الأربعاء، 30 مارس 2016

فتنة الفتوى ولوثة الاستفتاء

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 30-03-2016

 

 
 يقول أحدهم إن استخدام "الأيموجي" حرام، لأنها تدخل في جملة صور ذوات الأرواح، وهي لمن لا يعرفها -ولا أظن ذلك- تلك الصور التعبيرية المستخدمة في الدردشة والكتابة للتعبير عن حالة نصف بها ما نريد بدلاً من كتابتها، كوجه ضاحك وآخر حزين ومستغرب وغاضب.. إلى آخره. الفتوى سمعتها من أحد من يوصفون بالدعاة، ولست هنا بمكانٍ لأحاسبه أو أحاكمه أو حتى أناقشه، فحتى لو امتلكت الحجة والعلم الشرعي لذلك، فبعضهم لن يلتفت إلى من هم مثلي، وقد يصفني قبل أن يجادلني بالعلماني المعادي للدين والمؤيد للابتداع، وأنا -والله أعلم بالسرائر- لست كذلك.
 
ما قلته سابقاً بكل أمانة ليس من باب المبالغة ولا العداوة في الخلاف، ولكن هو واقع نعيشه وتعكسه المساجلات والكر والفر بين قطبي الاختلاف في عالمنا العربي "بالذات"، وهما المحافظون والليبراليون. ومع تحفظي على المسميات، فأنا أعد نفسي ليبرالياً ومحافظاً وسلفياً ووسطيا حتى؛ إلا أن ذكري لهما من باب استخدام ما هو معلوم للعامة ودارج بينهم في التداول.
 
المهم، تحولت "السوشيال ميديا"، أو وسائل التواصل الاجتماعي، إلى ساحة أظهرت أسوأ ما في الاثنين، ولم تساهم في نشر فكرهما، فالمسافة بينهما والأغلبية الصامتة من جماعة "حزب الكنبة" كل يوم في ازدياد، بعد أن اتضح لها مدى التطرف والتشدد الناتج عن تشدق كل منهما في رأيه، وابتعاده عن الأصل، وهو التوعية مقابل الخصام!
 
في فتوى أخرى قرأت لأحدهم تحريم "ههههههههه" إن كتبتها امرأة، والذريعة هي الفتنة وما قد تؤدي له من عواقب وخيمة، غالباً ما تنتهي جميعها إلى الحرام الذي قد ينتج عن اجتماع رجل بامرأة غريبة، لنقل أي "الزنا" في أشد الحالات، والاختلاط المحرم والمعاصي في أقل الأحوال. بأمانة، أثار هذا الأمر في نفسي تساؤلاً: لماذا القناعة المتأصلة لدى عقول البعض دائماً تربط أي موضوع قد يكون طرفاه رجل وامرأة بالحرام، حتى لو كان على العالم الافتراضي ومن دون تلامس وتلاقي ومشاهدة؟ وهل وصلنا فعلا كعرب إلى تلك الدرجة من السعار الجنسي الذي حوّلنا إلى مخلوقات غايتها في هذه الدنيا فقط هي الجنس ولا شيء غيره، إن كان طرفا الحديث ذكرا وأنثى؟ تساؤل قد لا يعجب البعض، وقد يسموني على إثره من دعاة السفور، وهي تهمة أشهد الله سبحانه وتعالى أني براءٌ منها ولم أروج لها يوما أو كنت أحد دعاتها، لكني ببساطة بت أكثر إقداما للتمرد على ما نحن فيه من تشدد وتطرُّف، وإساءة لاستخدام باب سد الذرائع، الذي بات سلاحاً للبعض للتحريم بحجة حتى لا ينتج عنه حرام "افتراضاً"، متجاهلين أن الأصل في الأشياء التحليل، وعدد ما حرمته الشريعة لو عددناه لوجدناه لا شيء يذكر مقارنةً بما أحله جلّ جلاله لنا.
 
بالأمس ومجدداً، انتشرت عديد من الصور على الإنترنت لتصرفات للبعض فَرِحَ بها المتنطعون وروّج لها أصحابها أنها بدافع الغيرة على المحارم، شاهدنا فيها من لو قدر وتمكن لأنشأ حصناً من الخرسانة المسلحة حول منزله (الذي هو بالطبع بلا نوافذ)، حتى لا تنكشف محارمه (كما يقول)، وآخر "الود وده" لو أحاط زوجته أو أخته بفقاعة تستطيع المرأة أن ترى من داخلها ولا يستطيع أحد أن يراها من الخارج!
 
لا أخفيكم القول إن أكثر ما أثار امتعاضي وألقى في نفسي حسرة، ما آل إليه البعض من تشدد في أدق التفاصيل، بسؤال أحدهم يطلب الفتوى: هل يجوز للرجل أن يجلس على مقعدٍ جلست امرأة عليه قبله؟
 
والإجابة كانت: "لم يرد عن رسول الله ما يفيد ذلك ولا تحريم فيه، إلا أنه استطرد في القول إن ابن عمر رضي الله عنه قد حرمه لما قد يثيره من فتنة في نفس الرجل".
 
مع حبي واحترامي وتقديري لابن عمر الجليل، ومع إقراري بأني كالقزم أمام علمه وتقواه، فإنني أرى أنه قد جانب الصواب في ما ارتأى، وإن كنت لن أحجر عليه ولا من اتبع قوله في مشيئتهم إن أرادوا العمل به، لكنني كمسلم، أرى أن من الواجب على علمائنا وفقهائنا المعاصرين ألا ينجرفوا وراء مثل هذه الآراء، وأن يبينوا أنها آراء شخصية وليست حكماً شرعياً يجب اتباعه والعمل به.
 
