الاثنين، 24 مارس 2014

نماذج لشباب يدّعون الدفاع عن الدين

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة الرؤية 24-03-2014


اعذروا استخدامي لبعض الكلمات العامية التي قد تكون أكثر تعبيراً لما أريد قوله، أو لأني لم أجد بديلها في الفصحى «وخصوصاً إن كانت معربة» أو تم تعريبها لتكون على شاكلة «شاطر ومشطور وبينهما فطيرة»!
الحكاية أنني دائماً أشعر بالامتعاض من سطحية تفكير البعض منا، وردات فعله المستفزة حين تجبرك الظروف على أن تكون يوماً طرفاً في الحوار معه رغم نأيك عن ذلك، لدرايتي أن نهاية الحوار ستتسبب إما برفع ضغطك أو رفع ضغطك! وسيخرج هو مستعرضاً فرحاً بانتصاره الذي أفحمك فيه باسم الدين، بعد أن أرعبك وأشعرك بضلالك، وألقى على مسامعك إعادة لخطبة عصماء مكررة.
إن كنت معجباً بأحد ما ولنقل من غير المسلمين وأبديت ذلك علناً فسيكون الرد عليك بالجملة الشهيرة: أتقبل أن تحشر معه؟ ولمرددي المقولة تفسيرهم الذي يقرن الشخص بمن يحب في الآخرة وكأنهم من بيدهم الحكم والأمر (تعالى الله سبحانه وتعظم شأنه). لن تنجح محاولاتك للشرح لهم بأن إعجابك مثلاً بفلان نابع من تقديرك لإنسانيته أو وطنيته أو مبادئه أو علمه أو خفة دمه ودماثة خلقه، جميعها لن تكون شافعاً للمُعجَبِ به كي تشفع له في الدنيا أن يكون محل مدح مسلم يخالفه المذهب.
«مدرعم آخر» من جماعة «أحب الصالحين ولست منهم» قد تنالك سياط لسانه إن تجرأت وانتقدت موقفاً (ولا أقول فتوى) لأحد الدعاة، ستجده وبدون تفكير يغضب وتنتفخ وجنتاه ويبدأ سيل الكلام الحرام ينبعث حمماً من فمه دون رحمة لأنك تجرأت وانتقدت فلاناً الملتزم؛ ولذلك هو غير قابل للنقد من وجهة نظره. ومثلك من العامة حتى لو كنت تحمل أعلى الدرجات العلمية جاهل ولا ترقى بانتقاد أهل العلم الشرعي كما يقول، وفيهم الذي قد لا يكون يملك من علمك شيئاً ولا يتميز عنك في شيء إلا بمظهره ولبسه وشكله وطريقة حديثه، وكلامه في أمور يعلمها كل مسلم لكنه أخذ موقف المذكر بها، والتذكير بالشيء شرعاً من باب النصح والإرشاد عملاً بالآية الكريمة «وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين».
آخر من «المهجولين» وفي قول آخر يسهل فهمه من «المفحطين» قام بتضليل سيارته بالكامل حتى زجاجها الأمامي، يضع ملصقاً كبيراً على نافذته الخلفية مكتوبٌ فيها «صلاتي نجاتي» فيما هو يزعج «خلق الله» من السكان والمارة بضجيج سيارته وعبثه! ازدواجية غريبة وظن باطل بأن التمسح بالدين وادعاءه كفيل بالنجاة، وتجاهل مرير بأن الدين المعاملة بجانب الصلاة والعبادة والتقوى. جميعها مزيجٌ للمسلم المؤمن الذي يحيا لدنياه ويعمل لآخرته في الوقت نفسه، ولا يمارس أفعال الجاهلية، ولا يتمسح بحب الدين رياء أو نفاقاً وطمعاً في دنيا زائلة.
هالة القدسية والتنزه التي يضفيها بعض الجهلة (ولا أقول العامة) لبعض من نرى منهم صلاحاً هي نوع من الشيزوفرينيا الدينية، ففي حين تجد الشخص ضالاً ومضلاً ومزعجاً ومؤذياً «لخلق الله»، ومفحطاً وقاطعاً للإشارات، و«عربجياً ومدرعماً»، لكنه يتحول لحامي الحمى حين يسمع منك حديثاً فيه وجهة نظر أخرى لأحد من الصالحين، لم تشكك في حديثك عنه بخلقه أو دينه وإنما انتقدت تصرفاً بدر عنه أو رأياً له خالفته فيه التصور. موقف وإن حدث، سيجعل منك متهماً بالفسوق وكارهاً للصالحين وعلمانياً مبتعداً عن الدين وليبرالياً تغريبياً يهدف إلى تضليل شباب الأمة والعبث بعقولهم. جميعها تهم جاهزة للاستخدام ومستعملة بكثرة يتهم بها كل مخالف للرأي (لم يتجاوز الخطوط الحمر ولم يتعارض مع الدين) وإنما حكم عقله الذي منحه له الله سبحان وتعالى واستفتى قلبه في أمر له حرية الاختيار باتخاذ قرار بشأنه.
لا رهبانية في الإسلام، ولا عصمة لأحد على آخر، ولا تنزه عن الخطأ ولا كمال إلا لله عز وحل. جميعنا بشر، نخطئ ونصيب.



المصدر: جريدة الرؤية - http://alroeya.ae/2014/03/24/137034

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...