السبت، 27 أكتوبر 2012

لبنان ومسلسل الإغتيالات

بقلم: عماد أحمد العالم
كتبت بتاريخ 20-10-2012
نشرت في بوابة الشرق القطريه بتاريخ 22-10-2012
نشرت في جريدة اللواء اللبنانيه بتاريخ 01-11-2012 

 

زيارتي الأخيره للبنان كانت في أوائل العام ٢٠٠٥ وخروجي منها كان بأيامٍ قلائل قبيل اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الشهيد رفيق الحريري، حتى أن آخر عشاءٍ لي في زيارتي تلك للبنان كانت في الفندق الذي غير بعيدٍ عنه جرى التفجير الإرهابي.
لا أنكركم القول وليس بسرٍ أني محظوظ بعدم تواجدي ذلك الوقت في بيروت وإلا لظهرت صوري وأنا أتناول عشائي البحري في الفندق البيروتي الساحر، ولكنت موضع تساؤلٍ لتواجدي في المكان أياماً قليله قبل المأساه، لأنني من أحد الجنسيات العربية المغضوب عليها التي طالما وجهت لها أصابع الإتهام في كل " مصيبةٍ " تحصل، مع العلم أنكم لو راجعتم تاريخ أفرادها السابق لوجدتم أنهم الأهدأ عربياً.
المهم وحتى لا يتحول الحديث هنا ليكون عن نشاطاتي السياحيه، أود القول أن تلك الحادثه البربريه التي أوقعت الحريري شهيداً، كانت بداية ً فعلية ً لمسلسل الإغتيالات السياسيه في لبنان، دون أن ننسى أنها بدأت بالمحاوله الفاشله لاغتيال النائب السابق عن الحزب التقدمي الإشتراكي مروان حماده والتي نجى منها بأعجوبه العام 2004 وراح ضحيتها حارسه الشخصي.
مربع إغتيالات العام ٢٠٠٥ وما تلاه حتى العام ٢٠١٢ كان دموياً وشهد تصفيةً جسديه لرموزٍ لبنانيه الأغلبية العظمى منها كانت من معارضي ومنتقدي النظام البعثي السوري. عدا إيلي حبيقه ( وهو من الموالين لنظام دمشق).  شملت الإغتيالات على التوالي كلاً من: إغتيال رفيق الحريري وسبعةً من مرافقيه بالإضافة إلى النائب باسل فليحان. في حزيران من نفس العام تم إغتيال الصحفي سمير قصير ورئيس الحزب الشوعي اللبناني جورج حاوي. في تموز وأيلول من نفس العام, نجا وزير الدفاع اللبناني السابق الياس المر والصحفيه مي شدياق من محاولتي إغتيالٍ إستهدفتهما. في أواخر العام نفسه وتحديداً في ديسمبر، أغتيل الصحفي المناهض لسوريا جبران تويني.
كما شهد العام ٢٠٠٦ جريمتي إغتيالٍ نجى من أولاها المقدم سمير شحاده ( مساعد رئيس فرع المعلومات وأحد المحققين في جريمة إغتيال الحريري)، وقضى في الأخرى النائب والوزير بيار الجميل ( نجل الرئيس السابق أمين الجميل). العام ٢٠٠٧ شهد ثلاث اغتيالاتٍ راح ضحيتها النائبين وليد عيدو وانطوان غانم والعميد فرنسوا الحاج ( مدير العمليات في الجيش اللبناني).
