الخميس، 8 سبتمبر 2016

دولة الأخلاق

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 08-09-2016



الأيام دول، وهذا الزمان على ما يبدو وحتى اللحظة ليس زماننا كمسلمين، أعلم بأن ما أقوله قد قاله قبلي كثير، ويبدو أنه من كثرة ما رددناه أصبح القول كئيباً رتيباً مملاً، إلا أن تكرار قولي لعله يوقظ ضميراً واحدا من بين أمة المليار، فيكون بما فعل قد خطا الخطوة الأولى نحو الإصلاح المنشود لعالم الأخلاق، الذي ذهب عنا فذهبنا ليس معه وإنما للنقيض منه!
 
ذات يوم، استيقظ العالم الآخر الموازي لنا في الطريق والمتقدم علينا في أغلبه، فطبق ما نادى به الإسلام ودعت إليه تعاليمه من دون أن يحول دينه، فتقدم علينا ونبذ عصور ظلمته وبدأ ثورة أخلاقية إنسانية، نتج عنها قوانين وضعية تسير شتى شؤون الحياة ولم تدع صغيرة ولا كبيرة فيها إلا غطتها، فيما نحن مازلنا مشغولين "بالهياط" والمفاخرة بالأصل والفصل وبالقبيلي والحضيري والعبد والفلاح والصعيدي والمدني والقروي والمواطن والأجنبي.
 
ثقافة مجتمعاتنا محتاجة لغربلة وتصفية، فحين يكون هم المجتمع وسلوكه وحياته وقرارته وتفكيره في بضع شؤون كقوله مثلاً: هل غطاء الوجه حلال أم حرام؟، وما يثيره من خلافات ذات شجون، حيث قائل بالحرية الفردية وآخر متهم بأن من تكشف عن وجهها فإن لها زوجا ديوثا، فيما آخرون في دوامة سعارهم الجنسي، ونفر ليس بالقليل جل همه التصنيف، فذاك إخوان وسلفي وليبروجامي، ووهابي وليبرالي وسروري، ولا ننسى طبعا المتنطعون ومعهم من يستفتي هل يجوز النظر لعورة الفضائيين او الوضوء من المريخ؟، وفيهم من يفتي في علم لا يعيه ويقول إن الأرض مسطحة.
 
القائمة طويلة ولن يختلف حالنا إلا إذا نبذناها جميعها، من دون أن ننسى منها طبعا أتباع مذهب "أحب الصالحين ولست منهم"، وتحولهم لصالحين بدل التمسح بهم فقط، والدفاع عنهم، حينها فقط تأكدوا أننا سنكون كالنرويج، وفنلندا، والسويد، وكندا والنمسا وبقاع العالم التي نتمنى الهجرة اليها والعيش فيها آمنين سالمين مكرمين معززين!
 
لو عدنا لرشدنا كبشر قبل أن نكون حتى مسلمين، لوجدنا ديننا الحنيف الذي أهملناه وتجاهلناه وقصرنا فيه؛ هو أساس المنظومة الأخلاقية التي تحترم حقوق الإنسان وتراعي الجميع وتكفل العدالة والنظام وتؤطر للقانون وتكرس النزاهة والشفافبية.
 
في دول العالم التي تولي أهمية لمنظومة الأخلاق، يتعلمون السلوكيات أو ما يسمى:
 
(Good manners and Right conduct) من المراحل التعليمية الأدنى حتى الأعلى، ويدرسون تعليم القيم (Values Education)، بينما يركز تعليمهم الجامعي والأكاديمي على الأخلاق (Ethics)، بينما نحن العرب والمسلمون المتفاخرون بفلان وعلان نتجاهلها!
 
في شوارعنا، دوما ما تحيطك النظرات الغاضبة، فإن أسديت لأحدهم معروفاً أو أديت له خدمة أو أحسنت التصرف تجاه موقف ما، تجاهلك، بينما في دول الغرب "الكافر"، عامة ما يبادرك بالكلمات السحرية (magic words)، أي شكراً، ولو سمحت ومن فضلك وهلا تكرمت وأرجوك......


المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=376282

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...