الخميس، 15 أغسطس 2013

فقط عبر المصالحة الوطنية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريد الشرق السعوديه 14-08-2013



بغض النظر عما ستؤول له الأحوال في مصر في الأيام والشهور المقبلة، إلا أن ما مرت به طوال السنتين والنصف المنصرمة، التي شهدت أنماطاً مختلفة من الحكم ابتداءً من آخر أيام الحزب الوطني، لتسلم المجلس العسكري الحكم، وصولاً لتقلد الإخوان المسلمين السلطة لأول مرة في تاريخهم، وبمشهدٍ مشابه لأول حكومة لحزب الوفد في عهد حكم الملك فاروق، وانتهاءً بعزل الدكتور مرسي عن الرئاسة في الثالث من يوليو المنصرم. جميعها يفرض واقعاً على المصريين يجب عليهم استيعابه وفهمه؛ بأن مصر ليست كبقية الدول العربية التي خاضت تجربة الربيع العربي، ولا التغيير فيها بسهولة وعشوائية عند نشوء أية ديموقراطية، فالشأن المصري لا يخصّهم فقط، ومخطئ من يظن ذلك، بل يتحتم عليه التزامات دولية ومصالح إقليمية، تسعى في ألا تتقاطع التجربة السياسية فيها مع مصالحها.
يجب أن يدرك سياسيو مصر أياً كانت انتماءاتهم أن علاقة الآخر معهم قائمة على المصالح لا المبادئ وسياستهم يجب أن تطبق وفق الواقع لا الأحلام، وأن الأيديولوجيات الفكرية التي تنادي بها الأحزاب في مصر، لا تصلح لأن تكون نواة أو لبنة لسياسة البلد.
مصر من الصعب أن يحكمها تيار فكري واحد، ومن شبه المستحيل أن يكون بها إجماع منقطع النظير لفصيل تجاه آخرين، لذا فالأنسب لها إن ارتضت الديموقراطية، أن تكون مدنية عبر مزيج من الحكم الرئاسي والبرلماني، بصلاحيات موزعة بين الاثنين، بحيث لا يكون أيٌ منهم صوريا وتحت رهن الآخر.
الأزمة السياسية التي أغرقت الاقتصاد المصري، الخاسر الوحيد فيها هو مواطنهم، الذي تمنى وما زال منذ استقلاله أن يعيش حياة هنية، أو مستورة تتوفر له فيها مقومات الكرامة الإنسانية من عيش وحرية وعدالة اجتماعية.
حان الوقت لأن تبدأ قوى المجتمع المدني في مصر -لا السياسيون فقط- في تفعيل المصالحة الوطنية، وتناسي الماضي المغبر المملوء بخطاب الاستقطاب والكراهية، وذلك إن شاءت أن تعبر بأرض الكنانة إلى الضفة الأخرى، حيث يتمنى المواطن المصري البسيط «وهو الأغلبية» أن يجد نفسه يحيا في ظلالها بكل هناء، ودون أن يتحول من أجل ذلك لشعب مسيس، تشغله السياسة عن المضي قدماً في استقراره ورفاهة مواطنيه.



المصدر: جريدة الشرق السعوديه
http://www.alsharq.net.sa/2013/08/14/917320

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...