الجمعة، 21 مارس 2014

الكرامة من وجهة نظر هندية !

بقلم عماد أحمد العالم

مقاله تم نشرها في صحيفة الحوار المتجدد 20-03-2014



الكرامة وعلو الشأن ليست رهناً بالقبيلة وبالأصل والفصل كما جرت العادة وشاء هوى أنفسنا, الذي قسم أيضاً البشر لطبقات دنيا وعليا، هذا فضلاً عن التقسيمات الفرعية داخل شعب كل بلد بنفسه. الاعتداد الأهوج والغرور العرقي هو الطبقية والإقطاعية الإنسانية التي انتهت على الورق، لكنها جزء لا يمكن فصله عن ثقافة كل شعب تجاه أبناء وطنه والآخرين, يميزهم ويفصلهم كطبقات وفق معاييره التي يحكم من خلالها على العلو والدونية.
الهنود الذين يمثلون خمس سكان العالم ومالكي القنبلة الذرية ومصنعي أسلحتهم والذين اشبعهم العديد منا "تريقة" وضحكاً واستخفافاً بهم حتى باتو مثالاً للدونية الاجتماعية كما دأبنا على وصفهم ووفق تصورنا الباطل المضلل, أثبتوا لأمريكا وللعالم أجمع أن احترامهم واجب لمن حاول إنكاره, وأن لديهم كرامةً ووطنيةً لم يجرؤ أيٌ منا على القيام بها معهم "أي العالم الحر" من قبل وإن كان السبق بها للملك فيصل رحمة الله عليه حين قطع امدادات النفط في حرب الثلاثة وسبعين.
الحكاية تقول أن وزارة الخارجية الهندية قامت بطرد ديبلوماسي أمريكي من أراضيها كردٍ سريع على قيام السلطات الأميركية باعتقال الدبلوماسية الهندية نائبة القنصل العام الهندي في نيويورك بتهمة تزوير تأشيرة دخول، ودفع راتب زهيد لمربية أطفال هندية كانت تعمل لديها. قامت الشرطة الأمريكية في نيويورك بتجريد الدبلوماسية من ملابسها وتعرضت لتفتيش جسدي دقيق ومذل جداً, فيما تم تجاهل حصانتها ووضعها الديبلوماسي!
الدولة الهندية قامت مباشرة برفع الحواجز الأمنية عن السفارة الأمريكية بنيودلهي وفرضت إجراءات شملت مراجعة أوضاع العاملين الهنود بالقنصليات الأميركية، وتعليق استيراد المشروبات الكحولية المعفاة من الرسوم الجمركية. حاولت وزارة الخارجية الأمريكية تهدأت الأزمة عبو وزير الخارجية وسفيرتها بالهند، لكن "الهنود" أصروا على اعتذارٍ صريح، فيما قال أحد وزراء الحكومة المركزية: 'على الولايات المتحدة أن تفهم أن العالم قد تغير، والزمان قد تغير، والهند قد تغيرت'.
نعم فالعالم قد تغير, وموازين القوى به استجد عليها دولٌ عدةٌ وإن لم تكن عضوةً دائمةً بمجلس الأمن, إلا أنها باتت ذات ثقل ويحسب لها ألف حساب والهند بالطبع واحدة منهم, وقريباً جداً ستكون أحد القوى الدولية التي تنال ما نستحقه, فيما نحن في مكاننا سر!

المصدر: صحيفة الحوار المتجدد - http://www.hewarmag.com/opinion/8085.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أوروبا وفقدان البوصلة الأخلاقية

  موقع ميدل إيست أونلاين 10-11-2023 بقلم: عماد أحمد العالم سيستيقظ الأوروبيون ودول أوروبا ولو بعد حين بعد انتهاء الحرب الدائرة في غزة على حق...