الخميس، 24 مارس 2016

ماجيك ووردس

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 23-03-2016

 

 
 What about the magic words
 
"ماذا عن الكلمات السحرية؟" أستبيحكم العذر، فللأسبوع الثاني على التوالي أبدأ مقالي باقتباسٍ من الإنجليزية، ليس الغرض منه الاستعراض ولا التغريب، فأنا وأعوذ بالله منها لست ممن ينظرون إلى أي أمةٍ من الدول المتقدمة كقاعدة للمقارنة بنا، لتصور مدى التخلف والتأخر الذي وصلنا له كعرب ومسلمين أثرياء كنا أو فقراء؛ وإنما لكون ما أقتبسه أعجبني في لحظتها، فبنيت عليه مقالتي، التي أثناء كتابتها غالباً ما أتذكر ما يُثبت أن لنا السبق. على سبيل المثال، فالمقولة السابقة أوصانا بها الرسول الكريم قبل أكثر من 1400 سنة، حين علمنا سيد الخلق أن الكلمة الطيبة صدقة، والابتسام في وجه المسلم صدقة، ومن لا يشكر العبد لا يشكر الله، وهو أمر واضح لنا لكي نبادل مَنْ يسدي لنا صنعا بشكره بكلمات طيبة ستشعره بالسعادة والرضا، وستشجعه على تكرار تصرفه. ببساطة، هذه هي المواصفات التي يجب أن يتحلى بها كل إنسان، أي الأخلاق التي تشكل أساسا للحكم على كل شعب ومدى تطوره، والتي إن غابت، فقد ذهبت معها الأمم، وتحولت بسببها المجتمعات إلى ثقافة الغاب!
 
في الولايات المتحدة مثلاً، روى أكثر من عربي استهجان من حوله له بسبب إهماله لشكر الآخرين وتقديرهم كلما فعلوا أو قدموا له أمراً أو خدموه، ووجدوا منه تجاهلاً لهم، ليبادروه لحظتها بالقول: ماذا عن الكلمات السحرية، أي مستغربين منه عدم تقديره لهم، وشكرهم على ما قدموه. الأمر ذاته ينطبق على تلاقي الأعين عند ذات الأمم الغربية، التي إن حدث وقد شهدتها بنفسي، سيبادرك الطرف الآخر بابتسامة أو إيماءة أو حتى عبارة تحية، بخلافنا نحن العرب الأشاوس، ذوو الدم الحار والخلاق الضيقة، فالأمر وإن حصل قد يتحول إلى بحلقة، ومن ثم إلى معركة بالكلمات قد تنتهي بعراك لا يحمد عقباه، سببه فقط أن أحدهم التفت فارتعى انتباهه من يعتقد أنه ينظر إليه، فأدار وجهه، لكن شيطانه وخزه ليرى مجددا إن كان ذاك الشخص مازال ينظر إليه، الذي لو كان، لغلت عروق "صاحبنا" من دون أن يضع في اعتباره أن ذاك الشخص ربما سرحان أو هيمان أو فضولي!
 
في القيادة، الأخلاق أصبحت شبه معدومة، فلو توقفت مثلا لأحدهم كي يدخل من شارع فرعي لرئيسي تقود فيه، ففي عالمنا العربي العريق، لا تتوقع أبدا أن يشكرك ذاك الشخص، بل لن يلتفت إليك، ولن يكلف حتى يده الكريمة لكي يرفعها لتحيتك، وسيمضي في طريقه، بينما من يقف بمركبته خلفك يستشيط غضبا منك لأنك توقفت وعطلته، وربما سيؤدي هذا التصرف منك لأن تشعل معركة معه!
 
المشاة في شوارعنا مساكين بنظرات استجدائهم لقائدي "الفورمولا" الذين غالبا ما يبادرون بزيادة سرعتهم إن استشعروا محاولة أحدهم عبور طرفٍ للشارع للآخر، وعلى محياهم تعتمر نظرات الغضب والتحدي التي تحذرك ألا تحاول أن تقطع طريقهم. النساء من هذه الفئة رغم القهر والإجحاف العربي بحقهم، إلا أنهن ومن شبه المستحيل أن تشكر أو تحيي إحداهن قائد مركبة أخذ زمام المبادرة وتوقف لعبورها، ستمشي الست من دون التفات أو بادرة تقدير. أحيانا ألتمس لهن العذر، فذكورنا نحن العرب عندهم مشكلة تتمثل أن لو امرأة ما نظرت تجاهه أو حيته أو شكرته لظن لحظتها مباشرةً من دون تفكير أن "الست" معجبة به أو تحبه، ولذلك، ربما تلجأ نساء العرب لمجاراة رجالهن في "التطنيش" وقلة الذوق، ونيسان خُلُق اسمه استخدام الكلمات السحرية بالقول أو الإيماء.
 
متى نتعلم أن للكلمة مفعول السحر، ومتى نتقن الود والروح الطيبة؟ ومتى لا يرى الغريب بيننا أنه الوحيد المبتسم في زحمة شوارعنا؟
 
 

المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=351015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...