عودة إلى من سأل، فإني وللأمانة أرى فيه أنه قد أتي شيئاً من غلو اليهود، الذين كانوا يقصون الجزء في الثوب إن وقعت به نجاسة بدل غسله، وحرموا ما أحل الله لهم، وابتدعوا في اليهودية السماوية ما ليس فيها، حتى غدت المحرفة منها ملآى بالخرافات والتشدد الممقوت، الذي بحذو البعض حذوه في كل ما يتعلق بالمرأة قد غدا يعكس ببساطة ثقافة نظرتنا للمرأة كعرب وكمسلمين على أنها الجانب المكمل للرجل والمتعلق بسعاره الجنسي.
 
أفيقوا هدانا وهداكم المولى، واتركوا عنكم فتنة الفتوى ولوثة الاستفتاء في ما لا ينفع، وإن اشتبه عليكم أمرٌ ما في دينكم أو دنياكم، فاستفتوا به هيئة كبار العلماء أو من هم في مثل مرتبتهم.
 
 

المصدر: جريدة الكويتية -  http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=352120

الثلاثاء، 29 مارس 2016

الحياة: «السعودية» أعادت إحياء القوة العربية - الإسلامية

بقلم عماد أحمد العالم

مشاركة في تقرير صحفي مع جريدة الحياة 29-03-2016

 
 
أكد مختصان في الشأن السياسي أن السعودية أعادت من خلال قيادتها للتحالف العسكري الإسلامي إحياء القوة السياسية العربية - الإسلامية، وذلك عبر الهيبة العسكرية والحربية التي تمثلت في إطلاق مناورات «رعد الشمال»، لافتين إلى أهمية ذلك في الرد على كل من يتهم المملكة والدول الإسلامية باحتضان الإرهاب وأهله.
ونوه المختصان، إلى أن التكتل السياسي والعسكري لدول التحالف الإسلامي سيكون عليه واجب الدفاع عن أيٍّ من هذه الدول ضد آفة الإرهاب، ومطامع الجار الإيراني وأذرعته من «حزب الله» وعملائه من الميليشيات الشيعية الطائفية.
وأوضح المحلل السياسي عماد العالم لـ«الحياة» أن مناورات «رعد الشمال» الأخيرة التي جاءت كانطلاقة فعلية لنشاط التحالف العسكري الإسلامي لم تكن فقط مجرد استعراض عسكري للقوة، ولا رسالة لطهران و«حزب الله» وكل الحركات والتنظيمات والدول المعادية، وإنما كانت أنباءً بإعادة إحياء روح إسلامية عربية شكلتها رغبة المملكة بالاضطلاع بدورها المعهود والمأمول منها في القيام بالدور الريادي، والقيادة التي ينطوي تحتها ومعها كل الدول التي تثق بأنها قادرة على أن تكون حصناً منيعاً للعروبة والإسلام، وسداً أمام مطامع الدول التي تسعى لضعضعة الأمن والاستقرار في دول الآخرين بذرائع مذهبية وقومية وطائفية. وأضاف: «بدأت مناورات «رعد الشمال» وانتهت ولم تنته بانتهائها تلك الروح المتضامنة التي شكلتها، بل استمرت عبر الاجتماعات المتلاحقة التي أجراها القادة العسكريون للدول المشاركة في اجتماعات متتابعة مع قائدها الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي، الذي رعى أول من أمس لقاءً تشاورياً معهم لتقويم المناورات ورصد نتائجها على الصعيد العسكري ومتابعة سير وتقدم الأهداف التي قامت عليها ودرس مدى وصولها للغاية المرجوة، مع تقويم نقاط الضعف والخلل وإعادة إحيائها باستراتيجيات مدروسة يقوم عليها مختصون من المملكة والدول المشاركة».
لافتاً إلى أن جميع هذه التطورات المتلاحقة والاجتماعات التي أعقبت المناورات أكدت للعالم أجمع أن المملكة عازمة على إعادة إحياء القوة السياسية العربية - الإسلامية عبر الهيبة العسكرية والحربية التي تعد مطلباً مهما للشعوب والمجتمعات، بدساتيرها وأنظمتها وحدودها وأوطانها ودينها الإسلامي الذي جمعتهم السعودية تحت مظلته، في تكتل سياسي وعسكري سيكون عليه واجب الدفاع عن أيٍّ من هذه الدول ضد آفة الإرهاب، ومطامع الجار الإيراني وأذرعته من «حزب الله» وعملائه من الميليشيات الشيعية الطائفية».
 
