الجمعة، 21 مارس 2014

الإسلام السياسي والمعارضة الليبرالية

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في جريدة اللواء اللبنانية 19-03-2014


الخوف من الإسلام ظاهرة ليست بالحديثة على المشهد السياسي العربي بل الغربي أيضاً. فهي قديمة ومتأصلة في الفكر الاستعماري الذي طالما اعتبر التيارات الدينية أو الأحزاب ذات التوجه الإسلامي عدوةً له. وحجر عثرة أمام تحقيق غاياته في استغلال المقومات وتطويع الشعوب لتكون تابعةً له ومنفذة لسياساته..
هذه العقدة من الإسلام انتقلت من الغرب المستعمر للنخب العربية, التي كان لها السبق في البروز على المستوى الوطني, والمطالبة بالاستقلال. فكانت بداياتها قومية وطنية، مع العلم، أن العديد من هذه النخب الثائرة كانت قد تربت وتعلمت في دول المستعمر، إلا أن انفتاحها أثر إيجاباً, فانقلبت على من استوطن أرضها ودعت لطرده. دعواتها في الأغلب لم تكن قائمة على أيديولوجيا دينية، بل وطنية علمانية، كرسها مفهوم الحرية الغربي الذي تعلمت في أراضيه.
الأمر نفسه ينطبق على الثورة الاشتراكية, التي شهدت بروزاً في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، والتي إن نظرنا لها سنجدها شرق غربية المصدر. كل الدعوات القومية واليسارية اختلفت في التنفيذ لكنها اتفقت في الأجندة المطالبة بالحرية واستقلال الدول العربية، فحاربها المستعمر، إلا أنه ما لبث أن تفاهم معها, وطوع العديد من قياداتها لتكون كحكومة الظل لاستمرار احتفاظه بالحكم في الخفاء في دولهم. فكانت الحقبة الديكتاتورية لما بعد الاستقلال, والتي حكم فيها الرؤساء بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة, والقمع في سبيل الشعارات الوطنية.
بروز التيارات الدينية كان مرده فيما بعد ردة الفعل العكسية التي سببها حكم الفرد الواحد واستئثاره بالسلطة وإلغاء المعارضة سياسياً، مع أجواء لضمحلال العدالة الاجتماعية وتفشي الفساد السياسي والاقتصادي. حينها كانت الأزمة التي طالما اتهمت التيارات ذات التوجه الديني بالتسبب بها. فنشأ الصراع العسكري والفكر المسلح المطالب بالتغيير بالقوة, ومحاربة الدولة ومؤسساتها ونظام الحكم فيها عبر الدعوة إلى التغيير باسم الجهاد المقدس. دخلت على إثر هذه المواجهة العديد من الدول العربية في دوامة لا متناهية من العنف, وليس بغائبٍ عنا المشهد الجزائري والمصري.
المعارضة التي أطلق عليها البعض وصف الكرتونية أو الصورية, بقيت على صفتها أيام حكم الحزب الواحد وبعد الانقلاب عليه وبزوغ الربيع العربي. لم تنل السلطة، ولم تستطع أن تكسب الشعبية المطلوبة لتفوز بالحكم ديمقراطياً عبر صناديق الاقتراع، فتحولت لتلعب دور العدو الجديد للتيارات الدينية التي دخلت الساحة السياسية بقوة. تذكير الشعوب بالقاعدة وطالبان وأفغانستان, كان من الوسائل التي صورتها المعارضة لشكل الحكم إن استلم الإسلاميون مقاليده, فيما ساعد في تأصيل هذا الفكر بعض التيارات السلفية التي دخلت معترك السياسة طمعاً بأن يكون لها نصيب في الحكم. فكرست فوبيا حكم الدين لدى الشعب الذي انساق وراء مخاوف روجت لها التيارات العلمانية, لتلتقي في الهدف مع بعض القوى الغربية التي رأت في الإسلاموفوبيا وسيلةً مكنتهم من تنفيذ الأجندة التي تتماشى مع أهدافهم ورؤيتهم للمنطقة العربية والإسلامية.



المصدر: جريدة اللواء اللبنانية - http://www.aliwaa.com/Article.aspx?ArticleId=198802

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...