الاثنين، 9 سبتمبر 2013

سوريا: إلى متى؟

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة اللواء اللبنانيه 03-09-2013



يبدو ان العالم أجمع بما فيه العربي والغربي، لم يصل بعد إلى قناعة ينهي بها الحالة السورية بعد أكثر من سنتين من صراع دموي طائفي، مارس فيه النظام ما لم يتوافق يوماً مع قوانين أوروبا وأميركا، التي تدّعي فيها تحضّرها ومراعاتها لحقوق الإنسان. لكن وعلى ما يبدو ان الإنسان السوري لم يعد جزءا من تصنيفهم، فهو من يقتل كل يوم ويشرّد، فيما تعتبره دول الجوار العربي - الأولى برعايته واستقباله - عالةً عليها. في الوقت ذاته يخصص المسؤولون الأتراك أوقاتاً ليمضوها بين اللاجئين مع خطابٍ رسمي متعاطف معهم ويحاول أن يوفر للاجئين سبل الحياة الكريمة في غربتهم القسرية.
هرمون التعلم لدى العرب ما زال قيد التغييب، ولم يسهم لحد اللحظة في تعليم المواطن العربي أن الأيام دول، واستمرار الحال من المحال، ولا ديمومة لأيٍ كان، فما يعانيه السوري الآن ما زال يذوق مرارته الفلسطيني من أكثر من ثمانين عاما، شُرِّد فيها واستوطن مخيمات لا آدمية، ذُّل فيها بحجة أن ما زال للقضية بقيه ستنتهي إن عاملته الدول العربية المستضيفة بقليل من الإنسانية، وبذريعة بالية اخترعتها الأنظمة وسمتها التوطين.
الغربة وذلها والتهجير والنزوح مصطلحات ستبقى دوماً لصيقة بالأمة العربية، طالما من يحكم بعض دولها يأبى إلا وأن يموت وهو على رأس السلطة، ليحكمها بعده ذريته في دول تسمى بالباطل جمهوريات، وهي أقرب ما تكون إقطاعيات، إن حاول من فيها الانتفاض على واقعهم، واقتناص حرية مسلوبة والظفر بالعيش بكرامة، فسيروي في دنياهم الكئيبة والذليلة ما لا يمكن وصفه أو تصوّره، وسيكونوا عرضة لأن يطردوا من ديارهم بحثاً عن أمانٍ مؤقت يوفره لهم الجار القريب، الذي يفترض منه أن يكون جزءا من منظومة العروبة الخالدة التي «صدعوا» رؤوسنا بها عقوداً طويلة وحكمونا بموجبها بالحديد والنار، فيما نحن نصفق ونزغرد للحاكم الأوحد حامي حمى الأوطان والعروبة!
نحن كعرب لسنا مصابين فقط بعمى الألوان، بل بالبصيرة والقلوب، وهو السبب وراء تآمر الآخرين علينا، واستغلالهم لنا، وتطويع البعض منا ليكونو عبيداً تحت طوعهم لتنفيذ أجنداتهم، التي يُراعى فيها أن نكون التبع، حتى لو تعارضت مخططاتهم مع مبادئهم، فالعلاقة بيننا وبينهم قائمة فقط على المصالح، التي تبرر وجودها والحفاظ عليها أي وسيلة متاحة للإبقاء عليها!
ستبقى الحرب في سوريا مشتعله حتى تحرق الأخضر واليابس، وحتى لا تذر خيرا يمكن الإستفادة منه، أو أملا بصلاحٍ لحال البلد على المدى المنظور، ووقتها وحين تتأكد قوى الإستعمار الآثم، ستُطرح الحلول التي ستضمن لإسرائيل الأمان، وللغرب وروسيا وأميركا بقاء المصالح، ولن تثنيهم حرية ضائعة وعدالة مسلوبة طالما لا تتعارض سياسة الدولة مع أجنداتهم!


المصدر: اللواء http://www.aliwaa.com/Article.aspx?ArticleId=176945

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...