في السنة التاليه وتحديداً في كانون الثاني وأيلول ٢٠٠٨ تم اغتيال كلاً من الرائد وسام عيد والقيادي في الحزب الديموقراطي صالح العريضي. عامنا الحالي أستهل بمحاولة اغتيالٍ فاشله لرئيس حزب القوات اللبنانيه سمير جعجع، وآخرى قبل أيام استهدفت العميد وسام الحسن رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني، الذي فجر في الأيام المنصرمه فضيحة النائب والوزير السابق ميشال سماحه وشريكه علي مملوك رئيس مكتب الأمن القومي السوري في مؤامرةٍ تحدثت عنها وسائل الأعلام وكان الغرض منها إحداث حالةٍ من البلبله الأمنيه ونشر أجواء الرعب في الأطراف المناوئة لسوريا عبر سلسلةٍ من الإغتيالات والتفجيرات الهدف منها إشراك الساحه اللبنانيه في الصراع الداخلي السوري وإعادة اللعب بالأوراق عبر تقسيم المجتمع اللبناني وإدراجه في خضم الحرب الجاريه. فبعد أن دخل حزب الله "على الخط "بإعلانه  التأييد لنظام بشار، عمل على فرض عضلاته وأرسل طائرةً إيرانيه بدون طيار للأراضي الإسرائيليه أسقطت حال دخولها. وكأن إيران هي الأخرى توصل رسالةً للعالم أن يدها المذهبيه الطويله قادره على إشعال فتيل الحرب بكافة الجبهات، فبعد أن فشلت مؤامراتها في البحرين والسعوديه، ها هي الآن تلوح تارةً بورقة حزب الله وإسرائيل وأخرى بإغلاق مضيق هرمز وبالجزر الإماراتيه الثلاث المحتله من قبل نظامها.
المحبط في الواقع اللبناني والمحزن، أن لبنان هي ثاني دوله عربيه تنال استقلالها عن الإنتداب الفرنسي في العام ١٩٤٣ ميلادي، لكنها الأكثر مأساةً عربياً منذ استقلالها (بعد فلسطين المحتله) من حيث عدم الإستقرار والقلاقل والحرب الأهليه الطائفيه والإغتيالات ونفوذ اجهزة المخابرات في العالم، لا تكاد تتخلص من إحدى قوى الظلام لتبتلى بأخرى، فالنظام السوري وبحجة الحفاظ على السلم الأهلي، جثم على صدور اللبنانيين أكثر من ثلاثين عاماً، خرج منها كجيشٍ أخيراً العام ٢٠٠٥ عقب صدور القرار الأممي ذو الصله رقم "١٥٥٩"، لكنة فعلياً لم يتركها ككيانٍ يتمثل بحكومة الظل وأحزاب وأفراد وموالين تكاثرو طوال فترة تواجده في الأراضي اللبنانيه, فسوريا عادت بلا استثناء جميع الفصائل اللبنانيه وتحالفت معها في أوقاتٍ وظروفٍ مختلفه, وما زالت تمسك بأوراق الداخل عبر شبكتها السياسيه والعسكريه المتأصله والمستوطنه.
لا شك أن قوى 14 اذار فقدت في العميد وسام الحسن شخصيةً مواليةً لها هي أقرب للحياد والوطنيه منها للتعصب والمذهبيه المتجذره في المشهد اللبناني, لكن استهداف الحسن لن يكون نهاية حقبه أو نذير شؤم لقوى التحرر وإنما فال سوءٍ لمن خطط لهذه الجريمه, فسينقلب السحر على الساحر والخاسر هذه المره هو من ظن أنه قادر على إشعال الساحه اللبنانيه مجدداًعبر مسلسل الإغتيالات.
المطلوب الان في لبنان هو تشكيل حكومه وطنيه "ذات سياده" وإتقاذٍ وطني  لا يراعى في تكوينها الحضور الحزبي والمذهبي وإنما الوطني الصرف والقادرعلى إعادة هيبة الدوله وفرض وجودها رغماً عن كل المليشيات والأحزاب, لتكون لبنان صاحبة قرارها وللبنانيين فقط.

 

المصدر - بوابة الشرق القطريه: http://userarticles.al-sharq.com/ArticlesDetails.aspx?AID=13544

المصدر - جريدة اللواء اللبنانيه: http://aliwaa.com.lb/Article.aspx?ArticleId=142845

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...