 

المصدر: جريدة الحياة -  http://www.alhayat.com/Articles/14749234/-السعودية--أعادت-إحياء-القوة-العربية---الإسلامية

الخميس، 24 مارس 2016

ماجيك ووردس

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 23-03-2016

 

 
 What about the magic words
 
"ماذا عن الكلمات السحرية؟" أستبيحكم العذر، فللأسبوع الثاني على التوالي أبدأ مقالي باقتباسٍ من الإنجليزية، ليس الغرض منه الاستعراض ولا التغريب، فأنا وأعوذ بالله منها لست ممن ينظرون إلى أي أمةٍ من الدول المتقدمة كقاعدة للمقارنة بنا، لتصور مدى التخلف والتأخر الذي وصلنا له كعرب ومسلمين أثرياء كنا أو فقراء؛ وإنما لكون ما أقتبسه أعجبني في لحظتها، فبنيت عليه مقالتي، التي أثناء كتابتها غالباً ما أتذكر ما يُثبت أن لنا السبق. على سبيل المثال، فالمقولة السابقة أوصانا بها الرسول الكريم قبل أكثر من 1400 سنة، حين علمنا سيد الخلق أن الكلمة الطيبة صدقة، والابتسام في وجه المسلم صدقة، ومن لا يشكر العبد لا يشكر الله، وهو أمر واضح لنا لكي نبادل مَنْ يسدي لنا صنعا بشكره بكلمات طيبة ستشعره بالسعادة والرضا، وستشجعه على تكرار تصرفه. ببساطة، هذه هي المواصفات التي يجب أن يتحلى بها كل إنسان، أي الأخلاق التي تشكل أساسا للحكم على كل شعب ومدى تطوره، والتي إن غابت، فقد ذهبت معها الأمم، وتحولت بسببها المجتمعات إلى ثقافة الغاب!
 
في الولايات المتحدة مثلاً، روى أكثر من عربي استهجان من حوله له بسبب إهماله لشكر الآخرين وتقديرهم كلما فعلوا أو قدموا له أمراً أو خدموه، ووجدوا منه تجاهلاً لهم، ليبادروه لحظتها بالقول: ماذا عن الكلمات السحرية، أي مستغربين منه عدم تقديره لهم، وشكرهم على ما قدموه. الأمر ذاته ينطبق على تلاقي الأعين عند ذات الأمم الغربية، التي إن حدث وقد شهدتها بنفسي، سيبادرك الطرف الآخر بابتسامة أو إيماءة أو حتى عبارة تحية، بخلافنا نحن العرب الأشاوس، ذوو الدم الحار والخلاق الضيقة، فالأمر وإن حصل قد يتحول إلى بحلقة، ومن ثم إلى معركة بالكلمات قد تنتهي بعراك لا يحمد عقباه، سببه فقط أن أحدهم التفت فارتعى انتباهه من يعتقد أنه ينظر إليه، فأدار وجهه، لكن شيطانه وخزه ليرى مجددا إن كان ذاك الشخص مازال ينظر إليه، الذي لو كان، لغلت عروق "صاحبنا" من دون أن يضع في اعتباره أن ذاك الشخص ربما سرحان أو هيمان أو فضولي!
 
في القيادة، الأخلاق أصبحت شبه معدومة، فلو توقفت مثلا لأحدهم كي يدخل من شارع فرعي لرئيسي تقود فيه، ففي عالمنا العربي العريق، لا تتوقع أبدا أن يشكرك ذاك الشخص، بل لن يلتفت إليك، ولن يكلف حتى يده الكريمة لكي يرفعها لتحيتك، وسيمضي في طريقه، بينما من يقف بمركبته خلفك يستشيط غضبا منك لأنك توقفت وعطلته، وربما سيؤدي هذا التصرف منك لأن تشعل معركة معه!
 
المشاة في شوارعنا مساكين بنظرات استجدائهم لقائدي "الفورمولا" الذين غالبا ما يبادرون بزيادة سرعتهم إن استشعروا محاولة أحدهم عبور طرفٍ للشارع للآخر، وعلى محياهم تعتمر نظرات الغضب والتحدي التي تحذرك ألا تحاول أن تقطع طريقهم. النساء من هذه الفئة رغم القهر والإجحاف العربي بحقهم، إلا أنهن ومن شبه المستحيل أن تشكر أو تحيي إحداهن قائد مركبة أخذ زمام المبادرة وتوقف لعبورها، ستمشي الست من دون التفات أو بادرة تقدير. أحيانا ألتمس لهن العذر، فذكورنا نحن العرب عندهم مشكلة تتمثل أن لو امرأة ما نظرت تجاهه أو حيته أو شكرته لظن لحظتها مباشرةً من دون تفكير أن "الست" معجبة به أو تحبه، ولذلك، ربما تلجأ نساء العرب لمجاراة رجالهن في "التطنيش" وقلة الذوق، ونيسان خُلُق اسمه استخدام الكلمات السحرية بالقول أو الإيماء.
 
متى نتعلم أن للكلمة مفعول السحر، ومتى نتقن الود والروح الطيبة؟ ومتى لا يرى الغريب بيننا أنه الوحيد المبتسم في زحمة شوارعنا؟
 
 

المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=351015

الأحد، 20 مارس 2016

مشاهير لكن حمقى

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 15-03-2016

 
 
"Stop making stupid people famous"
أو بالعربي توقفوا عن جعل الحمقى مشاهير!
 
العبارة أعلاه لم أعرفها إلا بلغتها، ولذلك وضعت الاقتباس في البداية، ومن ثم ترجمته، حتى لا يظن القارئ أنني "أتفلسف عليه"، هذا أولاً، أما الأهم فهو رغبتي بأن تعرفوا أننا لسنا فقط المبتلين بداء خلفته وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المرئي، وإنما العالم أجمع، فتكنولوجيا التواصل التي كسرت الحدود على المعرفة والثقافة أي "المعلومة"، هي نفسها التي أظهرت ما في الشعوب من رغبات مكبوتة وغرائز غريبة، وخيارات شاذة وتصرفات مستهجنة، إلا أنها ومن الواضح تحظى بقبول العديد، فيا ترى ما السبب في ذلك، وما الحل؟
 
قد يقول قائل مجيباً هو الكبت، بينما يبرر آخر ذلك بانعدام التربية القويمة، وفقد الأسرة والمنزل والمدرسة لدورهم الجوهري في التربية السليمة والتنشئة، أما أحد أكثر الآراء تطرفاً بالطبع فسيلقي باللائمة على الحداثة والانفتاح، والفساد الناتج عنها وحمى التغريب الرائجة، التي خلعت شبابنا وبناتنا من مظلتهم العربية المسلمة للفكر الليبرالي المنحرف والمنحل!
 
