الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

يحيى العدل ودامت المجامله

مقاله تم نشرها في جريدة بوابة الشرق القطريه 25-12-2012

بقلم: عماد أحمد العالم

 
المجاملة ليست درباً للنفاق ولا المداهنة وإن كانت تدخل أحياناً ضمن الإطراء (سمة العصر الحديث). فبعد فراغ الساحة من جحافلة الشعراء. وإن كان بعضهم جارح القول ماجن القرض. إلا أنهم أورثونا مرجعاً أدبياً وشعراً ملهماً تُغُني به. على النقيض من شعراء الحداثة. ممن توافرت لهم كل السبل. فهم أكثر حظا بتوافر التكنولوجيا الحديثة. التي لو توافرت للعاشق الولهان "طرفة بن العبد" لما اضطر المحب لحمل رسالةٍ قادته لحتفه. ولكان استخدم التويتر أو الفيسبوك أو حتى البريد الإلكتروني.
عنترة بن شداد حينها ربما يكون أكثر راحةً لو استخدم الـ "بي بي". ولما اضطر لخوض الغزوات وإبراز المهارات القتالية وقرض الشعر وتحمل مساومات حماه (أبو عبلة).
صدقوني لا تدخل المسألة ضمن المزاح الثقيل ولا التهويل أو المبالغة. بل هي حقيقة ماثلة للعيان امتد تأثيرها ليصل الإخوة السياسيين وصناع القرار. فأتحفونا بنهجٍ جديد قائم على "خراب البيوت" لإرضاء الخصوم. خرجت علينا مصطلحات جديدة "كسلام الشجعان" و "شهيد السلام" و "دائرة العنف" و"العقاب الجماعي".
امتد التأثير للإعلام فقدم لنا "المحلل" و"الخبير" و"المتتبع" و"المختص" وكل الألقاب الأخرى التي لو كان حقاً ملقبوها جزءا من تركيبتنا السكانية. لما كان السواد الأعظم منهم يعيش في الخارج.
تدويل المجاملة أو عولمتها أصبح سمة العصر. فما كان يعد مخالفاً للأعراف والقيم ونفاقاً ومداهنة سابقاً. أصبح ضرورة هذه الأيام. والأمثلة كثيرة. ابتداء بإجماع الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة على الدعم اللا متناهي لإسرائيل. وليس انتهاءً بقرارٍ سابق للبرلمان الفرنسي يجرم على أثر رجعي الدولة العثمانية ويتهمها بارتكاب مجازر بحق الأرمن. وهو ما سعي له أيضاً في الكونغرس الأمريكي. في حين فقدت الجزائر أكثر من مليون شهيد لنيل استقلالها. وتعرضت البوسنة والهرسك لأبشع مجازر عرقية. أحدها كان في سيربينيتسا التي كانت بحماية الفرقة الهولندية التي لم تحرك ساكناً وكأن لسان حالها يقول "ماكو أوامر"! طبعاً هذا عن وعد بلفور سيئ الذكر واستعمار إفريقيا لعقود ونهب ثرواتها وإبادة الهنود الحمر و..و...و..و..و.. والقائمة تطول. ويحيا العدل ودامت المجاملة!
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...