السبت، 20 يوليو 2019

عِش الشيخوخة إلكترونياً!

جريدة الرؤية
19-07-2019
عماد أحمد العالم



في أوائل سنين المراهقة؛ يستعجل حديثو العهد بالرجولة الظهور أكبر عمراً مما هم عليه، وربما مردُّ ذلك لأسباب بيولوجية تقلب عالمهم الطفولي السابق رأساً على عقب، فتطمح أنفسهم للولوج إلى عالم الكبار المليء بالصلاحيات والامتيازات التي حُرموا منها وهم صغار في السن.
وهناك أسباب أخرى، والتي قد تكون مجتمعية وقبلية أو حتى عاطفية، فالشاب المتفتح على العالم الجديد، من السهولة أن تتأثر عواطفه بنظرة حانية أو لمسة والتفاتة من الجنس اللطيف، وبالتالي يصبح عرضةً لتيارٍ جارف من العواطف المتفجرة، التي ترفض الاستهزاء بها وترفض أن تُمنع عن غاياتها، فتميل تلك النفس إلى محاولات لإثبات الرجولة بتصرفات وأفعال يستهجنها من حوله ويرجعونها عادةً لفترة المراهقة، فيما يجد الشاب نفسه في دوامة تحدي الذات والمجتمع والأسرة دون عضدٍ أو مُعين.
والمهم أني ما بدأت مقالي هذا لدراسة الظاهرة، فلست من علماء النفس والاجتماع وإن كنت أتمنى ذلك، أما الموضوع الذي أريد التحدث عنه، وجرفتني مقدمتي عن سواه، هو انتشار تطبيق على شكل واسع جداً الأيام الماضية، تلقفه كلا الجنسين من رجال ونساء، فوضعوا صورهم فيه، وشاهدوا أنفسهم بعد انقضاء فورة الشباب في عالم الكهولة الذي نخافه جميعاً ونخشاه لما فيه من خسارة لنضارة وقوة ونشاط، ف «الستين» هي سن التقاعد في أغلب دول العالم تعد بعالمنا العربي مرادفاً لمشاعر الكآبة والمرض، فيما الشعوب المتصالحة مع ذاتها تجد فرصة للاستماع بالحياة.
ويقوم البرنامج وبعد تحميل صورتك بمعالجتها ليُظهر شكلك وأنت شيخ هرم.. انتشرت الصور بكثافة عبر وسائل التواصل، فتبارت النسوة بإظهار نضارة لا تزول وشعر لا يشيب، وعيون لم يُفقدها التقدم في السن بريقها، وشفاه لا تزال منتفخة ونضرة، وأسنان كاللؤلؤ المرصوص، وفمٍ كخاتم لازورد.
وبالمقابل، بدا الرجال بوجوه مكفهِّره وملامح قاسية ولحى كثّة وتجاعيد قاسية؛ يظهر فيها للرائي أنهم بنشرهم صورهم، وهم على هذا الحال، متصالحون مع ذواتهم، وبالمرحلة العمرية التي وجدوا أنفسهم بها بعد أن عاشوا دهراً، بمجتمعات يعكس العيش فيها ما تراه على وجه أحدهم بعد أن بلغ العقد السادس من عمره، هذا مع قليل القليل من حب البعض للدراما واللطم على ضياع الشباب، فيما تظهر صور النسوة أنهن يحببن الحياة ولا يَشِخْنَ ولا يذبلن بعد أن قهرن العمر فتوقف العداد عن الحساب، وتسمّر عند العشرين لا يجاوزها ساكناً!


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/article/2055107/آراء/عش-الشيخوخة-إلكترونيا!

عشاق بني عذرة.. والـ «دون جوان»

