الخميس، 14 يناير 2021

الفلسفة أولاً

 جريدة الرؤية
21-12-2020
عماد أحمد العالم


علينا أن نعيد صياغة مفاهيمنا للتعليم والثقافة والفكر من حالة الجمود والكسل الذي يعتريها، لنبدأ أولاً بالفلسفة ثم الفلسفة، فهي أم العلوم وصانعة الحضارات، ومحفزة العقول على كسر حاجز الجمود، الذي يعتري كل من يعتمد على التلقين والتكرار والأخذ بمسلمات، دون طرح الأسئلة والشك والتساؤل حولها، للتيقن من صحتها ومصداقيتها ومدى مواءمتها لواقع حياتنا ومساراتها المتعددة.
وأيضاً دون ضوابط عرفية من باب جرت العادة ألا يتطرق لها أحد، أو العقاب لمن يقترفها ويكسر المحظور الفكري، الذي سن ّقوانينه من يتحكم بعقلية القطيع الجمعية، التي عطلت الفردية، وضيقت الخناق عليها لتضمن التبعية دون معارضة، فبات وجود الفرد القارئ والمفكر فيها مقموعاً محجوراً عليه، مقابل الجمهور المصاب بالجمود والانغلاق.
البداية تكون، وكما يجب، عبر الفلسفة المنشطة والداعمة للعقل مُجدَّداً ليطَّلع ويقرأ ويفكر ويشكك، أي ببساطة «ليتفلسف»، ولا أقول هنا أن يكون سفسطائياً، وإنما ببساطة متسائلاً، سواء أكان دارساً لأحد المراحل التعليمية التي يجب أن يكون من أولويات القائمين عليها تحفيز العقول، أو محللاً وعالماً لشؤون معينة بأي مجال، وحتى الإنسان العادي، ليصلوا بمسعاهم جميعاً للارتقاء الإنساني، وبعد ذلك إلى المرحلة الأهم، وهي البحث في الأسباب، التي بدأ منها ومن خلالها سبر المجهول وأعظم الاكتشافات الكونية.
من خلال الفلسفة سنت القوانين والدساتير، وعبرها قامت مراكز الأبحاث والدراسات، وبعدها تطورت العلوم التجريبية، بل إنني لا أبالغ إن قلت إن بها يتكرس الإيمان، كما أن الخوف منها ظنّاً بتأثيرها على سلامة المعتقد ظلمٌ لها، فالإسلام كمثال دعا معتنقه لأن يكون كيّساً فطناً، حاثاً للتفكر بملكوت السماوات والأرض.


المصدر: صحيفة الرؤية - الفلسفة أولاً - أخبار صحيفة الرؤية (alroeya.com)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...