السبت، 20 فبراير 2016

الإرهاب والطائفية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الكويتية 16-02-2016

 

 
 ما أسوأ من يستغل هذا الظرف الاستثنائي الذي تمر به المنطقة العربية، وعلى وجه التحديد دول الخليج العربي واليمن والسعودية، للمزايدة وتحقيق المكاسب لحساب قناعاته التي يروج لها كل ساعة في أي وسيلة متاحة، ليُثبت وجهة نظره التي طالما تحدث بها ونظّر، فجاءت حوادث التفجير الإرهابية التي استهدفت مساجد وحسينيات ليستغلها للترويج لنظريته التي تؤكد صدق أقواله ومزاعمه!
 
أظهرتهم وسائل التواصل الاجتماعي وكشفتهم وعرتهم للجميع، بعد أن أصبح ماضي ما يكتبون قابلا للاسترجاع، فيه ظهر وجهٌ آخر لهم أقل ما يمكن وصفه: بالمتطرف في آرائه وأفكاره، وإن ادعى الآن التحرر والإنسانية وطالب بالعدالة الاجتماعية والمساواة، على عكس العامة من الشعوب التي هي أكثر صدقاً في ردات فعلها.
 
دول الخليج العربي دولٌ مستقرة أمنياً واقتصادياً وسياسيا، ينعم فيها الجميع على الدوام كمواطنين ومقيمين على حدٍ سواء بالأمن والأمان، رغم بعض الحوادث الإرهابية التي جرت أخيراً، التي سبقها كذلك بسنوات أعمال إجرامية استهدفت مدنيين واختلطت فيها الدماء ببعضها، لا بُد من الإقرار كجزء من الحل لمقاومة الفكر الإرهابي المتطرف، بأن الطائفية أحد أهم أسبابه التي قد تعدت الحدود، ولم تعد تنطوي على خلافات داخلية، بل أصبحت عبارة عن أجندات سياسية تنفذها طوائف لحساب دول أخرى، ويسيرها وقود اسمه الفوز بالجنة على حساب الآخر الذي يسميه بالكافر، إذاً ما الحل وكيف نحقق السلام الداخلي والتواؤم المطلوب؟
 
المطلوب هو الوصول لتوافق أولاً على مستوى العلماء لتحريم وتجريم الأفعال الإرهابية أياً كان فاعلها، والدعوة علنا للاتباع وحظهم على تجريمها ونبذها، وإن لم يحدث ذلك فأي حدث طائفي في أي مكان هو جرائم مرتبطة ببعضها، حتى لو كان أحدها في الشرق والآخر في الغرب، ثانياً؛ على الإعلام أن يبدأ بالاضطلاع بدوره المفروض، عبر فتح الباب واسعاً للحوار والنقاش المجتمعي، الذي يشترك فيه الجميع، ودون محاصصة أو تطرف لجهة على حساب أخرى، مع إبراز جميع وجهات النظر وبحرية حتى تفصح النفوس عما يجول بداخلها، لنعرف ما يعتمر فيها ومن ثم الرد عليه ومعالجته.
 
لا بد أن نشير إلى أنه بقدر ما هو مطلوب التشدد في نبذ العنف، فإن بعض المواقف المتشنجة في النبذ قد تؤدي إلى التطرف، الذي قد يؤول إلى صراع يؤججه جهل العامة وحماسهم الزائد، مع تشجيع من القلة المتطرفة من رجال الدين والسياسة والفكر، وهذا بالفعل ما يقف خلف حالة الاقتتال الحاصل في سورية والعراق واليمن، ونرى تبعاته في دول الخليج العربي وخصوصاً السعودية والبحرين والكويت، التي نشطت فيها الخلايا الإرهابية التابعة لإيران من جهة، ولـ "داعش" من أخرى، في القيام بعمليات القتل والتفجير.
 
 

المصدر: جريدة الكويتية - http://www.alkuwaityah.com/Article.aspx?id=345777

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...