الأربعاء، 12 أغسطس 2015

الإختلاف أفسد المودة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 12-08-2015


كم منا مَن تمنى ألا يكون هذا يوما حالنا، وإن كنت أرى أننا بتنا أمة يفسد الخلاف ودها، ويدمر صلاتها، ويوغل فيها نخرا، كالسوس العطش لخشبٍ جاف لم يلمسه ماء أو رطوبة.
 
اعتدادنا بأنفسنا لا يمكن تفسيره، إلا أنه أصبح أهوجا مقيتا، تغذية الأنا والعصبية والنرجسية، وكمالا لم ننله، ولا حتى اقتربنا فيه من المثالية، ومع ذلك، نظن أنفسنا لا نخطئ، ولن نخطئ، فرأينا صوابا لا يحتمل الخطأ أبدا، ورأى غيرنا خطأ لا يحتمل الصواب، ولن يقترب حتى منه!
 
قناعتي، أننا متى ما كسرنا حاجز الأنا، بعظمته، تقبَّلنا وآمنَّا حينها بالرأي والرأي الآخر، من دون تعصب أو تزمت، لكن الصعوبة التي قد تصل إلى حد المستحيل لمن هم في مثل وضعنا، أننا آمنا بقناعةٍ تقول: إن لم تكن معي، فأنت ضدي، وإن لم تقتنع برأيي، فأنت تخالفني، وبالتالي تعارضني، ومن ثم تجعل من نفسك ندا لي وتعاديني!
 
إجمالا، لكل إنسان قناعاته، وإن كان صاحب فكر ومبدأ، فهو صاحب رسالة يرغب بإيصالها للآخرين، وسيحارب من أجلها، فالنقاش يتجلى جماله بأدبياته، وبما يمتلكه المحاور من قدرات على جعل الخصم مستمعا له.. إن ناقشه غلبه بمنطقه، وحججه وفندها له، وهو يبتسم له حينا، وآخر مشعرا إياه بأنه يوليه جُلَّ اهتمامه، من دون أن يتعمَّد مقاطعته، وبالذات حين يكون على وشك الوصول لنقطة يظنها ستقنعه.
 
أدبيات النقاش غائبة عنا، وإن كان في الحوار أكثر من شخص، لن تستغرب أن تجد الجميع يتحدثون في الوقت نفسه، ولا ينصتون لما يقوله الآخرون على الطرف الآخر، بل يعملون على رمي ما يعتمر في أنفسهم من آراء.
 
كلٌ يظن أن الغلبة فيها ستكون لمن يتكلم بشكلٍ أسرع، وبصوتٍ أعلى، وبيدين تلوحان بهما في كل اتجاه. أصابعه فيها تمثل تعابير أحدهم، وتتبنى ما يقوله، يستشهد بهما للدلالة على قوة منطقه حيناً، وأخرى ليشعرك بأنه يهددك، لتتقبل ما يقول، من دون نقاش، وأنت صاغرٌ له مطيع مذعنٌ لما يقول.


المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=213416

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...