الاثنين، 4 فبراير 2013

الإختلاف يفسد الود والقضيه

مقاله تم نشرها في جريدة بوابة الشرق القطريه 03-02-2013

بقلم: عماد أحمد العالم



يقول المثل "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضيه"، فبحثت عن وجهٍ أستطيع تطبيقه عليه فلم أجده إلا عبر جملٍ نرددها كلما اختلفنا وخشينا أن يتحول اختلافنا لمشكلة قد تفقدنا صداقة وزمالة أو مصلحة مشتركة!
واقعٌ تعيشه شعوبٌ عربية تحررت حديثاً؛ هو النقيض لهذا القول الذي نعزي به أنفسنا والآخر، أو ببساطة نضحك به على بعضنا البعض لنجد سبباً لئلا نسب ونشتم أو نقاطع من نختلف معهم الرأي.
هو نفس القول بأن الأساس الاتفاق وما الاختلاف إلا الحلقة المكملة....، لكن المشهد أثبت بأننا في السياسة متفقون على اختلافنا، بل القاعدة لدى البعض أن ما يفسد الود هو الاتفاق! ففيه تنحية للمصالح الشخصية والتضحية بها في سبيل العامة، وهو ما يتعارض مع المنتفعين، تجار الدماء والحروب، المتسلقين على أكتاف الشعب الغلبان، الانتهازيين والإقصائيين.
في الفكر الاختلاف إثراء، وفي السياسة تعددية.. تعطي الجميع الفرصة لإثبات صدق خطابه ومصداقيته وصلاحية نظرياته وسياساته.. هذا نظرياً وبأفلاطونية المدينة الفاضلة، لكن في الواقع، وحتى في أعتى الديمقراطيات، لابد أن يشوب السوء الممارسة، لكنها تبقى في إطار المعقول وما يمكن تجاوزه، لأن السياسيين أولاً وأخيراً بشر.. يخطئون ويصيبون، ورؤاهم لن تنال الكمال أو حتى تجاوره. لكن في الشرق وتحديداً في مصر، الاختلاف هو السبب لما نراه كل يوم على الشاشات من مظاهر قتل وحرق واحتجاجات واعتصامات وتحرش وغوغائية وقطع للطرقات وتعطيل لمصالح الناس، والسبب أن الأهداف تلاقت لأطراف كانت في الأمس القريب أعداء، وحّدها كره المرشد والخوف من كل ما هو إسلامي، وبدلاً من أن تمارس اللعبة الديمقراطية لتثبت وجهة نظرها، وضعت أيديها وأرجلها وسلمت جسدها وروحها للشيطان، علها تجد فيه نصيراً لطموحها السياسي، حتى لو كان لهم ذلك (ولن يكون) عبر إسالة الدماء، وتعطيل عجلة البناء وتخريب الاقتصاد وتجويع الشعب وترويعه، ونشر البلطجة والفوضى.
تخويف الناس من الدين لعبة قذرة تمارسها الجبهة وبعض الأحزاب وتحاول أن تسوق من خلالها فكرة طالبان في مصر وحكم المرشد والوهابية أو السلفية الديكتاتورية، وهي بالمناسبة تشكل ذعراً لطبقه من الجماهير تنادي بمدنية الدولة وعلمانيتها، فيما الأقل تطرفاً في الطرح تطالب بأن يكون الإسلام مصدر التشريع لا الحكم. وبين هذا وذاك أفكار وجماعات وأحزاب ومنظرين، كلٌ يرى مصر من عدسته وغير مستعدٍ بالتنازل ولو شبر عن أطروحاته.. محتكم إما لأتباعه وتحريكهم، أو للمال السياسي والإعلام وقنوات الردح والشبك والتخريب وإثارة الفتنة، فيما أن المنكوب أخيراً الدولة والمتضرر الغالبية العظمى من الفقراء والغلابة، وبعدها يطل علينا من يطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية! يطالب بالعدالة الثورية وهو لا يعي ما تعنيه الجملة، وينادي بالثأر والثورة مستمرة وهو لا يعلم أن استمرارية الثورة تودي بالبلد لهاوية لن تستطيع معها الشعارات إصلاح ما أفسدته النوايا الثورية، ولا الغزوات الإعلامية، ولا التهويل والتبطيل والمؤتمرات والتظاهرات التي لا تقدم بل تؤخر وتخرب.
لسنا بصدد الثورة الفرنسية ولا المقارنة بها، ولن نقدر على تكرار تجربتها، لأنها قامت على الإقطاعية ونبذتها. لكنها سقطت في أتون الصراعات الداخلية سنين طويلة، أذل بها الشعب وعمة الفوضى دهراً حتى استيقظوا قبل فوات الأمان ليبنوا الديمقراطية العلمانية الأوروبية الأولى، فهل المصريون سائرون حذوهم ومقتدون بهم؟، أم هم من الوعي بأن يستيقظوا "قبل أن يقع الفأس بالرأس" ويحكموا العقل والحكمة فتكون كتجربة الأشقاء في باريس العرب (لبنان).. حين اختلفوا وغلبوا المصالح واستقطبوا. فأصبحت بلدهم مرتع لكل أجهزة المخابرات وساحة لتصفية الحسابات، فابتلوا بالفوضى منذ الـ ٧٥ ولم ينتهوا منها بعد لأن الولاء لم يعد للوطن بل لقوى الجوار ولكل من أراد الشر لا الخير بوطنهم، فهل يستيقظ الأشقاء المصريون قبل فوات الأوان؟ سؤال أظن الإجابة عنه مغيبة عن الأغلبية الصامتة والأقلية الحاكمة والمعارضة! 
 

المصدر: http://userarticles.al-sharq.com/ArticlesDetails.aspx?AID=14416

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...