ربما في جميع ما ذُكر سابقاً وجهٌ أو أكثر للصحة، ولكن هل تكفي هذه المبررات التي تشبه ما دأبنا على وصفه "بالأسطوانة العتيقة" للوصول لحل لهذه المعضلة، وإحداث التغيير المطلوب!
 
تختلف درجة الحُمق وعدد الحمقى من دولةٍ لأخرى، ولا يُعد التعداد السكاني عاملاً في ذلك أبداً، فمجتمعاتنا العربية مجتمعةً قد تماثل الولايات المتحدة من حيث عدد السكان، وتتشارك معها أيضاً نفس الهمّ المشترك في الانحراف الفكري الشعبي، وجريه وراء السفاسف والسفهاء، على خلاف مجتمعات أخرى أوروبية وحتى آسيوية نجدها أكثر سمواً في الفكر، وأقل انغماساً في الفضول والهبل، الذي يجعل من الأمور التافهة شأناً للعامة يقضون الساعات في الحديث عنه ومشاهدته.
 
كم مرة صادفت وأنا أشاهد أحد برامج "التوك الشو" أو الدردشة "وبالطبع الحوار منها براء"، ووجدت جمهور الحاضرين يصفق بحرارة لرد أقل ما يُقال عنه إنه ينم عن غباء "واعذروا استخدامي للفظ بداعي الضرورة"، صدر من الضيفة المشاركة في الحوار، التي استقبلت احتفاء الحاضرين بردها بنظرة رضىً عن عبقريتها وفلسفتها، التي وللأمانة لا تعدو أن تكون حماقة لا معنى لها، بل تدل على ضحالة فكرها وعشوائيته وسطحيته، في اليوم التالي، تصفح المواقع على الإنترنت وحتى بعض الصحف الصفراء لتجد حديث تلك المشهورة قد ورد كسبق صحافي!
 
برنامج "الكيك" مثلاً الذي شعرت أكثر من مرة أنه لعنة (أستبيحكم العذر للمرة الثانية)، وليس نعمة، أظهر وبكل صدق أسوأ ما فينا، بل لنقل فضحنا، بعد أن اشتهر بسببه بعض الحمقى الذين أصبح يُطلق عليهم نجوم، للأسف لهم عشرات بل مئات الآلاف من المتابعين الذين يتتبعون كل جديد يصدر عنهم، من مقاطع فيديو موغلة في الاستخفاف بالعقول والاستظراف المصطنع، الذي وعلى ما يبدو وفي تطورٍ خطير أصبح هو القادر على زرع الابتسامة على محيا العديد، وأصبحت القنوات الفضائية تستضيفهم، والمهرجانات الجماهيرية تخصص لهم كضيوف من الدرجة الأولى، فيما شركات الدعاية والإعلان تدفع مبالغ للاستفادة من شعبيتهم في الترويج لمنتجاتها.
 
مثال آخر، ويعدُ مصيبة أخرى ابتلينا فيها وهي برنامج السناب، الذي كسر القاعدة المقدسة القائلة بأن البيوت أسرار، فقد فضح ما فيها، وبتنا نعرف عنها مثل أصحابها، هذا من جهة، أما من الأخرى فقد أظهر حجم الخطر الناتج عن تفشي عقد نفسية بين مختلف الأعمار منا، وحب الذات والظهور و"الفشخرة" والمظاهر الكذابة والعنصرية والقبلية والمناطقية، والفساد الفكري والأخلاقي، والحرمان العاطفي الذي يعاني العديد منه، ويمكن استشفافه مباشرة من المقاطع التي يظهرون بها وينشرونها.
 
صحيح أننا لسنا ملائكة ولن نكون، ولكن لا داعي لأن نكون إخوان الشياطين، عبر جعل الحمقى مشاهير ينشرون الانحطاط الفكري والسلوكي، ويساهمون في تدمير الأخلاق وتكريس السطحية والعشوائية، ويعطون صوراً سلبية لأوطانهم وشعوبهم، وبدعمٍ كامل ممن جعلوا منهم مشاهير، فالأولى في التعامل مع هذه الفئات منا هو تجاهلها وإقصاؤها وعدم إعطائها الفرصة لكي تتمادى في غيها، ونحن بما نفعل لسنا والله أعداء النجاح والشهرة وحاقدين، وإنما راغبون بأن نسمو حتى يصلح الحال ويعم الوئام والسلام والنظام.
 
 

المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=349876

الثلاثاء، 15 مارس 2016

عنجهية «حزب الله» سبب تصنيفه «إرهابياً»

بقلم عماد أحمد العالم

مشاركة في تقرير صحفي مع جريدة الحياة 15-03-2016

 
 
أكد خبيران سياسيان أن عنجهية «حزب الله» وقياداته وأدواره الإرهابية أدّت إلى تصنيفه من دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية منظمةً إرهابية.
 
