الثلاثاء، 8 أبريل 2014

الديمقراطية غاية أم وسيلة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤية 08-04-2014

  

هل نحن حقاً مؤهلون لممارسة الديمقراطية؟ وهل سعينا لها هو السبب وراء فشلنا في ممارسة البعض لها حال حصوله عليها؟ هل الديمقراطية غاية في حد ذاتها ومطمح للساعي لها أم أنها وسيلة للحكم ونظام للتعايش والتقاضي والعمل والراحة .. بمعنى آخر، أسلوب للحياة التي يحيا وفق نهجها الدولة ومن يعيش فيها من قادة ومسؤولين وشعب بأكمله.
الأخذ بالمعنى النصي للكلمة سيعني أنها تعود للشعب ليحكم نفسه، لكنها لا تفسر نمط الحكم ولا شكله، وما النموذج المتعارف عليه فيها غربياً إلا نمط من صنع الإنسان يتماشى في شكله مع رغبات شعوب دولهم التي أرادت من القوانين التي سنتها أن تساعدها في الوصول للسلم الاجتماعي والسياسي والرخاء الاقتصادي، بعد عقود وقرون من الديكتاتورية والتسلط وشريعة الغاب التي لم تكن تعرف أو تحترم الإنسانية، وإنما ولاؤها للأقوى وإن كان ظالماً لا للأجدر وإن كان صالحاً!
الديمقراطية هي مجوعة من القوانين الوضعية التي كُتبت لتُحترم، وتطبق إجباراً وليس اختياراً. تُعاقب من ينتهكها ولا تضع أي اعتبار للمكانة والشأن. هي ليست بقالب ثابت يؤخذ كما هو ويطبق، وإنما كالصلصال يجب أن يكون قابلاً للتشكيل والمواءمة مع كل أمة على حدة. وإن كانت بعض أطره متشابهة في الإطار العام، إلا أن القوانين المتعلقة بها وتنفيذها، له أن يكون مختلفاً ومتناسباً مع العادات والتقاليد والأعراف والدين وطبيعة وشكل المجتمع الذي يُراد تنفيذه به.
هي معنى آخر للشورى، وليست من صنع الآخرين فقط، ولا هم من ابتكروها وإن كنا نظن الآن أنهم من يطبقها فقط. كما أنها لم تكن يوماً غريبة عنا، فبالآية الكريمة ورد القول «وأمرهم شورى بينهم»، والشورى فيما تحوي من معان، تؤكد ضرورة المشاركة في الرأي واحترام المُخالف، وتحكيم المصلحة في كل أمر مهم وسواه يتعلق بالشأن العام والخاص، والذي يقوم عليه من هو مؤهل للخوض فيه بسبب علمه ومعرفته ودرايته وقدرته على اتخاذ القرار الصائب.
العقاب والثواب حال تطبيق النظام الديموقراطي يختلف من مكان لآخر. حيناً تجده ذاتياً وأساسه تأصيل مبدأ المحاسبة والرقابة للفرد، والتذكير المستمر لذلك من قبل مؤسسات المجتمع المدني والدولة عبر التعليم المبكر وحملات التوعية غير الشكلية والتي تناجي المواطن كي يستمر في تحمله المسؤولية تجاه وطنه. حينها ستجد الشفافية، وسينعم الجميع بنظام ديموقراطي يكفل الحقوق والواجبات للجميع دون استثناءات.
بوجهٍ آخر، تتبع بعض الأنظمة نظام العقاب الصارم المادي والمعنوي والجسدي، ويعمل القائمون على الحفاظ على القانون فيها على تطبيقه. يفرض فيه الغرامة المادية، والحرمان من رخص الممارسة، كما يتعرض الشخص حال مخالفته القانون للعقاب بالسجن أو الإقامة الجبرية، أو يجبر على قضاء عدد معين من الساعات في خدمة المجتمع.
كلا النموذجين السابقين يمثلان نظامين فاعلين في تأطير الديمقراطية والحفاظ على نهجها، وإن اختلف بينهما الأسلوب والطريقة. مرده معرفة من سن القوانين بطبيعة شعبه وبيئته والأسلوب الأمثل لانضباطه.
في مجتمعات العالم الثالث، أو من تتغنى في سعيها لتطبيق الديمقراطية دون أن تسبقها ثورة مفكرين إنسانية وحضارية ترتب لها، غالباً ما تكون التجربة فاشلة أو أقرب إلى ذلك. ولن تكون النيات الحسنة أو الرغبة كفيلة في النجاح بها. فيما قد ينقلب المطالبون المحاربون في سبيلها لديكتاتوريين يمارسون القمع والاستبداد أكثر من سابقيهم، تحت مظلة ومسمى الديمقراطية.
 
 

المصدر: جريدة الرؤية الإماراتية - http://alroeya.ae/2014/04/08/140542 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...