الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

الرياضة والتعصب والعنصرية ..

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في صحيفة الحوار المتجدد 18-11-2014



من منا لم يتعصب يوما لرأي أو لموقف وقضية، وتشنج بسببها وأرعد وزبد، وخسر فيما خسر صديقا واحترام آخرين، لكنه ومع ذلك لم يكترث واستمر بنهجه الذي أملاه عليه فكره، وجعله مقتنعا بأنه هو الصحيح وما سواه على خطأ!
غالباً ما نشتكي ونتذمر من التفرقة والعنصرية, ونذكر السامعين بقول المصطفى الكريم عليه صلوات الله وسلامه "دعوها فإنها نتنة"، لكننا وفي المقابل, نمارسها ما استطعنا اليها سبيلا, وحججنا في ذلك لا تُحصى ومنها أن الناس مقامات، والاحترام واجب وصاحب المعالي يتطلب ذكره منا أن نطأطأ له رؤوسنا احتراما وتبجيلا. في المقابل, نحرص على أداء الصلوات في أوقاتها, وهي فرض وواجب وركن علينا الامتثال له, لكننا جعلناه قاعدة لنا للصلاح فقط وأسقطنا سواها وتناسينا أن بجانب أداء العبادات تتجلى اخلاق المسلم الحق، فالدين المعاملة, وابتسامتك في وجه أخيك صدقة.
وسم وجوهنا بكشرة واتزان وادعاء الزهد في كل أمر والمبالغة في الجدية وشبه تحريم الضحك ولوم الناس على مرحهم وانشغالهم فيما لا يلهيهم عن ذكر الله سبحانه; أحد أسباب النفور أو الخوف التي يبديها ليس صغار السن من الجنسين, وإنما من مختلف الأعمار تجاه تصرفات فردية لأشخاص وحجتهم فيما يفعلوا التدين!
إسلامنا جميل ووسطي ويدعوا للاستمتاع بالحياة والسعي فيها كما العمل للآخرة، لم يهمل شأنا على حساب آخر, ولم يدعو للتشدد والإسراف، بل كرس الوسطية والاعتدال، الذي بتنا نفتقده في أغلب شؤوننا....... حتى الرياضة، وهي التي وجدت لإضفاء البهجة علينا وزرع روح التنافس الخلاق, حولناها لتعصب أعمى, وفئوية وقبلية وانتماء وحتى وطنية، لتنقلب إلى عنصرية وكره وتغييب للأخلاق التي يجب على الجميع الاتسام بها، ليس فقط الرياضيين وإنما المشجعين أيضا، والذي باتوا الآن وللأسف ومن يقف خلفهم من مسؤولين;  رأس حربة في أيقادها وزرعها في النفوس والتشجيع عليها، وكأن الخصم ولو كان من أبناء العم هو عدونا لو لم يكن في صفنا!
في مباراة الهلال وسيدني الأسترالي على اللقب الآسيوي الأخيرة، برزت الى السطح مظاهر لم تُعهد يوما على الشارع الرياضي السعودي، الذي اتسم على الدوام بالحماس ولكن بدون تعصب، فالمنتخب السعودي وعلى سبيل المثال ومنذ إنشائه, ضم في صفوفه لاعبين من مختلف أطياف الدولة ومدنها دون تفرقة أو قبلية أو مناطقية، والقائمون عليه لم يمارسوا اي نوع من العنصرية، بل تعاملوا مع الجميع كأبناء الوطن الواحد دون أي تفرقة!......
لم تحول الحال الآن وانقلبت الأندية ومشجعيها لدائرة من الصراع الكروي بدلاً من أن يكون التنافس الحرّ النزيه, الذي يهنئ فيه المغلوب المنتصر, ويواسي فيه من نال الفوز من مُني بالخسارة؟
ربما هو الإعلام ودوره الذي لم يعُد حياديا بعد الآن, أو تشدد بعض المحللين والرياضيين والكتاب; هو من أسهم سلباً في تأجيج الجماهير, والذي أغلبهم يطمح بأن يستمتع بمشاهدة مباراة كرة قدمٍ ينتصر فيها فريقه, ولكن إن غذيته بأي مشاعر سلبية واستفززت فيه التعصب, حينها قد يخرج الأمر عن نطاق السيطرة, ونرى مشجعا لنادي النصر مثلا قد خرج مضروبا مهانا من مدرجات الهلال كما حدث في المباراة الأخيرة كونه لبس شعار ناديه, وهو الذي قد حضر ليؤازر فريق وطنه بدون أي تعصب وإنما محفوفا بواجب الوطنية.
الرياضة سواء كانت كرة قدم أو ملاكمة; هي أخلاق وحسن تصرف وسلوك, وإنسانية يجب أن تُزرع في نفس النشأ أولاً, فتتكرس حينها روح المنافسة وتقبل الخسارة واحترام الآخر.......هي (أي الرياضة), كما القيادة: فن وذوق وأخلاق!



المصدر: صحيفة الحوار المتجدد - http://www.hewarmag.com/first/8834.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...