وأوضح المحلل السياسي عماد العالم لـ«الحياة» أن معظم الدول الغربية تعتبر الجناح العسكري لـ«حزب الله اللبناني» منظمة إرهابية منذ فترة، مع نجاة جناحه السياسي من القائمة التي طاولته على رغم اشتباه الولايات المتحدة الأميركية بضلوعه في استهداف السفارة الأميركية في بيروت عام ١٩٨٣.
 
وأبان العالم أن الدول العربية كانت أكثر حياءً في البدء تجاه الحزب، وأن منبع ذلك كان حال الحرب التي دمرت لبنان مدة 25 عاماً، وقسمته إلى فصائل وأحزاب وطوائف، مؤكداً أنه كان من الصعب جداً في ذلك الوقت تصنيف أي طرف وإقصاؤه، وذلك من باب الحرص على إنهاء الحرب وإقرار السلام الهشّ الذي توّجه اتفاق الطائف التاريخي.
 
وتابع العالم: في ما تلا ذلك من أعوام، تغاضت معظم الدول العربية عن النفوذ المتنامي للحزب في لبنان، أملاً منها في عدم تقويض السلام، على رغم إدراكها مبكراً للأجندة الإيرانية التي تبنته، بل وساعدته في انشقاقه عن حركة «أمل».
 
وأضاف أن احتلال إسرائيل للجنوب اللبناني ودعمها لجيش «لحد» العميل، أعطى بُعداً شعبياً وطنياً لـ«حزب الله»، الذي استغل الفرصة لتثبيت أقدامه سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، حتى تمكن من صنع «إمبراطوريته»، التي تمثلت في دولة داخل الدولة اللبنانية، ما سهل له فيما بعد، وبدعم سوري إيراني، السيطرة على القرار السياسي في البلد، الذي بات مرهوناً له فعلياً، بعد اشتباكات بيروت وبعض مناطق جبل لبنان بين المعارضة والموالاة في أيار (مايو) ٢٠٠٨، التي عُدت الأكثر خطورة وعنفاً منذ انتهاء الحرب الأهلية في لبنان.
 
واستطرد: بدأت حال الضيق العربية تجاه تصرفات «حزب الله» تتضح بعد حربه الأخيرة مع إسرائيل، التي عدتها المملكة في حينها «مغامرة غير محسوبة»، لأنها دمرت لبنان وشلّته اقتصادياً، لولا تدخل دول الخليج العربي لإنقاذه عبر حزمة مساعدات اقتصادية «بليونية»، منعت من انهياره وأسهمت في إعادة إعمار ما دمرته.
 
وأكد العالم أن موقف الحزب العلني من ثورات الربيع العربي وسورية بخاصة، هو ما بدل المزاج الشعبي العام تجاهه وفضحه.
 
وواصل: مع تزايد عنجهية الحزب وقياداته أصبح من الواجب اتخاذ خطوات واضحة تجاهه، لا لتحييد موقفه وإنما لشلّ كيانه واقتلاعه، إذ اتضحت بصماته خلف العديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دول الخليج، يُضاف إليه تأجيجه للثورات المضادة في البحرين واليمن وإسهامه في دعم الحوثيين، وهو ما سرّع في القرار الخليجي الرسمي، ثم العربي، بتصنيفه جماعةً إرهابية، وإلى اتخاذ الخطوات الضرورية وفق القانون الدولي، لتجفيف منابعه وتجميد حساباته واستثماراته، وملاحقة مؤيديه وداعميه والمتعاطفين معه.
 
وشدد الخبير على أنه لا بد من الإقرار بأن التصنيف الأخير لـ«حزب الله» لم يحظَ بإجماع عربي كامل، وإن حاز الغالبية، «ومردّ ذلك هو الموقف الرسمي لبعض الدول العربية، وتحديداً الجزائر وتونس ولبنان والعراق من الأزمة في سورية، والعلاقة مع إيران، التي ترى فيها شريكاً استراتيجياً على المستوى الاقتصادي والسياسي، وكذلك الاستقطاب الذي نجح الحزب في تأصيله شعبياً لدى مواطني تلك الدول، عبر إيهامهم بأنه الحصن الأقوى في مقابل العربدة الإسرائيلية، والأكثر قدرة على مواجهتها، وتغلغله شعبياً عبر ما يُسمى بالجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني وبعض المشاريع الصحية والتعليمية.
 
وأكد أنه لن يكون من السهولة أبداً اجتثاث نشاط «حزب الله» نهائياً، ما دام يحظى بتعاطفٍ طائفي مذهبي، وبدعمٍ من مكونٍ شعبيٍ لبناني يتمثل في الطائفة الشيعية، كما أن وقوف نظام طهران معه ممولاً مسلحاً، وحوله منتفعون من «المارون» المسيحي اللبناني، الذي بنى علاقة وجود معه، كرّستها مصالح نخبوية مشتركة.
 
وحول السيناريو الأقرب للتعامل مع «حزب الله»، يقول العالم: سيكون عبر إطلاق هبة شعبية من الداخل اللبناني لا تنتمي إلى فصيل بعينه، وإنما يشارك فيها الجميع، من الذين ضاقوا ذرعاً بما سببه لهم من حصار رسمي عربي، وامتناع عن دعم الاقتصاد اللبناني، وسحب الاستثمارات الخليجية والودائع من بنوكه ومقاطعته سياحياً، ما سيؤدي إلى انهيار عملته وتقلص النقد الأجنبي لديه، وعجز حكومته المشلولة أساساً عن الوفاء بالتزاماتها الداخلية والدولية، التي لن تستطيع إيران تعويضها، وهي منهارة في الأساس اقتصادياً، ومستنزفة مادياً على أكثر من محور، نتيجة دعمها «اللوجستي» والعسكري للحوثيين في اليمن، ونظام الأسد في سورية.
 
