في الحصول على تنوع في حضور قداس يوم الأحد؛ ليشمل مختلف طبقات المجتمع بدل الغالبية المعتادة من كبار السن، وذلك بعد أن جددت في أسلوب الدعوة لا التعاليم الدينية.
التمسك والتشدد بأسلوب وطريقة واحدة في الطرح الديني، وتوارثها عبر أجيال مختلفة من رجال الدين قد لا يتواءم مع حالة الأجيال المتعاقبة؛ مع التأكيد على أن يتم التطبيق دون إسراف أو تنازل عن المسلمات، ولكن بطريقة أكثر مواءمة وتتناسب مع جيل أصبحت الحاجة لإقناعه بالحجة والمنطق أمراً ضرورياً لاستقطابه، بدلاً من قمعه وتخويفه وفرض سلطة الأمر الواقع عليه، حينها ستكون ردة الفعل لدى بعضه معاكسة لما يُبتغى معه ومنه!



المصدر: جريدة الشرق السعوديه
https://www.alsharq.net.sa/2013/08/18/920341

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...