الاثنين، 7 نوفمبر 2016

اللطم الكروي والسبق العراقي!

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في موقع هوربوست 06-11-2016



اللطم الذي كنتُ أظنه فقط في حالة الحزن والعويل، تحوّل للممارسة الكروية العتيدة والمسجلة حصريا لعراق ما بعد حكم التبعية الإيرانية، التي وللمناسبة لم أرَ لاعبيها بأم عيني وهم يمارسون هذا الطقس الديني في أيٍ من غزواتهم الكروية لا فرحاً ولا حزناً، في حين فعلها أشبال المنتخب العراقي الصغار سناً بعد أن سجلوا هدفا في المرمى السعودي، الذي وعلى ما يبدو لم يروا فيه لحظتها فريق بلدٍ عربيٍ شقيق ومنافسٍ كروي، وإنما أنصارا ليزيد بن معاوية، ووضعوا خطتهم الهجومية على هذا الأساس.
هذا القول ليس من قبيل المبالغة؛ فصحف بغداد الإيرانية وقنواتها التلفزيونية نظمت حملةً محمومة للدعاء لمنتخب بلادها للفوز والتأهل لكأس العالم للشباب على حساب من سمتهم فريق الدواعش، بينما تم غسل أدمغة مراهقيهم الذين لم يبلغوا الحلم إلا حديثا، وإقناعهم بأن المسألة ليست كروية وإنما ثأرية؛ فهي الصراع بين الخير والشر، بين أنصار الحسين المقتول ظلماً وعدواناً من أتباع يزيد الغادر، لذا لا بد لهم من تحقيق النصر الذي يرمز للثأر لا الفوز بمباراة كرة قدم بين يافعين من بلدين عربيين شقيقين، أحدهما لم يدخر جهدا في دعم الآخر حين أمضى ثماني سنوات من عمره في حربه الضروس مع جاره الفارسي الُمغتصب لشط العرب!
رحم الله الجواهري، الذي قيل عنه أنه لم يلفظ يوما اسم وطنه العِراق بكسر العين، وكان ينطقه “العُراق”، وحين سُئل عن السبب، أفاد بأنه يستحي أن تُكسر عين العراق؛ الذي جُنّ جنونه وفقد أطرافه وأُصيب الآن بالشلل والتبعية والذُل لنفرٍ جاؤوا على متن الدبابات الأمريكية وبالاتفاق مع ملالي طهران، فحكموا البلاد وقتلوا العباد وشردوهم، وأشعلوا في ديار الرافدين فتنةً طائفيةً وحقدا بغيضاً بين شعب مختلف الطوائف عاش في سلام وتوافق مع بعضه لقرون طويلة، وتصاهر وتناسب، فلم يكن غريبا أن ترى السني متزوجا بشيعية وكذلك العكس، في حين عاش الصابئة المندائية والأيزيدية والكاكائية والكلدانيون المسيحيون مع بعضهم في توافق وتجانس!
حزينٌ أنا لك يا عراق! وما يحزنني أكثر أن تتحول لساحة خلفية لنظام فارسي طائفي بغيض، طالما احتقر سنتك وشيعتك وعمل على تكدير صفو تواؤمهم، وأشعرُ بالمرارة على استكانة شعبك الذي سلّم طوعاً رايته لرجال دين ضالين ومضلين أصدروا فتاوى الجنة والنار، وكرسوا التبعية المقدِسة والمنزِهة من الخطأ لمرجعيات عميلة متآمرة كرست استعباد شعبك وإذلاله وإفقاره، وأشعرُ بالحزن وأنتَ الغني بالنفط وبرجالك الذين أثروا العالم أجمع بفكرهم وعلمهم ونبوغهم، لكن الغالبية العظمى منهم الآن قد قُتلت أو فرّت للغرب الذي استقبلها ليستفيد من عبقريتها، بينما إن بقت في بلادها ذلّت أو تم التخلص منها!
حادثة اللطم الكروية التي أشرت اليها في البداية تُبصرنا بما سيؤول إليه العراق في ظل جيل ناشئ حاقد وطائفي ومُشبع بمشاعر المظلومية التي والله يشهد أن حبيبنا الحسين رضوان الله عليه براءٌ منها، ومما يفعله في سبيلها من يدعون أنهم أتباعه!!


المصدر: موقع هوربوست - http://horpost.com/articles/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%B7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%88%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A8%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...