الأربعاء، 2 سبتمبر 2015

المتحرشون والقوانين الصارمة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 02-09-2015

 


ترفض فطرتنا انتهاك خصوصية الروح والجسد، وتستهجن السادية والعنف الجنسي والتحرش. كما أن ديننا وجميع الأديان السماوية والوضعية حرمت هذه الأفعال الشنيعة، وأوجدت العقوبة المناسبة للساديين المعروفين بتعرضهم للأطفال وللمتحرشين جنسياً، لكن هذا بالطبع لا يمنع من الاقتداء بالفكر الأمني في الغرب، الذي خطا خطوات على المستوى الاجتماعي لم نصل لها بعد، محاولاً الحد من ظاهرة الاعتداء الجنسي القسري عبر مواجهتها لا التستر عليها، وإظهار المجتمع برداء الفضيلة التي يتخفى حولها مجرمون منتهكون لكرامة الطفولة والنساء!
 
مثلاً، في الولايات المتحدة الأميركية وضعت قاعدة بيانات عبر الإنترنت يسمح باستخدامها للجميع، يستطيع أي مواطن أن يستعرض فيها ويبحث عن المتحرشين جنسياً والمدانين في الولاية التي يعيش بها، بل حتى في المنزل المجاور له إن شك أن جاره مسجل مسبقاً في القائمة كمتحرش، كما يُجبر القانون المتحرش المُدان على إشعار السلطة المدنية بعنوان إقامته في كل مدينة يقيم بها، كما أن للشرطة حق إشعار السكان بذلك إن اقتضت الضرورة.
 
باختصار يعني: لا مفر لهذا المجرم المُنتهك للجسد بأن يمارس فعلته الشنيعة مرةً أخرى، وإن فعل فاحتمال القبض عليه وحتى فرص ردعه قبل ارتكاب جريمته مجدداً أكبر بكثير، كما أن الأهالي باتوا أكثر حذرا منهم والنساء كذلك، هم فئة موضوعة تحت المجهر ومراقبة.
 
في بعض الدول العربية، وحتى إن حكم القاضي على "فلان" مثلاً بالسجن لعددٍ من السنوات لاغتصابه طفلاً أو تحرشه بامرأة، بإمكانه بعد قضاء عقوبته، أن يمارس حياته الطبيعية الشاذة بعد خروجه، إن لم يقلع عنها، ودون أن يعرف به أحد، يستطيع أن يتزوج وينجب ويكون لديه عائلة تعاني الأمرين بسبب تاريخه الإجرامي، ويعمل حتى في وظائف تتعلق بالتعامل المباشر مع الأطفال والنساء.. بالتالي يسهل له بسبب الصفة الوظيفية ممارسة إجرامه مجدداً وأذية الخلق.
 
للعلم، ثبت أن نسبة من المغتصبين والمتحرشين جنسياً يعودون لممارسة جرمهم حتى بعد محاولات نصحهم وقضائهم للعقوبة، لذا يجب الحذر منهم، لا أقول رميهم في الصحراء وعزلهم عن المجتمع، وإنما الحذر منهم، ووضعهم في المكان المناسب لمثل من هم في وضعهم، وإبعادهم عن الأماكن التي قد ينتج عن عملهم فيها ضرر للآخرين.
 
مجتمعنا العربي الإسلامي طيب ومتسامح، ويبادر دوما إلى الأخذ بحسن النية، فلو تاب شخصٌ ما وتغير شكله ومظهره ولبسه وحديثه والتزم دينياً، فستجد العديد قد سامحوه وأعطوه فرصة ثانية للاندماج في المجتمع، دون أي حذر منه، فيما المفروض تجاهه هو ألا يؤخذ بالتغير الجديد مباشرة، وأن يكون تحت فترة تجريبية حتى يتم التأكد من سلامته وإقلاعه وأمانه، وعدم تكراره لأفعاله السابقة!


المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=217192

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...