السبت، 1 فبراير 2014

محبة الصالحين

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤيه الإماراتيه 01-02-2014


جميل أن يكون لنا كمسلمين دعاة على تويتر وفيسبوك وجميع وسائل التواصل الاجتماعي ومواقعه، لكن الأجمل لو كان لهؤلاء الدعاة مشاركات نشطة بدلاً من التغريدات الدينية فقط وكذلك الوعظية. فالدنيا حياة وعبادة، كما من الرائع أن يوجد دوماً من يذكرنا بديننا ويعظنا، ولكننا أيضاً بحاجه لمن يشاركنا مشاكلنا وهمومنا ويشعرنا أنه فرد منا وليس بداعيةٍ منزهٍ فقط يطل علينا بمظهر المصلح دوماً الناصح دون أن يكون له أي تجاوب مع ما يشغل عقول وقلوب شبابنا وبناتنا.
مشكلتنا في ابتعاد العديد من المشايخ والدعاة والمصلحين عن نبض الغالبية من جماهير الشارع وإصرارهم على الظهور بمظهر الموجه وعدم اندماجهم وتفاعلهم الإنساني مع هموم مجتمعاتهم. يضاف لذلك الهالة التي يسبغها البعض عليهم ويمارس فيها ترهيباً للعامة وتخويفاً لهم من التطرق لكل ما يخصهم وانتقادهم أو حتى استهجان بعض أقوالهم أو مواقفهم.
هو أمرٌ دُرج القيام به للتخويف والإرهاب باسم الدين، مع العلم أن لا ضرر في النقد البناء للتصرفات الفردية التي تبدر منهم، ولن يكون بذلك أي إشارة أو نقد لديننا الإسلامي الحنيف الذي كمله الله سبحانه وتعالى.
الاحترام واجب للجميع أياً كان، لكن هذا لا يعني التقديس والتنزيه وتحريم التطرق والنقد أو الاستفسار .. فالكمال لله وحده ولا عصمة لبشر إلا بما فضل الله به أنبياءه. عدا ذلك، فكلنا من لحمٍ ودم وخطاؤون، وخيرنا من يصحح نفسه ويتقبل الآخر ويدحض منطقه بالدليل والحجة المناسبة.
التهم الجاهزة والمعدة مسبقاً والتي يكثر تداولها من قبل العامة «حسنة النية» للأسف هي وسيلة قمع غير مقبولة وحجر على العقول بدلاً من مناقشتها ومواجهتها. الاتهام بالليبرالية والتغريب والإفساد، جميعها صفات قد تنطبق على بعض العقول الشاذة فكرياً والمقلدة بتبعيةٍ عمياء .. لكن من الخطأ وصفها لكل من يعارض عادات ليست من الدين ولا تمسه أو تتعارض معه، وإنما هي قرارات وقناعات بنيت على موروث ويجري تداولها عبر الأجيال دون تدقيق أو فلترة رغم عدم صلاحيتها لكل الأوقات.
يتحتم علينا كمسلمين أن نفرق بين الدين الكامل غير القابل للنقد ولا الخطأ وبين العادات والتقاليد التي تكون رهن الزمان والمكان والظروف، وجميعها متغيرة، وليكن سعينا فعلاً لأن نكون من الصالحين برغم أخطائنا وسهونا وذنوبنا لا أن نكون فقط من المرددين لعبارة «أحب الصالحين ولست منهم»!



المصدر: جريدة الرؤيه الإماراتيه  -  http://alroeya.ae/2014/02/01/124532

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...