جريدة الرؤية
12-07-2019
عماد أحمد العالم


«دون جوان» الفارس الأسمر الوسيم ذو السيف المتدلي من وسطه بزيه الجميل، وحضوره الفاتن، وطلعته البهية، ونهمه النسائي، وغريزته المتفجرة اتّضح لي أنه حقيقي، وكان أول من صاغه وتحدث عنه الشاعر الإسباني غابريل تيليز، الذي كتب مسرحية ماجن إشبيلية المنتقدة لفسادٍ أخلاقي تفشي ببلاده في عصرها الذهبي، حين أصبح تغرير الشباب بالعذارى من الفتيات شائعاً، فتصدَّى الكاتب للظاهرة ناقداً.
لكنه، وبعد خلقه تلك الشخصية نقل عدواها لسواه من الكتاب والكاتبات الذين ألهمهم قصصاً لرواياتهم، ولا تزال تُكتب حتى يومنا هذا، بل باتت وصفاً يطلق على من يُعتبرُ بعيون البعض النسوي الجميل المُتيم بالأنثى، فيما يراه آخرون فاسقاً ذا علاقات لا حصر لها.
أما النساء محور بطولاته ففيهن من تراه فارس أحلامٍ ما إن تنال وصاله حتى تلعنه بعد اكتشافها لحقيقته، فهو كالرجل المزواج، الذي لا تمضي شهور على اقترانه بفتاة حتى يتحول لغيرها، وهكذا حتى لا تعدوا الأنثى في مذكرته أكثر من رقم تضاف له أخريات كلما سنحت الفرصة، وهم وبكل أسف كثيرون في مجتمعاتنا، حيث المرأة الطرف الذي تُفرض عليه إرادة الآخرين.
قصة الدون جوان قادتني لكتابٍ فيه بجانب قصة اللعوب شرح لمعنى الحب العذري، فاكتشفت أن التسمية تعود لقبيلةٍ عربية اسمها بني عُذرة، عُرِف عن محبيها موتهم حباً وإخلاصاً لمحبوباتهم دون التفكير بالزواج بهن ولو كان متاحاً وممكناً، فالحب لديهم ربما كان من أجل الحب أو كي لا يفسده رباط الزوجية، فمتعته في لوعته ولذته في عذابه والسمو به بفقد صاحبه حياته فداءً له.
قول أحد «الحبّيبة» من بني عذرة حين استهجن سائلٌ حبهم واستحمقه: «والله لو رأيتم المحاجر البلج ترشق بالأعين الدعج من فوقها الحواجب الزج والشفاه السمر تفتر عن الثنايا الغر كأنها نظم الدرر، لجعلتموها اللات والعزى ولنبذتم الإسلام وراء ظهوركم»!
قد يستهجن البعض تجديف الشاب بوصفه لجمال محبوبته، فلو كن كما قال فلربما ضُرب المثل بنساء بني عُذرة من فرط جمالهن، ولتسابق العرب لخطبتهن، لكن ما أثارني بقوله هو أن بعض قصص المحبين، قد أنبأتنا أن منهم من قد تحول عن دينه واعتنق دين المحبوب أو المحبوبة، تتويجاً لانصهارٍ روحي وجسدي لا يكفيه أن يكون العشق لأجل كينونته فقط، وإنما من أجل النهايات السعيدة.


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/article/2054047/آراء/عشاق-بني-عذرة-وال-دون-جوان

فقه الأقليات المهاجرة

جريدة الرؤية
05-07-2019
عماد أحمد العالم



في المجتمعات مزدوجة المعايير، ومنها مجتمعاتنا العربية، نجدها كما وصفها علي الوردي في قوله: «العرب إن خيروا بين دولتين علمانية ودينية، لصوتوا للدولة الدينية وذهبوا للعيش في الدولة العلمانية..!».
من طرفي سأضيف: لن تستبعد أن تجدهم فيها قد خرجوا بمظاهرات للتنديد بعلمانية الدولة وقوانينها، مع خطاب متشدد، متناسين أن من كفل لهم حرية الرأي والتعبير عنه قوانين تلك الدولة العلمانية.! بصراحة شديدة جداً ودون تبرير، نتساءل: هل تسببت الجاليات العربية المسلمة المهاجرة في ردات فعل تجاهها، تمثلت لاحقاً بالقوانين التي تمنع النقاب، وتوجب السلام باليد في مراسم منح الجنسية؟، وهل لا يتلاقى مبدأ قدسية الحريات العامة معنا كمسلمين فقط، أم ينطبق على كل من هو غير مسيحي ويعيش في الغرب؟، وهل السبب بأن فصل الدين عن الدولة يتماشى فقط مع المسيحية التي تمثل المعتقد الأساسي لشعوب تلك الدول، ومع ذلك حُجمت ممارستها لدور العبادة ومُنعت من التدخل في الشؤون العامة والخاصة بعد التجربة المريرة للحروب الدينية التي مزقتها في عصور الظلمة؟.
لا بد أن نُقر بأن الغرب ليسوا ملائكة وبلدانهم ليست جنات عدن، كما يحلو لشعوب العالم الثالث تصورها، وقوانينهم عملياً وعلى أرض الواقع ليست على الدوام تقدس حقوق الإنسان وتضمن حريته، فهي وإن كانت طبقت ما لم نستطع الوصل إليه، إلا أنها وبالأساس وضعت لتسيير نمط حياة شعوبها، أما من يصلها طالباً اللجوء فيها فعليه إن شاء الاستمتاع بتلك المزايا والحقوق أن يلتزم بما يسبقها من قوانين وممارسات، وأن يكون عمله بها من باب تقمص روح القانون لا الخوف منه فقط أو التحايل عليه تجنباً لتطبيقه، فمن شاء أن يستوطن دولهم عليه بالمقابل أن يظهر لهم استعداده لأن يتأقلم معهم، وهو ما لا يستوجب التخلي عن المعتقدات والالتزام الديني، بل ببساطة الاندماج مع المجتمع والاحتفاظ بالموروث وممارسته في العلن بما لا يتسبب بإشكالات ثقافية ومجتمعية.
لا بد لعلماء المسلمين ومؤسساتهم تفعيل وتأطير «فقه الأقليات المهاجرة» التي تستهدف فقط المهاجرين المسلمين المستوطنين بالدول الغربية لمساعدتهم على فهم ما عليهم من حقوق وواجبات، تجاه الدول التي يقيمون بها من جهة، وتجاه دينهم من أخرى.


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/article/2053103/آراء/فقه-الأقليات-المهاجرة

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...