الأحد، 29 سبتمبر 2019

الإفراط في التحريم والاستفتاء

جريدة الرؤية
27-09-2019
عماد أحمد العالم



أتمنى أن يقتصد بعض الدعاة في استخدام مصطلح «حدثني ثقة»، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )، فهذه الوسيلة التي من اللائق القول عنها أنها باتت رتيبة ومملة ومكشوفة؛ هي نهج يستخدمه البعض حين يتحدث ويروي للآخرين رأياً يستشهد به لتجارب مر بها غيره، فكرسها قلة من الدعاة لسرد قصص بعضها قد يكون صحيحا في الأساس قبل إضافة النكهات عليه، وأخرى مُختلقة من نسج مخيلتهم، التي أباحت لهم التأليف في سبيل التوجيه، ظناً منهم أنهم بما يفعلون يحسنون صنعاً ولا يكذبون، فالغاية سامية وهي الدعوة الدينية التي في سبيلها لا بأس بقليلٍ من الخيال!
هذا النهج وكما أراه هو كمن يبتدع بدعة فيسير الآخرون خلفها حتى لو كان الغرض منها الخير، فهو قد سمح بتناقل روايةٍ وانتشارها والتحدث بها، رغم أنها غير صحيحة ولا وجود لها إطلاقاً، وكذلك الأمر شأن البدع التي كانت السبب ببعض فتاوى التحريم قياساً واجتهادا من بعض العلماء والباحثين، الذين أفتوا بتحريم بعض الممارسات، أو ما كان غريباً بمجتمعهم، ويستخدمه الآخرون في الغرب أو دول غير عربية ومسلمة، فاجتهدوا عند سؤالهم عنها واستهجنوها ورفضوها ظناً منهم أن العمل بها او استخدامها من قبيل ما لم ينص عليه الشرع، فبالتالي هي محرمة على المسلمين لأنها مُبتدعة!.
طالعت قبل فترة خبرا ساقه أحدهم عن كتاب قديم صعقني عنوانه الذي سماه مؤلفه «بالرد الصاعق على مجيزي الأكل بالملاعق»، لم أقرأه أو أطلع عليه، لكن وجدت تقديما لأحدهم عنه واصفا إياه بالرسالة القيمة المختصرة، والتي تتضمن تحريم استخدام الملعقة أو ما شابهها لأنها بدعة والبدعة ضلالة، وهي بالنار!.
فكثيرا ما حُرمت أمور قياسا به وعملاً، مع أن في ذلك معارضة جليّة للقاعدة الشرعية التي تقول إن الأصل في الأمور الحلال إلا ما حرّم الله.
إنّ الفتوى يجب أن تصدر بعد استطلاع رأي ونصيحة أهل الاختصاص في العلوم الدنيوية إن كان لهم شأنٌ بها حتى لا تعم الفوضى، فيتهكم علينا العالم مثلاً لأن محدثٍ ما قال بأن الأرض مسطحة وليست بالكروية، وغيرها من الفتاوى الغريبة المسيئة.


المصدر: صحيفة الرؤية - https://www.alroeya.com/article/2064968/آراء/الإفراط-في-التحريم-والاستفتاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...