الاثنين، 4 أغسطس 2014

داعش والتشدد المذموم

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤية 04-08-2014

 


ما يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام أو «داعش» في رأيي ومن دون أن أشعر بوخز ضمير أو تجنّ هم دُعاة إحياء التكفير والهجرة بأفعالهم وأقوالهم وتصرفاتهم وما يبدر منهم وإن لم يعلنوا ذلك أو يدّعوه، وهم بالمقارنة بالجماعة المصرية التي انطلقت دعوتها أواخر ستينات القرن المنصرم على يد الشيخ علي إسماعيل في السجون المصرية وسمت نفسها بالمسلمين، في حين أطلق عليها الإعلام لقب التكفير والهجرة لأنها اتخذت من التكفير قاعدةً شرعيةً لها فيما تُعدُ الهجرة العنصر الثاني في تفكيرهم، ويقصد بها اعتزال المجتمع الجاهلي عزلة مكانية وعزلة شعورية، سيجد المتتبع لكلتا الجماعتين أوجه التشابه الكبير بينهما في التصرف والأسلوب المتمرد في الخصام والقتال.
أوصاف جميعها قد لا تكفي لوصف هذه الجماعة حديثة النشأة، والتي يكتنفها الغموض وتدور حولها الروايات وتنسج لها الأفعال التي لا يتقبلها عقلٌ ولا منطقٌ ولا دين. هي الفكر الشاذ نفسه الذي يتمسح بالإسلام ويجعل منه رايةً لتحقيق أهدافه، فيما أصحابه من أكثر من يعمل على الإساءة لهذا الدين، وهو براء منهم ومن أفعالهم ومن همجيتهم وبدائيتهم. اشتهروا بمقاطع قطع الرقاب والأيدي، وجلد الناس، وحرق التلفزيونات، وتميزهم بهيئتهم التي تظهر الصلابة والقوة، بسواد ملبسهم وجلافتهم، وبادعائهم العمل على إقامة دولة الخلافة، وتلقيبهم لقادتهم بالأمراء، وولائهم الأعمى لمن أعطوه الهيئة والبيعة ليكون قائداً لهم.
المضحك المبكي فيما يخص «داعش» هو أن تنظيم القاعدة يتبرأ منهم ويعدهم بل يسميهم الفئة الضالة، وينفي أي علاقةٍ له معهم، أو أي ارتباط عسكري وفكري بإيديولوجية التنظيم وأهدافه! جبهة النصرة بدورها رفضت الانضواء مع التنظيم وأعلن زعيمها أبو محمد الجولاني رفضه لفكرة الاندماج مع الدولة التي أعلن عنها في وقتٍ سابق قائدها أبو بكر البغدادي.
في سوريا، تثار الشكوك حول الأهداف الحقيقية لها عدا ما تعلنه، فالمتتبع لتحركاتها واستراتيجيتها العسكرية يلاحظ بنود تفاهمٍ غير معلن بينها وبين النظام السوري، كما أن تسليحها المتقدم، وتمتعها بمعلومات استخباراتية لا يمكن أن يكونا لها لولا علاقاتها بأطراف دولية لها مصلحة بإطالة عمر الأزمة السورية، والإبقاء على النظام الحالي.
كون هذا التنظيم إرهابياً ومخرباً قد لا يعني أن جميع من انتسبوا إليه كذلك، فالعديد من الشباب المتحمس المُغرر به والساعي للجهاد انضم له ظاناً أنه اللبنة الأولى لإقامة دولة الخلافة الإسلامية، وفي اعتقادي أن العديد منهم صدم بمعتقداتهم وأفعالهم بعد معاشرته لهم، ولكنه طريق اللاعودة، وصعوبة تركهم هي ما يجعلهم عالقين مع هذا التنظيم، منغمسين أكثر فأكثر في إجرامه ووحشيته.
لم يوجد في أزمةٍ إلا واتخذ منه الجانب المُعتدي ذريعةً لقمعه وتجبره. في العراق، يتحجج المالكي به للقضاء على ثورة العراقيين الذين ملوا الطائفية والإقصاء والفساد والعمالة والتبعية لإيران، وفي سوريا وفي كل خطاب لمندوبها «الجعفري» في الأمم المتحدة هي دائماً حاضرة في الخطاب للتدليل على أن دولة القمع الأسدية تحارب الإرهاب الداعشي!
أتمنى ألا يتحول هذا التنظيم لغول عقدنا هذا، وألا يكون سبباً لتعرضنا لحروب ومؤامرات وهمية بحجة القضاء عليه، كما أتمنى أن تتضافر الجهود لإعادة استقطاب الشباب المغرر بهم، والذين التحقوا به وإعادة احتوائهم وغسل أدمغتهم من كل ما عبث بها داعش وقادته وإرهابه!



المصدر: جريدة الرؤية الإماراتية - http://alroeya.ae/2014/08/04/167841 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...