الأحد، 18 مايو 2014

ماركيز .. شهرزاد الشعوب المقهورة

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤية 27-04-2014



مئة عام من الوحدة والحزن لرحيل أعظم كولومبي في تاريخنا» .. عبارات مختصرة، بها صرّح رئيس كولومبيا فور وفاة جابرييل غارسيا ماركيز أحد أكبر عمالقة أدب أمريكا اللاتينية. عُرف عائلياً وبين أصدقائه بلقب غابيتوا. هو الروائي الثائر الذي تمرد على الأدب العالمي والأوروبي وأسس مدرسة الواقعية السحرية التي توج بها إبداعه في روايته «مئة عام من العزلة»، وصارت بعدها نهجاً أدبياً سلكه العديد من الكتاب والروائيين حول العالم.
لم تبقَ لغة إلا وترجمت لها أسطورته الأدبية ونال عليها جائزة نوبل للأدب في ثمانينات القرن المنصرم. هي الرواية التي تعد من أهم الأعمال في تاريخ الأدب الإنساني، والتي من خلالها عرفنا وتعرف العالم أجمع على ماكوندو، تلك القرية المعزولة التي بناها رجال ضلوا طريقهم في سبيل الوصول للضفة الأخرى، فيئسوا واختاروا بقعة من الأرض كانت لبنة تأسيس ماكوندو المعزولة، لتزدهر فيما بعد وتكون قبلة لشركات الموز التي غيرت وداعتها وهدوءها وأدخلت إليها سحر الأضواء، التي اندثرت بالعاصفة التي محتها من على الأرض كما تنبأ بذلك الغجري الذي أمضى ما تبقى من حياته بها.
ماركيز صديق الشعوب المغلوبة، وأديب الثورات، وابن كولومبيا التي تركها ليستقر معظم حياته بالمكسيك. هو منظر الرواية اللاتينية وقاصها الذي أعطى لها أبعاداً تجاوزت حدودها الفنية والأدبية، ليسرد تاريخ حقبة عاشتها أمريكا اللاتينية بكل ديكتاتورياتها وثوراتها ومطامح شعوبها وحروبها، تخللتها فترات اقتتال دامية لم تعرف خلقاً ولم تحترم قانوناً. تحدث عن الإمبريالية والحركات الليبرالية والتحررية واليسارية، وسطوة الشركات الإقطاعية، وما أدخلتها على حياة الناس من مدنية عكرت بساطتهم ووئامهم. أسهب في توصيف وحشية الحرب الأهلية دون أن ينحاز لطرف، برغم فكره التحرري وما طاله من أقوال لصداقته المعروفة بالزعيمين الكوبي كاسترو والفلسطيني ياسر عرفات.
بدأ حياته دارساً للقانون ثم صحفياً، اعتزل المهنة فيما بعد، وتفرغ للكتابة التي استهلها برواية عاصفة الأوراق التي لم يجد لها ناشراً إلا بعد سبع سنوات ونالت نقداً واسعاً. استخدم فيها المونولوجات النوكنرية الثلاثة، حيث تشاطر أبطال الرواية الثلاث وهم الأب والابنة والحفيد دور الراوي.
في الحب في زمن الكوليرا، قدم لنا قصة حب أسطورية، تخللها مزيجه الإبداعي الذي لم تخل أي من رواياته منه، مزيجه الدائم الذكر حيث الكاريبي والبحر والعزلة، الذين أحبهم وجعل منهم ركائز أساسية لإبداعه وصورة جمالية أعطت لأمريكا اللاتينية بمدنها وقراها وشعوبها نكهة خاصة، لن تشعر بها وتستوعب صدقها إلا وأنت تقرأ إحدى رواياته. تميز غارسيا ماركيز بعبقرية أسلوبه ككاتب وموهبته في تناول الأفكار السياسية، وطريقة طرحه لها وأسلوبه في إيصال المعلومة وفكرته التي يسعى لإيصالها للقارئ.



المصدر: جريدة الرؤية الإماراتية - http://alroeya.ae/2014/04/27/145065

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...