من جانبه، أوضح الباحث والخبير السياسي محمد الخرعان لـ«الحياة» أن ممارسات «حزب الله» داخل لبنان أو خارجه، والدور الذي يقوم به في المنطقة هو من أوضح ما يمكن يعبر عن الإرهاب بكل أركانه، مشيراً إلى أن الحزب يعد نفسه حزباً سياسياً ضمن منظومة الأحزاب السياسية داخل لبنان، والمتعارف عليه دولياً أن الحزب السياسي يمارس دوره المدني وفق الأساليب والآليات المتعارف عليها دولياً وعالمياً، لكن هذا الحزب نموذج مختلف تماماً عن جميع الأحزاب في العالم، ومخالف للمعايير الدولية، إذ هو حزب سياسي، وفي الوقت نفسه قوة عسكرية وميليشيا داخل دولة، وهذا مخالف للأعراف الدولية، مؤكداً أن الأحزاب التي تمارس هذا الدور المزدوج تصنف تلقائياً منظمة إرهابية.
 
واستنكر الخرعان تأخر تصنيف هذا الحزب منظمة إرهابية، متسائلاً: «كيف تأخر هذا التصنيف إلى هذا الوقت، وكيف أن بعض الدول لم تصنفه حتى الآن»؟ مؤكداً أن دول الخليج والدول العربية اتخذت أخيراً الإجراء الصحيح. مضيفاً: هذا ما نأمل أن تتخذه بقية الدول التي ما زالت مترددة، أو ترى أنه يمثل حزباً سياسياً.
 
وتابع: حزب الله مارس دوراً عسكرياً في لبنان باسم المقاومة، ومارس دور عسكرياً في سورية باسم الممانعة، كما أنه مارس دوراً عسكرياً وتدريبياً لميليشيا الحوثي في اليمن، وهو أيضاً يمارس دوراً أممياً طائفياً وله مصالح مع إيران، فهو يدافع عن الحوثي في اليمن، وأيضاً يدعم الخارجين عن الجماعة في البحرين، ويهاجم دول المنطقة، إذ هاجم المملكة والبحرين وجميع دول المنطقة.
 
 

المصدر: جريدة الحياة - http://www.alhayat.com/Edition/Print/14473084/خبيران-سياسيان--عنجهية--حزب-الله--سبب-تصنيفه--إرهابياً-

الأحد، 13 مارس 2016

خبراء: «رعد الشمال» رسالة «سلام» للأصدقاء.. و«ردع» للأعداء

بقلم عماد أحمد العالم

مشاركة في تقرير صحفي مع جريدة الحياة 12-03-2016

 

 
اعتبر خبراء ومحللون أن مناورات «رعد الشمال»، التي أطلقتها السعودية بمشاركة 20 دولة عربية وإسلامية، «الأضخم» في تاريخ المنطقة، مشيرين إلى أن هذا التجمع العسكري يأتي في إطار حرص المملكة على التضامن والسلام، وردع الأعمال العدائية.
وتعد هذه المناورات «الأكبر» في تاريخ المملكة ودول المنطقة، وتستضيف قاعدة الملك خالد العسكرية المناورات التي تشارك فيها قوات «درع الجزيرة» و20 جيشاً من دول المنطقة، منها 14 دولة عربية، وست دول إسلامية، بما مجموعه 300 ألف عسكري، موزعين بتدريباتهم على القوات البرية والبحرية.
وقال المحلل السياسي الباحث في العلاقات الدولية الدكتور إبراهيم العثيمين: «إن المناورات العسكرية التي أطلقتها السعودية بمشاركة أكثر من 20 دولة من الدول العربية والإسلامية «الأضخم» في تاريخ المنطقة، وذلك لحجم القوات وفاعلية العمليات وأهداف المناورات وطبيعة التمارين التي تشملها».
وأضاف العثيمين: «إن التوقيت السياسي لهذه المناورات له دلالات عدة، ولا يقتصر فقط على «الاستعراض العسكري»، لافتاً إلى أن الهدف الأهم هو كونها «تمريناً تكتيكياً لتطبيق الاستراتيجية التي أرادتها المملكة في قيادتها التحالف الإسلامي، وكذلك إرسال رسالة واضحة وقوية إلى إيران وغيرها من القوى، مفادها أن الرياض مع بقية الدول تملك الجاهزية والقوة للردع عند وجود أي تهديد لأمن واستقرار الدول المشاركة، وخصوصاً منظومة دول الخليج».
بدوره، أوضح المحلل السياسي عماد العالم أنه على رغم كون مناورات «رعد الشمال» تندرج في إطار التعاون «العسكري» المُقترح بين الدول الإسلامية، بقيادة السعودية وتخطيطها وقيادتها، فإنها أيضاً تُعد «تطوراً نوعياً في الفكر العسكري السعودي ورؤيته المستقبلية، ورغبته في تطوير منظومته، ورفع الروح القتالية لجنوده، وتغذيتها بخبرات الدول الأخرى، عبر مجاراة ظروف الحرب والأزمات، وتدريب العسكريين على أحدث الأجهزة والتقنيات المستخدمة في الحروب».
وقال العالم لـ«الحياة»: «إن الهدف من ذلك رفع جاهزيتها على طرق الحشد والتنقل والتنظيم مع مماثلة أصعب الأجواء، وذلك ليكونوا على أهبة الاستعداد في حال حصول أي طارئ»، مضيفاً: «يشير حساب «درع الوطن» في موقع التواصل الاجتماعي بكلمات موجزة، ويصف المناورات بـ«التدريب العنيف في أوقات السلم»، لأن قطرة من العرق أثناء التدريب، تمنع قطرات من الدماء أثناء الحرب».
وأكد أنه خُطط لهذه المناورات لتساعد في تهيئة الجيش السعودي وحلفائه في معركتهم المقبلة، في حال دعت الحاجة إلى تحجيم وجود الجماعات المتطرفة مثل «داعش» في سورية، أو حتى على الحدود الجنوبية السعودية في معركة الأيام الأخيرة من الحسم، التي قد تتطلب في مراحل بعينها مساندة لوجستية أو تدريبية أو تأمينية في حال التقدم نحو العاصمة اليمنية صنعاء، وتطهيرها من الإرهابيين والانقلابيين».
بدوره، أكد مستشار وزير الداخلية رئيس اللجان والحملات الإغاثية السعودية الدكتور ساعد الحارثي أن مناورات «رعد الشمال» جاءت في إطار حرص السعودية على التضامن والتعاضد العربي الإسلامي.
وقال الحارثي لـ«الحياة»: «إن مثل هذا التجمع يأتي في إطار حرص المملكة على تضامن وتعاضد العالم العربي والإسلامي، بهدف استقرار الدول ودفع الشرور عنها من دون أطماع ونزعات المتهورين والإضرار بالسلم والسلام للدول».
وأضاف: «مثل هذا التجمع والمناورة فيه دلالة جاهزية المملكة وجميع المشاركين للدفاع والردع، وليس لهدف العداء والإضرار»، لافتاً إلى أن السعودية دأبت عبر تاريخها على بذل كل ما تستطيع لأجل السلم والسلام العالميين، وجاهزية المملكة تمثل رادعاً لكل الأعمال العدائية، وخصوصاً الأعمال التي تشهدها المنطقة خلال الفترة الحالية، وهي أعمال عدائية غير مبررة، في الوقت الذي تحرص فيه السعودية على الاستقرار والسلامة لجميع الدول.
 
