الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

متلازمة الإجازة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الشرق السعوديه 19-11-2013

 

محبط بسبب الدوام، أو بالتحديد بسبب انتهاء الإجازة والعودة إلى أجواء العمل وأيام الأسبوع الروتينية، التي فرضت نفسها علينا، فصرنا نكررها طوال العام، دونما ابتكار أو تغيير.
روبوتات آلية تستيقظ مسرعةً كل صباح علها تلحق ببداية الدوام قبل أن تؤنب لتأخرها عنه، وما تلبث أن تضبب وتلملم ما لها من أغراض ومتعلقات بسرعةٍ متى ما أشارت الساعة إلى قرب انتهاء ساعات العمل. نعود إلى المنزل ونتناول غداءنا ثم ننام، فنستيقظ ممسكين بـ«ريموت» التليفزيون بيد، وفي الأخرى هاتفنا الذكي أو الآيباد، الذي لا نتركه إلا بعد سلسلةٍ من التثاؤب تدفعنا دفعاً إلى السرير، الذي بتنا نراه من يضيع ملذات سهرنا.
ما إن تطل علينا إجازة نهاية الأسبوع حتى تنقلب مواعيدنا رأساً على عقب، وعلى الرغم من أنها يومان إلا أنها كفيلةٌ بإفساد نمط نومنا وصحونا، حتى ما إن يبدأ الأسبوع الجديد إلا ونحن متثاقلون وبانتظار نهايته بلهفة وشوق وكأنه غائب عنا شهوراً!.
ما السر في حبنا الإجازات وكره، أو لنقل التثاقل من العمل؟، نراه مكدراً لمتعة قضاء أوقاتنا. لم ربطنا السعادة والمتعة والاستمتاع بشهرٍ في السنة أو مناسبات أعياد مختلفةٍ أو حتى كوارث كالأمطار والفيضانات، نُمنحُ فيها أياماً لا يُطلب منا العمل فيها. تزدحم جداول متعتنا فيها وتضيق الأوقات وتقصِّر بأن تكفي لكل ما نمني أنفسنا بقضائه أو زيارته والاستمتاع به!.
الإجازات بالنسبة لنا هي من يُربك روتين حياتنا ويجعل ليله نهاراً ونهاره نوماً وسكينة حتى غروب الشمس. نعشق سهر الليل وكأنه النجوى، ولا يطيب لنا النوم إلا والشمس في مستقرها. نصاب باكتئاب ما قبل انتهاء الإجازة ونحن في أولها كلما تذكرنا أن لها نهاية.
ببساطة، نحن مصابون بمتلازمة، اسمحوا لي أن أسميها «الإجازات»، ولن نشفى منها إلا إن نظمنا نمط معيشتنا، واتبعنا الإطار الصحيح لحياةٍ صحيةٍ وعمليةٍ واجتماعية، تساعدنا لندرك أن جوهر الحياة هو أن تكون مقسمة ما بين عبادةٍ وعملٍ واستمتاع، ودون أن نقصر في أحدهم على حساب الآخر ونعطيه حقه الذي يستحقه من أوقاتنا.
 
 

المصدر: جريدة الشرق السعوديه - http://www.alsharq.net.sa/2013/11/19/1000539

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...