الأربعاء، 6 فبراير 2013

ثقافة نسائيه

مقاله تم نشرها في موقع صوت العروبه 05-02-2013

بقلم: عماد أحمد العالم

 
بالأمس القريب دخلت علي زوجتي مقراعتكافي وجلست في مقعدٍ مواجه لي وعلامات الغضب تبدو عليها وجلست صامته…., إستشعرت بغريزتي الذكوريه أن في بطنها حديث قاب قوسين بأن يخرج, ولأني رجل والواحد منا عامة ما يكون “على راسه بطحه” ويشك بنفسه حتى لو كان ملاكاً يمشي على الأرض….,تسارعت في رأسي الأفكار وبدأت أراجع ما بدر مني على مدار اليومين الماضيه, بل إن الشك قد تملكني, فبدأت أتخيلها تقلب المحفظه وتفتش معطفي, وبدأت أتلفت يسراً ويمناً….أبحث عن المجهول وأحاول أن أعرف ما اقترفت يداي أو نظرت له عيناي “الزائغتين”, ولأني أعلم أني لم أرافقهم في نزهه لأكثر من أسبوع فلقد اطمأن قلبي أنها لا تحمل لي لوماً لنظراتٍ استرقتها (ربما) في غفلةٍ منها لسيده أو فتاه مرت أمامي متطيبه بعطرٍ نفاث يثير المشاعر ويحرك الغريزه…., لكن قناعتي بأني دائماً ما أحاول أن أظهر لأسرتي بمظهر الشيخ الوقور, الذي لا يرفع عيناه عن الأرض في حال رؤية ما يسر الرجل ويغضب الأنثى سرعان ما بددت هذه المخاوف.
تركت ريموت التلفزيون من يدي بعد أن أغلقت الصوت والتفت لها مبادراً….سلامات, خير إن شاء الله؟…., فإذا بعاصفة الصمت تكسر, وإذا بالغاليه (أم العيال) تلومني وتعاتبني لأني طالما دافعت أمامها عن العروبه وعن دوله شقيقه, أعتبرها حضننا الدافيء وحصننا القومي!, ولكي لا أستبق الحدث وأفتح على نفسي أبواباً قد تكون غافلةً عنها, تركتها تكمل, وإذا هي غاضبه ممتعظه….تروي لي ما حدث معها في جلسة الصديقات الأسبوعيه, فعلى ما يبدو وعلى إثر ما تعيشه الأمه من ثوراتٍ وأحداث, يبدو أن الميول النسائيه العربيه قد تبدلت من الإفتتان ببرامج الطبخ وقناة فتافيت, لتتحول للسياسه وتحليل الأحداث, حيث اعتنقت كل واحده فكراً قد يكون لها أو لزوجها, وبادرت الأخريات به وتنادت بشعارات شوارعها, في جلسه تشبه قمه عربيه مصغره, تنوعت فيها الإنتماءات الوطنيه, وتحدثت كل من فيها عن بلدها وما يعتصرها من آلامٍ وهموم…., ولأن “مراتي” فلسطينيه”, فمن الطبيعي أن تلقي على مسامعهم أنشودة الحريه وعتاباً أخوياً لإهمال العرب لقضيتهم الأولى (أومطيتهم) التي حكمو بسببها شعوبهم بالحديد والنار, لامت تجاهل الأنظمه العربيه ومنعها للفلسطيني من حملة وثيقة السفر من دخول الأراضي العربيه بمن فيهم الدوله المصدره, كما تساءلت عن سبب القذف بالفلسطيني في أعقاب أي مصيبه تصيب أحدهم وكيل التهم له جزافاً سواءً كان من جمهورية فتح أو دولة حماس, كما استغربت أن يكون أقصى ما قدموه حديثاً للقضيه هو التصويت لنيل الدوله العتيده شرف الإنتساب لهيئة الأمم بصفة دوله غير عضو بعد أن كانت مراقب, هذا عدا عن حصار غزه وقصفها والصواريخ القساميه…..إلخ,. لم تتوقع أن تسمع – بعد أن كانت تقرأ ذلك لبعض المتصهينيين- أن تبادرها إحدى السياسيات في الجلسه بالقول: الفلسطينييون باعو أرضهم لليهود, وتباكو حتى نرسل أبناءنا للموت في سبيلهم وهم يتفرجون علينا, منتظريننا حتى نسترد لهم وطنهم!….حينها قامت القيامه وبدأت الحرب النسويه….. فقاطعتها الفلسطينيه وقالت لها: ألم تكن فلسطين دوماً تحت الوصايه…. من العثمانيين للإنجليز؟, ومن ثم باسلحه فاسده وعبارة “ماكو أوامر” وبتآمر عربي قبل الغربي خسرنا أراضي الثماني والأربعين ونصف القدس الغربيه بمواجهة جماعات المغتصبين الذين تفوقو على عشرات الدول العربيه, التي طالما “صدعتنا” هدير دباباتها في الإستعراضات العسكريه وشعاراتها وأغانيها الثوريه. هي نفس الجيوش التي كان لها الوصايه على أراضي السبعه وستين لعشرين عاماً ومن ثم خسرت المعركه في ستة أيامٍ لتحتل إسرائيل ما تبقى من أرض فلسطين التاريخيه وتسقط ورقة التوت الأخيره عن عورتنا العربيه…., ألم تسمعو بالنكبه أو النكسه وما تلاها من تهجيرٍ وتطهيرٍ وطردٍ للسكان من مدنهم ومنازلهم وقراهم فيما العرب مجتمعون في قمةٍ عربيه تلو الأخرى مصدرين شعارات الشجب والتنديد, فيما كان الشعب الأعزل يبحث عن أرضٍ تؤوي أبناؤه وليكمل شبابه منها المسيره لتحرير الأرض واستعادة الحقوق المغتصبه.
لن يعي الألم إلا من عاصره وذاق مرارته, أما من يستقي معلوماته من تاريخ زيفه كتاب سيناريو أفلام ومسلسلات حقبة المطبعين….فذاك هو الجاهل الذي يظن أن رئيسه اتهم بالخيانه لأنه رفض أن يقتل أبناؤه في سبيل الفلسطينيين, فيما هو خسر أرضه التي استعادها بمعاهداتً مذله من المحتل بعد مفاوضاتٍ عميله, كسر فيها حاجز الخوف وفتح الطريق لمن تلاه من دعاة السلام بمصافحة يد من اغتصب أرضه ونال من عرضه.
وما زلت مستمعاً لحديث زوجتي التي أنهته لي قائله: إنتهت الجمعه الإسبوعيه مع من كن صديقات الغفله, ومع اعتذارهم ومحاولات التبرير وتبديد الخلاف, إلا أن اجتماع النسوه إنتهى بنهايةٍ عربيةٍ أصيله, تبدء بعتابٍ ومن ثم نقاش لكنها كالعاده…… تنتهي بقطيعه…..!
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...