 

المصدر: جريدة الحياة - http://www.alhayat.com/articles/14424764#sthash.A50fGoFh.hpvt

الأربعاء، 9 مارس 2016

تجارة اسمها الرقية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 09-03-2016

 
 
أولا وقبل أن أبدأ، أؤكد أن مقالتي هذه لا تناقش ما أنا مقبلٌ على طرحه من وجهة نظر دينية، فلست بمكان كي أتحدث عن ذلك، ولا أملك العلم الشرعي والبحث للتحدث فيه، وبيان صحته من عدمها، أما ما دعاني لطرحه فهو رغبة في أن "ندردش" سوية ونتحدث عما يُسمى المسّ، ولا أتكلم عن السحر وإنما تلبس الجن بالإنسان، وما ينتشر حوله من قصص وحكايات، حتى امتهن بعضنا كمسلمين مهنةً مجدية مادياً اسمها "القارئ"، يزعم البعض مقدرتهم علاج من يُعتقد أنهم غير طبيعيين، فأخذوه لأحدهم ذائع الصيت والمشهور عنه مقدرته في القراءة الشافية على كل من به مس أو عين كما يقولون.
 
ما يقرأه الراقي ليس من كلماته ولا حصرياً له، وإنما هي آيات وسور وأدعية مأثورة عن رسولنا الكريم، ورد فضلها بالنص في الرقية، وليست لزاما أن تقرأ من ذوي صلاح، وإنما بإمكان الإنسان نفسه أو من حوله أن يحصنوه بها، والنتيجة ستكون واحدة بمشيئة الله سبحانه وتعالى، إن أراد الشفاء والعافية، الغريب أن بعض من اشتهروا بهذه الصنعة يدعون أنهم لا يأخذ عنها مقابلا، ولكن يقبل الهدية نظير ما يفعل، وعادة ما تكون مبلغا معينا يدفعه المعني أو أهله، وبهذا تنتفي مجانية العمل وكونه لوجه الله، ويتحول لتجارةٍ، يتحول ممتهنها فيها إلى متكسب محترف، يتوجب عليك قبل أن تحضر جلسته أن تسجل في قوائم الانتظار حتى يحين موعدك، الذي ربما لن يطول أكثر من نصف ساعة، ستخرج منه ربما موغلٌ بآلامك نتيجة الضرب أو النخز، وفي يدك اليمنى ماءٌ مقريٌ عليه، وفي الأخرى زيت لتدهن به جسدك، حتى تختفي الكدمات منه!
 
الموضوع أبسط مما نسمع ونرى من الكثير، وهو للعلم مجاني لنا من الخالق جلّ في علاه، فكل من أراد الاستطباب بالقرآن عليه أن يتوضأ مثلا ويحصن نفسه بنفسه، أو أن يطلب من المقربين منه أو منها (والحديث هنا عن الجنسين)، أن يفعلوا ذلك، أما النتيجة فتستلزم عدة أمورٍ؛ أولاها أن يؤمن الإنسان أن الله هو الشافي المعافي، وأنه بما يقرأ قد استفاد من إحدى الوسائل الدينية الممنوحة لنا كمسلمين، وأن يحسن الظن بالله ويتيقن الشفاء، أما ما بعد ذلك فـ "بيد الرحمن الرحيم وله الحكم العدل والمشيئة التي يجب أن نقبل بها حامدين شاكرين".
 
النقطة المهمة إلى جانب ذلك، أن يؤخذ بالسبب، والمقصود به هنا الطب أو العلم الدنيوي الذي يجب أن يُستشار أيضاً ويؤخذ برأيه، وليس في ذلك تعلقٌ بعملٍ لعبد مقابل تجاهل إرادة خالقه، وإنما تحكيم للعقل الذي أُمرنا بتفعيله وتحكيمه، ولا ينفي أبداً العمل به مع قدم المساواة مع ما يرد في الشرع.
 
لدى كل منا قصص لا حصر لها، عما حدث لفلانة مثلاً حين أخذها أهلها لقارئ، ادعى أنها معيونة بسبب حالتها، فقد كانت انطوائية وشديدة الخجل والذعر، فحضرت أكثر من جلسة لكنها شعرت أن من يقوم برقيتها بدرت عنه تصرفات ولمسات غير بريئة لا يمكن أن يجزم بها سوى الشخص نفسه، هو وللحق قد يكون حالة معزولة وشاذة لكنها موجودة للأسف، وتمارس دناءتها وسعارها على المسكينات ممن أخفق ذووها بأخذها أولا لطبيب نفسي، أو أخصائي للعلاج السلوكي، الذي سيجد من أول جلسة معها أنها مصابة باكتئاب شديد، نتيجة سبب من الأسباب العضوية أو النفسية، وولو التزمت بالوصفة الممنوحة لحالتها لشفيت وعوفيت بإذن الله، واستقرت أمورها، ومن ثم عادت لتمارس حياتها الطبيعية.
 
العديد من الأعراض المنتشرة بين الناس التي يظنها البعض مساً من الجن أو عينا، هي مشاكل نفسية بحتة، لا أكثر ولا أقل، وتستوجب العلاج الدوائي أو السلوكي، وليس لها علاقة بالتخاريف الرائجة، ولا الوصفات السحرية التي تنصح بها إحداهن الأم أو الأب، فيسارع لتطبيقها على أبنائه فيفاقموا بجهلهم مشكلتهم الصحية بدلاً من علاجها!
 
 

المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=348780

الخميس، 3 مارس 2016

الصحافة التقليدية والحديثة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 03-03-2016

 
 
عطفاً على مهنة الصحافة الإلكترونية، وما تتعرض له من انتقادات بكونها أفسدت الورقية، وأدخلت عليها أشخاصاً يعدهم البعض بالدخلاء على مملكة الصحافة، برأيي؛ الصحافي صحافي أيا كان المنبر الإعلامي الذي يعمل فيه، سواء كان صحافة ورقية أم إلكترونية، والعديد من المجلات والصحف العريقة في العالم كنيوزويك مثلاً، وأخيراً الإندبندنت البريطانية، قد تحولت من الصحافة الورقية إلى الإلكترونية.
 
المعيار الأساسي للتقييم لا يعتمد على شكل الوسيلة الإعلامية، وإنما على المؤهلات الصحافية والمهنية لمن ينتسب إليها، ومدى قدرته على تحرير الخبر وتجميعه وصياغته، والمصادر المستخدمة فيه، مع مراعاة الشريحة المراد الوصول إليها، وهنا أحد الفروقات الجوهرية بين إعداد الخبر الصحافي لصحيفة إلكترونية أو ورقية، فقارئ الأولى يبحث عن المحتوى المختصر والسريع، وهو بطبيعة الطريقة التي يطالع فيها الخبر حريص على قراءته من أكثر من مصدر أو موقع آخر، على عكس قارئ الصحيفة الورقية الذي يميل إلى التمعن أكثر فيما بين يديه، وغالبا تجده يطّلع على صحيفة واحدة بعينها أو اثنتين كحد أقصى.
 
حديثاً، فتحت الصحافة الإلكترونية الفرصة والمجال للعديد ممن لم يتمكنوا من الانضمام للصحافة الورقية، التي يعد الحصول على فرصة فيها أمراً يصعب تحققه في ظل التنافسية العالية، التي لا يحكمها فقط المؤهل والقدرة وإنما "الشللية" و"الواسطة" وعوامل أخرى عديدة، وتلعب دورا مهما في كتابها ومحرريها، عكس الإلكترونية التي يسهل إطلاقها والانضمام للعمل فيها ككادر صحافي أيا كانت المهام المطلوبة منه، إلا أن إحدى نقاط ضعفها منحها أحيانا ألقابا ومسميات لمنتسبين لها لا يمتلكون مقومات المهنة، كما أنها غالبا ما تُعد ناقلا للخبر ومن دون التثبت منه، على عكس وسائل الإعلام الأخرى التقليدية، التي تحرص على مصداقيتها، وتعد أكثر عرضةً للمساءلة؛ لذا هي بالتالي تعير الجوانب القانونية أهمية خاصة.
 
شخصياً ومع الطفرة التكنولوجية فإنني أفضل أن أبقى تقليدياً بالمعنى الحرفي للكلمة، أحمل بين يدي جريدتي المفضلة، وحتى لو تركت بعض أوراقها في يدي بقايا من حبرها المستخدم، فتلك متعة لا تضاهيها القراءة والاطلاع من على شاشة الكمبيوتر أو الأجهزة المحمولة.
 
 

المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=347752

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...